Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قراءة نقدية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قراءة نقدية. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، 16 ديسمبر 2022

الكاتب والناقد د. سعد جبر وقراءته في نص أمّي تكذب .. للكاتبة والأديبة المبدعة / صديقة علي - سورية

 

هنا المحبرة التي تخط أثر المعركة، وترسم دخان الحرب ولكن ليس في ميدان الرصاص؛ بل في جدران المجتمع:

قراءة الكاتب والناقد د. سعد جبر  في نص أمّي تكذب .. للكاتبة والأديبة المبدعة / صديقة علي

أمعقول هذا الإبداع ! في عصر الثورات والفورات، والتقليعات والمشكلات المعضلات، والصرعات والصراعات، والموضات والصرخات، واللاهثون وراء الهوى واللاهثات.
لغة عربية ولود ودود، وقصة محبوكة معدودة، ومعان سامقة مرصودة، محسوسة ملموسة موجودة من واقع الواقع، لكنها كالخيال تصرخ في أذن الدنيا وسمع العالم: هنا بشر يا بشر، هنا جوع ودموع، هنا المجدرة وهنا المحبرة التي تخط أثر المعركة، وترسم دخان الحرب ولكن ليس في ميدان الرصاص؛ بل في جدران المجتمع وعظام الجيلين الملتقيان قدرا على حافة الهاوية، التي حفرتها عقول فارغةـ وقلوب مارقة، وانتهزتها ثعالب الدنيا وذئابها؛ فنهشت حاضرنا ومستقبلنا.
بلاد تعيش فوق بحور الزيت الأسود، وفوقها أجمل زيت زيتوني الصفاء، ثم تجوع!؟
يا لروعة القصة! التي لن أقف مكتوف اليدين أمامها، سأكتب عنها وأكتب حتى أشبع من حروف عطائها، وحتى يعرفها الجميع.
ليتني عمر الشريف لكنت ترجمتها لأعظم فيلم واقعي خيالي فانتازي درامي كلاسيكي؛ مضحك باكي باسم هاطل الدمع شجي الموسيقى حزين المطلعين، بدايته مسك وختامه مسك، وأوسطه صراع يكاد من يفهمه أن يجن ، ثم أما قبل فالحوار في قصص الكاتبة ( صديقة علي ) يحتاج وحده لمجلد بعنوان "تطور الحوار ودلالاته في قصص صديقة علي " ولعله غدا يكون أطروحة ماجستير لو عشنا ورأينا ، أما النقد الأدبي فهو اليوم في مرتبة ثانية بعد النقد الروحي، والنقد الجمالي والنقد النفسي، والنقد الاجتماعي.
إن الحروف لتعجز عن توفية النص الرائق قدره والكمال عزيز، فلي وقفة ثانية - إن سمحت لي الكاتبة - لأصفف بعض النقد لتفصيلات فصوص هذا العقد الفريد - دمت لمحبيك، وصح لسانك وسال قلمك بالخير والعطاء دوما، وتقبلي فائق التحية والتقدير –
د. سعد جبر ، عميد كلية الإعلام بجامعة باشن العالمية بأمريكا
****************************
أمّي تكذب
أشدّ ما يؤلمني، تلك النظرة المحمّلة بالأسى والخيبة في عيني والدي، وإطراقة رأسه الذليلة التي يعود فيها لليوم الثالث على التوالي، حاملاً (غالونات) بلاستيكية فارغة كان قد خرج فيها منذ الصباح، وكلّه أمل أنّ اليوم سيكون مختلفا عمّا سبقه، صوت أمّي المواسي له مدية تنغرز في قلبي،
- لا حاجة لنا للمازوت فهذا الشتاء دافئ وقليل من البطانيات يكفينا، في حين كنت أراقبها عند انتهائها من اعداد الطعام وتنظيف الأواني، وهي توحوح من شدة البرد تقترب من المدفأة الباردة، ثم تعدل من وضع بطانيتي تدثرني جيدا وتهمس: أتشعر بالبرد ياقلبي؟ ، تسخن الماء وتضعه في قارورة محكمة، تلفها بقماش قطني؛ لتضعه تحت قدميّ وهي تؤكد أنها لاتشعر بالبرد؛ ولا يهمها المازوت الشحيح ، وما أن يرن هاتفها حتى تدعو وهي تهرول اليه:
-يارب بشراك بأن يكون هو ويخبرني أنه قد حصل على المازوت، وكانت تنهي المكاملة بهدوء وتهمس: صحتك بالدنيا لا تنتظر فالجو بارد ...تعال عشر ساعات بالعراء ستنهي صحتك... يلعن أبو المازوت وحاجته.
أتساءل في سري من أين لأمي كل هذه القدرة على الكذب، إذ كانت تصرّ بأن المجدرة أطيب وألذّ بزيت دوار الشمس، وما زيت الزيتون إلا رفاهية و(فزلكة )لا طعم لها، كانت تحمل المقلاة الحامية من المطبخ، وتشهرها بوجهي لأشمها
- بالله عليك شم ما أطيب رائحته ..قال زيت زيتون قال .
كنت أكذب أيضا وأبدي كل علامات الرضى، وأؤكد كلامها مما يشعرها بالانتصار، وشيئا فشيئا صارت أمي تصرّ أن البصل لا ضرورة له فغلاء ثمنه، لا يستحق أن نضيّع طعم المجدرة فيه، وكان أبي يخالفها ويصلان لحد الشجار وهو يصيح بعنف:
- المجدرة بلا بصل وبلا زيت زيتون تشبه حياتنا بلا طعم ولا قيمة،
- استغناء أمي المتصاعد سيصل بنا إلى أن نسلق الحصى ان توقفت المعونات، وكانت تضحك لتندري عليها، و كل ما يهمها ألا أضبطها متلبسة بتلك الدمعة المكابرة التي تمسحها عن خدها.
اليوم وجهها مشرق، فالأخبار أتت بأن الازدحام قد خف، وطوابير الأمل قد قصر طولها، ووالدي سيعود غانما، تغطي ساقيّ بحرام صوفي، وآخر لكتفي وأنا جالس على أريكتي المعتادة، وتهمس لي:
- لا عليك حدسي يقول أننا اليوم سنقبر البرد.
سنقبر البرد ..صداها أضرم نارا حارقة لقلبي، ما قالته أحالني لتلك اللهفة التي كانت تستقبلني فيها، تسألني كيف كان امتحانك؟ ماان تصبح مهندسا حتى تحل كل مشاكلنا وسنقبر الفقر.
جاء اتصال أبي موافقا لحدسها، ولشدة فرحتها كادت أن تزغرد وتحولت خطواتها التي كانت متثاقلة قبل قليل إلى ما يشبه الرقص بحيوية ونشاط ...ورمقتني بعينيها الجميلتين، وهي تغمز لي ألم أقل لك حدسي لا يخطئ .. كانت تروح وتجيء إلى باب الدار، تفتحه، تلقي نظرة على الشارع، ثم تعود:
- يجب أن انتبه كي أساعده بتنزيل الأوعية فهو يا عيني أصبح كبيرا بالسن و(الديسك) قد هلكه.
ثم تبتسم اذ تكتشف انها كانت تفكر بصوت عال،
-إياك أن تخبره .. ترمق المدفأة بفرحة، تنحني لتقبل رأسي وتقول: ألم أقل لك سنقبر البرد.
وأنا أتابع فرحتها اللامحدودة، كانت الدموع تسري صقيعية في أعماقي.
اختلط صراخ أبي مع قرقعة الأوعية الفارغة التي كانت تركلها بقدمها
يلعن أبو المازوت ..كفانا أولوياتك
-يا امرأة أولويات أقول لك أولويات. ثم يتجه بنظره الي طالبا نجدتي باخماد ثورتها النادرة الحدوث:
- بعت المازوت بسعر مضاعف واشتريت زيت زيتون، بالله يا بني قل لأمك أليس هذا أفضل؟ فالدنيا فيها أولويات
تقطع عليّ تحضير المرافعة المؤازرة لأبي بصوتها العالي الممزوج بالخذلان:
- لا تقل لي أولويات ..وأي أولوية أهم من هذا المشلول ..مسكين سيموت لشدة البرد
صمت مطبق، حلّ لدقائق، تجّمد أبي في مكانه، وغمرني بكل ما أوتي به من شفقة،شهقت فاغرة فاها، وكأنها ارتكبت إثما لا يغتفر، ثم أمطرتني بوابل من دموعها وقبلاتها.
مشلول؟ الغريب أنني ولعامين من اختراق تلك الطلقة الطائشة لظهري، لم أسمع هذه الكلمة منها أبدا.
حاولت جاهدا استجماع كل عزيمتي بضحكة مجلجلة لتكسر الحرج، والشفقة المخيمة على الفضاء كله:
-لا عليك يا حنونة. ها أنت بدأت تصدقين القول.
كطفلة غفر ذنبها، ارتجفت شفتاها بابتسامة غير مصدّقة.
وراحت تتمتم، وهي تربت على وعاء الزيت بحنو:
- وقع الفأس بالرأس ماذا نفعل! يلعن أبو المازوت ..واتجهت صوب أبي الذي كان مايزال متسمرا في مكانه حادجا وجهها بنظرة لائمة ، وبحسم أمرته :
حقيقة، المجدرة أطيب بالبصل المقلي بزيت الزيتون ...إذهب واحضر لنا البصل. ضحكة أبي الخجولة، عدلت مذاق الألم بداخلي إذ قال لي:
أنت محق ... ها هي بدأت تصدق.
تمت
*المجدرة: طبخة سورية برغل وعدس وبصل محمر بزيت الزيتون
صديقة علي

الخميس، 15 ديسمبر 2022

قراءة نقدية لرائعة الأستاذة فوز حمزة ( لعبة في وطن ) بقلم الدكتور سعد جبر شاعر وكاتب وناقد - عميد كلية الإعلام بجامعة باشن

 النص

 لعبة في الوطن


الجو شديد الحرارة والشمس عمودية كعادتها في مثل هذا الفصل حتى إنه شعر بقطرات العرق تنساب من كل مكان في جسده، كل ذلك لم يمنعه من البحث عن مجلة الوطن في عددها الأخير الصادر يوم أمس وكان الجواب واحدًا لدى أصحاب المكتبات في شارع المتنبي: لقد نفدت أعداد المجلة حال وصولها.
ما العمل الآن؟ تساءل حائرًا.
استمر بالسير داخل الشارع رغم الزحمة مواصلًا البحث عند باعة الكتب والصحف ممن يفترشون الرصيف. أخيرًا عثر على مجلته المفضلة.
توجه بالسير نحو يمين نهاية الشارع حيث المقهى الذي يعج برواده من المثقفين والأدباء الذين ردوا عليه التحية من بعيد قبل أن يتمكن من إيجاد مكان خالي في أقصى المقهى قريبًا من الموقد الممتلئ بقوارير الشاي ولوازمه.
ارتشف قليلًا من شاي الحامض بدون سكر بعد أن وضعه أمامه نادل المقهى الذي راح ينادي بأعلى صوته ملبيًا طلبات الزبائن .
خشخشة أوراق المجلة وهو يقلبها بين يديه ضاعت وسط موسيقى قادمة من مكتبة تحتل أحد أركان المقهى تبث أغنية على طرف جناحك يا حمام لنجاة الصغيرة بصوت مغنية أخرى لا يعرف اسمها.
تصفح مواضيع المجلة التي لم تعد تثير شهيته للقراءة ما عدا الصفحات الأخيرة التي كانت تتضمن نكت من قراء المجلة واحجيات رياضية وعمود لأحدهم يسرد فيه موقفًا طريفًا تعرض له.
سال لعابه وهو يرى المربعات الفارغة في فقرة الكلمات المتقاطعة. أخرج من جيبه قلم الحبر الجاف ليمارس هوايته التي تعلمها منذ نعومة أظفاره.
أصبح مدمنًا في ممارسة اللعبة حد هذه اللحظة. يشعر وهو ينظر للمربعات الفارغة كأنها تستنجد بذكائه ليملأها فتظهر بعدها الكلمة المطلوبة. في هذا العدد كان اسم دولة توجد فيها مناجم الفحم هو اللغز.
وضع اسم فريق كرة قدم رياضي إنجليزي عاموديًا، هذه الحروف ستسهل عليه المهمة التالية في معرفة اسم الدولة التي تشتهر بزراعة المانجو في المربعات الأفقية.
ارتشف قليلًا من الشاي بعدها كتب اسم ملاكم عالمي مسلم معتزل، أخذ ينقل نظره بين السماء والمجلة محاولا تذكر اسم مطربة سورية يبدأ اسمها بحرف الميم وهو الاسم الذي ظهر له في العمود التالي فكتب بسرعة اسم رئيس أميركي من أصول أفريقية عاموديًا بعد أن ظهر له الحرف المشترك. لم يكن صعبًا عليه إيجاد مرادف كلمة الحب أما المربعات التالية تطلبت منه البحث عن عكس كلمة ظلام والمربعات الأخيرة لم تسرق من وقته سوى ثوان عديدة ليعرف اسم الوباء العالمي المنتشر حاليًا.
نسي كل ما يحيط به منشغلا بتلك المربعات التي تقاطعت بذات الحروف مع مربعات أخرى،ليست بالمهمة المستحيلة. كانت فقط بحاجة لبارع مثله قضى حياته كلها في تعلم أسرار اللعبة ليتوصل إلى الحل.
شعر بالزهو والفخر وهو يرى كلمة الصين التي ظهرت له من تلقاء نفسها بفضل ذكائه وثقافته.
كان قد غادر المقهى وضاع بين رواد الشارع حين ناداه النادل قائلًا:
لقد نسيت الوطن!

القراءة النقدية 
العنوان ( لم تصدمنا صراحة التعبير المباشر المختصر ولم تصرفنا عن مطالعة المحتوى رغم صراحتها ووضوحها فهذا إعجاز أولي ، لكننا لا ننكر لسعة حروف التضاد حين تقرن الكاتبة لفظة اللعبة مع بساطتها وما تحمل من معاني التفاهة مقارنة مع لفظة الوطن وهنا ندق مبكرا ناقوس الانتباه لنستمع جيدا لجرس التضاد بين الجد والهزل وبين السمو واللاشيء)
اللغة ( لغة بسيطة مليئة بالمفردات العادية الموحية بشيوع الكارثة التي تحكي لنا عنها ومع بساطتها المقصودة للوصول لقلب وعقل القراء إلا أنها لم تخل من جماليات لفظية كمثل (تنساب - يعج - بقوارير - ملبيًا - خشخشة - شهيته – أحجيات - مرادف - بالزهو - تلقاء )
الوصف ( حين تعمد الكاتبة للوصف فإنها تصف بدقة وإحساس تصف الاشياء من داخلها لا من خارجها تصف الزمان والمكان والاشياء والأصوات فحرارة الشمس جعلت قطرات العرق تنساب كأنها تراها وكتب الرصيف وامتلاء المقهى بالمثقفين والأجمل هو الوصف المساعي للأصوات وهنا يجب علينا أن نقف احتراما لهذا الجمع بين مفردات المكان الذي ضم باعة ومثقفين وشوارع وموسيقى ومفردات شعبية ثقافية ملأت الأجواء بالحركة والنشاط واجمل من الأجمل هو ترك الوصف كما ترك البطل الأشياء المهمة لينشغل بالمربعات الفارغة فقد تركت الكاتبة الوصف بعد ذلك لتنزل معه لساحة المعركة التي حمي وطيسها وثار غبارها وانكشف عن لا شيء تركت التفاصيل لتغرق مع البطل والقراء في مربعات سحرية غطت بها جوانب العالم شرقا غربا اقتصادا وسياسة ورياضة واجتماعا لتعود لتقرع أسماع الدنيا بمسك الختام وحبكة النهاية )
السرد ( تسلسل انسيابي وحركة طبيعية معتادة تتحرك فيها الأحداث بحركة البطل فتسرع مع خطواته وتتوقف مع صعوبات البحث عن الوطن واهتمامه بالوطن يجعل الحركة وجدانية أكثر منها على الرصيف وبين البحث عن الوطن والبحث عن مقعد في المقهى واستقرار في أي مكان وسلام وتحية مع المثقفين وبين شرب الشاي والخشخشة والتفكير والانتشاء والنهوض والنسيان تعرفنا على امتلاك الكاتبة لقيادة مراكب السرد بهدوء متحرك وحراك يتطلع للاستقرار وينتقل بكل سلاسة بين مشاهد المسرح الكبير الذي رسمته أحداث القصة ببراعة )
الحوار ( خلت القصة من الحوارات الطويلة فمع الباعة نفدت ومع نفسه جملة متأففة ومع عقله حوارات الإجابات لملء المربعات الفارغة ومع البائع حين لم نسمع الجواب ومع المثقفين حين ردوا السلام – وهذا الاقتضاب في الحوار يوحي بأن المجتمع في نظر الكاتبة يفتقر لحوار جاد شعبي يملأ المربعات الفارغة والفجوات التي تتسع كل يوم بين جميع أفراد المجتمع في كل بلادنا مع شديد الاسف )
الشخوص ( البطل مسيطر موصوف معروف والباعة كالعادة والنادل بان من بصوته ونجاة الصغيرة ومقلدتها ربما هي (المطربة هيفاء فرجاني ) والمثقفين رسمت صورهم بخطوط مبهمة عامة في الغالب وفي المربعات الفارغة شخوص أخرى ذات دلالة رائعة على انصرافنا عن شخوص مجتمعنا إلى الاهتمام بشخوص عالمية ( المغنية من سوريا وبطل الملاكمة عالمي والرئيس أمريكي ووباء كورونا عالمي والصين تظهر وحدها بدون حاجة لأحد أن يظهرها ، حتى الحب والنور أصبحا ضمن المربعات الفارغة وليس صلب الحياة ونقاش المثقفين على الملأ وفي هذا دلالة وتلميح أقوى من كل تصريح )
الحبكة وحل العقدة : وإني لأرى الحبكة واضحة من البداية من اسم الجريدة حتى صياح النادل حيث صناعة الكاتبة وغزلها للحبكة مع أنه يبدو تلقائيا إلا أنها حبكة مدبرة بعناية حيث بدأت والنهاية بين عيني قلمها ، ومع طول الصناعة اللغوية أثناء القصة واستمتاعنا بالسرد الإبداعي للجد في البحث عن الجريدة والمكان والهزل في الجري وراء الفراغات المربعة إلا أننا لاحظنا محاولة خفية لربط حبل العقدة حول عنق البطل حتى أن البعض ربما لا يحس بها حيث أغراه الجري وراء المربعات الفارغة حتى نسي الوطن ، فكان مع صياح النادل حل هذه العقدة المحكمة بسهولة أوصلت الرسالة وذلك حين أذنت لن الكاتبة بالتوقف فجأة لنرى الحل بل نسمعه .
ختام : هناك كلام قد يطول نكتفي منه بما تيسر ولعل الكمال العزيز يأمرنا بتلميحات يسيرة فمثلا ( همزة أحجيات قطعية - والزحمة : الزحام أفضل منها – والمكان الخالي لا يحتاج لياء فهو مكانٍ خالٍ ) وأخيارا لو غادر البطل نهائيا وضاع مع رواد الشارع قطعا لن يسمع النادل لكن الكاتبة تريده أن يسمع وتريدنا أن نعرف أنه سمع بل وتريدنا أن نسمع معه لذا فهو كاد أن يغادر أو كاد أن يضيع ، حيث نزرع الأمل ونضيء طرفا من ستارة الختام ، والحقيقة أننا أمام تجربة ثرية في قصة قصيرة مكثفة المعاني والأحداث وعبرة عن آمال وآلام القراء هنيئا للقراء بمطالعة مثل هذا السرد من مثل هذه الكاتبة ، والسلام 
بقلم الدكتور سعد جبر شاعر وكاتب وناقد - عميد كلية الإعلام بجامعة باشن
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏

الأربعاء، 7 ديسمبر 2022

الوباء والبقاء..ديمومة صراع قراءة بقلم الأديبة السورية المبدعة / ريم محمد لنص * دبيب لثلاثة أصابع * للاديب المصري / كريم علي كريم على الشريف

 الوباء والبقاء..ديمومة صراع

قراءة بقلم
الأديبة السورية المبدعة / ريم محمد
لنص * دبيب لثلاثة أصابع *
للاديب المصري / كريم علي كريم على الشريف
النص
خرج ديك من عِشته في دَغْشةِ صبيحة ما..
خرج ليملأ حوصلته بالحبوب من بين الدروب والأزقة .. وقد خلت الحارة وما حاوطها بسبب الكوليرا! من ابن قابيل وإقليما حظ هابيل من بطن حوا!
تغيرت الأمور.. فّتحت المناقير أبواب الأقفاص .. تَهَدلت أجنحة الحمائم, في دعة واسترسال بينما تلتقط أذناها لأخر مرة زجزجة وصرير قفل ومفصلّْةْ!
اهملت قصاري زرع كانت مُهملة بالأساس إلا من بَصقات من جَردل بُوّْيْاَ رقيق الحال كان أحمر مذ وقت ! واستحال لخرق باهت إذا ما غزته أشعة الشمس
امتلأت أكياس الغربان بنثر لحم الجيف..تكفلت الضباع والقطط بالباقي.. بينما ماتت الكلاب!
ظَلت أنوار المصابيح حتى انسحبت واحدة تلو أختها وسرعان ما مات النور ونحرت رقبة الوَنس إلا من..
إلا من مصابيح سيارات ..سيارات تحوي جيف لمن قضوا بهاّ! حيث ماتت سوقها على الفرامل!
راقت الدُنيا من المدينة الصناعية وسوق التلات وطوابير الصباح وزعيق هنا وهناك بمكبرات وبغير مكبرات!
وماتت سَمكات فاتنات بأحواض خَيّْم عليها تراب الهَجر! وأكلت وسطاهم صغيرتهم.. كانت مُنهكة كبيرتهم!..فإلتهمتها وسطاهم!..ثم ماتت..
لتلتهمها حفنة من البكتريا ..خنقها الغبار بعد أمد!
مات صارف الدواء والعيان!..مات الشيخ بنحر زوجته والعامل على ماكينته وكُثر على مقشاتهم وأحذية المارة ..وشاهت وازرقت وجوه ولمعت أحذية !..صارت تضوي ..لتعكس مُحيا هزيل متعرق توخذه روح الزُرقة بكامل طلته!
صارت فارغة من كل دبيب غير دبيب ديك خرج في دغشة صبيحة ما ليملأجوفه من بين الأزقة والثنايا.
كريم علي الشريف..مصر في ٤ ديسمبر ٢٠٢٢
.........................
القراءة
دبيب لثلاثة أصابع .. عنوان يمهد لنا ويشي بأن الحركة بطيئة، وكأنها كاميرا خفية تصور - دون أن يراها أحد - مشهداً كئيبًا سوداويًا لبلدة عانت الموت في الأزقة
والشوارع والبيوت بسبب الوباء، فباتت مليئة بالجثث والجيف كما في رواية( الطاعون )للرائع /ألبير كامو ..
عندما حاصر المرض المدينة وعزلها عن محيطها وبدأ
الموت بالتهام الناس الواحد بعد الآخر فتكدست الجثث
وبات الموت يوميا في تزايد بدأ بموت الجرذان واستمر لتصبح المدينة بلا روح غارقة في الحزن والألم ..
الإسقاط موفق بالنسبة للموت ..
الإنسان أولًا ومن ثم الكلاب الوفية الأقرب للإنسان .
السمكات الثلاث يمثلن الطبقات الإجتماعية التي فنيت
كلها، وأغفل القاص عن عمد التطرق للأسباب، فمن غير
المهم من أفنى من ولم؟...( الوسطى التي كانت محمية ابتدأت بالصغرى ثم عندما أنهكت الكبرى أكلتها)....ففي النهاية الوباء
يقضي على الجميع، فلا الطبقة المتدينة نجت ( الشيخ وعائلته)، ولا الطبقة المعدمة العاملة نجت ( ماسح
الأحذية)، ولكنه أبقى على الديك لما له من دلالة ورمزية.
بقي الديك بدلالته ورمزيته هو الأمل الوحيد في صبح
جديد، يعلنه بخروجه للحياة صباحا، وهذا يذكرني بقصة أستاذنا محمد البنا ( مرايات غير قابلة للكسر ) عندما
استمر الرجل في سقاية الشجرة العارية وذلك رمز للأمل ورغبة فطرية في استمرارية الحياة)، فمهما طالت مدة
الوباء سيزول في النهاية ولو كثرت الضحايا ..
وهذا ما ضمّنه أيضًا الكاتب العالمي الأشهر/ألبير كامو ..في الطاعون أيضا رغم تكدس الجثث وتعالي صوت الموت ورهبته، فقد فتحت أبواب المدينة أخيرا معلنة انتهاء الوباء،
أما عن رقم ثلاثة ( ثلاثة أصابع وثلاث سمكات أظنها دلالة على قصة تروى من ثلاث بنود ( مرض وموت وأمل )
إسقاط جميل يحتاج إلى ربط أقوى قليلا وتصحيح بعض الأخطاء اللغوية والإملائية ليكتمل الجمال
دام الإبداع أستاذ كريم
ريم محمد...سورية في ٥ ديسمبر ٢٠٢٢

السبت، 29 أكتوبر 2022

العزف على أوتار الحروف قراءة ما بعد حداثية بقلم الأديبة والناقدة / اميمة عمران وقراءة تحليلية بقلم الناقدة السورية المتألقة / فاطمة مخلف محمد Fatema Mukhlef Mouhamad d لنص ( تعادل ) للأديب والناقد / محمد البنا

 العزف على أوتار الحروف

قراءة ما بعد حداثية
بقلم سيدة الحرف العربي / اميمة عمران
وقراءة تحليلية
بقلم الناقدة السورية المتألقة / فاطمة مخلف محمد
لنص * تعادل *
ل / محمد البنا
.....................
النص
" قتلتها حيّة؛ قتلته ميتة. "
..................
القراءة الأولى
فنّانٌ يرسمُ بأوّاهٍ وآهٍ وواو،.... وهو الأستاذُ البنّا،...ذوّبَها رسمَ كلَّ لوحاتِ غراميّاتِهِ المُبهِرةِ،.. وكم لمَعرضِه من مًعجٍبينَ !!...يتهافتونَ لنيلِ فنونٍ ،.. تحكي .. ،ويتكلّمً فيها الفنُّ،...،...فغريمتُه أُخِذَتْ بتراقُصٍ مُجادٍ ،...مثّلَهُ أمامَها باقتِدارٍ ،..وأهداها همساتِهِ..وأوتارَه،...فالتوَتْ كزهرةٍ جميلةٍ مُمتشَقةٍ ،.. أتتْها عواصفُ صارِخةٌ،...فأحنَتْها ،. وارتمَتْ صرعَى؛...من وجعِ الآهِ.وحرقةِ العزف ...،..لقدأجرَمَ حينَ قرّرَ اصطيادَها بنظراتِهِ...وأشيائهِ السّلِسةِ ،....لتهطلَ دموعًها غزيرةً،...نعم...قتلَ تمايلَها ودلعَها ..وشياكتَها.. ،.. ليتمزّقَ الثّوبُ الجميلُ السّماويُّ؛... وتسافرَ تسريحةُ شعرِها الأسودِالطّويلِ،...لتسرقَه ويلاتُ الوَلَهِ؛....ويُسحقَ بهاهُ
لمَ قتلتَها ياأستاذُ يابنّا .... وبسهمِكَ!؟!؟......أتُحيكُ البنادقَ لردمِ روحِكَ. وتتباهى بصيرورةِ حدثٍ ،...لتستمتعَ بتعذيبِ زهرتِك واهتزازِها !؟...وبعدَها كما يقالُ (جنت على نفسها براقش)...لقد جاءت سهامُك لتصلَ قلبَك ،..الّذي انكسرَ ..مُنتحِباً .. لرؤيةِ فاتنتِه صَرعَى...ممّا قاستْهُ.من بارودِ مَقدِرتِه ....لاحتوائها..ورؤية عينَيها المُستجيرتٍن بر حمتِهِ،.. ليهبطَ ندماً مضرّجاً بدمائه ،..ولتتلقّاهُ عضُداها النّاعمتانِ .. المُرتجفتانِ وتضمّاهُ؛...فيُشعلَهما ضمّاً ودموعاً ،..ليتلاقيا بسينفونيّةِ التِحامٍ؛...أشفَت بعضَ جراحِهما ،..فبدوا كقتيلَي غرامٍ ..سحرَني ،..وأفنَني وأبكاني ...موتُهُما ،.. وهما حيّانِ،...يتخبّطانْ بنبصاتٍ،...توُشِكُ على الصمْتِ،...
الّله الّله الّله ..أيُّها الفارسُ المموَّهُ ،!!!!.إ...يّاك والّلثامَ،..لأنّهُ خطيرٌ. ..فعصفورتُكٍ ينتهي تغريدُها،...وتبكيها الزّهورُ...والرّياضُ...ووكناتُ الأغصانِ...وبوحُها..
فلْتتواضَعْ ياأُستاذُ يابنّا ،...ولْتُحوِّل ْهطلَك عنها قليلاَ،...كي لا تغرقَ؛... فمن الغرَقِ ما قتَلَ،...
وكم يتوسّلُني حبري وقلمي،.. أن لا يسيلَ دمهُما،..إلّا على صفحاتِ عزفٍ منفرِد كعزفِكَ...والغائر في الأرواحِ المُنكسِر ةِ،...ليصلَ القلوبَ المحطَّمةَ؛..فيًحييَ فصاحتَها...ورونقَها ؛.ويُعلنَها ..أميرةَ العشقِ..
فمنّي أنا( كأميمة عمران) أمامَ مٍشهديّتِك ...ليسكتِ الكلامُ،..ولْأشهدْ بأنّك قتّالٌ ،...لا ترحمُ،...فروِّضْ حرفَكَ ...على الرّحمةِ،.. فحسناواتُك شفيفاتٌ،...وأرواحُهُنَّ أمانةٌ ،...صنْها وكفكِفْ...،..لا تُفجِّرْ،.رويدَك وعزفك المبكي ....
أميمة عمران مع تمنياتي بالهطل المفرح لعزفك المبدِع الأستاذ القائدَ البنّا....
أميمة عمران...سورية في ٢٦ أكتوبر ٢٠٢٢
................
القراءة الثانية
ومضة على السريع
...........................
تعادل
........
قتلها حيّة؛ قتلته ميتة.
كي نقرأ اي ومضة علينا ان نقرأها ككل متصل لا انفصال فيه
اي نقرأ العنوان
ونستمر للمتن ونرى جملة الجواب
وعلاقتها بالعنوان
ثم نعود للعنوان .لنرى خدمته للومضة وهل اعطى للومضى حقها في المقصد مما جاءت من اجله
من حيث البنية ومضة صحيحة فيها جملة سبب بدات ف بفعل ماض قتلها… الفاعل الضمير المستتر هو .
اذا المفعول به انثى هي
وجملة الجواب او نتيجة فعل الجملة الاولى قتلته…الفاعل ضمير مستتر تقديره هي
فعل ماض يدل على ان الفاعلة انثى والمفعول به هو رجل ..
بدت عبقرية الكاتب في استخدام الفعلين شكلا كانه استخدم نفس الفعل وضمنا وبديعيا الفعل الثاني معنويا يختلف
علاقة بين رجل وامراة كل منهما قتل الآخر بطريقته
وللقتل انواع
يذكرنا ببيت شعر لجبران خليل جبران
والعدل في الأرض يبكي
الجن لو سمعوا به
ويستضحك الاموات لونطقوا
وقاتل الجسم مقتول بفعلته وقاتل الروح لا تدري به البشر
اذا هناك قتل للأجسام موتا يخرج الروح من الجسد .وبوسائل فعل مختلفة وسيلة تؤدي النتيجة.نفسها اي الوصول للموت بسلاح.. بألة حادة ..بسم.. النتيجة الموت .موت حيوي جسدي
اذا افترضنا انه قتلها فعلا
ولم يكن المقصود قتلهالكن افعاله قتلتها وهي حية بالظلم .الحرمان .التكبيل حرية .او سلبها شبابها .اومالها .ثم اجهز عليها اخيرا قتلا حقيقيا بعد ان اذاقها انواع العذاب .
وهناك .مجازا
والعربية بحر المجاز .
القتل المعنوي ..وهو القتل الغير المادي للجسد اي قتل الروح التي بها تستمر الوظائف والحياة البشرية
لكن بقتل الشخص ..فكرا ..عطاء تميزا .
او المشاعر.. والعواطف.. قتل الابداع ..والاستمرار بالحب.. والاقبال على الحياة. الندم .. بقتل تفاؤل المرء وأمله امنياته.
قتلها قتلا فعليا… ماتت بكل ما تعني الكلمة
بعد موتها ..ويبدو انه زوجها او حبيبها متعلق بها
بعد ان ماتت… ودفنت
قتلته وهنا فعل قتل تكرر في جملة السبب .والنتيجة ولكن وظفه الكاتب تورية كما كلمة
راى.. البصرية
وراى القلبية
رأى العصفور فوق الشجرة رؤية بصرية ..
ورأى الامر ضرورة ..رؤية قلبية
اذا توظيف فعل قتل في جملة النتيجة وظف بحيث حول الجملة.بفعل قتل إلى كناية عن الندم الفراغ الذكرى او قد يكون أفعالا فعلتها فصارت بعد موتها خنجرا تسمم حياته ليل نهار فهي تقتله في كل لحظة وهي ميتة .
احدثت الفراغ في حياته كما يقال او كما قال العظماء
(يموت الرجل إن خلت حياته
من امرأة وفية وأخ صادق ).
عانى ما عاناه ندما آو قهرا وأو وحدة .
قتلته بذاك الفراغ الذي احدثته في حياته ونفسه وذكرياته ويومياته فمات ؟!!!!
وهو حي فلم تعد الحياة في نظره جميلة ..ولا رائعة ..
كما كانت بوجودها
لا شيء يهمه للإستمرار فيها لم تعد،جميلة تستحق الاهتمام والسعي من أجل الاستمرار
هي عدالة السماء قتلها فنال الجزاء من جنس العمل القتل بطريقة اخرى
وهنا (تعادل) معنوي
قتلها .قتلته . وسخرية القدر
اذا ارتبطت الومضة كنتيجة بالعنوان فتحقق التعادل
الذي يعني لغة
(تعادل
تَشابَه في الطَّبيعة أو النَّوع أو القيمة، لم يَخْتلِف الواحِد عن الآخَر أو البَعْض عن الآخَر في الحَجْم أو الكَمِّيَّة،
تساوى، توازَن.
"تعادلتْ قوًى")انتهى الاقتباس
ومضة جميلة فيها حكمة
وهو المطلوب من فن الومضة..
ان يعطي حكمة… معينة نتيجة تجربة
يبدو فيها الفعل ونتيجته لنأخذ الحكمة منها تتحقق المقولة
(بشر القاتل بالقتل ولو بعد،حين ).
ابدعت استاذ محمد
وارجو ان اكون قد اصبت ما كنت تهدفه من ومضتك الجميلة… عا السريع.
فاطمة مخلف محمد..سوربة في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة