Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 24 سبتمبر 2023

المقامر قصة قصيرة بقلم / محمد نمر

 



قصة قصيرة
(المقامر)
ما أن قام بفتح باب منزله، حتى قابلته زوجته بعاصفة من السباب الذى أعتاد عليه منذ زمن ولم يعد يحرك به ساكنا.
فى بداية الأمر كان يرد إليها الصاع صاعين، دائما ما كانت تنتهي ليلتهما بشجار عنيف يصل للتشابك بالأيدي، لا يهدأ إلا بعد تدخل الجيران للفصل بينهما.
مع كثرة شجارهما الدائم، أعتاد الجيران على ما يحدث ولم يعودوا يعيروهما أهتماما، حتى أن اليوم الذى لا يسمع صوتهما ليلا، يظن الجميع أن خطبا ما قد أصابهما.
واصل سيرة بخطوات مترنحه نحو حجرته، جذبته بقوة من الخلف مما أدي لتمزق القميص الذى يرتديه وهى تخاطبه صارخه:
- يوميا تعود ثملا بعد منتصف الليل.. لتغط فى نومك ولا تستقيظ إلا بعد غروب الشمس .. لا تتحمل أى قدر من المسئولية و..
أستدار إليها وهو يرد قائلا:
- لقد حفظت حديثك عن ظهر قلب.. لا داعي لان تكملي سأكمل أنا.
وأردف قائلا:
- منذ عامان لم تنفق على المنزل جنيها واحدا.. ولدك يعمل لأكثر من أثنى عشر ساعة يوميا ليكفي مصروفات البيت بالكاد.. كلما دق أحداهما الباب طالبا الزواج من أبنتك، يفر مسرعا بعدما يعلم حقيقتك.
صمت للحظات وهو ينظر إليها واردف قائلا:
- أليس هذا ماتريدين قوله؟
قالها وهو يتراجع للخلف بضع خطوات من أثر الخمر الذى أذهب عقله، وبعدما أستطاع السيطرة على قدميه، أكمل حديثة قائلا:
- كدت أنسى أهم جزئية.. حياتنا أصبحت كالمشردين والمساكين بعدما قمت ببيع البناية التى ورثتها عن أبيك ..وخسرت المال على طاولات القمار.
كان يتحدث وهو يقوم بتقليد حركة جسدها وطريقة حديثها، وما أن أنتهي حتى أنفجر ضاحكا بصوت عالي قائلا:
- أرأيت أننى أحفظ ما تريدين قوله عن ظهر قلب.
نظرت إليه غير مصدقة الحال التى آل إليها، شعرت بغصة فى حلقها، لم تقوى على الحديث، فجأة أنفجرت فى البكاء بقوة، أفاق من سكره للحظات، لم يصدق عينيه وهو يراها تبكى بحرقة، بعدما جلست على الأريكة المتواجدة بالقرب منها.
لم تدم دهشته طويلا، أستدار بخطوات غير متزنه متوجها لغرفته، وبينما كان يغلق بابها خلفه، سمع صوت أبنته تواسى لوالدتها فى محاولة منها لتهدئتها.
ألقى بجسده الذى يشعر بثقله على الفراش، لا يمتلك القوة لنزع حذائه او تبديل ملابسه، وغط فى نوم عميق.
أستيقظ فى السادسة مساءا كعادته يوميا منذ عامان، يشعر بصداع قوى يكاد أن يجعل رأسه ينفجر.
نهض بصعوبة، نزع عنه الملابس التى كان يرتديها بالأمس، خرج من حجرته مرتديا ملابسه الداخلية، متوجها صوب المرحاض، توقع أن يراها جالسة كعادتها على الأريكة المتواجدة بالصالة، تلقى على أذنيه عبارات التوبيخ كما أعتاد دوما.
تعجب من عدم وجودها، شعر بالسعادة على الأقل سوف يبدأ يومه بدون سماع حديثها السخيف الذى يحفظه عن ظهر قلب.
خاطب نفسه بأنها لابد أن تكون جالسة بحجرة أبنتهما التى أصبحت تشاركها إياها، بعدما قررت عدم النوم بجواره على نفس الفراش منذ زمن.
بعدما أنتهي، خرج ينادي عليها لتقوم بأعداد القهوة والطعام كما جرت العادة.
فالبرغم من شجارهما المتكرر إلا أنها مازالت تحافظ على القدر الأدني بينهما كزوجين.
أذ تعد له الطعام، و تقوم بغسل ملابسه، تحافظ على بيتها مرتبا، يعلم أنها زوجة مثالية فى تلك الجزئية، لكنه يكرهه صوتها العالي والمشكلات التى تقوم بأفتعالها بدون أسباب مقنعة.
ليس أول ولا أخر من يشربون الخمر، هناك طبقة كاملة من المجتمع تتناوله كل ليلة، بل إنهم يسخرون من الذى لا يشرب.
أما بالنسبة للقمار الذى تتهمه بأنه بدد أمواله فيه، يدرك جيدا أن الذى يضع يده فى الماء ليس كمن يضعها فى النار.
هى لا تعلم شيئا عن اللذة التى يشعر بها عندما يربح أحد الأدوار، شعور لا يمكن وصفه، ولا يستطيع أن يتصوره إلا من أقدم على التجربة بنفسه.
فمهما تحدث فاقد البصر عن ما يعانيه، لا يمكن للمبصرين أن يتخيلوا حجم معاناته.
ثم إنه لا يرى أن الامر يستحق كل ذلك، هو يحب أن يقوم بذلك وكفى، هكذا تؤخذ الأمور ببساطة.
دائما ما كان يتحدث إليها ضاربا لها مثال بكرة القدم، كرة من الجلد ممتلئة بالهواء يركض خلفها مجموعة من البلهاء مدعين إنهم يمارسون رياضة.
تقوم الأندية بشراء لاعبين بملايين الدولارات من أجل الحصول على كأس، ومكافأة مالية أقل بكثير من ما يتقاضاه لاعب واحد فى الشهر.
كذلك من يقوموا بالتشجيع، يسافرون من دوله لاخرى، قاطعين الالاف الأميال، للجلوس فى ستاد لساعة ونصف، يعودوا بعدها لبلادهم شاعرين بالسعادة، هو أيضا يشعر بسعادة عندما يمارس اللعب.
تعجب من عدم ردها، توجه لحجرة أبنته، طرق الباب عدة مرات لم يتلقى أجابه، قام بفتح الباب، تفاجأ من عدم وجود أحد بالداخل.
لفت أنتباهه خزانة الثياب المفتوحه على مصرعيها، الخالية من الثياب، شعر لوهلة بأنه يحلم، هل يمكن أن يكون مادار بخلده حقيقة ؟
لقد غادرت زوجته وأبناءه المنزل، توجه لحجرة ابنه، كان حالها كحال الغرفة السابقة، أيقن أن شكوكه تحولت لأمر واقع، لقد تركوه بمفرده.
توجه مسرعا نحو غرفته ليحضر هاتفه ليحاول الأتصال بهم، توقف أمام الباب بعدما تذكر إنه قام ببيعه بالأمس لحاجته للمال لمواصلة اللعب.
تحولت دهشته لغضب شديد، أخذ يكيل السباب لهم بصوت مرتفع، أمسك بكوب زجاجي موضوع على طاولة الطعام، قام بالقاءه غاضبا نحو الصورة التى تجمعه بزوجته فى حفل زفافهما ليتهشما الأثنان و يساقطا أرضا.
جلس على الأريكة، لا يدري كيف أنسابت الدموع من عينيه !
أخذ ينعت زوجته بالحمقاء، لاتدري إنه يفعل كل ذلك من أجلها هى وأبنائها، يتمنى لو إنه أستطاع الفوز بمبلغ كبير، كالأشخاص الذين يراهم يفعلوا ذلك كل ليلة، بعدها سوف يتوقف عن اللعب تماما، ولكن حظه العاثر لا يقف بجواره للنهاية.
دوما عندما يبدأ فى اللعب يحصل على بعض المكاسب المرضية، التى تدفعه لان يزيد من قيمة مراهناته للحصول على مبلغ أكبر من المال، لكنه فى نهاية الجلسة يعود لبيته بخفي حنين.
كل مرة يخاطب نفسه بأن يكتفى بالمكسب البسيط ويتوقف عن اللعب، لكنه لايدري ماذا يحدث له !
كل مرة يظن إنها الليلة المرتقبة التى ينتظرها، ربما هذا مايدفعه لمواصلة اللعب للحصول على أكبر مكسب ممكن.
نهض متوجها لحجرته، قام بتبديل ثيابه، توجه صوب الكازينو،
وجد رفاقه ملتفين حول المنضدة كعادتهم كل ليلة، ألقى عليهم التحية وجلس بالقرب منهم، يحتسي الشراب الذى أحضره له النادل.
أقترب منه مدير الكازينو، ألقى عليه التحية وهو يخاطبه قائلا:
- ألن تلعب الليلة ؟
- لا أمتلك مال.
- لا عليك يارجل ..سوف أقرضك.
- لكنني لم أسدد ديوني السابقة
أخرج مدير الكازينو دفتر شيكات من جيب بذته الداخلي، وضعه أمامه على الطاوله.
بلا تردد أخرج القلم، قام بالتوقيع على الشيك الذى لم يحدد به المبلغ، كأنه أعتاد على الأمر.
أشار مدير الكازينو لأحد مساعديه، الذى أتى حاملا مبلغ مالي كبير، قام بوضعه أمامهما على الطاوله وانصرف مسرعا.
تناول المبلغ ونهض مسرعا ليجلس على على طاولة اللعب.
بدأ بمبلغ صغير كما أعتاد دائما، كان الحظ حليفه فى البداية، ضاعف المبلغ السابق وبدأ يلعب مجددا.
عجبا ! للمرة الثانية يفوز، جمع الأموال أمامه وهو يشعر بنشوة الفوز، وبدت على شفتيه أبتسامة زهو.
أستمر فى اللعب لثلاث ساعات متواصلة، لم يخسر خلالهما مطلقا، قرر الجالسين أن ينهضوا بسبب سوء الحظ الذى يلازمهم تلك الليلة، ليتفاجأ بأنه ربح مبلغ ضخم لم يكن يحلم به.
أقترب منه مدير الكازينو مطالبا إياه بسداد المبالغ التى أقرضه إياها.
بعدما قام بتسديد ديونه، وجد إنه مازال بحوزته الكثير من المال، أطلق ضحكة عالية تردد صداها فى أرجاء المكان، جعلت المتواجدين ينظرون إليه بدهشة.
حدث نفسه بأن الليلة التى تمناها طويلا، جاءت أخيرا بعد طول أنتظار .
سوف يبحث عن أبناءه وزوجته، ليخبر تلك الأخيرة بأنه لن يعود للعب مجددا، بعدما ربح ذلك المبلغ الضخم، أشار لأحد العاملين بالكازينو طالبا منه إحضار حقيبة، ليضع بداخلها النقود.
أخذ يضع المال بداخل الحقيبة وهو يشعر بسعادة لم يشعر بها من قبل.
هم بالنهوض، شعر بقلبه يخفق بشدة، بدأت قطرات العرق تغزو جبينه، ألم قوي يغزو صدره، وضع يده على موضع الألم الذى كان يزداد بشدة، شعر بدوار حاد، بدأت الرؤيا تبدو ضبابية أمام عينيه، لم تعد قدماه تقوى على حمله، سقط أرضا.
هرع الحاضرين نحوه، محاولين مساعدته، تحدث أحد المتواجدين ليعرف نفسه بأنه طبيب ويخبر الملتفين حوله بالأبتعاد، ليتمكن من مساعدته.
أنحنى ليضع رأسه على صدره ليستمع لنبضاته، بعد أقل من دقيقة أعتدل وهو يتحدث قائلا:
- لقد فارق الحياة يبدو انه تعرض لأزمة قلبية حادة

السبت، 23 سبتمبر 2023

خبز جاف إحدى قصص المجموعة القصصية ( ربعُ أنفٍ ونصفُ أذن ) للكاتبة المصرية دعاء زيان

 




خبزٌ جاف

اليوم ذكرى ميلاد «محسن جاويش العترة »، أتم سبعة وأربعين عامًا،

أعدتْ له زوجتُه «زينات » كيكة إسفنجية بالبرتقال، وزينتْها ببعض

حبات الكرز التي أعطتها لها أختها «كريمة » عند زيارتها لها، وبدلً من

أن تستمتع مع زوجها وابنتهما «فريدة » بطعم الكعك اللذيذ، انهال عليها

زوجُها بوابل من الانتقادات والمواعظ عن ضرورة الاقتصاد؛ فالغلاءُ دقَّ

أعناقَ العباد، والسكر والزيت الذي وُضع في الكعك كافيان لاستخدام

أسبوع، وما بالك بالبيض والبرتقال الأغلى ثمنًا من البضائع السابقة.

كان «محسن » رجلً سمينًا عريض المنكبين، اسمه «محسن » وهو من غير

المحسنين تمامًا، يلتهم كل شيء يقع نظره عليه، ولكنه يعشق الخبز الجاف

ويجعل كل من حوله -وخاصة ابنته «فريدة »- يتناوله عَنوة، مغمسًا بزيت

الزيتون الذي يأتيه هدية من أخيه «عبد المصلح »، المقيم بليبيا منذ سنوات

عديدة.

انطلق صوتُ «عتمان البرنس » وهو يقول: «بيكيا.. حاجة قديمة

للبيع »، تجمدت وجوه جميع مَن رآه أو سمع صوتَه من بعيد؛ فبالرغم

من أنه حسن الخِلقة ذا شعر أشقر اللون وبشرة بيضاء، تشع من وجنتيه

الحمرةُ، إلا أنه كان مكروهًا مِن جميع أبناء الحي؛ فقد كان جشعًا مستغلًّ،

والكل يعلم مدى حقارته، ومع ذلك كانوا يضطرون للتعامل معه عند

الحاجة؛ فقد كان الوحيد في المنطقة وجميع الأحياء المجاورة، مَن يعمل في

الخردة منذ سنوات بعيدة.

قبل عشرة أعوام، ظهر شابٌّ يافع من الصعيد أسمر البشرة يُدعي

«ناصف »، وبدأ بالعمل في الخردة، وكان شابًّا خلوقًا أحبه الجميع.

كان يعطي كل ذي حق حقه، سمعنا يومًا شجارًا قويًّا دار بينه وبين

«عتمان »، انهال على الشاب بالضرب، والشاب لم يدافع عن نفسه في بداية

الأمر، ترك «عتمان » يضربه لفارق السن بينهما، ولكنه تمادى وزاد في ضربه

وسبه؛ فاحمر وجه الشاب، وتغيرت ملامحه، ولطمه على وجهه؛ فسقط

مغشيًّا عليه؛ وضحك الجميع على «عتمان »، واستهزأ به أطفالُ الحيِّ،

وزفُّوه في الطرقات، قائلين:

«مِن دا بكرة بقرشين .»

بعد يومين، استيقظ أهل الحي على صراخ السيدة «أم هاشم » -صاحبة

المنزل الذي يقطن به «ناصف »- حيث إنه لم يذهب لرؤيتها كعادته في

المساء؛ فذهبت إليه فوجدته معلقًا في سقف الغرفة، الغريب أنَّ الحادث

قُيد ضد مجهول، مع أن الجميع يعلم مَن الجاني.

وقفت «زينات » تنظر للأوعية الفارغة، وفتحت باب الثلاجة

والأدراج، تفحصت الأرفف والفريزر؛ فلم تجد به ما يسد جوع «فريدة ،»

فقط الخبز اليابس، وزيت الزيتون، فتوسلت إلى «محسن » أن يأتيها

بالطعام، ولكنه قال جملته الشهيرة: «منين؟ » وأضاف: «العين بصيرة

والأيد قصيرة .»

جلست تبكي لساعات، وبعدها غسلت وجهها، وقررت النزولَ

لأختها «كريمة »، ولكنها تذكرت أنها في الطائرة؛ فقد ذهبت لأداء العمرة،

فقررت البحثَ عمن يُقرضها بضع جنيهات لتشتري طعامًا، ولكن

هيهات! الكل بائسٌ وحالته يُرثى لها، فالفقر أصبح حالَ الجميع، ومَن

معه قوتُ يومه يعد من الأثرياء.. وبعد بحث مُضنٍ، وجدت «عتمان »

أمامها يشتري جهاز تلفاز قديم من سيدة، ويعطيها خمسين جنيهًا، وبيده

رزمةُ من النقود فئة المائة جنيه، تكفي لإطعام الحي بأكمله؛ فهرولت

للمنزل، وبدأت تبحث عن أي شيء يمكن بيعه، فوجدتْ كل ما حولها

باليًا، المنزل بأكمله خردة، فزوجها العزيز لا يشتري إلا كل ما رخص

ثمنه، ولا يُصلح أي شيء كُسِ، فدخلت المطبخ وأحضرت صينية من

الألمنيوم، وطنجرة جدتها النحاسية الكبيرة، التي أهدتها إياها يوم زفافها،

واستجمعت شجاعتها، ونادت من النافذة على «عتمان »، وفي لحظات

صعد لأعلى، وأخذ يتفحصُ ما أعطته إياه بتمعنٍ، ثم أعطاها ورقة من

فئة الخمسين جنيهًا.

ثارت «زينات » وأخبرته بأن الأشياء تساوي ثلاثة أضعافِ هذا المبلغ،

ولكنه ضحك ساخرًا، وقال:

« - هو دا اللي عندي، هتاخدي الفلوس ولا أمشي ؟»

نظرتْ إليه بانكسار، وفتحت فاها لتقبل العرض.

وفى نفس اللحظة إذا بصوت رجل آخر يقتحمُ الصمت، قائلً:

 - بكيا..بكيا.. حاجة قديمة للبيع

دعاء زيان


مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة