Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصيرة. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 26 نوفمبر 2025

غارة بقلم : نبراس سالم - العراق

 


غارة

نبراس سالم
العراق

تتساقط صواريخ الطائرات المغيرة وقذائف المدفعية الأرضية الثقيلة كل ليلة، وكأنها دعوة مفتوحة لشبح الموت لزيارة أرجاء المدينة، لم تسلم منطقة سكنية منها، نشبت حرب المدن وتستتر تحت جنح الظلام، تجنبا وخوفا من كثافة الدفاعات الجوية الأرضية التي تدافع عن المدينة.
لم ندخل الملاجئ وقتها، فليست الثلاث أقواس الخرسانية والمتلاصقة مع بعض- والتي رصفتها ودفنتها تحت أكوام أكياس الرمل تشكيلات (ه أ ك) الهندسة الآلية الكهربائية العسكرية، في حفرة تحت الأرض، عند نهاية كل شارع من منطقتنا- ستدفع الموت عنا، أبى الجميع دخولها ولو لساعة، نردد ونحن تحت سلم البيت الدعاء وتلاوة الآيات القرآنية قرآنية.
(حياتنا فوق الأرض لا تحتها).
مشهد أكياس الرمل خطت رسوم لصورة أخرى مخالفة لما عهدناه في الصور القديمة لوجه الشوارع النضرة، كل أبواب وشبابيك البيوت والمحال التجارية توشحت بسببها باللون (الخاكي)، ارتصت منذ أشهر كجنود مستعدة لحمايتنا، بعضها فوق البعض بقلب مملوء برمال شط العرب، تصد شظايا الصواريخ والقنابل المتناثرة عنا.
الشظايا التي أصبحت للأطفال هواية جديدة في جمعها، بديلا عن العملات القديمة النادرة والطوابع، أو رياضة التسلق على السواتر واللعب برمالها وإعادة ما يسقط من الأكياس بعد اللعب، عوّضا عن كرة القدم وركوب الدراجات، كان هذا شغلهم الشاغل في المدرسة وبعد الدراسة.
- نشاهدها على شاشة التلفاز، الشوارع المكتظة بالناس والسيارات ورغم خطر عودة الغارات في أي وقت، كانت تذاع في برنامج صور من المعركة على القناة الأولى بعد نشرة أخبار الثامنة، مشاهدات توقد الحنين في الصدور لتجوالنا ونزهاتنا في العشار.
-كنا نعيش مع الموت دون وجل.
يركض الشباب والأطفال ضاحكين للكاميرا عسى أن يظهروا على شاشات التلفاز، كاميرات التلفاز وهي تصور جولات العجلات العسكرية الكبيرة التي تجوب الشوارع، تستعرض الجنود الأسرى الأحياء منهم والأموات، وكأن جولة الموت تلك أصبحت للأطفال نزهة.
- كنا نلاحق في الصغر سيارات التضبب المسائية التابعة لدائرة الصحة، والتي ترش في الهواء مبيدات الحشرات لقتل البعوض في الجو، نتبعها من شارع لآخر، نستنشق السموم منها ونحن في غاية سعادة.
-اشتدّ دخان الحرب وأوزارها، فكانت لجولة سيارة (الواز) الصغيرة والتابعة للانضباط العسكري في الأزقة بطعم آخر يبعث على التشاؤم والخوف.
لقد أصبح رؤيتها ناقوسا يدق أجراس الخطر على الرؤوس مثل صفارة الإنذار قبل كل غارة، تختطف القلوب من رعب الصندوق الخشبي وما في داخله في بطنها، دقات تتسارع عند رؤية العلم العراقي يلفه، تزداد مع تباطؤ حركة عجلات المركبة بالقرب من باب أحد البيوت.
دعوات نساء الشارع المكبوتة تترجى بعدم توقفها أمام بابهم.
تناقض غريب في الـمشاعر، يتمنون الوقوف أين ما كان أمام بيوت الآخرين، إلا بيتهم، فقط ليكون أبناءهم من الناجين، حتى حين، يترجل مختار المنطقة برفقة أفراد الانضباط العسكري، كان الناس يتجنبونه، حتى لو بالسلام عليه، يخافون حضوره في مجالسهم، لقد أصبحت صورة حمّال الأخبار السيئة لا تفارقه.
بدأت الدوريات تتعمد الابتعاد بمسافة باب واحد على الأقل، عن البيت المقصود، أسلوب (غش واختباء) ساذجا وطريقة فاشلة لامتصاص الصدمة والخوف على العوائل، تقلق أكثر من بيت بدل بيت واحد، جنودا صغارا لا حول لهم ولا قوة، وقد يصدف أن يحملوا يوما في داخل الصندوق نفسه.
-هي الحرب يا صديقي، الغارات هنا وهناك.

《 انتقام 》 قصة قصيرة بقلم : ليلى عبدلاوي

 


《 انتقام 》

قصة قصيرة
ليلى عبدلاوي
أنهت المكالمة بسرعة، أرجعت السماعة لمكانها وجلست في مكانها تقطع طعام القطة إلى أجزاء صغيرة، تنظر إلى لا شيء وتنتظر.
شريط الذكرى يمر أمام عينيها الآن، رمادي اللون، كريه المنظر، تحاول أن تهرب منه بالنظر من النافذة. شجرة المشمش في الحديقة أخذت تُزهر بوفرة غير معهودة.
ابتسمت، ابنها جمال يحب المشمش بجنون. شيء كالسهم الحاد اخترق صدرها، تحولت الابتسامة إلى نحيب، الدموع تتساقط على وجنتيها، على قميصها، لا تفعل شيئا لإيقافها، أو حتى لمسحها.
تأملت صورتها في المرآة، شاخت عشرين عامًا منذ أول أمس.
نظرت إلى الحديقة من جديد، الدراجة ما تزال في مكانها المعهود، خُيِّل إليها أنها تسمع صوت ضحكاته وشغبه وهو يمرق من الباب الكبير.
- "ماما! أنا جائع، ماذا أعددت للعشاء؟ لا تقولي لي شطائر، لن أغفر لك ذلك!"
استرقت السمع، صمت قاتل يلف جميع الجهات، لا شيء يتردد في هذا السكون إلا صوت الجنادب يخترقه بين الحين والآخر أزيز النحل.
أطرقت برأسها، أحست برغبة غريبة في النوم، أغمضت عينيها. خطوات ثقيلة تقترب، تنبهها من غفوتها الوشيكة تليها دقات شديدة على الباب.
- "افتحي! بوليس!"
قامت من مكانها، فتحت الباب ببطء، تقدمت إحداهن، لوت يديها وراء ظهرها، وضعت الأصفاد، وقامت بتفتيشها مليًا.
طلبت أن يحمل أحد حقيبتها، كانت قد أعدتها صباحا، سألت عن مصير القطة، أجابها أحدهم بغلظة:
- "ستبقى خارجا، لا نستطيع لها شيئا."
الطريق إلى مركز الشرطة حافل بالوجوه، بالألوان والروائح. لم تستطع أن تتبين شيئًا، كأن الذي أمامها ظلالًا متشابهة.
لمحت على ركبة الشرطي بجانبها شيئًا ملفوفًا في جريدة قديمة، تعرفت من خلال شكله على سلاح الجريمة: مسدس قديم اشترته بسرعة من أحد المشبوهين خارج المدينة، عاجزة هي حتى عن تذكر شكله أو مكان سكناه. وضّح لها بعجالة كيفية استعماله واختفى بعدما عدّ المبلغ الذي سلمته إليه.
لا تذكر شيئا إلا أنها اتجهت إلى البيت المعلوم، طرقت الباب وحينما فتح لها الشاب ضغطت على الزناد، رشّت الدماء الجدران، سقط للتو. حينها فقط، تأكد لها أنها حفظت الدرس جيدًا.
عادت إلى البيت، نسيت قصة القتيل تماما كأن الذي وقع حلم لا حقيقة. منظر واحد لا يفارق ناظريها الآن: جسد شاب آخر وسيم مسجى على أرض الملعب وجرح غائر في صدره تفور منه الدماء بسخاء.

الجمعة، 20 يونيو 2025

مكارم .. قصة قصيرة بقلم لقاء زنكنة - العراق

مكارم .. قصة قصيرة 

إستعاد ذاكرته ُ بعد عناء ٍ طويل في ربط الواقع بمخيلته المنهكة والمسنودة لجدار ٍ قديم منحوت عليه عبارة بلغة غريبة فحواها ..

" إنتبه الحياة خطيرة ، كن ْ أخطر منها "

هذا ما اخبره به السمسار الذي باعه المنزل ، وظل يفكر فيما اراده ُ صاحب العبارة بلا جدوى ، إذ لم تزل حياته على رتابتها ، كلل ٌ بلا ثمن ، وواجبات ٌ ولا معطيات ، تقاليد ٌ بلا جذور ... الخ .
اليوم .. تغير كل شيء ، واصبح الخطر يدق عليه الابواب والنوافذ ، وأردته ُ صريع الجدران ، لان بائع ُ الخضراوات يهدد زوجته بالديون التي عليها ، جارته ُ المحبوبة ، تحولت الى غولة تهدد ابنائه بالضرب او البقاء بالمنزل وعدم مغادرته الا للضرورة القصوى ، أما هو .. يبدو مذهولاً للتغيير الحاصل في حياته بين ليلة وضحاها .
نظر الى يديه الناعمتين والمعتادتين على إرتياد القلم والورق ، وهذا الهدوء المعافى في عينيه وسلوكه هو بقايا اخلاقيات متادولة بينه وبين الاخرين .. ماذا حدث ! وأثار عالمه الصغير الذي شب وشاب عليه ؟ 
.. القدر ؟ .. حسنا ً ، لماذا تغير حليفه ومُذ سنوات !
ماسبب تغير ُ المتحالفين معه ُ ضده ُ ؟ 
وما هو التصرف الاخلاقي المطلوب للرد ؟
.. لايوجد تصرف أخلاقي لما حدث ، فكيف تنطوي حالته ُ بتصرف أخلاقي ؟
هاجت إنفعالاته بالاسئلة المنطقية لواقع غير منطقي ، كيف يجرؤ هذا البائع الجاهل على طلب مقابل غير اخلاقي من زوجته والتي اخبرتهُ به بدورها ، وتلك الرعناء الغبية المزروعة امام باب الدار ، تهدد ُ ابنائه !
 تحول المنزل الى بؤرة خوف ٍ صامت ، الزوجة شبح ٌ يقوم بواجباته المنزلية دون كلمة ٍ تشوه واقعها أكثر ، الابناء تحولوا عن الضجيج والعراك وصخب القهقهات الى هدوء ٍ مرعب يعبر عن خوفهم واعتراضهم على دور الاب الصامت عما يحدث .. غدى المنزل المتفجر بالحياة والحيوية الى بيت الارواح والاشباح ، أما هو .. ذاك المتربص للأتي من القدر واللحظة التي خانه ُ فيها ب .. الصبر .. 
حتى دق ناقوس ثورته ، ثار َ كثور هائج من صوت البائع ، سَل َ سكينا ً من درج المطبخ ، مهرولا ً للشارع وينهال على البائع بالطعنات فيرديه ِ قتيلا ً ، مع اصوات الصخب في الشارع ، خرجت الجارة اللدودة وبيدها عامود ممسحة البلاط ، لينقض عليها كالمجنون ضربا ً مبرحا ً حتى أغمى عليها .
قي هذه الاثناء ، كانت زوجته ُ والابناء ينظرون إليه بذهول كما بقية اهل الحي ، وقد ارتسمت إبتسامة ً على وجهه لم تعرف طريقها اليه ولاهله منذ شهور .. واقفاً أمام العبارة المنحوتة على جدار منزله 
( إنتبه الحياة خطيرة ، كن أخطر منها ) 
بعد التحقيق بالقضية وتناول الاسباب والمعطيات ، تم الافراج عنه وشمله ب مكرمة وقانون ( الدفاع عن النفس والشرف ) ..
( الناس دول ) 
تمت بعون الله 

لقاء شهاب زنكنة
٢٠٢٥/٦/١٦

مشاركات الأعضاء

الرؤية السّردية في رواية العودة للكاتبة : عبير عبد الجليل ، بقلم : د. وائل الصعيدي - محاضر اللغة العربية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية- الصين عضو اتحاد كتّاب مصر

الرؤية السّردية في رواية العودة للكاتبة عبير عبد الجليل د. وائل الصعيدي محاضر اللغة العربية بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية- الصين ...

المشاركات الشائعة