Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصير. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصة قصير. إظهار كافة الرسائل

السبت، 1 أبريل 2023

لفحتني نسائم الوادي، المحمّلة بما تردّده الجبال من صدى أصوات رفاقي وهم ينشدون:
(حنّي... حنّي يا كمشة التراب
عصدر البطل إلّلي مفارق الحباب
أمّي يا أمّي قومي طلعي ع الباب
وودعي آدم زينة الشباب)
جلست على صخرة أشيّع قريتي، التي اقتلعت منها للتّو، وأتأمل بيوتها الغارقة في وادي البؤس، المتكئة على ويلاتها، راح نظري يسبح بأسى على الدرب المتعرجة، التي انتهيت منها قبل قليل.
استقرّ نظري على بيتنا المغلق، بدا من علٍ كأنه حبّة عدس، أبخرة المصنع تشوش الرؤية، تغطّي البيدر بكامله. رحت أستذكر أمي، علّي أشفى تماما من الذكريات. صوتها في أذني يوخز الوجع في قلبي.
قالت لي قبيل رحيلها:
(هم لا يغنون لك يا بني، بل لآدم الأسطورة.
عندما خلع آدم سترته أشاح بنظره عن عرييّ، فارتديتها بلهفة، وكادت أن تغطيني حتى الكاحل كان الملثم قد نال من ثيابي ومن كتفي بأنيابه البغيضة فتبقعت السترة بدمي، وكان سلاحي الوحيد أمام رقة جسدي هو صراخ يهزّ الجبال من حولي أغاثني آدم دون أن أصرخ باسمه، سمعني لقرب مسكنه إلى أرض البيدر، فهرع إليّ قبل أن يمزّقني ذلك الوحش، لم يتطلب الأمر من آدم سوى أصابع كالكلّاب قوية تمسكه برقبته وترميه كقطعة خشب مهترئة، ثم يعاجل رأسه بالرفش.
آنذاه كانت قريتنا تفتقد للسلاح لا تجد فيها لبندقية واحدة، كل هذا والقرية غافلة عما حدث إلى أن لملمني آدم بعطف لا مثيل له وحملني إلى مشارف القرية.
كانت رائحته مزيجا من أشجار الغار سنابل القمح، والتراب المشمّس
حدث ذلك بعد وصول السيد الغريب إلى قريتنا بعدة أيام؛ يتنقل من بيت لبيت؛ يلمّ الحكايات ومن ضمنها اسطورة آدم حارس البيدر.
غادر الغريب لفترة سارقا حكايانا؛ ليرسم مصائرنا فيها. كان آدم يحمل الشمس في ظهره يعمل طوال النهار، ويحرس البيدر طوال الليل، فغلالنا مكشوفة للسماء.
لا يحتاجه أحد في القرية إلا ويجده. ينقل الحطب وأكياس القمح، يحمل الجرار عن فتيات القرية، (يركش) الحواكير الصغيرة، يحل محل البغال أحيانا في جرّ درّاسة القمح، بنيته الضخمة ونشاطه جعلنا نعتقد بأنه لا يتعب، يعمل بصمت وبالمجان، لكن ما كان يناله من تقدير واهتمام أثمن من أجره بكثير، فكل امرأة عائدة بخبزها عن التنور لابد أن تقصد دار آدم الطيني المشرع بابه، وكل سلة عنب وتين لابد أن تكون طافحة بحصة آدم، كل جرة حليب ولبن لا بد أن تصل بيته قبل أصحابها.
كنت أشعر بشغفه بي، وكان هذا يرضيني، ويشعرني بالأمان فآدم يحمل كلّ الأعباء عني، وكثيرا ما جمعت الحطب فأعجز عن حمله، ليُظهر ساعديه المفتولين دون موعد، يهديني ابتسامة ملؤها الحنان، من وجه شديد السمرة قاس عصي على السنين.
كان آدم في آخر النهار يستحمّ بماء النبع، ويعود لبيته، ولا يستجيب بعدها لأحد، الليل ملكه، يغني مواويله، وتنام القرية بأمان على أصداء صوته.
لم نفكر يوما بوالدي آدم، فهو هكذا، كطبيعة قريتنا، وجد فقط دون مبررات وحيداً بعيداً نائياً
ذات فجر عاصف، استيقظ أهل القرية على نباح كلابها، قادتهم إلى جثة آدم الضخمة، الممددة على البيدر بدون رأس.
عاشت القرية حداداً طويل الأمد، واقتصرت أفراحها على مواويل حزينة.
منذ ذلك الوقت، وأرض البيدر تنهشها الشائعات، كما فعلت بي، حملّوني وزر ما حصل، دون أن يفكروا بما يفعله السيد الغريب، ورجله الملثّم لطالما قلت لهم بأن الغريب عينه على البيدر، لم يصدقونني،

فبتنا نخاف الذهاب إلى البيدر، وانقطع القمح عن حقولنا، ماتت أفراحنا، وأغنيات الحصاد، حتى عندما تزوجت من أبيك لم

يقيموا لي عرسا، وكم كانت فرحتي كبيرة عندما رزقت بك واقترح والدك اسم آدم.
وها هي اللعنة، تحلّ من جديد بعودة السيد الغريب، لم يجرؤ أحد على سؤاله عن اسمه، تمدد حضوره في القرية، وطغى بماله، أقام حظيرة للأبقار بعد أن اشترى كل أبقار القرية، باعنا الحليب، وباعنا طحيناً أبيض، فبتنا نخبز من طحين الغريب، وها نحن المسنون نموت ببطء، من جراء تسمم ماء النبع؛ لذلك كنت أجمع لك ماء المطر، مع أنهم قالوا لنا إن السمّ لا يميت الشباب، بل يمرضهم، ويتعافون ما داموا ينعمون بالنسيان.
علمت الآن يا ولدي لِمَ أوصيك بالهروب، فأنت موسوم باسم آدم، والآن ملاحق بأسطورته ...
سرحت أمّي بعينيها، صوب أرض البيدر الفاقدة ملامحها، والتي كانت تضم رفات آدم، تهمس بصوت واهن:
حنّي... حنّي يا (كمشة) التراب بخطواتي المبللة، غادرت صخرتي، وأدرت ظهري للقرية، متابعا هروبي... والموال يحاصرني، أركض نحو سرابي النقي من تلوث قريتي؛ لأجدني في حضن أكثر اتساخاً، فرحت أسأل آن صحوتي عن أخبار الموت في الوادي، أجمع المعلومات علّني أصيح من جديد بمواويل آدم.
من فوق صخرتي الشاهدة، رأيت شاحنات الأسلحة المصنّعة في بيدرنا وهي تتلوى على الدروب، وعلمت أن السيد الغريب قد حرّم عليهم الغناء، وألبسهم ثيابا من سكوت، جعلتهم ينتظرون عند كل غروب ذيفاناً يشلّ حناجرهم، ذيفاناً مستخَلصاً من عرقهم المهدور في معمله...).
5/4/2020







 






 


لم يجدوا شبهة جنائية واحدة ، فأغلقوا الملف ، وصرحوا بدفن الجثة ، ذلك أن اسمها كان في كشف الركاب على العبارة شمس الأصيل ، كما أكد أحد الركاب أنها كانت معه على سطح العبارة قبل لحظات من اصطدامها بالشعاب المرجانية . ولكن الذي حير الشرطة هو أن العبارة غرقت أمام ميناء سفاجا ، والمسافة بين سفاجا والغردقة تبلغ ستين كيلومتراً ، فكيف تحركت الجثة كل هذه المسافة؟!

إستجوبت الشرطة عشرات الركاب ، بل واستدعت كل من له دراية بشئون البحر ، وأخيراً لجأت إلى مدير معهد علوم البحار بالغردقة ، الذي أكد ما زاد من حيرتهم بقوله أن الجثة لا يمكنها أن تتحرك كل هذه المسافة إلا بفعل فاعل .

ولما سئل عن احتمال أن تتسبب الرياح أو التيارات البحرية في تحريك الجثة نفى ذلك بشدة ، وقال أن الرياح في البحر الأحمر تهب عادة من الشمال إلى الجنوب في حين أن الجثة تحركت من سفاجا إلى الغردقة أي تحركت من الجنوب إلى الشمال ، وهو ما ينفي مسئولية الرياح أو التيارات البحرية في ذلك .

سلمى عجوز قصيرة وضئيلة الحجم كأغلب نساء الرشندية ، ذات وجه أسمر مستطيل ، وعينين صغيرتين باهتتين ، وقد كنيت بالعرجاء لأن إحدى رجليها أقصر قليلاً من الأخرى .

لم تكن سلمى ترى أحداً يمر أمام عشتها إلا وتدعوه لتناول الشاي ، كان البعض يقبل دعوتها ، بينما يعتذر البعض الآخر ، لأنهم يدركون أن كرمها لا يقف أبداً عند تقديم الشاي ، إذ لا يخرج الضيف من بيتها إلا محملاً بهدية ، بضع بيضات من دجاجاتها ، أو كوز لبن من عنزتها ، وهي لا تعدم ذلك أبداً ، فإن عدمت اللبن لا تعدم البيض ، وإن عدمت كليهما لا تعدم التمر الناشف ، كما لا تعدم فسيخ البربوني الذي تحتفظ به دوما في برميل خشبي صغير .

وللبربوني قصة مع العرجاء ، فلوقت طويل جداً لم يكن لأسماك البربوني أي قيمة مقارنة بالأسماك الأخرى ، بل كان الشائع بين الرشندية وسكان الغردقة عموماً أن البربوني من أردأ الأسماك طعماً ، لذلك كان الرشـندية يبيعونه بأبخس الأثمان ، ولكن لا يدري أحد ما الذي دفع العرجاء إلى أن تجرب أن تصنع من البربوني فسيخاً ، إذ كان الشائع بين الرشندية أن التفسيخ لا يصلح إلا لأسماك البوري فقط ، ورغم ذلك استمرت العرجاء في تفسيخ البربوني بكميات أكبر قليلا ، تتناول بعضه وتهدي معظمه للجيران ، وسرعان ما اشتهرت بين الرشندية بأنها تضع مع البربونى خلطة سرية ، لا يعرفها أحد سواها .

تسامع تجار الفسيخ بما يشاع عن امتلاك العرجاء لخلطة سرية ، فزارها أحدهم وعرض أن تقوم بتفسيخ البربوني في مستودعه ، ولكن العرجاء رفضت عرض التاجر ، ولكن أمام إلحاحه قبلت أن يأتي التاجر بأسماكه وبراميله إلى عشتها ، وقد فهم التاجر من ذلك أنها تريد أن تحتفظ بخلطتها السحرية سراً ، فوافق ، ونفحها مبلغاً كبيراً من المال تبرعت بمعظمه لفقراء النجع .

لم يمض وقت طويل حتى تسامع الزبائن بفسيخ البربوني اللذيذ ، فتكالبوا على شرائه من التاجر ، وتمادى التاجر في جشعه فرفع أسعار البربوني ، وانتقلت العدوى إلى بقية التجار فرفعوا أسعاره بدورهم حتى فاقت أسعار البوري وجميع الأسماك الأخرى .

ورغم أن موسم البربوني يقتصر على ثلاثة أشهر من العام ، فإن العرجاء كانت تغنم في هذه الأشهر المعدودة ما يقيم أودها طوال العام .

وعندما أخبرت العرجاء أقاربها أنها قد عزمت على الحج ذلك العام ، تسابق أهل النجع كلهم إلى مساعدتها بما يعينها على السفر ، وتطوع أحدهم بصبغ واجهة عشتها بالجير الأبيض مجاناً ، بينما تطوع آخر برسم زخارف جميلة على الواجهة بمناسبة حجها المبرور .

وفي اليوم الموعود لعودة الحجاج اكتظ ميناء سفاجا بالمستقبلين ، ومن بينهم عدد كبير من رجال ونساء الرشندية ، متأهبين لاستقبالها بالبيارق وجريد النخل ، وكان على العبارة قبل أن تدلف إلى ميناء سفاجا أن تجتاز بحذر ممراً ضيقاً يعج بالشعاب والصخور المرجانية ، ولكن لأن الحذر لا يغني عن القدر ، فقد اصطدمت مقدمة العبارة بصخرة مرجانية صلدة خلفت فيها فجوة كبيرة اندفعت منها المياه إلى جوفها في عنف ، فطيرت العبارة رسائل الإستغاثة ، وهرعت قوارب خفر السواحل لإنقاذ الركاب .، وأمكن بالفعل إنقاذ عدد كبير منهم ، ولكن العرجاء كانت واحدة ممن ابتلعهم البحر ، واستمر البحث عن جثثهم أسبوعاً كاملاً دون جدوى .

وفي نفس اليوم الذي أعلن فيه قائد فريق الإنقاذ في سفاجا أن الجثث المفقودة وقعت غالباً فريسة لأسماك القرش الجائعة ، كان بعض صيادي الرشندية ينصبون كمائنهم في الغردقة لأسراب البربونى الزاحفة من الجنوب ، إذ تصادف أن اليوم يوافق بداية موسم البربوني ، وقد دهش الرشندية من أن الصيد في اليوم الأول كان وفيراً على غير المعتاد في بداية الموسم ، وضاعف من دهشتهم أن شباكهم المتخمة بالبربوني خرجت تحتضن جسداً بشرياً لم يجدوا صعوبة كبيرة في التعرف عليه ، وهي العرجاء بشحمها ولحمها وثيابها كاملة ، جثة طبيعية لا يبدو عليها أي أثر لبقائها في مياه البحر لأسبوع كامل .

سارع الرشندية بإبلاغ الشرطة ، التي عاينت الجثة ثم قبضت عليهم جميعاً ، واحتجزتهم طوال أسبوعين كاملين ، وكان السؤال الوحيد الذي تبحث الشرطة عن إجابة له هو : كيف وصلت الجثة من سفاجا إلى الغردقة ؟!

ولكن الشرطة لم تصل إلى شيء ، فاضطرت إلى إطلاق سراحهم ، وتبع ذلك أن صرحت النيابة بدفن الجثة ، ثم تناسى الرشندية الأمر برمته ، بعد أن هل موسم البربوني الجديد ، فانشغلوا بنصب الكمائن لأسرابه . ولكن في ذلك الموسم ، بل وفي كل المواسم التالية ، لاحظ الرشندية أن أسراب البربوني قد تضاءلت إلى حد كبير ، ورغم أن ذلك كان كفيلاً برفع أسعاره فإن ما حدث كان على النقيض تماما ، إذ أخذت أسعاره في الانخفاض تدريجيا ، خاصة بعد أن ردد البعض أن طعمه لم يعد لذيذاً ، بل عاد رديئا ، تماما كما كان أيام زمان ، قبل أن تأتي العرجاء بخلطتها السحرية .

١ - الرشندية : قبيلة عربية في البحر الأحمر يعمل أغلب أبنائها بالصيد .

٢ - البربوني : نوع من الأسماك يتواجد في البحر الأحمر .








 





 

الجمعة، 31 مارس 2023

رحلة حياة قصة قصيرة للكاتب الفلسطيني محمود عودة

 




رحلة حياة
قصة قصيرة
للكاتب الفلسطيني محمود عودة

ولد في فمه معلقة من ذهب، تمرغ في الترف بكل بذخ، اهتم والده بتجارته المزدهرة، وحرص على تكديس الأموال، والتوسع بتملك العقارات، ومع ذلك لم يبخل على ولده الوحيد مع أربع شقيقات، تركه يسرح ويمرح في مجونه بلا حسيب أو رقيب، كان يردد إنه طيش شباب، كان دائما يتذكر طيش مرحلة شبابه، ورغم ذلك حافظ على تجارة والده وما ورثه من عقارات بل ازدادت وتوسعت، لم يضغط عليه لإكمال تعليمه، بعد أن وصل المرحلة الثانوية ولم يتمكن من تخطيها، لم يعر كلام والدته المتكرر أذنًا صاغية، أثر فشله الدراسي، دعه يعمل معك ويكون ساعدك الأيمن بدلا من ابو شعيب مساعدك الجشع، كان في لحظات صفاء مع زوجته وشقيقاته ونادراً ما يتواجد تامر في هذه الجلسات العائلية الدافئة، يشكو كثرة طلبات أبو شعيب وشكاواه المستمر من ضنك العيش، وكلما غدق عليه أبو تامر تمادى في الشكوى والطلبات، وقال لزوجته وبناته وبحضور تامر، أنه مطيع وينفذ كل طلباتي بإحلاص، لذا أتحمل تصرفاته الجشعة، طلما أنها تتم بعلمي،أو هكذا يبدو، إثر زواج بناتها الأربع، خيم ضباب الوحدة والملل في البيت الكبير،لأول تشعر بأنها في سجن انفرادي، اقترحت زواج تامر، لعله بالزواج يهدأ ويبتعد عن المجون وأصدقاء السوء، وأجد ونيس وحدتي.. التزم تامر إثر زواجه ببيته وزوجته أشهر قليلة ثم عاد إلى مجونه، كان حظه جيداً، رزقه الله زوجة صالحة متدينة ترفض الشكوى لغير الله وتصبر وتحتسب اخلاصها عند الله وهي على ثقة بأن الله لن يتركها في ضيم، انجبت الوالد الأول الذي أدخل على الأسرة البهجة والفرح وأنست الجميع مجون ولدهم تامرواستهتاره بقيم الحياة، ولم يترك اصدقاء السوء الذين يمرحون معه ويصولون ويجولون في كل الفواحش، وكيف لا وهو لا يكلفهم فلساً واحداً ... فجأة سقط أبو تامر صريع المرض ولم يمهله طويلاً.. وجد تامر نفسه أمام الهم الأكبر، كيف يحافظ على وصية والده وهو على فراش المرض وفي النزع الأخير من حياته والتي شاءت الأقدار أن يزوره للمرة الأولى وبعد الحاح شديد من والدته وزوجته، أن تحافظ على اسمي التجاري وتصون أملاكك ولم تحرم أخواتك من الميراث، نطق الوصية مع بكاء وعويل وولولة زوجته وبناته وتامر يقف شارد الذهن ويستمع بلا إحساس ولا تفكير، فقد تحجر قلبه وتجمدت مشاعره. وقف تامر أمام جشع أبو شعيب الخبير بكل صغيرة وكبيرة في تجارة والده، عاجزاً يعض أصابع الندم ، ويثور ويحتد وهو يستمع إلى المساعد وهو يفند ديون تجارة والده، وفي النهاية سقطت كل تجارة والده غريقة في بحر الطمع والجشع، والسلب ولم يجد منفذ إلا الاستسلام بالأمر الواقع. استفاق من غفلته، شعر بخطر استمراره في المجون والعربدة فربما في لحظة يجد نفسه متسولا ليطعم زوجته واولاده ومعهم والدته التي لم تضن عليه بشيء من العطف والمال حتى من وراء والده، رغم عدم رضاها، ومع تهكم وتحقير أبو شعيب له فقد تجرأ وطلب مشاركته في تجارة والده وبعض العقارات التي اشتراها والده حديثاً صرخ في وجهه وشاط غضباً وطرده قائلاً لا أريد أن أرى وجهك، ولأول مرة في حياته يتنغم بعبارة تدين حسبي الله ونعم الوكيل، واتخذ قراره . باع جزء من العقار الذي ورثه من والده وانهمك في إحياء تجارة والده وأمام عينه التاجر المنافس أبو شعيب الذي برز اسمه وتجارته في السوق، قررالانتقام بإعادته إلى وضعه السابق وشطب أسمه في السوق، اتخذ خطة مرسومة بعناية معتمداً على نفسه وشقيته التي أنهت تعليمها وأصبحت خبيرة اقتصادية، كلما استورد المنافسة بضاعة أشترها بالكامل عن طريق عملائه وقام بتخزينها في مخازنه، انبهر أبو شعيب فرحا وسروراً وتماد في الاستيراد، حتى وصل إلى أن يضع كل أمواله في آخر صفقة مستورة، وعلم تامر بذلك، فقام بضربته القاضية عرض البضاعة المخزونة بنصف الثمن، ونجحت الخطة وسقط الجشع في الديون ولجأ إلى خناقه يستعطفه ويرجوه الآستدانة بحكم العشرة وتماهى في الاستجداء برحمة أبو تام، ابتسم تامر لذكره العشرة ووالده، رفض بقوة.. قرر بعد انتهاء معاناته وحربه الشرسة مع أبو شعيب، قرر السفر بحجة الاستجمام وترك تجارته لشقيقته.. وفي قرارة نفسه الهجرة إلى بلد أوربي، ليبدأ من هناك حياة بعيدة عن الجشع، سبرت والدته وروجته غور افكاره، لم يصغ لاستجدائهما ولا بكاء زوجته ونحيبها وهي تستدر عطفه أن يعدل عن رأيه، ولا نواح شقيفاته، صرخ فيهن بقوة، ما بكن يا أنا ذاهب للاسترخاء والاستجمام والفسحة بعد معاناتي مع سارق أموالنا. بناء على نصيحة أحد أصدقائه غادر إلى تركيا حيث صديق الطفولة وبعض المجون، كانت المدينة جميلة جلس في بلكونة الفندق وسرح ببصره في لجة البحر الزرقاء، يراقب أمواجه المتلاحقة، تذكروصية والده، وزوجته وأولاده وهو يلعبون ويتصارعون مع نهاية امواج البحر في بلده، وإيمان زوجته ومناجاتها في الليل، بصمت دون شكوى، وتوسلات شقيقاته ووالدته، سقطت قطرات دمع من مقلتيه وهو يتذكر دموع والدته وشقيقاته، وزوجته التي وقفت صامته بلا حرك وكأنها على ثقة بأنه زوجها سيعود . هتف لن أخذل أبي في قبره وكفاني خذلانه في حياته، ذهل صديقه وهو يستمع صدى صوته يجلل لو أخذل أبي في قبره .. لن اتنكر لوصيته، لا وألف لا!!!!!!!!!!!!! وقف مع زوجته وأولاده الثلاثة في شقته الجديدة المطلة على البحر يمتع نظره بلجة البحر القرمزية وكأنه يراها لأول مرة ، وهي ترسل بعض أشعتها الأرجوانية لتعانق السماء، تودع نهار يوم يوشك على الانتهاء مستسلماً لستائر الليل البهيمة، رن جرس هاتفه الجوال تفاجأ بمكالمة خارجية من تركيا، تعزيه بوفاة صديقه إثر الزلزال المدمر الذي أصاب البلد، سأل عن أسرته، جاء الجواب لم تكن موجودة، لإنها في زيارة هي وأولادها لأهلها في بلدكم .

انتهت

محمود عودة

15-3-2023

 


ديوان شعر جديد

صادر عن دار وعد  للنشر والتوزيع

للشاعرة  تسنيم زهير بعنوان “رنين الخيل”

 الكاتب والشاعر الجميلي أحمد، عضو مجلس إدارة إتحاد كُتّاب مصر، ورئيس مجلس إدارة موقع أوبرا مصر الإخباري، ومؤسسة برادايس للثقافة والإعلام والفنون ، ومدير دار وعد للنشر والتوزيع، يتقدم بخالص التهنئة للشاعرة  تسنيم زهير بديوانها “رنين الخيل” والمنتظر صدوره قريباً إن شاء الله عن دار وعد للنشر والتوزيع.

عروض النشر
من دار وعد للنشر والتوزيع
نقدم الجديد في مجال سوق الكتاب
للشعراء، وكتّاب السرد، للنقاد والباحثين، للهواة والمحترفين، لكل من يمارس الكتابة:
تقدم دار وعد للنشر والتوزيع خدماتها، ليس فقط في مجال النشر والتوزيع، ولكن أيضًا في مجال المساعدة في تنقيح الكتب وتنسيقها ومراجعتها، وذلك في حالة التعاقد للنشر في الدار، مع الحصول على كل هذه المميزات في حالة النشر بالدار وذلك كالتالي:
1- حصول المتعاقد على عدد خمس فيديوهات مصورة فيديو للمتعاقد يلقي قصائده، أو يقرأ قصصه، أو مقاطع من روايته، بأحدث تكنولوجيا التصوير والمونتاج
2- إنشاء موقع إلكتروني باسم المتعاقد على منصة "بلوجر"، أو على منصة "وورد برس"
3- مشاركة الدار بمطبوعاتها لنيل جوائز الدولة إذا كان العمل مطابقا للشروط
4- تعمل الدار علي تسويق كتّابها وأسمائهم من خلال مجموعة من كبار النقاد للكتابة عنهم.
5- تتولي الدار التقديم لجائزة البوكر، نيابةً عن الروائي.
6- تشارك الدار بمطبوعاتها في الجوائز المحلية، مثل جائزة ساويرس، وجائزة مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، وغيرهما من المسابقات.
7- تقيم الدار حفلات توقيع لإصداراتها
8- تقيم الدار ندوات مناقشة لإصدارتها في أكبر الدوائر الثقافية
9- مشاركة الكتاب في كبرى مكتبات العرض في مصر والوطن العربي
كما تقدّم الدار الخدمات التالية، سواءً أكان التعاقد للنشر معها أم مع غيرها
1- خدمة التدقيق اللغوي
2- التنسيق والإخراج الفني للداخلي
3- تصميم الأغلفة
التواصل واتس علي رقم 01000026326
مع تمنيات دار وعد بالتوفيق للجميع


 


مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة