Translate

الثلاثاء، 11 يناير 2022

فنجان قهوة د. إبراهيم مصري النهر أخصائي الأمراض الصدرية مستشفى الصدر بدمنهور- مصر


 فنجان قهوة

في صباح يوم الجمعة لليلة باردة وممطرة؛ استيقظت على غير العادة مبكرا لأجد زوجتي قد وضعت على خزينة الأحذية التي بجوار السرير ورقة مكتوبا عليها (أنا نزلت عندي حالة ولادة)
فهي تعمل طبيبة نساء وتوليد.
قلت في نفسي: لا بأس، فرصة والبنات ما زالت نائمات أحتسي كوبا من القهوة وأمارس هوايتي المفضلة القراءة و الكتابة.
دخلت المطبخ ذلك المكان الذي لم أدخله منذ سنوات، فبحكم عملي طبيب؛ أدخل البيت متأخرا وأغادره مبكرا، المكانان اللذان أرتادهما في البيت السرير والحمام، حتى أخبار بناتي أعرفها من زوجتي من خلال مكالمات مبتسرة عبر الهاتف الجوال.. بدأت أستكشف أثاث المطبخ؛ حسنا، ها هو الموقد (البوتاجاز)، وبعد التفتيش والتنقيب تم العثور على الكنكة وفنجان القهوة أسفل غراسة الأطباق، وبالصدفة وجدت السكرية وعلبة وملعقة البن، بقي أهم شيء؛ الولاعة، وظل البحث عنها جارٍ لفترة طويلة لكن دون جدوى، بدأت علامات الحنق تعتري ملامحي، وشرعت أزمجر بعبارات الغضب وخصوصا بعدما طلبتها على الجوال أكثر من مرة لأسألها عن مكان الولاعة وكان في كل مرة جوالها غير متاح، تنهدت، بلعت ريقي، عاودت البحث مرة أخرى عن الولاعة أو أي عود ثقاب في أدراج المطبخ، باءت كل محاولاتي بالفشل..
فنجان القهوة فارغ أمامي ورأسي أكثر فراغا، ماذا عليَّ أن أفعل؟ اليوم الجمعة والوقت مبكرا ومعظم محلات البقالة مغلقة، ناهيك عن الجو البارد جدا، لكن ما العمل؟ حاولت التملص من رغبتي في رشف فنجان من القهوة، لكني لم أقاوم، لم أستطع احتمالا، ارتديت معطفي الثقيل ونزلت إلى الشارع حيت الرعد الذي يصم الآذان والبرق الذي يخطف الأبصار وزخات المطر المتوالية التي ملأت الشارع ببرك المياه، قطعت الشارع الخالي من المارة في هذا الزمهرير ذهابا وإيابا على أمل أن أجد ضالتي ولكن خاب مسعاي، وبينما أنا كذلك سمعت صوت باب جر، نظرت فإذ ببقال يفتح محله، تهللت أسارير وجهي وأسرعت الخطى نحوه.....
دق هاتفي؛ زوجتي، لا داعي للرد عليها، سأرد عليها ردا يغضبها.. أعادت الدق ثانية، فتحت عليها.
-جاءتني رسالة إنك طلبتني.
-أين الولاعة؟
-الموقد إشعال ذاتي.
د. إبراهيم مصري النهر
أخصائي الأمراض الصدرية مستشفى الصدر بدمنهور- مصر

رفاق الطابة قصة قصيرة الكاتبة تركية لوصيف /الجزائر


 

رفاق الطابة
قصة قصيرة
الكاتبة تركية لوصيف /الجزائر
نشرت الغسيل ،وأطلت من سور بيتها المهترىء ،عندما أحست عودة الهدوء للحى واختفى صخب الصغار الحفاة وهم يجرون خلف الطابة
..انزعجت قليلا ،فالهدوء فى مثل هذا الحى المتراصة أكواخه لا ينبئء بالخير أبدا ،هكذا كانت تردد فى داخلها
يجب أن تسرع لتطل من شق الباب الذى حوى من المسامير مافاق الخشب البالى ،تضع وشاحها على رأسها وتمشى خطوات مبعثرة وتدور بمكانها حتى ترى جمعا فى الهجير يلعبون لعبة الكوتشينة ولم ينتبهوا لوجود الصغار ..
سيقانها النحيفة لم يعد مايكسوها إلا الجلد لتقدم قراءة لحياة هؤلاء جميعا ..
تراءت لها شاحنات والغبار يعم المكان ويظهر أنها لمقاول سيشيد مبانى جديدة ..كانت تسأل عن صغيرها وتنادى حتى هرع لأمه تاركا الصحن ..ضمته وقبلته ثم انهالت عليه ضربا وكان يعانقها باكيا معتذرا ..
كان صاحب العمل يرى حنان الأم وعناق صغيرها ،اقترب وقدم اعتذاره وهو يحمل كيسا به طعام..
قال سمير كان ضيفى وأخبرنى أنه يتيم الأب وأنه يريد شراء طابة وقال...
لم تدعه المرأة يكمل حديثه ،قالت لم يخبرنى بحاجته لطابة أبدا ..ولن اسمح لك بالخروج مطلقا ،سأحبسك فى البيت وتلاعب جروك ..ورفضت أخذ الكيس منه فوضعه بيد الصغير..
جاء سمير لهذا المكان لانه اراد مسك مقود الشاحنة وفعل ،كانت امنيته وحققتها له على أن يحقق لى ماتمنيته..
لم تطل المرأة البقاء وشكت فى تلك الأمنية !!
كانت تتلذذ الطعام وتنصح الصغير وهى تحكم قبضتها على أذنه بعدم الإبتعاد ،فالمكان خطير ،ماذا لو دهسته الشاحنة!!
كان الطفل يسرد مادار بينه وبين المقاول من كلام ،أخبرها أن الجرافة ستزيل الأكواخ و سيعوضنا المقاول ببيت صغير وقال علينا الرحيل باكرا من هذا الحى وعلينا إخبارهم بالعودة لبيت جدتى ..
كان فخورا بالحديث عن صديقه الجديد ..
عيونها الغائرتان احتجزت الدموع كما لو كانت بركة راكدة والتفتت لسمير وهو نائم يحتضنها ..
ربما سمير ثرثر كثيرا مع المقاول لأجل ماوجده فى الصحن ،الضيافة وراءها تهجير للفقراء وقتلهم تحت الردم إن رفضوا التهجير وإن قبلت البيت الجديد ،سأقبل كل ما يأت به المقاول ولكن سأقبل لأجل انتشال ابنى من وكر الإجرام ..
طرق على الباب والمنادى الطفل سمير الذى كان يلاعب جروه ،قالت نسيبة من ؟
قال أنا من قبل المقاول
فتحت ونظرت يمينا وشمالا ودعته للدخول للردهة ..
سيدتى ،اجمعى اغراضك وسأحملها للشاحنة وستدخلان بيتا جديدا هذه الليلة
الرحيل عن الحى وعن رفاق الطابة ،كان سمير يلوح بيده للرفاق الذين انهكهم الجرى وراء الطابة ،بدوا كما لو انهم يحسدون سميرا على الرحيل بكرامة تسمروا بالمكان !!
كان سمير محقا بما أخبرها ،بيت جميل فى حى نظيف ..
المقود تديره يدان قويتان ،بدا كالوحش او هكذا كان المقاول يتمنى رؤيته ..وحش يقود الجرافة ويقتحم المكان فيزيل الاكواخ ..
الفقراء فى دهشة من العائد ورفاق الطابة يعرفونه جيدا ويعرفون سر
الجرافة التى مسحت ألوان الفقر عنه وعن والدته ،صاح فيهم وقال :
عودوا لبيوتكم وأهاليكم والأرض لها مالكها وأنا أنفذ الأمر ..
كان المقاول مزهوا بسمير ،جعله نسخة منه ..لم يطب له الطعام تلك الليلة واخبر والدته انه اقتحم الحى وراى رفاق الطابة واحترموه ..
لم أهدم كوخا يا أمى ولا أريد ،فردت هى لتخبره عن الأمنية تلك..قالت أن سعد المقاول سعى لتعليمك ومحو اميتك كما لم يتمنى أن تصبح مدرسا أو طبيبا ،بل صاحب عمل تقود الجرافة وتكون
سنده فهو لم يرزق الطفل الذى تمنى كما نبهنى قائلا:
لاتقفى عقبة أمام سمير ..
استسلمت لرغبته لا لأمره وشكرته فأظهر احترامه لى فهو يريدك ..
عشت فى الغبار يا أمى الذى تخلفه الشاحنات وهاقد اشتد عودى واكتسبت طباعه وعرفت عند رجال الأعمال اننى ولدالمقاول بل ومن صلبه..
تهجير الفقراء وهدم الأكواخ وصراخ الأمهات وقهر الآباء صورة لم ارها ولكن توقعتها..
لحظة إبعادنا عن الحى ..
،الآن تدك الأكواخ يا امى ورفاق الطابة صدورهم عارية تجابه الجرافة..
رمى بالصحن وبكا ،نظرات رفاقى لى قاتلة اقوى من الجرافة ،مساحات استولى عليها صاحب العمل من الفقراء..
ينتزع حقوقهم بالجرافة وأرادنى الأداة الفاعلة ..
طرق على الباب وتفتح العجوز لتجد صاحب العمل يستجدى بسمير..
ولدى أنا بحاجتك أكثر من أى وقت مضى .
ورفاقى بحاجتى أيضا..
وسأدافع عن عائلاتهم ..
جلبة كبيرة ،شريط يمر امام عينيه الشيوخ والعجائز والأطفال والجراء ورفاق الطابة صدورهم عارية تجابه لحظة تحرك الجرافة .
إنها تتحرك وتتقدم ،لحظات حبست فيها الأنفاس.. وسعدت أنفاس اخرى ..كان سمير فى لحظاته الأخيرة إما يزيل الأكواخ او تزال روحه برصاصة طائشة
كانت الجرافة تتقدم فتقدم الرفاق،العجوز كما لو رمت بسمير لقدر مجهول ،كانت صامتة وكانت تختبر رجولة ولدها ،يرفع شأنها او يحطه وساعتها تترك جسده للكلاب الضالة ..
اوقف صوت المحرك واوقفت معه أنفاسه برصاصة طائشة..

هودج إسماعيل خلف/مصر

 هودج

في يوم شتوي _من أيام عام ١٩٦٠م،عزم ياسين علي الرحيل من قريته٠٠ القابعة في غياهب الصعيد، ضاق به حال المعيشة، وترنحت أمامه الهموم، كراقصة باليه بحيرة البجع.
الأب والأم تقدم بهما العمر، وليس لهما عائل غيره، فتوسلا إليه ألا يرحل ويتركهما، كشجرة بلا أوراق، ولكنه مصمم علي الذهاب، أمه: ارجع يا ياسين......
أبوه: إن كان لابد _ كن قويا كالسنين .
-رحل ياسين وأفل عن القرية كشمس في وقت الغروب .
وفي طريق السفر، وجد عرسا يملأ الطريق، طبل وزمر، وأناسا مترجلين، ودوابا، الطريق غير معبد، والأتربة متصاعدة، كتصاعد بخار من إناء يغلي علي موقد.
لفت نظره موكب العروسة، محلاة ببياض العرس، داخل هودج، علي عاتق بعير، يتمايل بها كأنه يرقصها رقصا، حدثه خاطره قائلا: هذا فأل خير، وفجأة تذكر أباه وأمه، فداهمه الحزن، معاتبا نفسه :كيف أتركهم لوحدهم؟، بعد أن قدما لي كل شيء ، لابد من العودة ولنا مع الرحيل موعد .
إسماعيل خلف/مصر

القصيدة الأخيرة بقلم / عبده مرقص عبد الملاك




 القصيدة الأخيرة

بقلم الأستاذ الأديب الشاعر/ عبده مرقص عبد الملاك
كانت تغسل الأطباق بعد العشاء
هو كان يشاهد برنامجاً في التلفزيون
بعد أن تناول الشاي و دخن سيجارة
أمسك ورقة و قلماً و كتب عدة سطور
بعد ذلك إتجه الي السرير لينام
تمدد في السرير و تغطي بالبطانية
بعد عدة ثوان
نادي عليها
أسرعت اليه متسائلة
إبتسم و طلب منها قبلة
ضحكت ,و لم يبد عليها الدهشة
حيث إنها تعودت علي شغفه بها
قبلته قبلة طويلة
إبتسم لها و هو ممسك بيدها
ثم سحب البطانية علي وجهه
و نام
إتجهت الي الصالة حيث كان جالساً
و قرأت ما كتبه
جرت الي السرير
سحبت البطانية من علي وجهه
و جدت إبتسامة عريضة علي و جهه
و لكنه
مات
لقد كان ما كتبه
قصيدة
الوداع
عبده مرقص عبد الملاك

عصفورٌ🐦.... وحُلمٌ ★ بقلم / عبير محمد علي - مصر

 




عصفورٌ🐦.... وحُلمٌ ★
بهَويدِ الليلِ وحفيف صفحات الذكريات
كانت نائمةً وتعلو شفتيها ابتسامة
رقيقة ، وهي غارقة في حلمٍ جميلٍ ، ترىٰ عصفورَها محلقًا وسابحًا ، وزرقة السماءِ الصافيةِ ،
وقبل أن يطير بحريةٍ كان حبيسًا في قفصٍ ذهبي ،
شعُرَتْ بآلامِه ، يُكبِل جناحيّه جنباتُ القفصِ ،
فأطلقَتْ سراحَه علىٰ أملِ أن يُحلقَ بعيدًا ويستمتع بحريته ، وقالت محدثةً نفسها إن كان مُقدرًا لها سيعود دون عَناءٍ وإن لم يَعُد فذاك حظه ،
فحلّقَ بعيــدًا ، كأنّ روحَها تُسْحَب منها ، وكلما حلق عُصفورُها بعيدًا كانت تنطفئُ رويدًا رويدًا ،
ويختفي بصيصُ الأملِ الذي كان يُحييها ، واستمرَ حُلمُها ، إلىٰ أنْ لامسَ طائرُها إحدىٰ الغيماتِ بجناحِه ، فاهتزتْ وتساقطَت من جُعبتِها حباتُ مطرٍ ، تُلامسُ كلّ شئٍ ماتت فيه الحياةُ ،
فينبضُ وتينُهم واحدًا تِلوّ الآخر ، حتى وصلَ لوجهِها ، فانتبهتْ واستيقظتْ من غفلتِها ، وكأن حباتِ المطر أرادتْ أن تُوقظها لتسمعَ رناتِ هاتفِها ، وتُحملقُ بدهشةٍ ، وجدت أحبَ الأسماءِ إلى حنايا قلبِها هو المتصلُ ،
فأخذتْ نفسًا عميقًا ، ليملأَ صدرَها اطمئنانًا واستعدادًا لتستقبلَ أعذبَ الأصواتِ على مسامعِها ، فقد ظنّت أنها لم تعد تسمعُ صوتَ حبِه ينبضُ بأعماقِها ثانيةً ، أو قد ماتت بمحرابِ عينيه تراتيلُها ، ولن تُصلي بمحرابِ عينيه ، وكأن حنانَ صوتِه ممحاةٌ تمحو ذنوبَ البُعدِ والجفاءِ إلى زوالٍ وبلا عودةٍ ،
ها هي وقد احتضنت أنفاسَها براحةٍ غمرت شِغافَ قلبِها ، وأجابتْ في فرحةٍ عارمةٍ تملأُ تجاويفَ قلبِها ،
قائلةً : كيف حالُك يا كلَ حالي؟ ، فرَد عليها : أُحبُكِ واشتقتُ لكِ وتاقَ قلبي لرؤياكِ ألا يشتاقني قلبك أم راق لكِ بُعدي؟؟
ردت في صمتٍ : بل بُعدَك هو منتهىٰ الألمِ ، فقد عاشَ قلبي أيامًا في ألمٍ و لوعةٍ ، ضاقتْ عليه دُنياه واختنقتْ أنفاسُه ، وكانت روحي زاهقةً ، وجسدي يَحْيا ويتنفسُ بلا روحٍ ،
لقد اشتاقَكَ قلبي وأفتقدُك حقًا ،
وانتظَرَتْ منه إجابةً علىٰ حديثِها الصامتِ ،
لكن دون جدوىٰ ، فقد رفرفَ طائرُها بجناحيه ، لينثُرَ على وجنتيها قطراتٍ من المطرِ ، لتستفق من حُلمِها الجميلِ ، ناظرةً إلى قفصِ عُصفورِها الذهبي ، إذ بها تقف في ذهولٍ وهي تُحملقُ بأحداقِها ، حيثُ وجدتِ العصفورَ يقفُ على إحدىٰ جوانبِ القفصِ مغردًا بصوتِه العَذْبِ ، ولم يخرجْ منه أبدًا ،
ُفاغرورقتْ عيناها تملؤها الدموع ،
وتفقدتْ هاتفَها لتجدَ أنه كان مجرد حُلمٍ داخلَ حُلمٍ منذ البدايةِ .......
استلقت مرة أخرىٰ وكانت تعلو نفس الابتسامةِ الرقيقةِ شفتيهَا ، وتحلق في سماءِ قلبِها طيورُ الذكرياتِ والتمني....
(أحيانًا نؤمنُ بأحلامِنا كثيرًا ، حتي تتحققَ ونراها نُصبَ أعيُنِنا واقعًا ملموسًا ، فقط علينا ألا نيأس ونبقىٰ على ثقةٍ أن في الغيبِ شيئًا جميلاً يستحقُ الانتظارَ 🤚👌😍)
بقلمي🖋️:
عبير محمد علي 🤍
مصر 🇪🇬

(جولَةٌ في غُرفةِ المفقودة) خالد الرقب _الأردن

(جولَةٌ في غُرفةِ المفقودة)
بحذرٍ شديد يتوجهُ فريقُ العملِ نحوَ مكانِ تصويرِ المشهَدبالكادِ فُتِحَ الباب، الغُرفةُ ظلامها دامس، يتسلّلُ إليها شُعاعٌ خافتٌ من نّافذةٍ موصَدة على متنِها قطةٌ لم تصحُ منذُ سنوات عجاف و قفصٌ خالٍ من القوتِ و الماء كانَ قبرًا لعصفوريّن بعدَ أنْ كانَ ملاذًا لهُما سابِقًا
تعلو هذهِ النافذة التي توقفت بها الحياة طبقةٌ من الغبارِ الكَثيف و تقعُ إلى الزاوية اليُسرى من السّريرِ الذي ترتَمي عندَ وسادَتهِ المّمزقة بعضٌ من الدّمى، تنظرُ إلى ملامحها المُخاطَة فترى فمَها مُقوّسٌ للأسفل و العيونُ تحدّقُ بشكلٍ يجعلُكَ تشفقُ عليها، وجّهوا الكاميرا إلى وسطِ السرير فوجدوا دُميةً مبتورةُ اليَد ، حدثَت هذهِ الواقعة التي شغلت الوالديْن، عندما كانت تتشاجرُ المُتوفاة مع أختها و أرادت أنْ تنتقمَ منها فقصّت يدَ الدّمية المفضلة لديها بتربصٍ و هربت على أطرافِ أصابعِ قدميها الصغيرتيْن ، شعرُها مسدولٌ على جسدِها المحشوّ بالقُطن ينعى من كانَ يسرّحه، تشعرُ لوهلة أنّ هذهِ القماشة المحشوّة تبكي و تتحسّر و تشتاقْ! و كأنها روحٌ بشرية، و عينيها المثبتينِ بزرينِ ملوّنين يستولي عليهما الكِدّ و الذبول!
إنّ القصة القصيرة التي رواها سكّانُ السرير ذي السلّم المكسور كفيلة بصُنع حفلةَ بكاءٍ لدى الجمهور المُتابع لهذا الفيلم الذي شهدَ إقبالًا على عكس غيرهِ من المشاهِد.
لا علينا فقصصٌ أخرى مبهمةٌ ستوضحها الكاميرا بعدَ لحظةٍ من الآن.
تحرّكَت النّافذة قليلًا و أصدرت صوتًا إثرَ ريحٍ خفيفة داعبَت زجاجهُ المهشّم،كانت هذا الصوت، السيمفونية الحزينة للحلَقة.
توجّهنا إلى المكتب أو بقايا المكتب إن صحّ التعبير، فوجدنا أوراقٌ متناثرةٌ بالأرجاء و كتبٌ مفتوحةٌ على مصرَعِيها و رواياتٌ أوقفَ أحداثها فواصلٌ مُتآكلة.
كوبٌ من الشايٌ صنعَ العنكبوتُ لهُ شبكةً في جوفه و بسكويتٌ مُحلى لم يبقَ منه غيرَ فتات، أقلامٌ انتهى حبرُها و ساعةٌ من الرملِ تسربَ كلّ رملِها إلى القاع، و صورةٌ مكسورةُ الإطار، و كمانٌ مقطّعُ الأوتار و قرصُ الموسيقى الكلاسيكية توقفَ عن العمل، و هاتفٌ مهجور، أزرارهُ بكماء و سمّاعتهُ صمّاء، دفترٌ من الذكرى لم يُفتَحْ مُذ فارقَت مدوّنتهُ الحياة حتى أنّ قِفلهُ موصَد و مِفتاحهُ مخبأٌ في مكانٍ مجهول،علبةُ مناكيرٍ جافّة و مزهريّاتٌ ذاتَ أزهارٍ ذابلة .....
بجانبِ هذا المكتبِ الميّت تقبعُ خزانةٌ آيلةٌ للسقوط فارغةٌ لا تحتوي على شيء غيرَ خربشاتٍ منمّقة بريئة و لوحاتٍ صغيرة و صورٍ معتقة علّقت على أبوابِها - يُقالُ أنّ الأم انتشلت قطعة من ملابسها الصغيرة على عُجالة حتى تحتفظَ بشيءٍ من عطرِ ابنتها-.
أُغلقَت الخزانة بأسًى و إلى جانبها درّاجةٌ غطّاها الغُبار، مستندَةً إلى الحائط بحُزن، هي نفسها الدراجة التي تركبُها الفتاةُ في هذهِ الصورة
- وُجهت الكاميرا إلى الحائط المرقّع ببضعةِ صور عتيقة وقتئذٍ-
لكن الموتَ انتشلَ رفيقةَ الدراجة بلا سابقِ إنذار
السقفُ يا سادَة تخضبهُ الرّطوبة و المكانُ بكلّ تفاصيلِه بائس، تكادُ تشعرُ أنّ هذهِ جِنازة و جميعُ الأشياء بالغُرفةِ أقامت الحداد حتى اللحظة و ربما بل حتمًا للأبد.
و عندما أجروا مقابلة مع والدةِ الطفلة كانت بحالة يُرثى لها فقالت بصوتٍ وُلِدَ من رحمِ الدّموعِ :
- في كلّ ليلة أسمعُ نُواحًا مصدرهُ هذا المكان
فكانَ هذا جوابَ سؤالِ الحلَقة
(هل تحزنُ الأشياء على صاحبها حين يموت؟)
قالَ الحضورُ بصوتٍ موحدٍ ذي نبرةٍ حادّة تعزفُ أشجانًا:
نعم نعم، فكراسيّ السينما لم تعد تريدنا أيضًا
أسدلَ الستار و غادرَ الجميع كلٌ يكفكفُ دموعه.
خالد الرقب _الأردن

 

ق.ق حرمان نزيرة فواز الشوفي/ سورية


 ق.ق

حرمان
في تلك الليلة الغافية على وجع،استيقظ الأب على صراخ مؤلم،
لم يعرف ماذا سيفعل؟!
هوالاب والأم لأسرته وتلك الابنة تتأوه وجعا،اسرع بهاالى المستشفى القريب،تسبق خطواته عجلات السيارة،أنها وحيدته التي تركتها الأقدارله،وأخ صغير،وصل لباب الإسعاف وهويصرخ ساعدوني ، احضروا الطبيب، جاءالطبيب مسرعا،
وعمل الأسعافات الأولية لتلك الفتاة، التي لم تصمت ألما، وطلب الفحوصات والتحاليل، هدأت قليل بعد أخذت المسكن،لتصحى على وجع أكبر جهزوا غرفة العمليات، سنقوم بأزالة ليف من الرحم ،جعلها تنزف،وكانت صدمتها كبيرة،طمأنها الأطباء ربع ساعة وينتهي كل شيء،
دخلت تلك الفتاة والخوف يعتلي وجهها ووالدها،أملا بالخروج بخير،انتظر وانتظر وعقارب الساعة كانها متوقفة،وبعد ساعة ونصف ،تخرج الممرضة لتقل الحمدلله على سلامتها،هنا حمدالاب الله وشكره، لتخرج بعد قليل الفتاة بعدأن بدأت تستيقظ،أتى الطبيب الجراح ليقل الحمدلله لقد عالجنا الوضع قبل إنتشاره،واستأصلنا الرحم،
وهنا صمت الجميع والأوصال ترهلت، إلا صوتها الذي ملىء المشفى، نسيت ألمها ،وجعها،نسيت كل شيء،وأكلها الألم والآه لتضمد جرحها ،النازف كل العمر.
نزيرة فواز الشوفي/سورية

ق.ق العودة الحزينة بقلم :مسعودة مصباح

 




ق.ق العودة الحزينة
بقلم :مسعودة مصباح
دقَ جرس الباب، ذهبت مهرولة كأنها كانت تنتظر أحدهم، اهلا وسهلا، مرحبا ،تقول والدتها : من القادم ياسمسن؟ إنه خالي يا أمي، كان شيئ وقع أرضا، الصوت جاء من المطبخ ،ترحب ياسمين بحالها و تدعوه أن يتفضل بالدخول إلى قاعة الجلوس، تذهب الى المطبخ مسرعة ،امي لقد جاء خالي تنظر هنا و هناك تجد كمية كبيرة من الحليب مرمية على الأرض، ما هذا يا أم و تلتفت ياسمين تجد والدتها غارقة في البكاء، استغربت !ثم قالت :ما بك يا امي هل أنت فرحة او غاضبة لأن خالي جاء لزيارتنا بعد مدة طويلة من الغربة و الغياب ،؟ تنظر إليها والدتها ثم ترد عليها : نعم يا حبيبتي لذلك أنا أبكي لم أتمالك نفسي من شدة الفرح ،فاجهشتُ بالبكاء .
تمسح الدموع من عينيها و ترتب هندامِها و تذهب مسرعة لكي ترحب بأخيها قبل ذلك طلبت من ابنتها ان تحظر القهوة و الحلوة و تحضرها إلى قاعة الجلوس،
تنظر في وجه اخيها و هو يبتسم لها و يحدق بوجهها، لم تتغيري يا اختي كما تركتكِ مازلت تشعين جمالا يا اختي الحبيبة و انت يا اخي كبرت و أصبحت رجلا ههلاً لما كل هذا الإعتراب و هذا البعد ؟ ألم تشتاق إلى اهلك و اختك الوحيدة؟ ألم تحن إلى وطنك ؟ يطئطئ رأسه كأنه يفكر او اخذه التيه ،ثم يقول: لقد تغربت غصبا عني و تعبت و اخذت مني الغربة نا اخذت ؟! شبابي و أحلامي و حتى المرأة التي احببت و تزوجت بها و أصبح لي طفل منها ...تقوم الأخت من مكانها يشدها الفرح، هل تزوجت؟ و هل أنجبت طفلا ؟يا سعادتي
الحمد لله، ثم تستطردُ في كلامها، ماذا قلت ؟ اخذت الغربة منك زوجتك هل ماتت؟
ينزل من عينه الدمع ثم يقول : نعم لقد تزوجت قبل عامين و كان عندي طفل اسمه " يحى" لكن القدر اخذه مني و امه معا! بسبب حادث مرور .
لا حول ولا قوة الا بالله تقول الأخت في حسرة، قدر الله ما شاء فعل " يعوضك الله في القريب ان شاء الله .جاءت ياسمين بصينية القهوة و الحزن بادي على وجهها لقد سمعت ما دار من حوار بين والدتها و خالها.
لقد كبرت ياسمين، يقول لها خالها ، تبتسم في خجل و تردُ عليه نعم يا خالي هذا العام اجتاز شهادة البكالوريا ان شاء الله،
نعم يا اخي السنين تمرٌ بسرعة و الحمد لله عل عودتك ،ان شاء الله سيعوضك الله خيرا، يتناول الجميع القهوة و الحلوة و السرور يملأ محياهم رغم الخير الحزين.

أم مرسي يكتبها : محمد فيض خالد




 أم مرسي

يكتبها : محمد فيض خالد
في تبجّحٍ أُنثوي مُستَفِزّ،تقَشعرّ مِنهُ جُلود الذين يخشون العيّبَ ، تَفجّ" أم مرسي" حشود الرِّجال المُتَراصّة فوقَ الدِّكك ، تباغِت أسماعهم بصوتٍ يُجلّجل، تُلوِّحُ بخرقةٍ اصطبغت بوهجِ الدّم القاني، تُبعثِّر النَّظرات باشّة ،تقولُ بعَفويةِ الخَبير:" وشوبش يا حبايب "، تستثير حُمرَة القماشة الجَمع الذي أصابته رِعدة الخَجل ، اجبرت البخيل و المُعثِر فيهم ؛ لأن يبقرَ جيبه ، يَنتَزِع القرشَ من أذنيهِ في ارتياعٍ تنفطِر لهولهِ القلوب ، لمقدمها تَضطربُ مفاصل النّساء ، تمرّر والدة العروس يدها فوقَ رأسها ، وكأنّ الشّيطان يلقي في أذنيها ، عاقدة اللِّسان مبهورة الأنفاس إلى أن يحلَّ المساء ، تُبرِز " أم مرسي" مَحرَمتها ، لحظتئذٍ تَستردّ الوجوه الشّاحِبة ابتسامة تُخالِط نَضارتها ، صَغيرا تَسللُت لغُرفةٍ امتلأت بالإناثِ تقَدّمَ فتى أخضر العود على جَبينهِ نفحات النُّور، تتأرجح كسَفينةٍ في بحيرةٍ تهوي بها الرِّيحُ، اطلقت عروسه لرؤياه صَرخةً ملتاعة ، جاهدت لتفكّ قيودها بعد إذّ نَشبت بها أيدي النّسوة في ضَجعةِ الذّبيحة ، جَالَ صاحبنا ببَصرهِ مَفزوعا ، وجَبينه ينضَحُ بحَباتِ عَرقٍ كما البلور ، يتلاحق صوت لُهاثهِ وقد غامت الدُّنيا أمامه ، يُطَالِع فريسته التي غشيتها سكينةَ المُستَسلِّم، اطلقت " أم مرسي " شخرةً مخيفة ، برّقت في اهتياجٍ ؛ فبدت كوحشٍ مفترس ، فكّت حصار يدها من حَولِ خصرها ، عَاجَلتهُ بلطمةٍ خَلخَلت أسنانه ،صاحت مُوبِّخة:" خشّ عليها يا مره يا خِرع" ، رويدًا سرى تيار الآمال المُنعِش في أوصالهِ ، ليندَفِعَ كمَا الثّور ، مُتحرّرا من خَجلهِ، امسَكَ بالخرقةِ البيضاء مُنتزِعا من فتاتهِ أعزّ ما تملك أنثى ، امتلأ الفَضاء بالزغاريِد وأهازيج الشّرف ، مشى العَريسُ مُستَطِيلا، يُخرِجُ للدُّنيا لسَانهُ بعد إذّ حَاوَلت إِذلالهُ ، تمسك بالمحرمةِ يتناثر دمها الحَار ، لتبدأ بذوي العروس الذين شُدّت شواربهم في شموخٍ ، بعدما جاهدوا تحَتَ غاشيةِ الأماني ، تقول بنات القرية عنها في امتعاضٍ :" هذه المرأة قاسية ، لا تُميّز بينَ اللّحمِ والحَجرِ ، لا تعرف إلّا الدّم"، تسبقها سمعة مشرطها الذي لا يُخطئ هدفه ، فمشاعر القلق التي تسبق حضورها الدّامي ، عالقة في أذهانِ البنات ،وهي تتحسّس بينَ الأفخاذِ، من خَالطَ هذا الغول عن قربٍ يَشفع له، تقول عن نفسها وهي تمَسح يدها في طَرفِ جِلبابها ، يَتموّج دُخان سيجارتها على وجهٍ نحتَ الزّمانُ مسالكه :" وهو فيه حد فينا بيختار قدره ، جينا كدا وهنطلع كدا"، انقطعت فترة عن المجئ ، هبطت القرية " غزلان" الدّاية ، أتى بها " جلال " الخفير نكايةً فيها ، حَمَلَ " فوزي" بائع الفخار ذَاتَ صَباحٍ نبأ الوفاة ، مرّ كحدثٍ تافه :" لقد وجدوا أم مرسي مذبوحة في بيتها ، قتلها عاطلٌ وسَرَقَ مالها "، لم تتوقف الحَياةُ لمصرعها ، لكنّ زفارة الدّم المسفوح خبت هنيهة من قريتنا ، ريثما يُؤذن لها .
***^^^^
محمد فيض خالد
مصر / المنيا


قصة مكانه ليس هنا عبد الرزاق مربح /الجزائر


  قصة 

مكانه ليس هنا 

في المستشفى كانت ترقد أم أنيس، أنيس لا يعلم بالأمر، فهو في بلاد الغربة، ركض طويلا وراء إحدى الشقراوات حتى ظفر بها ونال إقامة دائمة هناك،،

لطالما كان يقول لأمه بأن مكانه ليس هنا، فهنا لا يعرفون قيمته، أما هناك فيعرفون قيمته الحقيقية ويقدرون عقله الذي لا ينضب بالأفكار.
سمع أنيس نداء الهاتف، علم بأن أحدهم يطلبه على عجل في المستشفى، الأمر طارئ حتما، يترك كل شيء ويلبي النداء من فوره.
يقود سيارته وهو يحدث نفسه، يناجي الرب، يا رب أنقذها، يا رب كن في عونها حتى تقوم بالسلامة والعافية، يا رب لا تحرمني منها، يا رب إن أخذتها مني فمن لي غيرها في هذه الحياة، يا رب ضحت بكل شيء من أجلي فاحفظها
لي، أحبها،أحبها...يبكي مثل طفل صغير، يشهق بقوة وتسيل دموعه حتى تبلل مقود السيارة،،
وصل أخيرا إلى المستشفى، قلبه يخفق بشدة، أين هي؟ أين هي؟...وجدها أخيرا، تبسم قلبه وانشرح صدره عندما علم أنها بخير، ناتالي..عزيزتي هل أنت بخير؟ إفرحي معي أصبح لدينا بيبي، هل تعلمين ماذا يعني بيبي؟!
في مكان آخر وفي الضفة الأخرى من العالم، لا تزال أم أنيس ترقد وحيدة في المستشفى، بلا أنيس يودعها في رحلتها إلى السماء، يقال بأنها قد زارت المستشفى مرتين فقط في حياتها، مرة عندما أنجبت أنيس، ومرة أخرى عندما زفت إلى السماء بلباسها الأبيض، كان لباسا ناصع البياض.. عبد الرزاق مربح /الجزائر

سائق القطار قصة قصيرة 4\1\2022 كتبها: عبده داود سورية

 




سائق القطار
قصة قصيرة 4\1\2022
تعودت الزوجة أن تقل زوجها سائق القطار إلى محطة القطارات كل صباح، وتذهب إلى عملها، وتعود في المساء، إلى المحطة تنتظر عودة زوجها، حتى تقله إلى المنزل...
القطار يصل دائما على الوقت تماماً.
يأخذ الزوج حماما ساخنا، ثم يجلس هو وزوجته إلى طاولة العشاء...
حياتهما مستقرة، يعيشان بحب وسلام، متفانيان في اسعاد أحدهما الآخر...
هذان الحبيبان متزوجان منذ خمس سنوات...في عيد زواجهما الأخير، رتبت الزوجة طاولة الطعام، زينتها بالشموع، ووزعت الورد في المنزل، وادارت ألحانا موسيقية رومانسية، أضافت على البيت زهوا وسحرا وجمالا...
قدم الزوج لزوجته هدية بمناسبة عيد زواجهما، إسواره من ذهب...فرحت الزوجة كثيرا بالهدية وتشكرت زوجها على لطفه وحسن اختياره...
وقالت: وأنا أحضرت لك هدية، لاحظت عندما كنا في السوق، إنك حدقت طويلاً إلى سترة معلقة، وعرفت إنك احببتها وقررت أن أهديك إياها...
قال الزوج: صحيح، هي رائعة، لكنها غالية الثمن جدا...
قالت الزوجة: فليكن، ولمن نوفر المال يا حبيبي؟
قل لمن؟
وتساقطت دموعها وأجهشت بالبكاء...
الزوج يعرف سبب بكاء زوجته المتكرر، هي تتمنى أن يمنحهما الله ولدا يسعد حياتهما...لكن الطبيب قطع عليهما هذا الرجاء، وقال للأسف زوجك عقيم لا ينجب.
بكت الزوجة بكاء مرا، ولم تفلح كلمات الحب في التخفيف من ألمها...
أخيرا قال الزوج: أرجوك أن تسامحيني، سأطلب منك أمرا يبدو مستحيلاً، لكن أرجوك اقبليه:
أنت تعرفين كم أحبك، أنت حياتي كلها، لكن من الأفضل لكلانا أن ننفصل عن بعضنا البعض ونحن حبيبين، ونبقى صديقين أخين، ربما تتزوجين برجل آخر، يستطيع منحك ذرية تسعدك... رجل يحقق لك، الذي لا أستطيع أنا أن أمنحك إياه...
قالت الزوجة: لماذا تريد أن تحطمني أكثر مما أنا محطمة...أنت حبيبي، وأنت روحي، وأنت حياتي... أنا من دونك أموت موتا حقيقيا...
قال الزوج، إذن لا بد من طريقة ما، مثلاً نتبنى طفلا، طفل انابيب، أو زرع، أو أي طريقة تختارين...
قالت الزوجة ولا بأي طريقة بالدنيا، الله لو أراد أن يهبنا ذرية لوهبنا، لكن مشيئته ألا يعطينا. وعلينا الاذعان لإرادته، وقبول أحكامه...
بعد أيام، جاءت الزوجة كالعادة إلى محطة القطار تنتظر زوجها كي تقله للمنزل...
تأخر القطار كثيراً، وهو عادة لا يتأخر ابدا، خافت الزوجة واخذت تصلي أن يصل القطار بأمان...
أخيرا، وصل القطار. لكن الزوج لم يصل، واخذت الزوجة تتساءل أين زوجي؟...
جاء معاون زوجها في قيادة القطار، وقال هذه الرسالة كتبها زوجك لك، ثم قفز من القطار، وقال سلامي إلى حبيبتي...
أنا أوقفت القطار، نزلت، ونزل عدد من الركاب نبحث عن زوجك لكننا فشلنا، وكان لا بد لنا من متابعة الرحلة، لأن قطارا آخر كان قادما خلفنا، يستخدم ذات الخط...
قالت الرسالة: قررت أن أنهي حياتي، وأنهي عذابك معي، أتمنى لك زوجاً آخر يستطيع أن يمنحك ما عجزت أنا أن أمنحك إياه...
انهارت الزوجة وسقطت مغمى عليها، وعندما استفاقت، وجدت نفسها بمكان غريب عرفت إنها في مستشفى...
ذهبت الزوجة إلى قسم الشرطة وطلبت منهم إيجاد زوجها حيا أو ميتا...
عجزت الشرطة عن إيجاد الزوج، وفقدت كلاب الشرطة أثر الرجل عند شاطئ النهر القريب من الخط الحديدي، فساد الاعتقاد بأن الرجل مات غرقا كونه مصابا نتيجة القفز من القطار...
اسدلت الزوجة ستائر بيتها، وستائر قلبها، ولم تعد الشمس تدخل دارها، فأظلمت حياتها...ولبست ثوب الحزن الدائم...
استمرت الزوجة في الوظيفة، واستمرت بالذهاب إلى محطة القطارات كل مساء، تبكي هناك وتنتظر عودة زوجها الغائب، عساه يعود يوما وهو يقود القطار...
بعد زمن، زميلات المرأة الحزينة في العمل اصروا أن يأخذوها معهم في رحلة إلى الجبل، حتى يخففوا من أحزان زميلتهم...
بالفعل، جمال الثلج الذي يغطي الجبال، و يزين شجر السرو لوحات من الجمال رسمها الخالق...
بعض زملاء الرحلة، كانوا يتمتعون بالتزحلق من قمة الجبل إلى الوادي...يصعدون بالتلفريك إلى القمة، ويتزحلقون مستخدمين زحافات وعصي خاصة بالتزحلق من قمة الجبل إلى أسفل الوادي...
صعدت الزوجة مع زميلاتها بالتلفريك، كانت تبتسم لكنها حزينة مجروحة الفؤاد، لأن زوجها ليس معها، هي لم تغادر بيتها يوماً بعد غياب زوجها...
في مقهى الجبل حدثت المفاجأة التي هزت المكان، زوجها المفقود، سائق القطار، هو النادل يخدم الزبائن في المقهى...
أصيبت الزوجة بصدمة وسقطت ارضا، حملها زوجها إلى غرفته، وأخذ يرش عليها الماء حتى استفاقت، وعندما استعادت وعيها بالكامل، صفعت زوجها صفعة ردد جبل الثلج صداها... ثم أغرقته بالقبل...وكانت تتلمس وجهه بيديها غير مصدقة، واصابتها ضحكات مجنونة ودموع،
عاد الحبيبان للمنزل مقتنعين بمشيئة الله، وعادت الشمس تشرق من جديد...
كتبها: عبده داود
سورية

امتداد بقلم : محمد البوركي - المغرب



 امتداد

ألم به الداء الخبيث ، أقعده الفراش ، يئس الأطباء من شفائه ، ها هو ينتظر حلول الأجل بين الفينة و الأخرى . زوجته ترابط بجواره ، تواسيه و تضمد روحه المكلومة ، لا تطيق فراقه و لو للحظة . في تلك الليلة الممطرة استبد به الألم ، بات يتلوى و يئن ، و ما لبث أن راح في غيبوبة عميقة .
كانت تتأمل وجهه الضامر الشاحب ، عيناه غائرتان منطفئتان ، جبهته ناتئة ، لقد شاخ دفعة واحدة قبل الأوان . تدفقت الدموع غزيرة من مقلتيها لم تقو على كبحها ، سرحت بذهنها بعيدا تقلب شريط ذكرياتهما :
أعوام الكد و المثابرة بكلية العلوم تكللت باحتفالهما بالتخرج ، هاهما يصطفان إلى جانب زملائهما فوق المنصة يشع وجهاهما بوميض آلات التصوير و الكاميرات ، ينتشيان بلذة النجاح و دفء مشاعر الأهل و الأحباب . لم تتوقف الفرحة هنا ، بل تضاعفت عند تعيينهما معا في مؤسسة تعليمية واحدة . عزمهما على لم الشمل ، أجواء العرس البهيجة : عالم وردي مخملي، ها هي ذي ترفل في فستان الزفاف الأبيض الناصع ، يعلو هامتها تاج مرصع بالجواهر الكريمة ، تختال ضاحكة فوق "العمارية"، والنسوة يرددن:
" الصلاة والسلام على رسول الله، لاجاه إلا جاه سيدي محمد ،الله مع الجاه العالي ". الزغاريد تطرز بهجة العرس، وشذا العطور فواح .
ثم فجأة حدث ما لم يكن بالحسبان إذ انقلبت حياتهما رأسا على عقب إثر النبإ المشؤوم : استشراء سرطان القولون الذي لم يكشف عنه إلا بعد فوات الأوان ، حصص العلاج الإشعاعي و الكيماوي المرهقة ، ليالي السهاد الطويلة...
قاومت بشراسة الإحباط المتربص بها ، لم تترك له فرصة افتراسها .
كانت حاملا في شهرها الأخير، داهمها المخاض ، تجمدت في مكانها ، نادت أمها ، ساعدتها على التمدد ، غطتها بملاءة خفيفة ، توجعت بحرقة ، ما هي إلا ثوان معدودة حتى سمع بكاء المولود ، كان ذكرا .
في تلك الأثناء استعاد الأب وعيه ، مال برأسه ناحية ابنه ، نظر إليه مليا ، ابتسامة ساحرة ارتسمت على محياه النحيل ، و نظر إلى زوجته نظرة دافئة حانية ، تحسست يديه الباردتين ، شعرت بخوف رهيب ، افترت شفتاها عن ابتسامة شاحبة ، ثم فجأة أرسل شهقة حارة ، و فاضت روحه الطاهرة .
صرخت صرخة مكتومة ، و امتقع لون وجهها ، حافظت على رباطة جأشها دونما جزع و لا فزع . و ضعت رضيعها جانبا و انحنت على الجثمان و طبعت قبلة طويلة على جبينه . نهضت بصعوبة بالغة ، لا وقت للنواح ، شمرت عن ساعديها و باشرت بنفسها مراسيم الجنازة . بقلم : محمد البوركي - المغرب .

زمهرير عباس المفرجي

 زمهرير

احساسي بالبرد هذا اليوم عالي جداً، أكثر من الأسبوع الفائت، لذا قررت أن أصبح معارضاً لهذا النظام القطبي المقيت الذي بدأ يجثم على صدري الدليع رصعته، وأوشم صبغته الحمراء على أنفي
وأنا أستغيث في القصاص البيت، معانياً منه تصطك أكتافي برعشة الخوف من بطش ثلوجه القمعية وأساليبه الأنجمادية ، طالبت دعائم الأمم الشمسية ،
بجولة تفقدية في مكابح الفجر وعلى مضارب الليل لكي ينصتوا جيداً على طقطقة عظامي أمام رفاة الحطب ويميزوا بينهما .

عباس المفرجي.

السبت، 8 يناير 2022

"إفاقة" .......... علي يحيي _مصر





 "إفاقة"

أفاق من سباته العميق لم يكن ليري أحدا ولم يجد له ظلا ولم يقتفي أثر طيرٍ او خطو حيوان، داعبته أحلام الثراء ولم في الفقر يمكث طيلة عمره وكيف السبيل إلي سبل الحياة المنعمة ..وإذا به يري طائرا قد قض حبال أفكاره وأخذ ينشد حزنا ولكن هذا الآدمي ضرب عنه صفحا حتي أعمل ذلك الطير الحزن في قلبه حتي لانت قناة الآدمي له وأسترعي أذنيه له حتي سمعه يدفن رأسه في أرضه باكيا ينظر لأعلي شاكيا وهكذا دواليك..ثم طار وهكذا عودٌ علي بدءًِ...تدبر الآدمي فعلة الطير ثم أراح جسده....
وتذكر وطنه فتحلز قلبه حزنا وكيف انه أسيرا رازحا تحت نير الاستعمار ..وانه اصبح لقمة سائغة لمحتل قديم ، فأنفض عنه غبار الأحلام المتسكعة وزيف المستقبل الوردي وأستيقظ علي حاضره الكبدي.. تذكر أجداده ومسري النبي فتقطعت نياط قلبه فأخذ يقلب كفيه فلم يجد ما يخبو بهم خزيه الا خطين علي كل كفً تقابلا ان هنا رب له من الاسماء ماتدعوه بها فشمر عن ساعديه ليبدأ الجهاد ؛ ألا وهو جهاد النفس.
✒علي يحيي _مصر

طفولة مبتورة!......................صابر المعارج




 طفولة مبتورة!

هوت كفه الغليظة على وجهي الصغير، تطاير من عيني شرر! كتمت نشيج صراخي مرعوبا فإن نبست ببنت شفة لتوالت صفعاته كالمطر.
......
سابقتْ الريحَ خطاي! قاصدا اياه، لا احد سواه ابي.
لايمكنني الجزم فيما اذا كنت اروم ادخال السرور على قلبه، لاسيما وقد انهكه المرض وخارت قواه.
ام كنت ابغي التشفي وايقاد جذوة تأنيب ضميره؛ جراء ماارتكبه في حقي من جور؟!
فلقد بتر طفولتي ووسمها حرمانا وشقاءً!
في ذلك اليوم الفارق في حياتي، قبض على معصمي النحيل بقسوة، سحبني بفضاضة قطع بي مسافات طويلات موحشات! قضى نصفهن متمتما بشائم مبهمات تراءى لي ان جزءا لايستهان به منهن في قدح امي، واجزاء اخريات في لعن القدر! ساقني عنوة حيث عمله الشاق في قرية نائية...
! صحت
:-أبي..أبي نجحت، هذه وثيقة تخرجي!
كان ممددا على ظهره، وجهه بلون التراب مشوب، ساقاه ضامرتان تبدوان كلوحين تحت ثيابه.
أومأ لي بعينين غائرتين ان
:-اقترب
استجمع كل ميراث قوته الغاربة، عانى كثيرا وهو يرفع كفه الذاوية، ليلامس جبيني...
انثال من كفه شلال حنان، غمر روحي دفأ وسلاما، وعلى شفتيه المتيبستين ظل ابتسامة خافتة، واستسلم لنوم ابدي..
صابر المعارج

تجارة رخيصة .......... حسن الموسوي/ العراق

 

تجارة رخيصة
...................
تصفحت في وجوه الحاضرين و كأنها تستجدي العطف ، لعنت حظها العاثر الذي جعل منها مرافقة لفنانة مسرحية كبيرة ، احتواها الحسد
لم لاتاخذ فرصتها كي تكون فنانة مشهورة ؟ خصوصا وانها تمتلك كل مقومات النجاح حسب رأيها ،
اخرجت مرآتها من حقيبتها واخذت تتطلع في وجهها .
- أنا اجمل من تلك الفنانة المغرورة قالت في سرها كذلك انا أصغر منها بكثير
خلف كواليس المسرح ، بدأت تبحث عن مخرج المسرحية ، وما أن لمحته من بعيد حتى هرولت باتجاهه كي تكون امامه ، فتحت الزر العلوي لقميصها
وبحركة مقصودة اصطدمت به كي تثير اهتمامه
تناثرت الاوراق من يديها
انحنى ارضا كي يساعدها في جمع الاوراق
نظر اليها مليا ، سحره جمالها ، لم يستطع ان يمنع نفسه من النظر الى صدرها المكتنز
ابتسم وسألها
- من أنت
وماذا تفعلين هنا ، أنت تمتلكين كل مقومات النجاح ، بأمكاني ان اجعل منك فنانة مشهورة
لم تستطع أن تخفي فرحتها وهي تستمع لمديح المخرج و ثناءه .
امسك بيدها محاولا ان يساعدها على النهوض ، لم تعترض على ذلك
- أنا من المعجبات بأعمالك المسرحية ، قالت ذلك وهي تنظر إليه
مساءا" كانت في شقة المخرج الذي لم يكن يصدق كيف تطورت الامور بهذه السرعة ، بعد ان شاركته اطراف السرير اسند اليها دورا" في المسرحية الجديدة ، ودعته بعد أن سلمها دورها مكتوبا بخط اليد
صباح اليوم التالي كانت على خشبة المسرح كي تتمرن على دورها كذلك لأظهار التحدي للفنانة التي تعمل معها ، لم تجر الامور كما ارادت فلقد بدت مضطربة و خائفة
نظرت إلى صديقتها الفنانة بارتباك وكأنها تطلب المساعدة
ابتسمت الفنانة وقالت
كان عليك أن تتطهري من ادرانك قبل ان تصعدي الى المسرح ، فدور الناسكة يتطلب امرأة تمتلك العفة والطهارة وتركتها ومضت
حسن الموسوي/ العراق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة