Translate

الثلاثاء، 11 يناير 2022

سائق القطار قصة قصيرة 4\1\2022 كتبها: عبده داود سورية

 




سائق القطار
قصة قصيرة 4\1\2022
تعودت الزوجة أن تقل زوجها سائق القطار إلى محطة القطارات كل صباح، وتذهب إلى عملها، وتعود في المساء، إلى المحطة تنتظر عودة زوجها، حتى تقله إلى المنزل...
القطار يصل دائما على الوقت تماماً.
يأخذ الزوج حماما ساخنا، ثم يجلس هو وزوجته إلى طاولة العشاء...
حياتهما مستقرة، يعيشان بحب وسلام، متفانيان في اسعاد أحدهما الآخر...
هذان الحبيبان متزوجان منذ خمس سنوات...في عيد زواجهما الأخير، رتبت الزوجة طاولة الطعام، زينتها بالشموع، ووزعت الورد في المنزل، وادارت ألحانا موسيقية رومانسية، أضافت على البيت زهوا وسحرا وجمالا...
قدم الزوج لزوجته هدية بمناسبة عيد زواجهما، إسواره من ذهب...فرحت الزوجة كثيرا بالهدية وتشكرت زوجها على لطفه وحسن اختياره...
وقالت: وأنا أحضرت لك هدية، لاحظت عندما كنا في السوق، إنك حدقت طويلاً إلى سترة معلقة، وعرفت إنك احببتها وقررت أن أهديك إياها...
قال الزوج: صحيح، هي رائعة، لكنها غالية الثمن جدا...
قالت الزوجة: فليكن، ولمن نوفر المال يا حبيبي؟
قل لمن؟
وتساقطت دموعها وأجهشت بالبكاء...
الزوج يعرف سبب بكاء زوجته المتكرر، هي تتمنى أن يمنحهما الله ولدا يسعد حياتهما...لكن الطبيب قطع عليهما هذا الرجاء، وقال للأسف زوجك عقيم لا ينجب.
بكت الزوجة بكاء مرا، ولم تفلح كلمات الحب في التخفيف من ألمها...
أخيرا قال الزوج: أرجوك أن تسامحيني، سأطلب منك أمرا يبدو مستحيلاً، لكن أرجوك اقبليه:
أنت تعرفين كم أحبك، أنت حياتي كلها، لكن من الأفضل لكلانا أن ننفصل عن بعضنا البعض ونحن حبيبين، ونبقى صديقين أخين، ربما تتزوجين برجل آخر، يستطيع منحك ذرية تسعدك... رجل يحقق لك، الذي لا أستطيع أنا أن أمنحك إياه...
قالت الزوجة: لماذا تريد أن تحطمني أكثر مما أنا محطمة...أنت حبيبي، وأنت روحي، وأنت حياتي... أنا من دونك أموت موتا حقيقيا...
قال الزوج، إذن لا بد من طريقة ما، مثلاً نتبنى طفلا، طفل انابيب، أو زرع، أو أي طريقة تختارين...
قالت الزوجة ولا بأي طريقة بالدنيا، الله لو أراد أن يهبنا ذرية لوهبنا، لكن مشيئته ألا يعطينا. وعلينا الاذعان لإرادته، وقبول أحكامه...
بعد أيام، جاءت الزوجة كالعادة إلى محطة القطار تنتظر زوجها كي تقله للمنزل...
تأخر القطار كثيراً، وهو عادة لا يتأخر ابدا، خافت الزوجة واخذت تصلي أن يصل القطار بأمان...
أخيرا، وصل القطار. لكن الزوج لم يصل، واخذت الزوجة تتساءل أين زوجي؟...
جاء معاون زوجها في قيادة القطار، وقال هذه الرسالة كتبها زوجك لك، ثم قفز من القطار، وقال سلامي إلى حبيبتي...
أنا أوقفت القطار، نزلت، ونزل عدد من الركاب نبحث عن زوجك لكننا فشلنا، وكان لا بد لنا من متابعة الرحلة، لأن قطارا آخر كان قادما خلفنا، يستخدم ذات الخط...
قالت الرسالة: قررت أن أنهي حياتي، وأنهي عذابك معي، أتمنى لك زوجاً آخر يستطيع أن يمنحك ما عجزت أنا أن أمنحك إياه...
انهارت الزوجة وسقطت مغمى عليها، وعندما استفاقت، وجدت نفسها بمكان غريب عرفت إنها في مستشفى...
ذهبت الزوجة إلى قسم الشرطة وطلبت منهم إيجاد زوجها حيا أو ميتا...
عجزت الشرطة عن إيجاد الزوج، وفقدت كلاب الشرطة أثر الرجل عند شاطئ النهر القريب من الخط الحديدي، فساد الاعتقاد بأن الرجل مات غرقا كونه مصابا نتيجة القفز من القطار...
اسدلت الزوجة ستائر بيتها، وستائر قلبها، ولم تعد الشمس تدخل دارها، فأظلمت حياتها...ولبست ثوب الحزن الدائم...
استمرت الزوجة في الوظيفة، واستمرت بالذهاب إلى محطة القطارات كل مساء، تبكي هناك وتنتظر عودة زوجها الغائب، عساه يعود يوما وهو يقود القطار...
بعد زمن، زميلات المرأة الحزينة في العمل اصروا أن يأخذوها معهم في رحلة إلى الجبل، حتى يخففوا من أحزان زميلتهم...
بالفعل، جمال الثلج الذي يغطي الجبال، و يزين شجر السرو لوحات من الجمال رسمها الخالق...
بعض زملاء الرحلة، كانوا يتمتعون بالتزحلق من قمة الجبل إلى الوادي...يصعدون بالتلفريك إلى القمة، ويتزحلقون مستخدمين زحافات وعصي خاصة بالتزحلق من قمة الجبل إلى أسفل الوادي...
صعدت الزوجة مع زميلاتها بالتلفريك، كانت تبتسم لكنها حزينة مجروحة الفؤاد، لأن زوجها ليس معها، هي لم تغادر بيتها يوماً بعد غياب زوجها...
في مقهى الجبل حدثت المفاجأة التي هزت المكان، زوجها المفقود، سائق القطار، هو النادل يخدم الزبائن في المقهى...
أصيبت الزوجة بصدمة وسقطت ارضا، حملها زوجها إلى غرفته، وأخذ يرش عليها الماء حتى استفاقت، وعندما استعادت وعيها بالكامل، صفعت زوجها صفعة ردد جبل الثلج صداها... ثم أغرقته بالقبل...وكانت تتلمس وجهه بيديها غير مصدقة، واصابتها ضحكات مجنونة ودموع،
عاد الحبيبان للمنزل مقتنعين بمشيئة الله، وعادت الشمس تشرق من جديد...
كتبها: عبده داود
سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة