Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مجلة الوافد الثقافي العدد 18. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مجلة الوافد الثقافي العدد 18. إظهار كافة الرسائل

الأحد، 18 يونيو 2023

العدد 18 الاثنين 19 من يونيو 2023 م الموافق 1 من ذي الحجة 1444 هـ



****



 





يحبو على حجري، يد يمسك بها زجاجة الرضاعة، وبالأخرى يتلمس وجهي، وعنقي، يداعبني - كعادته - لا ألبث أن أنفجر بالبكاء، فأضمه إلى صدري .

لايزال شذاها عالقا بالثياب، والأثاث، وحتى الجدران تعبق برائحتها، لا يفتأ صوتها يتردد في كل أنحاء البيت، دافئا، مطمئنا، هل تريد شيئا يا حبيبي؟ الهاتف على يمينك، نصف ساعة وتغلق النافذة يا روحي حتى لا تصاب بالبرد، الرضاعات وعلبة الحليب الثانية على الكومدينو، انتقيت لك أغان جميلة، الريمونت على الرف فوق رأسك، ولا تنسى مهما طرقت عليك العقربة (بلقيس) فلا تجبها، ولا تسمع لها فهي بنت طماعة، هل تريد شيئا آخر ياحبي...؟

كانت حريصة على أن يكون كل شيء بمتناول يدي، وقلبي، فهي عالمي كله، ونافذتي الوحيدة بعد أن فقدت بصري في الحادث الذي وقع لي قبل عامين .

حتى إدارة مصنع البلاستيك الذي أملكه تولته بكفاءة، رغم معرفتي بمصاعب قيادته، ومخاطر ومتاعب إدارته؛ إلا أن الأرقام التي يوافيني بها - رأس كل شهر - مسؤول الحسابات الجديد الذي انتقته هي بعناية قد أدهشتني، وأثبتت لي كم تبذل جهدها، وتضحي بنفسها، نائية بي- في ذات الوقت - عما قد يزعجني، حتى هاتفي أصرت أن تجعله مثل قلبي حصرا وقصرا على رقمها، فلا أسمع غير صوتها. فتزيدني كل يوم سعادة وحبا لها، وتعلقا وثقة بها، وحيرة ممزوجة بالأسف كيف أني لم أرها؟ أو أكتشفها من قبل؟، وهي الموظفة عندي منذ سنوات في قسم الألوان الذي دخلته صباح ذلك اليوم بعجالة مصطدما بالعمود الجديد الذي كانت تعمل على تثبيته من أجل تدعيم الرفوف، لتسقط علب الصبغات على رأسي، وتتضرر شبكة عيني، لولا أن هبت هي لإنقاذي في تلك اللحظة، فوسدتني رعايتها، ودثرتني بحنانها، واهتمامها، ثم ظلت بجانبي. لأول مرة -في حياتي- شعرت بوجود إنسان قربي، وأحسست بدفء امرأة حقيقية تحتويني، وتذوقت حلاوة أنثى تعشقني، وتحنو علي بلطف، ورقة لا عهد لي بها، ولم أسمع بمثلها إلا في خرافات الأفلام، والمسلسلات، ولم أك لأهتم بهذه السفاسف متخطيا سن الأربعين بعناد، أعزبا، وحيدا بعد أن بترت علاقتي بأقربائي، وكل أصدقائي الطامعين في ثروتي، واستبدلتهم بقرابة تروس الآلات، وأجهزة المحركات، واقسام المبيعات، وصداقة المستودعات، وأخبار احتياجات السوق... بمجيء الطفل رأيت مالم أكن لأراه لوكنت مبصرا من جمال بزوغ فجر زاخر بالأحاسيس، دلفت إليه بعنفوان الأبوة التليد، ليصبح هو الأنيس الونيس، يملأ كل فراغي، فلا يفارق حضني يلعب، ويأكل، وينام، ويتغوط على حجري .

وفي الليل أترقب لحظة عودتها، فأنا الخبير بمواضع الألم، خاصة قدميها المجهدتان من أثر التنقل من مكان إلى آخر والوقوف طوال النهار، فتصابان بالرضوض على الدوام، والتي مرنت أصابعي في تدليكها، وغمرها بالكمادات، والمرطبات العطرة، ثم أرشها بقبلات الإمتنان لها، والإشفاق عليها، وأسكب في أذنيها همسات غزل قضيت النهار في تأليفها، وإلى أن تغفو أحكي لها قصة مما علق بذاكرتي الضحلة . لكن في ذات ظهيرة تلقيت ضربات قوية متتابعة على الباب تطاير لها قلبي شعاعا، رافقها صوت بلقيس بنت جارتنا وهي تتلعثم بكلمات مضطربة حول وقوع حادث مروري لزوجتي. ألفيت نفسي بعد رحيلها من الدنيا أعمى بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وحيدا، عاجزا تماما عن تدبر أمري، ورغم حذري إلا أنني اضطررت إلى طلب المساعدة من بلقيس. قالت أنها تدرس طب العيون، وأنها شرحت لزوجتي مرارا وتكرارا بأن المادة السامة التي تعرضت لها معروفة، وأن حالتي قابلة للشفاء، لكن - المرحومة - لم تسمح لها.

وافقت بعد تردد على إجراء العملية فكان وجهها الجميل هو أول ماوقعت عليه عيناي، تعجبت وأنا أتاملها هل أنا أعشى لهذه الدرجة؟! وكنت أراها - قبل الحادثة - كل يوم على السلم!. رغم فرحتي بأن رد الله علي بصري إلا أن شكل الطفل الغريب، وملامح وجهه المختلفة نغصت علي سعادتي. عدت سريعا إلى المصنع الذي ساء حاله، وتدهور نظامه، موشكا على الإنهيار... فإذا بي أفاجأ بحرارة التفاف العمال حولي، استحيت لرؤيتهم يبكون فرحا بعودتي، ويتعاضدون بقوة معي، وأنا الذي كنت أراهم بعيون مكحلة بالرمد ساوت بين قلوبهم الطيبة، وبين السخام الذي يغطيهم . أخبروني بأن -المرحومة- كانت تحول بينهم وبين التواصل معي، أو حتى الإتصال بي، وأنا الذي كنت ألعنهم، وألعن تجاهلهم، وأنها كانت تقضي ساعات الصباح في مكتب مسؤول الحسابات، وأما بقية النهار وساعات المساء الأولى فتمضيه في حفلات الرقص التي ترتادها كل يوم .

تحركت فورا لإنقاذ المصنع، وفيما أقوم بإعادة تنظيم العمل، وترتيب مكتبي -الذي كان مكتبها- عثرت على علبة غريبة تحوي مسحوقا أسودا ذو رائحة نفاثة، تعرفت عليها بلقيس بأنها نفس المادة التي سببت لي العمى . بدأت تتكشف الخفايا تباعا، وتضاء أمامي دهاليز معتمة كنت أسير فيها ضرير البصر والبصيرة، أدركت بأنه من السهل أن يكون الواحد منا مبصرا لكن من الصعب أن يكون بصيرا.

لم يفاجئني أنها سحبت مبالغ كبيرة أودعتها بإسمها في البنك، بقدر ما صدمتني رؤية مسؤول الحسابات حين استدعيته للمراجعة والمساءلة، كان الطفل نسخة مصغرة منه .

 *****







*****



 







( دعونا نسلط الضوء للعودة الميمونة للحاضنة العربية وتصحيح المسار الوحدوي )

إليكم قصيدتي

______________

قصيدة عمودية علىٰ بحرِ مجزوءِ الهَزَجِ

مفاعيلن مفاعيلن

★ صَحْوَةٌ عرَبِيّة ★

أيـا ربِّـي مَـتـىٰ يَـزْهُــو

إلىٰ العلْيـاءِ بالمَـجْـدِ ؟ !

وبِـالإيـمــانِ أنٔ يـعْـلُـوْ

بِـلا جَـهْــلٍ ولا حِـقْــدِ

ولا يُـطْـغَـى علىٰ جَــارٍ

وسيْـفُ الظُّلْمِ في غَمْـدِ

يقيـنـًا يُـجْـمَـعُ الشَّـمْـلُ

بقَـصْـدِ النَّـصْـرِ لا الـنِّــدِّ

أمَـا بـِتـْنــا مِـنَ الـوَغْـيِّ

بِرَكْـبِ الـعُتـْمِ كالقَـيْـدِ ؟

فيَـا عُـرْبــًا لـئِـنْ لُـذْتُـمْ

بِحَـبْـلِ الـقَـادِرِ الـمُـبـْدِي

بِـلا تـقْـســيــمِ لِـلـدِّيـنِ

ولا تـفْــريـــقِ لِـلْـعَــبْــدِ

فهَيْـهـَاتَ اغْتِيـالُ الصَّلْ

دِ مِنْ جَلْـدٍ ومِنْ جُنْـدي

وفـِي أوْطـانِـنـا يَـعْـلُـو

نِــدَاءُ الـفـجْـرِ كالـرَّعْـدِ

وأحْـجـــارٌ غَــرابــيــبٌ

بِـتَـكْـبِـيــرٍ وبـالــحَـمْــدِ

لأطْـفــالٍ وتَـرْمِــيــهــا

مَـقــاذيـفــًا بـلا جُـهْــدِ

متىٰ راحوا متى جاءوا

فـيَـرْجـوهـا مِـنَ المَـهْـدِ

لِـحُلْـمِ الوَحْـدَةِ الغـافـي

علىٰ الأعْـتــابِ بالـلَّـحْـدِ

مَتَىٰ يـأْْتـي بِـلا عُــسْـرٍ

لأحْــــرارٍ بـِـلا قــيْـــدِ

ولَـمُّ الـشَّـمْــلِ لِـلْـعُـرْبِ

مَـلاذُ الـسِّلْمِ مِـنْ فَقْــدِ

ألا مَـرْحَــا لـسُــوريَّــا

هَـنِـيـئـًا مَـسْـلَـكَ الْـعَـوْدِ

وكاد الشَّعْـبُ أنْ يَوْهَـىٰ

لَمِـنْ شَحــْـنَـاءِ كالـطَـوْدِ

وأفْـــــــلاذٌ لأكْـــبـــــادٍ

لَكَـمْ وَدُّوا مِـنَ القـَيْـدِ

يُـفَـكُّ الأسْـرُ مِـنْ بَغْيٍ

بِفَـضْـلِ الـلّٰــهِ بِـالْـوَعْـدِ

وتَـذْكِـيـرٍ بِــرَبِّ الْـحَـقْ

قِ بَعْـدَ النَـصْـرِ بالحَـمْـدِ

نَصِـيـرِ الـْعَـدْلِ راعيـنـا

لِـقُــرْبٍ مِـنْـهُ لا بُــعْــدِ

 

 *****














رحيله المفاجىء تركها شظايا مبعثرة، ثلاثون عامًا من زواج ظلّ محتفظًا ببريقه، ودفء لذيذ كان امتدادًا لحبّ مراهقةٍ عاشاها بكلّ حلاوتها تحت مباركة العائلتين. صدمةٌ هزّت كيانها وزلزلت ثوابتها.. وتركتها هشيمًا، وأقسى ما في الأمر وصيّته التي تبرّع بها بأعضائه، وأن يُحرق جثمانه ويُنثر رماده في البحر.

تحوّلت إلى تمثال صامت يتّشح بالسواد، شاردة الذهن لا تعي ما حولها.. وأصبح البحر رفيقها كلما اشتاقت إليه، تتحدّث مع أمواجه وتذرف دموعها مطرًا.. تتحدّث مع كلّ قطعة اشترياها معًا في أسفارهما الكثيرة. جمعت كلّ صوره مذ كان صغيرًا وحتى رحيله، وضعتها بعشرات الإطارات ووزّعتها في كلّ ركن في البيت، وحتى في المطبخ.

ليلًا، تلبس قميص نومها الزهريّ الذي يحبّه، تصبغ شفتيها بلونٍ زهريّ أيضًا.. تغرق جسدها بالعطر الذي يعشقه، تقف أمام المرآة تتأمّل قوامها الممشوق ووجهها الذي لا يزال يحتفظ برونقه وعذوبة تقاطيعه رغم بعض خطوطٍ غائرة حول عينيها.. تستشعر أنفاسه خلفها، يلتصق بها، يحتضنها ويشمّ عطرها، يرتشفه بشفتيه.. تستدير نحوه مبتسمةً، يلفّها بذراعيه، دافئًا لا يزال، أنفاسه تلفح وجهها، يرقصان معًا وكلماته ساخنةً تتسرّب إلى مساماتها، " أحبّك.. أعشقك حدّ النخاع.. أتنفّسك ملء رئتيّ.."

تذوب انتشاءً، تغمض عينيها باستسلام حين يأخذها إلى الفراش.. تستيقظ صباحًا، تحتضن وسادته التي تحمل رائحته وطيفه الذي مضى.

تتجمّع عواطفها وتتكاثف، وتهدّد بالانفجار؛ فتسرع إلى البحر تمطره دموعًا.. تراه مبحرًا في أمواجه الهادرة، مبتسمًا، مادّا يده إليها،" انتظرني حبيبي، سآتي إليك "، ولكنه سرعان ما يختفي، يضجّ دمها في عروقها حدّ الأنين، " لماذا تركتني؟ ألم أكن مليكتك المتوّجة؟ " تسمع همسه تردّده أمواج البحر، " ولا تزالين، حبيبتي "، يتعانق جسدها مع رمادٍ دافىء.

صباحًا، كعادتها، تزورها ابنتها حاملةً شتلة ياسمين، تزرعها في الحديقة إلى جانب النافورة التي صنعها والدها والتي تعشقها أمها وتشعل حولها الشموع، وإطارات جديدة أخرى طلبتها منها سابقًا.. فتّشت عنها في أرجاء البيت.. صمت ثقيل يبكي.. وقميص نوم أمها الزهريّ مرميّ على الأرض إلى جانب الإطارات التي فرّت منها الصور.



 *****











وصل الطائر المهاجر الى مدينة ( حديثة ) ضمن محافظة الأنبار غرب العراق ، مكان رائع مثل روعة أخلاق وكرم وطيبة أهله ، تكثر فيه( نواعير الماء ) التي أخذت مكانها على نهر الفرات لتصبح رمزًا مشهورًا لهذه المدينة العريقة .

حط الطائر وهو يشعر بالتعب قرب إحدى ( النواعير ) الجميلة ، حيث التقى صديقه ( الهدهد ) الذي رافقه في جولة بمدن وقرى وصحاري الأنبار الشاسعة ، أثناء تجوالهم أخبره عن أجمل حكاية يتداولها الناس في أحاديثهم ومجالسهم وهي قصة ( الحبر الأبيض) .

كانت هناك بنت صغيرة تحب القراءة وتتصفح دائما كتب أبيها ، في يوم من الأيام كانت تبحث عن كتاب تاريخ العراق ، فوجدت جنب الكتاب علبة جميلة حمراء اللون ، فتحتها لتجد بداخلها شيئًا أبيض يخرج منه صوت جميل .

قال لها : ماذا تريدين يا جميلتي ؟

ردت مستغربة : من أنت ؟

قال بصوت جميل : ألم تعرفيني ؟ أنا الحبر الأبيض الذي يمسح الأخطاء .

قالت البنت متعجبة : وكيف هذا ؟!

رد الحبر بثقة عالية : هيا بنا نجرب .

في اليوم التالي ، عندما ذهبت البنت الى المدرسة رأت أحد الأولاد وهو يضرب إحدى القطط ، فقالت له : ماذا تفعل ؟! .

رد بعصبية : إنه يزعجني ولا أحبه .

قالت ناصحة : إن الله أوصانا رفقًا بالحيوان وهذا التصرف يغضب الله سبحانه وتعالى .

أطرق الولد برأسه قائلًا : أنا أعتذر لم أكن أعرف ذلك ، ولن أعيدها مره أخرى .

هنا قال الحبر الأبيض : وهكذا مسحنا هذا الخطأ .

في الطريق رأت إحدى الفتيات وهي ترمي الاوساخ على الارض .

قالت معاتبة : لماذا تفعلين ذلك ؟! إنه عمل قبيح وينقل الأمراض للناس ، الآ تشفقين على عامل النظافة الذي ينظف صباحًا ومساء ؟

عندها قالت بصوت خجول : أنا آسفة ، ولن أعيدها مره اخرى .

هنا قال الحبر الأبيض : ومسحنا هذا الخطأ أيضًا .

وعند رجوعها الى المنزل رأت رجلًا فقيرًا وبجوارهِ ولد مشاكس يضحك ويستهزئ به . صرخت وهي غاضبة : لماذا تفعل هذا ، إنه رجل عجوز وبعمر أبيك ؟! .

رد الولد : كنت ألعب ، ولا أعرف أن هذا العمل قبيح . سامحني ياعم ولن أعيدها مره أخرى .

قال العجوز : حسنًا يابني سامحتك لأنك أعترفت بذنبك ، وهذا يدل على أنك ولد لطيف .

هنا قال الحبر الأبيض : ومسحنا هذا الخطأ أيضًا .

عرفت الآن يا أبنتي ما هو عملي ؟

قالت البنت فرحة مبتسمة : نعم ، وكذلك يجب علينا أن نراجع أنفسنا ونصحح أخطاءنا ، ليمحو الله سبحانه وتعالى ذنوبنا وعثراتنا .

من مجموعتي القصصية ( الطائر المهاجر )

 

 *****












مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة