Translate

الأحد، 12 مارس 2023

أغبى زوج في العالم تأليف / متولي بصل

 

قصة قصيرة

أغبى زوج في العالم

تأليف / متولي بصل

      رغم أن الوقت متأخر جدا، والناس نيام، والشارع خال من المارة، توقف هذا الملثَّم، الذي يحمل صنارة ثبَّت في طرفها نصلا حادا، من يراه يظنه ذاهبا للصيد، لكنه كان واقفا يتطلع إلى شرفة إحدى الشقق في الطابق الأول من العمارة التي يقف تحتها، فَرَدَ الصنارة؛ فتضاعف طولها ما يقرب من سبع مرات، ثم رفعها إلى أعلى نحو الشرفة المقصودة، وطفق يحركها طلوعا ونزولا، محاولا قطع حبال الغسيل، وبعد محاولات كثيرة، جمع كل الملابس المنشورة على هذه الحبال، ووضعها في حقيبة كبيرة، ثم علَّقها في كتفه، لكنه وهو يخلع النصل الحاد من طرف الصنارة، جرح يده، فسالت منها الدماء، أخرج منديلا ورقيا ليكفكف بها دمه المسال، وفي نفس الوقت سمع وقع أقدام تقترب؛ فجرى ليختبيء في الظلام، خلف إحدى السيارات المركونة بمحاذاة الرصيف، لكن لسوء الحظ  داس على ذيل كلب نائم لم ينتبه لوجوده؛ فانتفض الكلب غاضبا، وأخذ يزمجر وينبح نباحا عاليا، فوجيء الرجل الملثم بعشرات الكلاب تخرج من تحت السيارات! وتشارك زميلها نباحه، بل وبدأت تدنوا منه بطريقة مفزعة، اضطر أن يجري بعيدا قبل أن تهاجمه، ولكن جريه حفَّزها أكثر على ملاحقته، وهو يجرى بأقصى ما يمكنه سمع أصوات أناسٍ خلفه تصرخ وتنادي ( حرامي .. حرامي ! ) أطلق ساقيه للريح، وظل يجري، وفي النهاية استطاع أن يهرب منهم.

ثلاثة ممن كانوا يجرون خلفه، عادوا إلى الشارع، ووقفوا تحت نفس الشرفة، والتقط أحدهم حبل غسيل ممزق، قال:

-         هل ننادي على صاحب الشقة ونخبره بأن الحرامي سرق ملابسه وملابس زوجته ؟!

-         يا أخي لا داعي لإزعاجهما الآن، فلم يمر على زواجهما أكثر من ستة أشهر، نذهب لنصلي الفجر، والصباح رباح.

في عصر اليوم التالي كانت الزوجة تحاول أن توقظ زوجها الذي كان يغط في نوم عميق، أخذت تصرخ فيه كالمجنونة، قائلة :

-         اصحى يا محروس! اصحى .. الحرامية سرقوا طقم الفرح، الطقم الجديد سرقوه، وسرقوا حبال الغسيل والملابس!

وهو يفرك عينيه، ويتثاءب، سألها متعجبا :

-         طقم الفرح! أي فرح؟!

-         فرح ابن عمي، حاولت تمنعني من حضور فرحه، وهددتني بالطلاق إذا حضرته، الله يسامحك .. الطقم انسرق يا فقري ! ضروري تقدِّم بلاغ في قسم الشرطة، اعمل محضر، ماما - الله يعطيها الصحة - نصحتني وقالت ضروري نعمل بلاغ لأن الحرامية ممكن يرجعوا ويسرقوا أي شيء، وممكن يقتلونا . .

سمعت رنين هاتفها الذي كان متصلا بالشاحن في حجرة المعيشة؛ فخرجت إليه مسرعة، ولم تلحظ ابتسامته، أو تسمعه وهو يردد متعجبا :

-         يقتلونا! والله ممكن .. تصدقي فكرة، سوف أجعلك تعيشين الرعب أنت والهانم مامتك .

سمعها تتحدث مع أمها، اعتدل قليلا فوق السرير، وأخرج يده من تحت الغطاء، كانت مربوطة بالشاش، ورائحة ( البيتادين ) تفوح منها، وهو يطمئن على يده، قال :

-         المهم ألا تحضري الفرح، وإلا وقعت الطلقة الثالثة.

صك أذنيه صراخ زوجته؛ فوثب من فوق السرير، وانطلق نحو الصوت، فوجىء بها تمسك حقيبة كبيرة فتحتها، وأخرجت منها الملابس التي كانت منشورة على حبال الغسيل، ومن بينها طقم الفرح، صرخ هو الآخر، وكاد يلطم وجهه بيديه، فمن شدة تعبه وإرهاقه ليلة أمس، نسى أن يخفي الحقيبة في مكان بعيد! انعقد لسانه، وطفق يحرك ذراعيه في الهواء مثل المجنون لا يدري ماذا يقول، وهو يخشى أن يفتضح أمره.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة