Translate

الأحد، 31 يوليو 2022

الأحلام المتأخرة ........... إدريس الزياتي .......المغرب


 الأحلام المتأخرة
إدريس الزياتي
المغرب

يجلس القرفصاء على تلة الأحلام ، ذلك المكان الذي ما جلس فيه إلا وداهمته الهواجس يحمل في كفه هاتفه الذكي بعد أن طلق الجريدة التي كانت حبيبته و رفيقه دربه القديمة ، تصاحبه أينما حل وارتحل ، منها يطل على العالم ويعرف ما غاب عن الكثير من أهل بلدته النائية القابعة بين الجبال ، ربط البغل بعيدا فهو الذي يستحق كل الاهتمام والعناية لولاه لمات و عائلته عطشا،
بقلب كريم النظر في الصور التي ملأت ذاكرة الهاتف كأنه يستعيد سنوات مضت في كل مرة ينقص حلمه الكبير ويتقلص حتى أضحى بقدر حبة الحمص، يطالع فيه الأخبار والمستجدات في عالم السياسة والأدب فهو مغرم بهما، الحرب الروسية التي فاقمت الأزمة وجعلت الحياة جحيما لا يطاق ، لم يتخلص العالم بعدمن عواقب كرونا حتى أطلت برأسها كتنين ضخم ينفث نارا يحرق الأخضر واليابس، الأسعار ارتعت إلى حد لا يطاق، والإحتقان السياسي على أشده لا يعلم عواقبه الا الله، سباق محموم وتحالفات، قمم هنا وهناك لكن القمم التي تحيط به لا تتغير ثابتة راسخة ضاربة جذ ورها في الأرض كأوتاد ضخمة، الوضع برمته ينم عن مصيبة قادمة، هكذا تحدثه نفسه.
قطعت حبل الأفكار التي هجمت عليه تلك الرنة من مجهول لاح له رقم غريب وطويل جدا، أحتار في البداية هل عليه أن يرد أم لا ، لكنه فتح الخط مستغربا، ينتظر أن يسمع صوتا قادما من مكان بعيد، لكنه الصمت المطبق الذي عم المكان زاده استغرابا وحيرة . تمتم بكلمات مبهمات لعل أحدهم قد أخطأ الطريق فضاع صوته وصداه بين هذه الجبال العالية
تابع تصفحه لتلك الصور يقلب أحداث الماضي البعيد و القريب ، يتذكر إخوانه ورفاقه في الدراسة و قد ذهبت بهم الدنيا كل مذهب هائمين في كل واد ، لم تصمد إلا الذكريات، كأنها لحظات متجمدة كحبال جليدية ، لا يؤثر عليها القيظ الذي اضطرد بفعل الاحتباس الحراري المتزايد ، صور له في المرحلة الثانوية وصور في الجامعة وأخرى في جمعية المعطلين، ورابعة في بعض المعارك النضالية التي كان يخوضها مع رفاقه وأخرى في الحملات الانتخابية التي لم ينل منها إلا الذل يدعو بالويل و الثبور، زادته بغضا للأحزاب و الدكاكين السياسية وكل متملق كذاب .
يتردد إلى تلك التلة كلما وجد في نفسه الرغبة في أن يراجع ذاته أوينعش ذاكرته التي بدأ الصدأ ينهش أطرافها، يقطع عليه خلوته مرة أخرى ذلك الرقم الطويل ، أصبح يكون له هاجسا هو الآخر بدأ الشك يساوره ، فتح الخط بسرعة هذه المرة وقد عزم على الإمساك بصاحبه ومفاجأته، لكنه اصطدم بذلك الإحساس الرهيب يزلزل كيانه، الصوت الذي لا يستطيع نسيانه ، يعرفه كما يعرف نفسه عاد به عشر سنوات خلت من عمره، إلى سنواته الأخيرة في الجامعة، حيث كان الحلم في أوجه، تصدع الجليد الذي كون جبلا على قلبه وتشققت جدرانه ، عم الصمت لثوان كأن السنوات العشر تنسحب من ذهنه للتو، لتأخذ طريقها وتكمل صيرورتها في الزمن وتواصل الطريق حيث يراد لها.
قطعت ذلك الصمت قائلة هل تذكرتني؟
،
قال بسرعة وهل نسيتك لأتذكر ك؟
،
وأنا كذلك لم أنساك قط لكن للأقدار سطوة و للمحتاج ألف كبوة....... فكرت كثيرا قبل أن أتصل بك، لا أعر ف هل تزوجت؟ هل لك أولاد؟
عم الصمت ثانية
أي رياح حملتك إلينا ثانية؟
ريح قبلية قلبية....... نسمات جميلة هادئة في مساء يضج بالفرح ، نسمات الحرية والأقفاص قد كسرت والأغلال قد تحطمت.
أ نا بعدك لم يعد شيئا يؤثر في حياتي إلا الريح الشرقية التي أحالت ذاتي عطشا سرمديا لا ير ويه إلا الماضي لذا وجدتني حبيس سجن الذكريات رهين تفاصيله أبحث فيه عن الحد الفاصل بين الممكن و المستحيل .
وأنت لا شك أن لك بنيات جميلات يشبهنك، ربما عرفتهم يوما ، فالدنيا بقدر شسا عتها أصبحت صغيرة.
سيكون بإذن الله لكن كما حلمنا من قبل، هل تذكر الأحلام القديمة ؟
ماذا تقصدين؟
ما سمعته للتو، أستعد فالأ حلام مهما تأخرت فإنها ممكنة التحقق.
لكن علينا التشبث بها .
فجأة انقطع االصوت ، طفق يقلب نظره في السماء لا أثر للشبكة على الهاتف ، قال وهو يحدث قمم الجبال أنا مستعد من هذه اللحظة، الحياة لا تطاق ، الحرب الحقيقية هنا فقط.
إدريس الزياتي

مكافآة ................ ولاء القواسمة

 

مكافآة
ولاء القواسمة
اشتعلَ الوطيسُ في ميدانِ السباق، بالنسبة للكبار فقد أصابَ البعضُ الغرورَ الممزوج مع خبثِ النوايا، بينما كانت خطواتُ الصغارِ مكلّلةً بالثقة، متزنة، بريئة، سجَّلَ الكبارُ هدفاً سهلاً في مرمى الصغار، عندما استطاعوا بكل براعة إخراجهم من المنافسة، وفي نهاية السباق، عاد الصغارُ بقدرةٍ ربانية وحطَّمُوا أسطورةَ البعضِ بطيبِ النوايا.
2022_2_21
ولاء القواسمة

إعلان.؟ ..............سالم سلوم........ سوريا


 ق ق ج

إعلان.؟
سالم سلوم. سوريا
إستفاقت على صوت دَويّ أجفلها. بحثت عنه بعينيها. نهضت. تأملت من خلف نافذتها. خطى مسرعة. وصيحات. إبتسامات تعلو الوجوه. إيذانا بقدوم العيد.
كل عام وانتم بخير
🌹
✍️سالم سلوم. سوريا

قراءة لسانية دلالية لقصة الأديب مهدي الجابري "تلويح"

 قراءة نقدية لقصتي( تلويح) بقلم الاديبة والناقدة الاستاذة Habiba Meherzi

قراءة لسانية دلالية لقصة الأديب مهدي الجابري "تلويح"
هل الغرق في الرذيلة اختيار ام عقاب لمجتمع يهضم الحقوق المشروعة للكائن الضعيف ؟
قصة بتيمة تغرق في متاهات المجتمع العربي أو العالم الثالث يوم يقدم الشرف في مقابل البقاء. يوم لا تجد المرأة إلا جسدها تبيعه لطالبي المتعة مقابل المأكل والمشرب والملبس وحتى الدٌواء.
__الشخوص :
لكل مؤلّف سرديّ شخوص تتحرّك ضمن منظومة اقناعية تؤدي أدوارا تختلف بين شخصيات رئيسية وأخرى ثانوية .وشخصيات مساعدة وأخرى معرقلة.
_الشخصية الرئيسيّة في "تلويح" هي الراوي الشخصية .وهو الشخصيٌة المحورية التي معها بدأت الأحداث والتفاعلات والتراكمات وبتحركها داخل المكان والزمان تتحرك شخوص اخرى بفاعلية نسبية تختلف حسب علاقتها فيما بينها أو مع شخصيات أخرى قد تكون حاضرة ولو بالغياب "مثل "الذين يترددون علينا دائما...".
الراوي شخصية شدت حبل التوتر والتقلب منذ أول الرواية إلى آخرها معه بدأت و انتهت القصة وانغلقت انغلاقا دايريّا عبثيٌا لأن الشخصية هي المحرك الاساسي لقصص أخرى ستبدأ في الغد وفي الأيام والأشهر والسنوات القادمة. وقد تكون بذات التيمة والظروف والشخوص وان غابت فالزمن التغير كفيل بتحديدها واستمرارها .
شخصية مستعدّة كي تغرق في مستنقع من "إن توفرت ملذاتهم بذلوا أموالهم" " لو دعته إلى الدخول..."
راو سيكتفي بالمعاينة والمشاهدة وربٌما مجرد شاهد على لوم اب وتقريعه والذي مثلت التاكسي مسرحا أو مكانا مغلقا يتعرض فيه للهجوم من أبنائه وزوجته بسبب ظروفه المادية الصعبة شأنه شأن الراوي الذي بدأ متعاطفا مع الأب قد يكون لشبه ما بينهما.
شخصية هشة ضعيفة مضطربة متذبذبة بين الخير والشٌرٌ إذ بذل مجهودات جبّارة ليطالب بحقٌ والدي "حريفة" في العلاج المجاني لكنه فشل في انتزاع هذا الحق لانه شخصية انهزامية مرتبكة تتصارع فيها نزعتان "العفة والفسق" ولم يثبت ولم يصعٌد المطالبة بالالتجاء إلى القضاء مثلا .
المرأة الثانية "الانثى الجميلة غير المرتبة" تعامله معها تعامل اذعان وضعف بالاستفهام الانكاري الذي لا ترجو له جوابا لانه معلوم ش.."لماذا قبلت؟"
ورغم هذه الريبة التي انبنت في ذهن المتلقي فإن البطل لم يتوان عن تقديم العون لوالدي الفتاة التي سعت إلى توريطه في مستنقع الرذيلة غير أنه وبمنهج نضالي استطاع الإفلات من براثنها لتتغلب الفضيلة على الرذيلة. بعد صراع مرير مع الأنا الملتزمة والانا الشبقة التي تتلصص على أزرار فستان حريفة تفتح وتغلق.
شخصيّة متوتٌرة سيزيفية عبثية تدفع كرة من لهب قد تنفجر حولها قتدمرها تدميرا خاصة وأنها تحشر حشرا في هموم الآخرين ..."الاب يتذمر" والوالدان لم يأكلا...." والفتاة جميلة جدا وتغمز....
_الشخصيات الثانوية :
ما يربط بينها هو الراوي الشخصية وقد تتابعت في تواجدها تتابعا زمنيا ، حيث تواجدت في أزمنة متعاقبة لم تخرج عن الحيز الزماني للقصة القصيرة لتكون شهائد إثبات ليومية سائق تاكسي قرر تعرية الحقيقة ،حقيقة المرأة السلعة والأسباب التي تجعل الرجال يسقطون في شرك الجميلات . فالمرأة الاولى نموذج اجتماعي أخلاقي موجود بكثرة في مجتمعاتنا لكن في شبه خفاء.وقد صورها تصويرا كاريكاتوريا ساخرا .والأسرة التي استوفت كل التراتيل القانونية والمتمسكة بالفضيلة هي نموذج الأسرة المحرومة والتي يحاول الوالد أن يظل شريفا ومعه الام الناقمة والتي قد تنزلق كسابقتها لتسد النقص.
أما الفتاة الأخيرة فهي ضحية ثابتة بشهادة المسؤولين "رفض مداواة الوالدين"...
_الباحثون عن المتعة القذرة :حاضرون بالغياب من خلال سيرتهم وأسباب تواجدهم في الحفلات التي تكدست البضائع من أجلها في صندوق سيارة سائق "محروم...يطمع في تزويد أجرته .."
شرائح اجتماعية مستهلكة .تناولها الراوي كشخصيات قارة ثابتة لراو متحرك متنقل يكشف ويعري ويفضح "الرجال"من رواد العهر ورجال الدولة وكلاهما له نفس المرتبة ...في الدر ك الاسفل.
تقنيات السرد:لقد اعتمد الكاتب على الجمل الفعلية الخبرية القصيرة بايقاع يتماشى مع سيارة تاكسي تجوب الشوارع مسرعة بحثا عن "تلويح" نهضت..أشاحت...ابتسمت..."
واستعمل النواسخ الفعلية للتعبير عن امتداد الفعل واستمراره "رحت...كانت...تفعل..."مع جمل اسمية ثابتة خاصة في الوصف واستعمال التشبيه والاحوال والنعوت لتقريب الصورة من القارئ وكأنه يبحث عن مساند مساعد له ولو أخلاقيا واجتماعيا وإنسانيا في هذه التّلوبحة" "كانها زريبة . كانت آيلة للسقوط ..
أما الحوار فقد ورد احيانا في قالب "مونولوج" يعكس الحيرة والتردد والصراع الباطني الذي تتصافع فيه الشهوة والبحث عن الللذٌة المعروضة عليه مباشرة أو التمسك بالقضايا وتقديم يد المساعدة لمن هم في حاجة إليها واحيانا اخرى ثنائي. خاصة بينه وبين الجميلتين وبينه وبين الوالدين المريضين .والحوار هو الذي كشف بواطن الشخصيات ومعاناتها في الماضي والحاضر والتخوف من المستقبل .
اما الحوار بين الأب المعدم وأبنائه وزوجته فقد عرٌى حقيقة الطبقات الفقيرة والوضعية المهينة للاب الذي لا يستطيع أن يسعد أبناءه حتى في أيام العيد ..
_البناء الدرامي للقصة:
منذ وضعية البداية استشف المتلقي ضنكا ومعاناة يومية عبر عنها السارد بالحال الدال على الغرض والمقترن بالحظ والمكتوب من الله بسيميائية تحيل على ماض مرتبك رهين الحظّ وما يسطره القدر وما تحديد الزمن "الصباح الباكر".الا تماشيا مع نوعية العمل "سائق سيّارة أجرة" لإيهام القارئ بالواقعيّة، لينضاف عنصر مساعد على التأزم والتوتر "كان الطقس قائظا" مع وصف لوضعية السائق "وثوبه الملتصق بجسمه" في مشهدية تمهد لتصعيد دراميّ تازمي حتمي
هذه البداية ممهدة للحدث الفادح "تلويح" وهو مصدر من لوح له أي أشار له من بعيد بحركة من يده والمصدر دال على مطلق الحدث في كل الأزمنة خاصة في حياة سائق ,تاكسي فهي المؤشر التواصلي الدلالي كحركة بمدلول مصطلح عليه عالميا "ايقاف تكسي" ليتنامى الحدث ويتصاعد مع نوع خاصٌ جدا امرأة "مشبوهة" تتصيّد الحرفاء وتتفاخر بالانحراف وقد تكون بقصدية لأنها طريقتها المثلى لتصيّد الحرفاء .
ليبلغ التأزم أشده مع العائلة الفقيرة المعدمة الناقمة على الفقر والخصاصة والذي ساهم شجارها مع الأب في تأزم البطل الذي مازال بدأ في وضعية الفرد الضعيف ضد المجموعة المتسلحة بوعود الاب في الماضي والام التي تنظم إلى المجموعة لتصعد الأزمة ولا تتدخل بالحسنى بين الأبناء وابيهم لأنها متضررة مثلهم.
والسارد لا يتدخل لأن ذهنه مشوش بمن فتحت ازرار فستانها فجاة موضحة فضلها على حرقاء المتعة وفضلهم عليها.
ليتدرج إلى بيوت الصفيح في شبه عملية اختطاف ممن تبيع نفسها لتعيل والديها الذين اهملتهما الحكومة وحرمتهما من الدواء والعيش الكريم. وموقف الراوي المساعد للوالدين حفاظا على شرف أمة وقد يكون ضعف منه أو بداية التدرج وتعدي الخطوة الأولى في هذا المستنقع والدليل صراعه مع ذاته ل"صوت في داخلي يقول :"لم لا؟" لتكون القفلة من نقطة البداية صعود بائعة الهوى اخر النهار ليبلغ التأزم قمته وينفتح باب التكهن أمام المتلقي (هل سيصمد؟) لينتهي مغمى عليه في المشفى .
الغرق في الرذيلة للبقاء على قيد العيش المهين :
لقد صور لنا الكاتب بكاميرا مشهرة تلتقط الحركة والصورة وتنقل لنا الصوت لكن من منظار راو شخصية يسرد الأحداث ويشارك فيها متنقّلا بصفة منطقية معقولة تتوافق مع طبيعة عمله . نماذج من حيوات الطبقات السحيقة في المجتمعات الموبوءة بالفقر والاهمال .باختيار. دائرة لا يمكن تحديد البداية والنهاية لأنها تتوالى وتتعاقب كاحداث دورية ملتصقة بالواقع معرّيٌة للحقيقة المشينة المرعبة .
خطّ درامي بدأ بفتح أزرار قميصها واعترافها بالمهمّة "المشينة" وانتهى براو في المشفى بعد تصادم وتصارع مع عينات من وحشيّة الوضع الإنساني والاجتماعي للأسر الفقيرة عامة للمرأة خاصة في مجتمعات تدّعي التّديّن ونظافة اليد والسّريرة وتذود على الشرف بالسيف وإراقة الدماء.
حبيبة المحرزي
تونس
**تـلـويح**
نَهَضتُ ساعيًا إلى ما كتبه الله لي من رزق، كعادتي أخرج في الصباح الباكر،فأنا أعمل سائقاً لسيارة أجرة،
رحت أجوب شوارع مدينتي، كان الطقس قائظاً، والعرق يجعل ثيابي ملتصقة على جسدي.
من بعيد لوحت لي إمرأة بيدها؛ يرافقها صبي يقود أمامه (عربة دفع) محملة بما لذّ وطاب من مواد غذائية،فاكهة، معجنات بأنواعها وعصائر، خمنت أن لديها مناسبة وطمعت أن تزيد لي في الأجر ، أوقفت السيارة متفائلا، أخذ الصبي ينقل المواد الموجودة في العربة ويصفها بعناية في حقيبة السيارة الخلفية، وعندما انتهى، صعدت المرأة وهي تتأفف من شدة الحر وتلوح بيدها على وجهها ترغب في هواء أكثر! فتحت أزرار قميصها، فأصابني ذهول مرتبك، كانت شابة جميلة جداً ببشرة بيضاء، وعينين واسعتين برموش اصطناعية بالغت في تجميلها، قالت بنزق: ما هذا الحر؟ أجبتها :
- تكييف هواء السيارة يعمل، فقط أغلقي الأبواب والنوافذ وستشعرين بالبرودة.
تابعت بنزق أشد حدة:
- أووووف طلبات كثيرة لابد من توفيرها.
بدت كأنها تحادث صديقاً قديماً فتجرأت أن أبادلها الحديث:
- هل هناك مناسبة سعيدة عندكم.
قالت بتبرم:
- نعم .. مناسبة مستمرة.
أشاحت بوجهها مبتسمة، وهي تغمز بعينيها،
الطلبات كثيرة، تفتح شهيتهم ليلاً.
- من هم؟
-الذين يترددون علينا دائما، عطاؤهم كثير لذلك لابد من مداراتهم.
- أكل ليلة هكذا؟
- بعض الليالي تكون هناك احتفالات.
أضافت قائلة:
- نحن نعمل لنعيش برفاهية لانؤذي أحداً، وبنفس الوقت ندخر أموالاً ومجوهرات للزمن الخؤون، يأتينا أصحاب المال يطلبون ترفيهاً،يجدون عندنا مايريدون، و لايبخلون علينا بشيء إن توفرت ملذاتهم، بذلوا أموالهم،
هذا حالنا يحققون لنا ما نريد، ونوفر لهم ما يريدون،
لا يعصى علينا شيء،
ابتسمت ابتسامة عريضة، ويبدو ان تبريد السيارة أثر فيها فقفلت أزرار قميصها،
سأخذ قسطاً من الراحة ريثما نصل، هناك متسع من الوقت حتى الليل لآخذ دوري المعتاد،
بعد حوالي ساعة وصلنا لوجهتها، نزلت من السيارة ورمقتني بنظراتها الثاقبة وولجت مسكنها، تمنيت لو أنها بقيت مدة أطول، او أنها دعتني للدخول،
رحت أفكر ملياً، يدي تهتز؛ أفقت من شرودي، طردت الوساوس التي اعتراني، وضعت يدي على المقود وكانت ضرباتي عليه متوترة عنيفة.
تابعت سيري أجوب شوارع مدينتي. لوّح لي شاب مع عائلته، توقفت! ركب ومعه طفلان وزوجة، علا صوت الأطفال رافضين الرجوع إلى مسكنهم وهم يطالبون والدهم بشراء ملابس جديدة للعيد، أخذ يهدئهم ويعدهم خيرا، يقول لهم العام الماضي اشتريت لكم ملابس صحيح أنها مستعملة لكنها نظيفة."
كانت الزوجة صامتة ترمق الطريق بغضب.
تابع حديثه موجهاً الكلام لي :
أتعلم يا أخي أن المرتب الشهري لا يكفي واحتياجات العائلة، ومتطلباتها باتت زائدة عن الحد. الحياة صارت عبئا لايطاق.
انفجرت الصغيرة تشهق بالبكاء ومعها انفجرت الزوجة متخلية عن صمتها وهي تهتف مطالبة بما تحتاجه النساء والأطفال، شعرت بالتوتر من صخبهم رغم أن الرجل المسكين أخذ يهدئهم، لكنهم نزلوا غاضبين.توقفت قليلا لأسترد هدوء أعصابي، وأنا ادمدم : ماهذا اليوم ..عسى ان ينتهي على خير..
على الرصيف المقابل
كانت امرأة واقفة تنتظر سيارة أجرة لوحت بيدها وهي تتمايل وقفتُ أمامها، قالت بغنج مفرط :
-" هل ترغب برفيق؟!
بالتأكيد مللت من التجوال طوال اليوم، ستكون راضيا وسعيداً ،
اهتز قلبي بعنف ، لاتبدو طبيعية، شابة جميلة غير مرتبة رغم ملابسها الفاضحة، صعدتْ تجر أذيالها متأففة، قالت :تحرك أينما تريد، المهم في النهاية أن أحصل على مبلغ من المال.
قلت:
-" ويحكِ هل جننت؟
قالت: لماذا وافقت إذن؟
لا بدّ أنك ترغب بذلك، أكمل طريقك وعش هذه اللحظات ان تندم.
اهتز كياني كله بسبب حديثها ..صوت في داخلي يهمس :
- لم لا؟!
فينتفض عقلي صارخاً:
أيها الوغد ..
@
تمالكت أعصابي قليلاً وقلت لها بهدوء بالغ:
- أريد أن أسألك؟
- نعم تفضل.
- لم تفعلين هذا؟!
أظنك مجبرة على فعل شيء مشين كهذا؟
- وماذا يهمك سبب ماأفعل، هذه حريتي وانت قبلت أن ترافقني.
فلا تكثر من الأسئلة؟
هيا جد لنا مكاناً .
- أي مكان يا مجنونة
قولي أين اوصلك واتركيني وشأني
صمتت لثوان ونظرت إلى الأفق خارج إطار النافذة
ثم قالت:
هيا سأدلك أين توصلني!
اخذت تشير لي إلى الطريق حتى وصلنا أحياء ظننتها مهجورة ثم دخلنا زقاقاً جانبياً بيوته مسقوفة بالصفيح وبقايا الخشب .
دخلنا إلى دارها وكانت كأنها زريبة حيوانات، في غرفة صغيرة آيلة للسقوط، كان هناك عجوزان كبيران في السن،راقدان على فراشين متجاورين وكل منهما متكئ على جانب من جسده ويبدوان مثل تمثالين من عظام وجلد،
حينما دخلت استدارا معا في مكانيهما وحين نظرا إليّ تساقطت دموعهما، وأحنى الرجل رأسه وغاب في نشيج مر، جعل قلبي يتفطر.
جلستُ أمامهما وأنا أحاول تمالك نفسي وكتم ألمي وحبس دموعي.
قلت بصوت مرتعش:
ما الذي بوسعي ان افعله لكم؟!
قالت المرأة:
-" يابني ليومين متتاليين ونحن دون طعام ولا دواء،.
نهضت من رقدتي وكأن سوطاً لسعني ، سارعت إلى إحضار طعام وشراء دواء.
قفلت عائداً إلى بيتي وأنا أقول في نفسي:
ياله من" تلويح" هذا اليوم.
حضرت إليهم في اليوم الثاني أَخذتُ العجوزين إلى دائرة حكومية، كان كل اعتقادي أنهم سيشكروني على ما فعلت.
لكن بعد أخذ وردّ مع الموظفين أحالوني إلى مديرهم.
قال مدير الدائرة:
- هم غير مشمولين بالضمان ولا يستحقون مايطلبونه.
كان يتكلم دون أن ينظر إليّ .
ثم أشار لي بيده ان أنصرف، انصرف، هو مبتسم والهمهمة مع امرأة جميلة تتهادى أمامه،
نظرت إلى المرأة ملياً وتذكرتها كانت المرأة الجميلة نفسها التي استقلت سيارتي أمس وكانت تتكلم عن الحفلات والسهرات الليلية الصاخبة.
خرجت بسرعة البرق ركبت السيارة ،و قدتها بسرعة، استوقفتني امرأة شابة ، دارت معركة بين قلبي و عقلي، هل أقف؟ أو أتركها في الطريق تنهشهها وجوه المارة؟
شعرت بدوار، أوقفت المحرّك و لم أشعر بنفسي إلا و أنا في المشفى.....
مهدي الجابري ..العراق
لا يتوفر وصف للصورة.

الاثنين، 25 يوليو 2022

هل تذكر؟ بقلم الكاتب / رشدي الخميري - جندوبة / تونس

 

هل تذكر؟
بقلم الكاتب / رشدي الخميري
جندوبة / تونس
هل تذكر أيّام الصّغر والعنفوان، عندما كنت تصول وتجول، ولا تسعك لا مياه ولا حقول ولا مسافات؟ هل تذكر الأصدقاء والأعداء وصنيعك مع هذا وذاك؟ والآن، هل تنام مرتاح البال بعد قضاء يومك في معتركات أصبت في بعضها وأخفقت في بعضها الآخر؟ ثمّ لماذا تسائل نفسك؟ هل شككت في مواقفك فأنت أمام صورتك تحاسبها؟ أم أنّك تقف حائرا أمام ما فعلته من خير فواجهوك بالعداء ونكران الجميل؟ ما يجب أن ندركه قبل فوات الأوان هو أنّنا مجبولين على الحركة وكلّ متحرّك بما هو إنسان قد يخطئ وقد يصيب، لذلك لا ذنب على من تحرّك وفكّر في اتّجاه نفسه والنّاس، إنّما الذّنب على من بقي متفرّجا متصيّدا ما فعله الغير ليثب بعد ذلك بوابل من الانتقادات والتفاهات راجما من تحرّك وفكّر أو ليقف "محايدا" كي يبقى صديق الجميع.. هههههه. يجب أن ندرك أنّ الحياة دروب مختلفة وفي بعض الأحيان متشعّبة ونحن ضمنها نتأثّر ونؤثّر وطوبى لمن نجح في الأمرين . عرف كيف يستوعب ما يحيط به وفهمه ثمّ تدبّر أمره ليضع بصمته فيغيّر بقدر ما أتيح له من إمكانيّات وحسب ما دبّر وقدّر. أما الّذي بقي من شرفته متفرّجا وهو يدوّن ملاحظاته ليهاجم بها من حاول أن يلعب دورا في حياته وحياة النّاس فلن يصيب سوى التّأثّر وبذلك الانقياد وراء الغير وربّما صار فردا من قطيع مستسلم لا يعرف معنى ل" لا" و"نعم" إلاّ من خلال ما سطّره غيره ودون ذلك العدم. إثبات الذّات أمر يكاد يكون جبلّة في الإنسان أو ربّما هو كذلك. ولكنّي أقول كيف نثبتها؟ المسألة لا تتعدّى كونها خيارا شخصيّا ينضبط إليه النّاس ويسخّرون له جميع ما يملكون وجميع ماهم عليه من استعداد وتحفّز لذلك الخيار. ولكن هل لخياراتنا الشّخصيّة تابعات أو انعكاسات على محيطنا البشري والطّبيعيّ؟ طبعا أقول نعم، فخياراتنا ستترجم إلى أفعال وأقوال وهذه الأقوال والأفعال هي من صميم دورنا في محيطنا وبالتّالي سنسعى إلى جمع النّاس حولها ليس للتّباهي بها وإثبات جدارتنا في القول والفعل بل لإثبات قدرتنا على التّغيير لأنّ التّنمية والتّطوّر يفرض ذلك. لا يمكن " للسّماء أن تمطر ذهبا" لنمتلكه نخن دون أيّ جهد. ولا يمكننا أن نكتسب صفة " الانسان" إذا ما ولدنا وأكلنا وشربنا ولبسنا ثمّ متنا وقبرنا. الفعل في الطّبيعة وفي المحيط البشري هما غاية ووسيلة وفرض للتّطوّر والتّقدّم ، والخطأ أثناء الانجاز وارد وهذا ليس ذنبا أو جرما إنّما هو نتيجة لقياسات وتقديرات غفلت عن بعض المعطيات المهمّة لذلك هي تتطلّب المراجعة والتّدقيق ثمّ التّصحيح على نهج إرادة حقيقيّة وخالية من الذّاتية المقيتة. أي نعم قد نتوق لغايات ورغبات فرديّة ولكن لنتأكّد أنّ ماهو فرديّ لن ينجح إلاّ ضمن المشترك مع النّاس في تشكّل أراد لنفسه التّقدّم والازدهار. لذلك أقول عندما نراجع فعلنا وقولنا فلنبدأ بما نالته منّا البلد وأهله وعند ذلك سنجد أحد الأمرين لا ثالث لهما إمّا أنّنا خدمنا البلد وأهله وحقّقنا ضمن ذلك مطامعنا وأهدافنا الخاصّة، أو أنّنا سننتبه أنّنا خضنا معارك مع طواحين الهوى فخذلنا البلد وأهله وما نلنا لذواتنا من وراء ذلك سوى ضجيج الطّواحين وعرق مهدور.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
قد تكون صورة ‏‏طائر‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

حال_أغلب_العلاقات : خواطر للكاتبة / خلود أيمن


#خلود_أيمن #خواطر #KH

لقد أضرم النيران في قلبي ، لم يتوقف عند حد الإهانة والصوت العالي فحسب ولكنه تطاول علىّ بالضرب المبرح حتى كدت أموت بين يديه من شدة القوة التي يملُكها ، فقد كان عريض المنكبين ، قوي البنيان ، لا يقدر أحد عليه إنْ اعتراه الغضب أو عكَّر أحد مزاجه أو حدث سوء تفاهم بينه وبين شخص ما ، لم أعد قادرة على تَحمُّل تلك الحياة القاسية العنيفة التي لم أكن أتخيل أنْ تصل لهذا الحد المروع المفجع الذي يصيب النفس بالاشمئزاز والرغبة في الفرار والخلاص من هذا الوضع البائس ، فلم يكن ذلك هو دور الزواج على الإطلاق فهو يعتمد على المودة والرحمة والحب المتبادل ليس العنف والقسوة التي يتعامل بها معي وكأنه يزدريني ، يحتقرني ، يعاملني كأمةٍ لديه ، لا يحمل أي نوع من الحنو والشفقة التي تجعله يتراجع عن هذا التعامل القاسي الفظ معي ، فلقد صارت أغلب العلاقات اليوم على هذا الحال ...

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة