Translate

الأحد، 31 يوليو 2022

الأحلام المتأخرة ........... إدريس الزياتي .......المغرب


 الأحلام المتأخرة
إدريس الزياتي
المغرب

يجلس القرفصاء على تلة الأحلام ، ذلك المكان الذي ما جلس فيه إلا وداهمته الهواجس يحمل في كفه هاتفه الذكي بعد أن طلق الجريدة التي كانت حبيبته و رفيقه دربه القديمة ، تصاحبه أينما حل وارتحل ، منها يطل على العالم ويعرف ما غاب عن الكثير من أهل بلدته النائية القابعة بين الجبال ، ربط البغل بعيدا فهو الذي يستحق كل الاهتمام والعناية لولاه لمات و عائلته عطشا،
بقلب كريم النظر في الصور التي ملأت ذاكرة الهاتف كأنه يستعيد سنوات مضت في كل مرة ينقص حلمه الكبير ويتقلص حتى أضحى بقدر حبة الحمص، يطالع فيه الأخبار والمستجدات في عالم السياسة والأدب فهو مغرم بهما، الحرب الروسية التي فاقمت الأزمة وجعلت الحياة جحيما لا يطاق ، لم يتخلص العالم بعدمن عواقب كرونا حتى أطلت برأسها كتنين ضخم ينفث نارا يحرق الأخضر واليابس، الأسعار ارتعت إلى حد لا يطاق، والإحتقان السياسي على أشده لا يعلم عواقبه الا الله، سباق محموم وتحالفات، قمم هنا وهناك لكن القمم التي تحيط به لا تتغير ثابتة راسخة ضاربة جذ ورها في الأرض كأوتاد ضخمة، الوضع برمته ينم عن مصيبة قادمة، هكذا تحدثه نفسه.
قطعت حبل الأفكار التي هجمت عليه تلك الرنة من مجهول لاح له رقم غريب وطويل جدا، أحتار في البداية هل عليه أن يرد أم لا ، لكنه فتح الخط مستغربا، ينتظر أن يسمع صوتا قادما من مكان بعيد، لكنه الصمت المطبق الذي عم المكان زاده استغرابا وحيرة . تمتم بكلمات مبهمات لعل أحدهم قد أخطأ الطريق فضاع صوته وصداه بين هذه الجبال العالية
تابع تصفحه لتلك الصور يقلب أحداث الماضي البعيد و القريب ، يتذكر إخوانه ورفاقه في الدراسة و قد ذهبت بهم الدنيا كل مذهب هائمين في كل واد ، لم تصمد إلا الذكريات، كأنها لحظات متجمدة كحبال جليدية ، لا يؤثر عليها القيظ الذي اضطرد بفعل الاحتباس الحراري المتزايد ، صور له في المرحلة الثانوية وصور في الجامعة وأخرى في جمعية المعطلين، ورابعة في بعض المعارك النضالية التي كان يخوضها مع رفاقه وأخرى في الحملات الانتخابية التي لم ينل منها إلا الذل يدعو بالويل و الثبور، زادته بغضا للأحزاب و الدكاكين السياسية وكل متملق كذاب .
يتردد إلى تلك التلة كلما وجد في نفسه الرغبة في أن يراجع ذاته أوينعش ذاكرته التي بدأ الصدأ ينهش أطرافها، يقطع عليه خلوته مرة أخرى ذلك الرقم الطويل ، أصبح يكون له هاجسا هو الآخر بدأ الشك يساوره ، فتح الخط بسرعة هذه المرة وقد عزم على الإمساك بصاحبه ومفاجأته، لكنه اصطدم بذلك الإحساس الرهيب يزلزل كيانه، الصوت الذي لا يستطيع نسيانه ، يعرفه كما يعرف نفسه عاد به عشر سنوات خلت من عمره، إلى سنواته الأخيرة في الجامعة، حيث كان الحلم في أوجه، تصدع الجليد الذي كون جبلا على قلبه وتشققت جدرانه ، عم الصمت لثوان كأن السنوات العشر تنسحب من ذهنه للتو، لتأخذ طريقها وتكمل صيرورتها في الزمن وتواصل الطريق حيث يراد لها.
قطعت ذلك الصمت قائلة هل تذكرتني؟
،
قال بسرعة وهل نسيتك لأتذكر ك؟
،
وأنا كذلك لم أنساك قط لكن للأقدار سطوة و للمحتاج ألف كبوة....... فكرت كثيرا قبل أن أتصل بك، لا أعر ف هل تزوجت؟ هل لك أولاد؟
عم الصمت ثانية
أي رياح حملتك إلينا ثانية؟
ريح قبلية قلبية....... نسمات جميلة هادئة في مساء يضج بالفرح ، نسمات الحرية والأقفاص قد كسرت والأغلال قد تحطمت.
أ نا بعدك لم يعد شيئا يؤثر في حياتي إلا الريح الشرقية التي أحالت ذاتي عطشا سرمديا لا ير ويه إلا الماضي لذا وجدتني حبيس سجن الذكريات رهين تفاصيله أبحث فيه عن الحد الفاصل بين الممكن و المستحيل .
وأنت لا شك أن لك بنيات جميلات يشبهنك، ربما عرفتهم يوما ، فالدنيا بقدر شسا عتها أصبحت صغيرة.
سيكون بإذن الله لكن كما حلمنا من قبل، هل تذكر الأحلام القديمة ؟
ماذا تقصدين؟
ما سمعته للتو، أستعد فالأ حلام مهما تأخرت فإنها ممكنة التحقق.
لكن علينا التشبث بها .
فجأة انقطع االصوت ، طفق يقلب نظره في السماء لا أثر للشبكة على الهاتف ، قال وهو يحدث قمم الجبال أنا مستعد من هذه اللحظة، الحياة لا تطاق ، الحرب الحقيقية هنا فقط.
إدريس الزياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة