Translate

السبت، 18 ديسمبر 2021

عَيْنُ الرَّسَامِ بقلم / سمير لوبه

 كتب سمير لوبه

« عَيْنُ الرَّسَامِ » قصة قصيرة
فِي المَدِينَةِ العَجُوزِ تُخًيمُ العشوَائيةُ عَلَي الشَّوَارِعِ ، يَحفُرُ الجَهلُ بِمخَالِبِه فِي مُخَيلَةِ قَاطِنِيهَا قَبلَ عَقلِهم الغَوغَائِيةَ ، تُضَيّقُ الأدخِنَةُ أنفَاسَهم ؛ يُطبِقُ الحُرَاسُ على الشَّارِدَةِ والوَارِدَةِ ، يَقِفُون فَوقَ رُءوسِ قَاطِنِيهَا، يُولَدُ فِي المَدِينَةِ العَجُوزِ الأطفَالُ شُيُوخَاً ، جِنازاتُ الأًحلَامِ لا تنقطعُ ، لَا شَيءَ يَقبَلُه المَنطِقُ ، رُءوسٌ طَأطَأهَا العَوَزُ ؛ فلَا تَلمَحُ فِيهَا مَنْ يَرفَعُ رَأسَه ، تَزحَفُ العُيُونُ تُلَاصِقُ الأَرضَ ، تُفقَأ إحدَاهُمَا إنْ ارتَفعَت لتَرَى السَّمَاءَ ، وتُترَكُ واحِدَةٌ لتَرَى مَا يُرِيدُون لقَاطِنِيها أنْ يَرَوه ،
يَجلِسُ الرَّسَامُ عَلَى رَصِيفِ المَقهَى الضَيقَةِ يَملأَهَا الدُخَانُ يَخنُقُ الصُّدُورَ ، تَبكِي ذَاكِرَتُه " أمْ الضَفائِرِ " حَبيبَةَ قَلبِه الَّتِي فَقَدَهَا يَوَمَ رَآهَا كَبِيرُ الحُرَاسِ وطَلَبَهَا مِنْ أبِيهَا النَّحَاتِ فلَمْ يَستَطِعْ أنْ يَرُدَّ طَلبَه ، وذَاتَ يَومٍ رَفَعَ عَينَيه الاثنَينَ يَرنُو إلِيهَا وَهِيَ تُطِلُّ مِنْ نَافِذةِ بَيتِ كَبيرِ الحُرَاسِ العَالِي فَفَقد إحدَى عَينَيه ، فَجأةً يَقطَعُ حَبلَ الذَّاكِرَةِ صَوتُ مُعَلِقِ المُبَارَاةِ " هدفٌ فِي الوقتِ الضائعِ " يَنبَعِثُ صُرَاخٌ يَهِزُّ المَكَانَ ، يُطَأطِئ الرَّسَامُ رَأسَه يَنظُرُ فِي لَوحتِه بالعَينِ الوَحِيدَةِ ، يَنصَرِفُ الجَمعُ ، مَن لَه عَينٌ وَاحِدَةٌ والأُخرَى مَفقُوءةٌ ومَنْ نَال الحظَّ ومَازَال يَحتَفِظُ بعَينَينِ ، صَامِتُون تَزحَفُ عُيُونُهمْ عَلَى الأَرضِ لَا تَجرُؤ عَلَى النَّظَرِ لِلسَّمَاءِ ، يَنبَعِثُ نَحِيبُ النَّاي بأغنِيةٍ ، تَتَلَقَفُهَا أُذُنَاه ، يُتَمْتِمُ بِكَلِمَاتِهَا :
• ألف الشوارع
• أتوه في المدينة
• أضيع في المواجع
• وفي دموعي الحزينة
• وفي كل الشوارع
• لا ضاعت مواجع
• ولا هديت عيون
- كَيفَ حَالُك يَا فَنَّانُ ؟
- كَمَا تَرَى بعَينَيك الاثنَينِ ، فُقِئَت إحدَى عَينَيَّ ، أبحَثُ عَنْ عَملٍ
- كُنْ مُطمَئناً ؛ عِندِي لَك عَملٌ
- مَتى ؟
- عَليك أنْ تُحضِرَ أولاً صَحِيفَةَ أحوَالِك الجِنَائيةِ " فيش وتشبيه " مِنْ عِندَ الحُرَاسِ
- غَداً سَأذهَبُ لِعَملِه
- أرَاك بَعدَ أنْ تَنتَهِي مِنه
تَمرُّ عُشرُون سَنَةً ، يَتقَابلُ ذو العَينَينِ مَع الرَّسَامِ وقدْ بات كَفِيفًا :
- أينَ كُنت يَا فَنَّانُ ؟
- فِي جَبَلِ المَغُولِ
- لِمَاذَا ؟ !!
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏لحية‏‏

هناك تعليق واحد:

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة