Translate

السبت، 18 ديسمبر 2021

حديث الشمعة بقلم / عبدالعزيز عميمر كاتب وقاص من الجزائر


 * حديث الشمعة *

_أحس بدفئها،تتموج شعلتها،نسيمات تداعبها،
فترقص على منوالها،يتورد خدي من انعكاس نورها،وتبدو عيناي تشعان ومضات من الغبطة والسرور، وعاد طفلي،فاحتضنته ،هاهو يلاعب الشمعة ،يتمعن في عبراتها المنسكبة،حارة جدا،
حرارة وجدانها،وفؤادها الرومانسي الذي يضفي
على الفضاء متعة لا تنسى.
_ الشمعة لا تفضحني،ولا تجعلني أخجل من فيضان إحساسي الذي يجرف الأسرار ويكر معه الذكريات ،في سريان غامر،عيدان حطب ،وبقايا أشجار يابسة،كان لا بد من قذفها ،ليبقى القلب متسعا لأساطير الحياة التي هي في الطريق ولم تختزن بعد.
_ ما يبهجني مع الشمعة ،انها ألبستني وشاح البوح وترطيب القلب ،وعصر الذاكرة ،فتذوبان معا وتتعانقان، واسمعهما يتهامسان : اليوم يومنا وراحتنا في واحة فتح السجلات ،سننزع برنس الكتمان ونخرج من منفانا ،ونشهر صفحتنا كما خلقنا.
يلتفت القلب للشمعة يتنهد : آه لولاك ما خرجت للعلن،لقد طوعت القلوب بلطفك،وليس بعنفك،ويشهد لك المحبون بلمسة حبك وبحراستك لهم ، ودفع أشواقهم للتلاقي والتعانق،فينصهر جفاهم وعتابهم،وتنزل دموعهم لتسقي فضاء جفافهم،فتخرج الورود من أكمامها،وترفرف فراشات اوعتهم ويذوبون تحت عسلا يعالج جراحهم فتلتئم .
لقد فروا من أشعة البدر الباهتة والباردة بثلجها، والتي تذكرهم بمصاصي الدماء ،وخرافات القصور ورعبها .
_ ارتديت وشاح الشمعة ،فشعرت بالستر وتقدير الذات،وقبلت بصورتي الذهنية والجسمية،احتضنتها .
_ باركت الشمعة هذا الود ،ورقصت أكثر وعلا لهيبها وحمرتها،فعكس ظلالا واشباحا متحركة على الجدران،شبيهة بالدمى الصينية القديمة التي تحرك من وراء الستار .
_ بدأت الحكايات تنساب من الذاكرة،بعد رؤية الضوء الأخضر من القلب،وطفلي يحكي مغامراته في الحقول والجري وراء الفراشات، ورعي الأغنام ،والتمرغ فوق الحشائش بدون جدران ،على مد البصر،كل هذا وعقارب الساعة نشطة تسرع هي الأخرى،وعسل الشمعة يقطر،ويقطر، وستار رموشي يرتخي قليلا،قليلا ،حتى يغلق الدكان،ويتوارى الزبائن، وتسقط يدي على الفراش ،وتتلاشى قوتي .
_ وبحنان شديد ،أرى رأسي على وسادتي التي فرحت باحتضانه، فهي باردة وتنتظر الدفء التي تعودته .
_ وما زالت رائحة الشمعة في أنفي ،بعد أن ضحت بعمرها ،وأهدته مجانا لفسحة وتجوال قلبي وذاكرتي.
_عبدالعزيز عميمر. كاتب وقاص من الجزائر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة