Translate

الجمعة، 22 يوليو 2022

ضفة أخرى ......................... قحطان عدنان السوداني بغداد_العراق

 



ضفة أخرى
قحطان عدنان السوداني
بغداد_العراق

سلفا كان القرار متخذا ، لكن التنفيذ قيد الدرس.هو لم يأت
بجديد ولا مستغرب ،وكل ما سيقال من بعده..من شابه أباه فما ظلم..وحتى من شابه أخاه الأكبر ايضا.سابقتان في نفس البيت تجعلان الأمر طبيعيا، و هو لايعرف معهن هل هي عدوى أم شيء ما ينتقل بالجينات، أو هو نفسه ذاك الموسوس عاد يسكن الدار، ويتربع مساء في حيز من الدماغ زانا حتى لا يفارقه إلا وقد تأكد إن قرار الإنتحار صار متخذا . قبل عشر سنوات كان أباه ،وبعده بخمس أخاه، وهذه الأيام صار الموسوس نديم لياليه،وكلما يتجاذب أطراف الحديث معه يضع سليم يده تارة على رقبته، وتارة يتحسس وريد يده الاخرى، لكنه هو ليس بشجاعة أباه، ولاحتى أخاه، هكذا حدث نفسه ،لذا صار يبحث عن طريقة مثلى أقل عنفا وأهون وجعا،فوجع عقاب الآخرة آت لامحال فعلام أستباق الأوجاع بأوجاع ،لاسيما وقد رأى مقدار ألم الشنق قبل شهرين، حيث أجهز على قطة فقتلها شنقا ، لسرقتها قطعة لحم من قدر طبخهما الذي لم ير اللحم منذ زمان، وإن إستشاطت الأم غضبا، لكنها هدأت مقدرة بأن الجوع قد يجعل حتى الأنسان يسرق،لكن سليم أصدر القرار والقى القبض ونفذ. أما صورة بركة الدم التي توسطها أخاه ، وشكل وريده النافض لم تفارق مخيلته، لذا صار يدرس طرائق أخرى.
أحست أم سليم بدوائر تدور بالبيت بعدما صارت خبيرة في تشخيص هكذا حالات، فجحوظ العينين، وأصفرار الوجه، وتناول قليل من الأكل،وعدم الثبات في مكان،وإصطناع ضحكات لأمر لا يستوجب، والأكثار من الحديث عن الشجاعة،كل هذه الأعراض تكفيها لتشخص إن الدوائر تدور، ومغازل الزمان تحوك، لكن كيف لها أن تشتت الدوائر ، وتنقض غزل مصيبة ثالثة ستحل.
عند مساء قررت الأم المفجوعة أن لا تسمح لمزيد من الفواجع، فما عاد في قوس صبرها منزع،وأرادت أن تحتفظ بأخر نبل في كنانتها، لذا صارت نديمة ليله حتى لا تترك الوسواس
يأخذ أبنها الى ما لا يحمد عقباه، وراحت تمازحه، متدخلة في شؤون قلبه علها تجد من تسكنه وبها تستطيع طرد مايسكن عقله،بعدما تقنعه بالزواج،لاسيما وقد تخرج من كليته بتقدير عال.
سألته مباغته ..ألم يدق قلبك لزميلة لك؟ ضحك ولم تعرف معها هل هي ضحكة مستغرب للسؤال، أم ضحكة مغبون قد خرج من رحلة الأربع سنوات خالي الوفاض.. راح بخياله ناظرا للسقف ثم أجاب..نعم يا أم سليم فقد دق قلبي لهن جميعا حتى صار كالدمام..لكنهن كصويحبات السياب، يأخذن مايحتاجنه مني ثم أُهمل.غربت عيون الأم نشف ريقها ، فهي تعرف الحقيقة لكنه بعينها هو كالغزال ..أرادت أن تقطع دابر حكاية مثخنة بجراح وعُقد حملها معه سليم منذ الطفولة..لكنه أراد أن يواصل مفضفضا، بعدما كان يدور كل ذلك في خلده صامتا. تركت أمه لعيون همومه أن تنضح ألما، وتركت لعيونها تنضح دمعا.. نظرت اليه ،أرادت أن توقف نضوح كوامنه، فقالت:ياسليم لايعيب الرجل شكله. نظر لها وكأنه معاتبا ، فهي أحدى عناصر خطيئة الأتيان به،ثم قال:
لو عوضه عن ذلك جيبه، لكني والحمد لله يتيم الشكل والجيب. هنا أرادت أم سليم أن تجبر له ما كسرته الأقدار فقالت: لكن لك أن تفخر عليهم بتفوقك ..أجابها إني إتخذت من التفوق سلاحا أصب به جام غضبي عليهم جميعا ،لا حبا بالتفوق.. وأردف مواصلا ..لكن بالمحصلة لهم كتب النصر وإن كانوا بدون سلاح.. وقال بحسرة المغلوب ..كانت معركة غير متكافئة بيننا يا أماه.. هونت عليه وأستأذنته لتصلي صلاة الفجر، لكنه فجر ولا كل فجر ، فما أن رفعت يديها للسماء..سمعت وكأن هاتفا قد جاءها بحل مستعجل ..ذهبت مسرعة اليه وبصوت ممتزج ما بين الفرحة والحزن قالت : ياسليم أنك قد خسرت معركة ولم تخسر الحرب بعد، فهناك جبهات سيكتب لك بها أنتصار..تفاجيء سليم لحديثها وهي المرأة متوسطة التعليم فقال معلقا
أن حروب البلاد المتواصلة علمتك تتكلمين كقائد عسكري على مايبدو..لكن على أية حال أي جبهة تريدني هذه المرة أن أقاتل.. قالت جبهة الهجرة مثل كثير من الشباب. لمعت عيون سليم وقف مذهولا لفكرة لم تخطر له ببال.. نزلت دمعة ساخنة وقال: وأنت.
قالت لاعليك .. أختك وزوجها سيعيشان معي.
نام ذاك الصباح ملء جفونه ،بعدما رمت له أمه بطوق نجاة سيأخذه الى ضفة بلا وسواس ،وبعد سنتين من العبور، أرسل لأمه صورة أمل ،أبنته البكر ذات العيون الزرقاء.
قحطان عدنان السوداني
بغداد_العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة