Translate

الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

« سِنْمَار » قصة قصيرة جداً بقلم #سمير_لوبه 🇪🇬 مصر

 « سِنْمَار » قصة قصيرة جداً

نَبتٌ أَخْضَرُ هزيلٌ رَوَته فَيضَ حَنَانِهَا ، أَسكَنَته قَلبَهَا لَمْ تَضِنّْ عَلَيه بِزَهرَةِ شَبَابِهَا ، يَملُكُ وَحدَه شغافَ قَلبِهَا ، وَهَبَته روحَهَا تُشقِي نَفسَهَا لِيَنعَمَ بِالسَّعَادَةِ ، تُشعِلُ بِرَغبَةٍ الفَتِيلَ تَذُوبُ شَمعَةُ عُمرِهَا ؛ لتُنِيرَ لَه عَتمَةَ اليُتمِ ... اِشْتَدَّ عُودُه ، خَلفَ النَّافِذَةِ تُوَدِّعُه بِالنَّظرَةِ الأخِيرَةِ فِي دَارِ المُسِنِين .
" الشَّمْسُ تَمِيلُ نَحْوَ الغُرُوبِ مُسْرِعَةً ، كَأَنَّهَا تَسْتَحِثُّ اللَّيْلَ المُظْلِمَ عَلَى الوُصُولِ " .
بقلم #سمير_لوبه 🇪🇬 مصر
قد يكون فن ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏

- الفاجعة – ( قصة ) بقلم / ناجح صالح


 - الفاجعة – ( قصة )

تلاشى كل أمل لديها بأن ابنتها سوف تعود ، وكلما مرت الساعات ازداد خوفها وهلعها ، حتى اذا جاء المساء وساد الظلام فقدت قدرتها على الوقوف على قدميها ، وطاردها هاجس من أعماقها بأن ابنتها خطفت وربما أغتصبت وربما قتلت .
ووقف زوجها غير بعيد يحاول أن يهدئها قائلا :
- صبرا يا امرأة ، لعل زحام الطريق هو الذي أخرها .
تمتمت صارخة :
- أي زحام وأي طريق ، لقد ضاعت ابنتنا .
- لا تقولي ذلك ، ابنتنا عاقلة وذكية ، وأراهن أنها سوف تعود .
- أقسم أنها اذا عادت فلن تذهب الى الجامعة بعد اليوم .
- لا بأس ، اهدأي فحسب .
- كيف أهدأ يا رجل والساعة تقترب من التاسعة ؟ قلبي ينبئني بأنه حدث لها حادث .
- أنت تهذين ولا شك .
ليس حلما ما ترى ، هاهي تفقد ابنتها ، ثمرتها الوحيدة في الحياة ، فهيهات أن يكون للحياة طعم أو مذاق .
يا له من شرخ هدم بنيان أسرة ليهدر معه دم فتاة في مقتبل العمر ، انها طعنة لم يحسب لها حساب ، وفاجعة لا تشبهها فاجعة .
ليس لها من عزاء ، وليس من ثمة شفاء لجروحها ، لقد ماتت كأم ومات معها كل حلم وكل طموح
ما تزال الريح تعصف في ليلة شتائية باردة ، وفلذة كبدها مفقودة ضائعة ، ربما هي في العراء جثة ممزقة لا غطاء يسترها ، في ميتة يرثى لها ، بل في اغتيال بشع أبشع مما يوصف ، وتساءلت مع نفسها : من يفعل ذلك من ؟ ولماذا ؟
أما الأب فهو خائف أكثر منها وهذا الخوف يطارده منذ العصر ، ان ابنته لم تتأخر يوما عن موعدها ، فأي حادث حدث لها اليوم ؟
وأدرك ببصيرته أن ثمة مكروه وقع لأبنته ، غير أنه حاول أن يكتم مشاعره أمام امرأته .
مضى الوقت ثقيلا وهما في دوامة الأنتظار ، فأجهشت المرأة بالبكاء صارخة :
- افعل شيئا يا رجل .. لا تقف قبالتي هكذا .
- ما الذي يمكن أن أفعله في هذه الساعة ؟
- اخرج وابحث عن ابنتك .
فصرخ بغير وعي :
- أين ؟ أين ؟ ليل بغداد لم يعد آمنا ، هل تفهمين يا امرأة ؟ انه لا أحد يغادر داره في الليل ، فأين تريدين أن أذهب ؟
وعقب مع نفسه قائلا وهو يجثو على الأرض : لقد قضي الأمر . وراح يذرف الدموع مناجيا نفسه من جديد : لقد فقدناها ، ليس من ثمة أمل .. لقد اختفت كما يختفي الآخرون كل يوم .
وتقدم نحو امرأته وهو يحاول أن ينقذها مما هي فيه ، مادا اليها يده قائلا :
- انهضي يا امرأة من الأرض واجلسي على السرير .
- دعني وشأني .
ورفعت صوتها على حين غرة كالمخبولة :
- أين أنت الآن يا ابنتي ؟
- ستقتلين نفسك .
- ألم أقتل بعد ؟
- حسبي الله .. يا لها من ليلة .
واختنقت عبراته ، لقد جرح الرجل جرحا بالغا ، ورغم أنه حاول أن يقاوم مخاوفه غير أن انتصاف الليل أكد له بأن ابنته لن تعود وأنها أضحت ضحية الأحداث الساخنة التي تعصف بالوطن .. أية مأساة بل أية لعنة !
أي منزلق خطير يودي بحياة الناس ؟ وأية فضيحة للأسرة حينما تخرج المرأة من دارها فلا تعود اليه ، ليس باختيار منها ولكن بفعل فاعل مجهول ، هكذا هو وأد الشرف .
ولم يجد الرجل بدا من أن يجلس الى جوار امراته مخاطبا اياها بود وحنان :
- هذا قدرنا والأمر ليس بيدنا .. ألست مؤمنة يا امرأة ؟
- لقد انتهيت .
- ربما يأتينا الصباح بخبر سار .
- لا ..لا أظن
- ارفعي يدك الى السماء .
- ضاعت ابنتنا يا رجل ، لا جدوى من كل شيء .
- لا تفقدي ايمانك .
- ابنتنا ماتت ، ألا تفهم ؟
- سأرفع يدي وحدي بالدعاء .
خيم الصمت والظلام على أرجاء الدار ، والمرأة مستلقية على الأرض كجثة هامدة ، بينما راح صوت الرجل يرتفع بالدعاء رغم أن مشاعره تؤكد له بأن ابنته حدث لها حادث أليم ، وأنها لن تعود الى الدار من جديد ، لقد قضي الأمر .

قصة قصيرة سلة فارغة ....عبدالجابر حبيب ...

 


قصة قصيرة
سلة فارغة
غبار يغطي الأشياء. وجوه شاحبة، كأوراق شجرة لم يعرف الماء دربه إلى جذورها. بريق الأمل يزرع في عيون أرهقها النظر إلى الجهات؛ راجية منها أن ترسل لها قافلة محملة ببعض مايسر قلوب المحرومين،
ترقرقت دموع فرح مجهول في عيون صغار القرية.
بعدما أخبرتهم الحاجة عائشة العواد بما سمعته في المدينة من أقاويل شتى، وهي تبيع مالديها في السلة من البيض؛ فقد حرمت أحفادها الصغار منه لتشتري لهم اللباس، والأحذية، وكأن أكل البيض لم يعد لائقاً بالفقراء أمثالهم.
تحت ظل جدار بيت ترهل من ويلات حرب، حطت رحالها في قريتهم النائية عن ملذات الحياة. جلست الحاجة عائشة بعد عودتها من مشوارها المرهق، أسعفها أحد صغار القرية بكأس ماء تجاوزت حرارته درجة الفاتر كما تعلَّم الصغير ذلك المصطلح في مدرسة القرية قبل إغلاقها من قبل أولئك الذين تلحفوا بعباءة الدين الحنيف، واعتبروا كل ماعدا اسم الله زندقة، ودرب إلى الكفر والالحاد، حتى القسم بكتاب الله كفر، وبدعة يستحق من يسير على منوالها الجلد دون تردد، أما ذبح الإنسان لأتفه الأسباب، فلا يكون بدعة، وإنما تنفيذاً لأوامر الله، وكأن الله خولهم ليكونوا وكلاءه في ثواب وعقاب البشر، تناسوا أن تفسير الآيات الكريمة على هواهم بدعة ما بعدها بدعة. وأن الله خلق الجنة والجهنم ليوم الحساب.
ربما رشفة من الماء الفاتر لم تروِ ظمأ السيدة العجوز، ولكن قناعاتها كانت تجلب لها الفرح في كل حين رغم أحلك الظروف، فإيمانها القوي يفسح لها طريق الأمل، لذلك كان صوت الحاجة مفعماً بالسعادة، وهي تبشر أحفادها، وصغار القرية الذين ركضوا إلى بيتها طمعاً بحديث يدور فحواه عن البسكويت، وعصير البرتقال، فقد أصبحا من غرائب الأمور في حياة صغار لم يألفوا سوى الجوع، والفقر، والحرمان.
قالت الحاجة: ستأتي شاحنات محملة بكل ماتتمنوه
من لباس أوربية، وأحذية، وجوارب لم تروها، ولن تروا مثلها قط..
ثمَّ أردفت قائلة: أما عن المواد الغذائية، فهي معلبة، وجاهزة للأكل حتى الفول، والبطاطا، و ورق العنب جاهز للأكل قد لايحتاج للتسخين أيضاً.
تصوروا اللحم المقلي كأنه جهزته الآن. كل ذلك ستحصلون عليه من أول دفعة قادمة إلينا من المعونات، والمساعدات الدولية بعد أيام قليلة، وكمَنْ يريد أن يكون التشويق سيد الموقف.
قالت الحاجة : ها لقد نسيت أن أخبركم بما هو مخصص لكم ..ستلعبون بألعاب لم تحلموا بها في حياتكم من قبل. سيارات تسير على البطاريات قابلة للشحن، ودمى تسير، وتتكلم، وتضحك مثل الإنسان. يقولون عن تلك الدمى بالإنسان الآلي.
بعض الأولاد الذين كانوا يسمعون السيدة العجوز قد سال لعابه من ذكر أنواع الطعام، وهو يتخيل المائدة العامرة أمامه، والبعض الآخر تحلق خيِاله،وأصبح طياراً، والآخر سائق دبابة منتقماً من أولئك الأشرار الذين دمروا بيوتهم، وشردوا أهلهم، وقتلوا أحبتهم،
لاحظت السيدة عائشة مايدور في خلد الصغار .
قالت بفرح كبير :سيجلبون لكم مسابح مسبوقة الصنع لتتعلموا السباحة كي لا تغرقوا في الماء عندما تصادفكم الأنهار، أو البحار، وأنتم في طريقكم إلى الهجرة، والبحث عن اللجوء الآمن في مكانٍ ما..؟
تغيرت نبرة صوتها إلى مايشبه الحسرة، والحزن عندما وصلت إلى الجملتين الأخيرتين،
ولكنها استدركت ذلك، وهي التي تجلدت بالصبر، والحكمة، ومشهورة ببث الأمل في النفوس
عادت مرة أخرى إلى لهجتها المفعمة بالسعادة:
هناك الكثير الكثير مما تحدثوا عنه في المدينة من أجلكم ...
لفحت الشمس وجوه الصغار بعدما تلاشى ظل الظهيرة، وقامت الحاجة تتابع ما تبقى من خطوات إلى بيتها الذي يوحي بأي شيء ما عدا أن يطلق عليه اسم البيت، فالبيت يعني مايخطر في خيال المرء من صور، غرف عديدة، ومطبخ، وحمام، وبيت الأدب،
توقفت قليلاً أثناء سيرها،وكأنها انتبهت لشيء مهم ذلك الصغير الذي أراد التبول على بعد خطوات من الجميع قالت الحاجة عائشة بصوت هامس: ماذا دهاكم يا أولاد، ألا تعرفون بيت الخلاء،، بالمانسبة يأولادأهل المدينة يسمونه(تواليت). لِمَ له من أهمية في حياة الإنسان،
وكمن أدرك حقيقة ماهو عليه، من واقع بائس أردفت الحاجة عائشةبلهجة لاتخلو من التهكم: كل هذا الخلاء لكم، ومازاد من فرص الخلاء تلك البيوت المدمرة الخالية من ساكنيها.
تلاشت ابتسامتها بعدما مدت يدها لركبتيها، عجباً من هذا الروماتيزم لايتركها حتى في الصيف القائظ، ماذا ستكون حالها في الشتاء؟
إذا دخلتَ بيتها، أقصد دون شكٍّ بيت الحاجةعائشة، فحدث، ولاحرج غرفة لاتشبه الغرف
حفرة تحت بقايا أنقاض. بيت بدون معالم لا تدل عليه سوى بعض الأحذية المترهلة كأحلام سكان القريةجميعهم .
سأل الحفيد الصغير جدته: هل سيأتي أبي، وأمي مع هذه الشاحنات المحملة بكل شيء.
تجمد الدم في عروق الحاجة، خانتها الكلمات، والفطنة بالرد المناسب. تلعثَم لسانها، همهمت بكلمات غير مفهومة هروباً من حفيدها، وحفيدتها الأكبر سناً.
منذ إن غربت شمس ذلك اليوم ، وحلت العتمة التي ابتلعت أحلام أولئك الصغار. طال الانتظار، ومضت الأيام،وأخيراً تمخض الجبل بفأر صغير
هاهي سيارة من نوع الفوكس فان، أوربما يطلقون عليها( آتش وان) ناصعة البياض تحمل موظفَين من منظمة دولية تزين واجهة السيارة شعار جميل "من أجل غد بلا أرق نفسي نحن هنا"
ترجل المسؤول الأول، وسار إلى أقرب بيت من السيارة وبصوت عالٍ نادى: يا أهل البيت ...ياأهل البيت ....
خرجت السيدة عائشة من وكرها، وهي ترد على صاحب الصوت :نعم أخي ....تفضل ...سكان هذا البيت في ذمة الله
ماتوا، وهم في طريقهم إلى النجاة بقذيفة.ما..؟ بعضهم قال عنها إنها قذيفة هاون، فهي عمياء لاتميز بين المسلح، والمدني،
وبعضهم قال إنها قذيفة طائرة ، والآخر قال: لاشك أنها قذيفة دبابة، أو مدرعة، فهي كانت خارقة حارقة، وبطيبتها المعهودةأكملت حديثها: والله يا بني لا أفهم بهذه الأمور ، ولكن الشيء الأكيد أنني فقدت الأعزاء على قلبي. العفو يابني لقد أوجعت رأسك،
قال الموظف: نحن من هيئة دولية قادمون إليكم بهدف الدعم النفسي
قالت الحاجة : ماذا عن الدعم المادي. نحن ميتون من الجوع. أشباح، وهياكل بلا لحم ...
قال الموظف المسؤول: هذا ليس من شأننا ...هناك منظمات أخرى تهتم بهذا الجانب ...
كان كلامه يمزق أجساد أولئك الأطفال الذين تحلقوا حول السيارة الصغيرة ... دفنوا أحلامهم بتلك الكثبان الرملية التي غطت ساحة، وأزقة القرية ...
ابتعدت السيارة بعدما تركت العجلات أثارها في الرمال الناعمة، دون أن يدري ذلك الموظف الأممي بأنه فتح شروخاً في القلوب، تماما كالقذيفة التي دمرت هذه البيوت، والتي ستبقى مجرد أنقاض تشوه ملامح الإنسانية

....عبدالجابر حبيب ...

غريب بين جماعته بقلم / عبد العزيز عميمر


  غريب بين جماعته

_ غربة موحشة،وانقباض الصدر،يمشي داخل ضباب مخيف،تقبضه ظلمة خانقة،بخطوات متأنية إلى نفاذ قوته،وانهيار جسده،وانتظار سقوطه .
_يرمي جسده على أرض لثمها الضباب،وترك بصمة عطره،يتسمع الأصوات فلا يقبض إلا صوت غراب يبحث عن لحم لتغطيته بمنقار حاد،وبفم واسع أشتاق للقمة تحت احتكار الثلج.
_أما هو فيبدو أن الجفاف قارب على امتصاص بقية دمه ،من ذلك القلب الفاني، لم يعد يشعل كانونه،منذ فترة ليس لبخل، ولكن لقلة الحطب الذي يذيب الفؤاد ،فتذوب الذاكرة،قطرة،قطرة فتتفتح المسام ،وينطلق الشوق من فانوسه،كان ذلك أيام زمان،حينما تتفتح أكمام الأزهار وينفلت عطر بوحها،فتخرج ما اختمرته .
_ الآن برد سيبيريا يتسرب للفؤاد، رغم أنه وسط أدوات الدفء ،التي صارت معطلة معه فقط، غريب مع غرباء، شاركهم المكان والحياة.
_الغريب من لا يصلك بتيار حبه واهتمامه، ويهمشك على حائط مقبرة موحشة،وليس امتداد لسجلات مدنية مدفونة في أدراج باردة أتخذتها العناكب مبينا لها،وعششت مع صغارها.
_أعوام وأعوام وهو يشحن بطارية حبه بطاقة أعصابه وثقل حمله وصبر أيوب، وحكمة لقمان،كان يبادر باستمرار لمراقبة تيار سريانها ويتأكد من علامته الخضراء كان يسقي كل النباتات،حتى الشائكة منها استفاد الكل من ذلك! حتى الشوك !ولم لا! وهو مخلوق وفيه من الرأفة مالا يوجد عند الورد،لا يخدع شوكه ،ظاهر لا يخفيه، كان يود ضم الشوك وتقبيله وهو لا يخاف من ابره،ولو أسالت دمه ،فهي عربون محبة له،وهو غير ملام، سيتغير الشوك حتما ويصبح لينا رطبا معه،فالحب قادر على ترجيح الموازين.
غريب في غربته التي لقيها وبادلته الحب ،يستأنس بها ،يغني لها ،أحبته،ليس غريبا في غربته،ولا بين الوجوه الجديدة،تبدو جميلة مرحبة غير مستنكرة،قرأت افكاره،فعالجت وجدانه بالتماهي ورداء العطف، كبر في نظرهم وصغر بين جماعته،
_ مر يسبب الغثيان ويدعو لتكسير كل ماهو امامك بقبضة مضرجة بدم صارخ لناكري الجميل،وهو الذي أوقفهم وعلمهم الحرف وسلوك الحضارة،فشبوا وشبعوا ،والحمار إذا علف نهق فبانت بردعته،وفر جلد الأسد الذي خوف به،وأكل به الحشيش وعلف الشعير.
_كل هذه الأفكار وأخرى مستعصية على الترجمة سالت على نفسه وروحه،وفتحت له سجل المآسي ،كان يريدها ، مرت شريطا متسلسلا ،بأدق التفاصيل،كل جرح لا يبرح مكانه حتى يخلفه جرح أكبر منه،ويقلب الصفحات،ويغلبه الدمع،وكلما زاد صفحة كبرت الدموع،وتحولت لكرات كبيرة تلمع تبرق تحت الضوء وكأنها تتعمد ذلك ليتعمق جرحه ويحفر أكثر تربة الذاكرة ،خوفا من النسيان،لا تستغرب ! من هنا نبتت غربته!،أحيانا يشك في فضائه وزمنه،ربما هو من فصيلة أخرى،او حقبة ماضية مردومة تحت جدار الزمن المنهار،لا يشرحه إلا صاحب نظرية النسبية.
_ تنهد وأخرج من جيبه سيجارة شعلها،فعانق دخانها الضباب الذي كان ينتظرها،أفرغها بقوة وعصبية ظاهرة،غطت وجهه وعينيه،آه يشعر بالراحة تعود بخجل بعد أن توارت وقهرتها الجراح،إنه يسكن الآن في سيجارته،مفعولها غذى الأعصاب فخدرها فبانت تعبانة ،نظر الساعة ،الحال قد اقترب والأشعة الأخيرة تودع ،بلون برتقالي مائل للحمرة،سيرتاح الليلة في كوخه حتى يمتزج بالطبيعة ،وستقبل توبة ابنها الضال
الذي خدعه بريق اللون وعسل الكلام،سيعود لأمه فهي الوحيدة المسامحة،وتقبل برجوع طفلها،وتضمه لصدرها وتشعره بحنانها وتتقد مرة أخرى جمرته،فيحمر خداه ويرى فيهما بروز تفاحة قرنفلية تتلألأ ،فتكون هالة ويشعربفتوة العشرين.
* الكاتب الجزائري :. عبدالعزيز عميمر

بائع الخضر بقلم / محمد هالي

 بائع الخضر

محمد هالي
يبدو كسحابة في السماء يتلألأ جيئة و ذهابا، ثم يصيح في وجوه كثيرة: البطاطس درهمان و نصف، البصل ثلاثة دراهم، لم يعر للمارة و لا للواقفين قربه أي اهتمام، ثارة يحمل حبيبات من البصل و تارة أخرى يرفع حبيبات من البطاطس لكن لا أحد اقتنى بضاعته، أو أعاره أي اهتمام، و هو يصيح ورذاذه يقذف في الهواء، يتطاير في كل الاتجاهات، امرأة بدينة شمطاء، تبسمت من فرط تعبه، امرأة أخرى تعاطفت معه و أخذت تصف كيلو من البصل،و خاطبته بلطف "الله اجيب لك اتسير يا ابني"، أما هو ظل على حاله يترنح، يصعد تارة على صندوق خشبي مهترئ، و تارة أخرى يهبط ، يردد نفس الكلمات و كأنه تبرمج عليهن، اقترب منه طفل هادئ و طلب منه أن يزن له كيلو من البطاطس، لم ينظر الى شكل الطفل، و لا لهدوئه البريئ، فقط أخذ منه تلك الدريهمات و وضع خليط من البطاطس في إحدى كفات الميزان، مالت الكفة بتثاقالها جهة الأرض، وضع الكل في كيس بلاستيكي و قدمه للطفل بنفس الترددات الصوتية التي أفزعت الطفل، حمل الفاسد و الطري من السلعة دون أن يطلب منه تغيير بعض الحبيبات المتعفنة داخل الكيس، ظل على حاله طيلة اليوم، يصيح يصيح، و حين غابت الشمس، و تفرق الناس، تأمل مليا سلعته التي التوت بأشعة الشمس، و لوثها غبار الأرض المتطاير في الهواء، توقف عن تردداته ، و قف على صندوقه ، تحسس جيوبه، تأكد أن يومه موبوء، قفز فوق البطاطس ، تحسس جوانب من حبات البصل، ترك الكل مرميا في مكانه، و أجهش بالبكاء.
محمد هالي
قد تكون صورة لـ ‏‏‏‏٢‏ شخصان‏، ‏طعام‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

« ليلةٌ » ق . ق . ج بقلم / سمير_لوبه

 « ليلةٌ » ق . ق . ج

بينَ ثنايا العشقِ يرسمُ قلمي ملامحَك تواشيحَ عشقٍ تفوحُ بعطرِ الياسمينِ ، أغوصُ في أعماقِك ، فتغزلين بعينيك الحياءَ ، تتوردُ وجنتاك ، تغريني بلقاءٍ يجمعُنا على شواطئ البوحِ ، أبحرُ معكِ أنتشي ، يعزفُ نبضُ قلبينا أغنيةَ " جانا الهوى" نرسمُ الغرامَ بألوانِنا ، نهمسُ آهاتِ الشوقِ في غسقِ الليلِ على نغماتِ " أمل حياتي " ، تعانقين شغافَ جسدي المرهقِ
- لأجملِ ليلةٍ أنتِ عُنوانٌ ...
- استيقظْ .. القطارُ دخل محطةَ الوصولِ
قد تكون صورة لـ ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏

،،، مفاجأة،،، تيسير مغاصبه

 

قصص قصيرة ،،،
،،، مفاجأة،،،
اعترف سيد القبيلة المعمر، وهو على فراش الموت
بشهادة زوجاته العشرة، وجميع اولادة الذين
يشكلون نصف القبيلة ؛بأنه كان عقيما.
تيسيرمغاصبه
٥-١١-٢٠٢١

حديث عابر بقلم / سيد جعيتم


 حديث عابر

التقي به دائما مصادفة، كل ما بيننا تحية الصباح، شاهد كتاب لي في يدي، ودار بيننا هذا الحديث.
ـ صباح الخير يا استاذنا.
ـ صباح النور يا حاج سيد، انا بشوف اللي بتكتبه، انا لو فاضي كنت اكتب.
تركني واقفا احاول استيعاب ما قاله.
تذكرت في سبعينات القرن العشرين أحد كتابنا الكبار في طابور طويل من الأدباء أمام خزينة التلفزيون ينتظر مبلغ خمسة وعشرين جنيه مقابل حلقة كاملة، وإذا براقصة تتجاوز الواقفين وتدخل مباشرة للخزينة، سلمها الصراف مبلغ مائتين وخمسين جنيهاً ثمن وصلة رقص، بدأت الراقصة في وصلة ردح محتجة على المبلغ الزهيد.
تدخل كاتبنا لتهدئتها، ناله من قاموسها الكثير، احتج أحدالواقفين وقال:
ـ اديبنا لا يستحق منك هذا!.
ـ أديب مين ياااا عوووومر د طيب نخرج انا وهوه قدام التلفزيون ونشوف الناس ها تتلم على مين، لو حد عبره.
بلد شهادات صحيح

النداء الأخير بقلم / محمد أحمد الرازحي رزوح

 النداء الأخير

أَتَانا مِنْ أَسَى الَايَـــامِ لـــيل
فَأَخــفى جورَ ظلمته ضِيَانَا
وَبِتنا نشْرَب الْحَسَرات قَهْرًا
وَنحن نــرَى الْــمَذَلَّة وَالْهَوَانا
وَثَبْنَا نـــبْعث الآمـــال شِعْرَا
لعل هُنَاكَ مَنْ يَــــسْمَعْ نِـدَانا
وَنصْرُخ فِي الْجُمُوع بِكُلِّ صَوْت
ألَا هُبُّوا فَــــيَوْم الْــجَد حَــانا
الَا يَا عَاشِقَ الَاوْطَـــان أَقْبِلْ
فَقَدْ وَجَب النِّزَال لِــمَنْ تَوَانَى
فَهَذَا من حِمَى الْإِيْــــمَان أَمْسَى
بـــظلْامٍ تَــشِيبُ بِـــهِ لِحَانَا
أيَا وَطَنِيْ الْغَرِيْق الْيَوْمَ صَبْرًا
عَلَــى جَــوْر تَفْتَق مِـــنْ دُجَانا
أَتتْ كـل الْبَــلَايَــا مِــــنْ قَرِيب
ظننْتك حَــــارِسا تحمي حِمَانا
فَسَل عَليّ سَيْف الْمَوْت غَدْرًا
وَسَــالَت فِـي مَـطَامِعِــه دِمَانا
فَلا وَاللَّه مَــا فِي الْعَيْشِ خَيْر
أيـــا يـــمني إذا كــــنت المُهَانَا..
بقلمي
محمد أحمد الرازحي رزوح

يا صديقي بقلم / فهد عادل

 ياصديقي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مُنْذ أَن تَاهَت بَيننا آلَدٍنِيَآ
و أقامت بَيْننا الْحَياة جِدار
ما زالت آتٌذِکْر هّذِآ آلَآيَآمً
فُهّيَ مَحْفُورَة بً الْقَلْب
وٌتٌمْر الْأَيَّام و يذهب الْعُمُر مًنِآ
وَمَا زلْت أعشق هّذِآ آلَآيَآمً
کْنِآ لَآنِفُتٌرقُ وٌآصّبًحًنِآ فُيَ فُرآقُ
فُهّلَ سِنِجّتٌمًعٌ وٌنِعٌوٌدٍ لَ آيَآمً آلَصّبًآ
آه يا صّدٍيَقُيَ مًنِ مًرآرةّ آلَفُرآقُ
قَد لعبت بِنَآ آلَدٍنِيَآ لَعٌبًهّ نِحًنِ لَآنِقُدٍر عٌلَى لَعٌبًهّآ
وٌآنِ طِآلَتٌ آلَدٍنِيَآ بًعٌمًرنِآ سِنِجّتٌمًعٌ
وٌنِطِلَبً مًنِهّآ آلَآمًنِيَآتٌ وٌآنِ لَآنِفُتٌرقُ
فُرآقُنِآ لَمً يَکْنِ حًلَمًنِآ
وٌلَکْنِ حًلَمًنِآ دٍفُنِ فُيَ آلَرمًآلَ
وٌما ذلت أَنْت آلَصّدٍيَقُ وٌآلَآخِ
قُدٍ يَهْتز فَيَ الشَّوْق و يثور
حنَيْنًا لطِرقُ مشيناها سِوٌيَآ
لحلم کْنِآ ننِسجا خُيوطُه سِوٌيَآ
لطِوٌلَهّ وکْرسِيَ وآبًتٌسِآمًهّ
قَدْ شَهِدٍوٌ عٌلَى عٌهّدٍ آلَصّدٍآقُهّ
صدٍيَقُيَ أشْتَاقُ إلَيْك
فُکْمً مًرهّ جّلَسِتٌ آقُلَبً الذكريات
بَحَثا عَنْ طيفك الْهَاربً
أو صَدَىَ صَوْتٌ يَذِکْرنِيَ بًك
فُقُدٍ هَاجَرت مَع الطُّيُورِ
الْمُهَاجِرة بًحًثً عٌنِك لَعٌلَيَ آلَقُآکك
فُقُدٍ ذِهّبً آلَعٌمًر
وتٌبًخِرتٌ أَحْلاَمي
آهّ مًنِ حًسِرةّ قُلَبًيَ
حًيَنِمًآ تٌروٌآدٍنِيَ آلَحًيَآهّ
وٌآنِتٌ لَسِتٌ بًجّوٌآريَ
فُهّلَ سِتٌعٌوٌدٍ وٌنِجّتٌمًعٌ
آمً آنِ لَلَزٍمًآنِ شُيَ آخِر
هَلَّ سِنِنتصر عَلَى بًعٌدٍ الْمَسَافَات
وٌنِجّتٌمًعٌ
فَأَنَا بدونك كَاَلَّذِيَ يَحتمي
مِنْ بَرْدٍ الشِّتاء بالصَّقيع
آنِسِيَتٌ آلَقُسِمً آلَذِيَ بًيَنِنِآ
آنِ لَآنِفُتٌرقُ
يَآصّدٍيَقُيَ عٌدٍ حًتٌى تٌـعٌوٌدٍ أّيِّأّمً أّلَصّـبًأّ
فالصداقة الَّتِي كَانتْ
هِى أّجّـمًلَ أّنِ تطويها الْأَيَّام
و يذهّـبً أّلَى بَحْرٌ النِّسْيان
فَكُلّ الذيِّنِ حًوٌلَيِّ أّنِتٌ
وٌحًدٍك بًهّمً
قد تكون صورة بالأبيض والأسود لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏سماء‏‏ و‏نص‏‏

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة