Translate

الأربعاء، 8 ديسمبر 2021

بائع الخضر بقلم / محمد هالي

 بائع الخضر

محمد هالي
يبدو كسحابة في السماء يتلألأ جيئة و ذهابا، ثم يصيح في وجوه كثيرة: البطاطس درهمان و نصف، البصل ثلاثة دراهم، لم يعر للمارة و لا للواقفين قربه أي اهتمام، ثارة يحمل حبيبات من البصل و تارة أخرى يرفع حبيبات من البطاطس لكن لا أحد اقتنى بضاعته، أو أعاره أي اهتمام، و هو يصيح ورذاذه يقذف في الهواء، يتطاير في كل الاتجاهات، امرأة بدينة شمطاء، تبسمت من فرط تعبه، امرأة أخرى تعاطفت معه و أخذت تصف كيلو من البصل،و خاطبته بلطف "الله اجيب لك اتسير يا ابني"، أما هو ظل على حاله يترنح، يصعد تارة على صندوق خشبي مهترئ، و تارة أخرى يهبط ، يردد نفس الكلمات و كأنه تبرمج عليهن، اقترب منه طفل هادئ و طلب منه أن يزن له كيلو من البطاطس، لم ينظر الى شكل الطفل، و لا لهدوئه البريئ، فقط أخذ منه تلك الدريهمات و وضع خليط من البطاطس في إحدى كفات الميزان، مالت الكفة بتثاقالها جهة الأرض، وضع الكل في كيس بلاستيكي و قدمه للطفل بنفس الترددات الصوتية التي أفزعت الطفل، حمل الفاسد و الطري من السلعة دون أن يطلب منه تغيير بعض الحبيبات المتعفنة داخل الكيس، ظل على حاله طيلة اليوم، يصيح يصيح، و حين غابت الشمس، و تفرق الناس، تأمل مليا سلعته التي التوت بأشعة الشمس، و لوثها غبار الأرض المتطاير في الهواء، توقف عن تردداته ، و قف على صندوقه ، تحسس جيوبه، تأكد أن يومه موبوء، قفز فوق البطاطس ، تحسس جوانب من حبات البصل، ترك الكل مرميا في مكانه، و أجهش بالبكاء.
محمد هالي
قد تكون صورة لـ ‏‏‏‏٢‏ شخصان‏، ‏طعام‏‏ و‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة