Translate

الأحد، 8 مايو 2022

تذكرة حسن رجب الفخراني مصر


 تذكرة

أن ادعي التجلد والصبر ليس مجرد كلمات جوفاء أتشدق بها لتلميع شخصيتي واضفاء تلك الصفات عليها وإنما هي وليدة الصهر في أتون التعامل اليومي الحياتي فحين أذهب الساعة السادسة مساءاً لحجز تذكرة قطار فتكون أول الصدمات لا يوجد حجز هذا ما يخبرني به الموظف الجالس خلف الحاجز الزجاجي بعد أن ملت قدمي من الوقوف في طابور طويل ,ولا يكتفى بذلك بل ينظر إلي شذرا وربما في احتقار وقبل أن ألملم بقايا انكساري وفشلي الذريع وأودع تلك القمرة الصغيرة التي تظهر الوجه القميء لكائن فضائي يسمي موظف غلظ لي الإيمان أنه لا يعرف شكل تذكرة القطار التي أطلبها إذ به يرتجف فجأة و أحدهم يمد يده في استعلاء بورقة تشع منها الهيبة فالتقطها وقد غرس ملامح وجهه الجامدة بالورد والياسمين مغمغا في ذل جلي اسمح لي لحظة وامتدت يده وكأنها خلقت تذكرة من العدم وأعطاه اياها قائلا بالله عليك لا تنسي أن تبلغ معاليه تحياتي القلبية .
تركت هذا المشهد العبثي واقنعت نفسي بأن اتنازل عن المقعد المكيف الذي بلا تكييف ما عيبه الكرسي الخشبي الجامد ؟علي الأقل يشد الظهر العمود الفقري ومن يدري ربما هو الطب البديل الذي قد يصفه الأطباء لمرضى الغضروف ما ارخص العلاج بكرسي السكة الحديد افقت من شرودي وأنا كالتائه أمام موظف فضائي آخر لا يختلف كثيرا عن سابقه الوجه الحجري والعيون التي لا يقر لها قرار والايدي التي لا تكف عن العلاج لدي أطباء المخ والأعصاب وما زالت رغم كل أنواع البرشام الممنوع تداوله الا بروشتات ممهورة بتوقيعهم لا تكف حتى ربما في نومهم عن الارتعاش... طلبت منه وكلماتي يغلفها الرجاء وتمتزج بمسكنة اكتسبتها من بعض من كان مثلي يحلم بالحصول على التذكرة العزيزة أن يعطيني واحدة إلا أنه شح في الرد على ولو بكلمة واكتفي بتحريك رقبته ثم دفن وجهه في شاشة الجهاز الذي لا أعرف من أي كوكب جاء ومثلما فعل معي كان هذا هو تصرفه الثابت مع باقي الصف الذي كان خلفي والحق احترمت فيه ثبوته على المبدأ ونظرته واشباهه على تكرمهم بقذفهم نظراتهم الدونية علينا الوقت تأخر وليس هناك من حل سوي ارتقاء أي قاطرة تبحر في الامواج الكونية ولا مانع من الوقوف طوال يوما أو أكثر على الأقدام ومزاحمة البائعة الجائلين ولصوص الظلمة ولا بأس من دفع غرامة أضعاف ثمن الدرة الثمينة ذاتها ونظرة المحصل هو الاخر لنا وكأننا ارتكبنا الإثم العظيم امتدت يدا لي ترتدي زيا غامقا كأنها يد امتدت من قلب الدرك الأسفل من جهنم لتلقيني في اهون درجات النار وصاحبها بتوجس انحني على وهو يقول الي بثمن التذكرة ولا تبخسني حقي في شراب الشاي وفعلا دسست يدي في جيبي الحزين واخرجت من حافظتي ما طلبه لم يكمل البرهة وعاد الي متهلل الاسارير وهو يدفع في راحتي من أظنها هي راحتي من شوك الأرصفة وللأمانة لم أكن أظن أن المعجزات لا تزال تحدث إنما ان أحصل علي تذكرة بعد أن اقسمت شاشة التذاكر نفسها انها خالية الوفاق وهي لا تحب المنافقين والنفاق سرت في اتجاه الرصيف في انتظار مجيء القطار الذي من المفروض أن يصل في غضون دقائق قليلة وأنا كأني عائد من معركة ومعي عظيم الغنائم مرت الدقائق والساعات وبدأ الليل يميل للنوم من كثرة همومه ليعطي الفرصة لشعاع الفجر الوليد أن يمحيه كلية وأنا لا زالت بين الفينة وقريبتها اسأل ناظر مدرسة البالونات الفضائية متى يصل المنطاد؟
حسن رجب الفخراني
مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة