Translate

الأحد، 5 يونيو 2022

قناديل الموت بقلم / أركان القيسي - العراق

 



قناديل الموت
ركبنا البحر ليلا على متن قارب صغير، بعدما أحرق النمرود البلاد والعباد وقال أنا ربكم الأعلى،لكن جشع صاحب القارب زاد من حمولته، حتى انتفخت وتورمت بطن مركبنا القاصر، اندفعنا سريعًا وراحت تلاطمنا الأمواج في وسط البحر الثائر، ونحن نلامس حروف الأمل تاركين خلفنا النار تأكل الأخضر واليابس إذ بالسماء تفتح أبوابها، والبحر تتحرك أصابعه غضبا يلتقمنا بفمه المظلم ثم يرمينا حطاما تناثرنا لا يعرف أحدنا بالآخر، وأنا في وسط الموج أرسل الله لي رحمة لوحا من بقايا حطام قاربنا، ركبته وأنا أحتضنه في ليل مرعب لا يختلف عن صور المعارك هناك، أصوات النساء وصراخ الأطفال وسماء تصرخ وبحر من فوقه بحر، بعدها لم أعرف شيئا حتى وجدت نفسي ملقيا على الرمال فجرًا، فتحت عيني على مهل، أزحت الرمل من على وجهي....
الهدوء والسماء صافية والبحر لا أسمع له ضجيجا قد هدأ روعه، تحوم فوق رأسي طيور بيضاء إنها النوارس، التفت يمينا وبجانبي تلك الخشبة صاحبت الفضل بعد الله تبسمت لها،ثم التفت شمالا عندها صدمت وفزعت لما شاهدت لملمت نفسي وجلست، تعجبت لما بجانبي إنه طير من طيور الجنة، جرفته المياه إلى اليابسة طفل بعمر سنتين تقريبا برقبته ملهايته وبقدمه اليمين حذاء أحمر والأخرى عارية أسرعت إليه رفعته من على الأرض، حاولت إنقاذه طبطبت على ظهره، عملت له تنفسا اصطناعيا دون جدوى، كانت بطنه منتفخة، أخيرا آمنت بالقدر وقبلت الأمر وحفرت له قبرا وكفنته بقميصي وصليت عليه ثم دفنته، وقلت له مخاطبا والدمع ينهمر بلل قبره، أخبر الله يا ولدي بكل من ظلمك وحرمك من حق الحياة، جلست على بعد مترين من القبر واليأس يصارعني انتظر النهاية ومن ياترى يدفنني أم أكون طعما لحيوان جائع؟! وقبيل غروب الشمس بدأ الجوع ينازعني، حتى راحت الشمس تتهاوى في كبد البحر، إذ بشعاع عينين عن بعد رماني وعواء ذئب أتعبه الجوع كذلك أنذرني، رجعت للوح مرة أخرى أحمله للمواجهة لكن قاطع الصحراء لم يأبه، وليت هاربا أهيم على وجهي لا أعرف كيف الخلاص؟
رمال الصحراء والليل قد أرعبني وضوء القمر تأكله الغيوم، فلم أجد مهربا إلا أنه صادفتني حفرة دخلتها بلا تردد ووضعت اللوح ببابها دفعا لذلك الذئب الغاضب، بعدها شعرت بشيء غريب شيء ما يلحس بقدمي كأنه لسن طفل، تحسست بيدي فإذا بجراء يبحثن عن طعام كأنهن لم يتذوقن الطعام منذ أيام، أزداد خوفي ذئب في الخارج وبيت مفترس آخر نزلته من دون أن أعرف بأي لحظة تعود الأم، بين الخوف والتعب وبين هذه الجراء ودفع الذئب بالخارج وقبيل طلع الفجر بدقائق غلبني النعاس ونمت جبرا، بعدها شعرت بماء نزل علي، فززت من نومي حاولت الخروج بعدما لاحت تباشير الصباح بعيني واطمأننت، فإذا بشباك صياد تخنقني، تفاجأ الصيادون وتفاجأت أنا ولكن فرحت أخيرا أبناء جلدتي ولا وحوش الصحراء
أخذوني إلى السيارة سقوني ماء وأطعموني وعرفوا بقصتي كلها، قالوا لي لا تقلق لقد نجوت من القوم الظالمين، ونجاك الله من فكي الذئب بعدها جاءت سيارة تجوب الصحراء فاجتمعوا تحت ظل شجرة مع أصحابي عن بعد مني، فأرسلوا لي خادمهم يقتادني من ذراعي لا أعرف ما الذي جرى؟!
أصعدني بحوض سيارتهم شعرت بقلق رأيتهم بعد ذلك يتصافحون ويتعانقون، ضحك الخادم وقال لي وا أسفا على أصحابك باعوك بثمن بخس
قلت لمن؟ قال للسيد منصور، ومن يكون هذا؟
إنه رئيس عصابة تتاجر بالبشر.
بقلم / أركان القيسي - العراق
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، ‏نظارة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة