Translate

الجمعة، 22 يوليو 2022

صحوة رفيق ............... جمال حسين عبيد - الإمارات


 صحوة رفيق 

جمال حسين عبيد
الإمارات

رفيقي (عمر) منذ الصغر، يقاربني سنا، و يشاركني فكرا، و كنا على مقعد الدراسة معا. ولا أنسى زيارتي له و نحن في الصف الثالث الابتدائي عند رؤيته يبكي ودموعه السخية تنساب على خديه وكان يتمتم بشفتيه .. أبي أبي يا (عادل)، لم أعد أراه، ولم يعد يسمعني مهما ناديته (بابا). وقتها لم يكن لدي سوى دموعي التي سالت هي الأخرى. تعاطفت معه كثيرا، حتى إنني لم أعد أخالفه في معظم الأحيان، وباتت الأيام تطوي عمرنا جهرا وسرا.

وها نحن في الخامسة عشر من العمر، إنه عمر الزهور وخطر البكور. رفيقي أصبح من عشاق الليل والسهر، والليل يحتاج إلى رفيق يتقن السهر وكنت أنا الأحسن لعمر. جلساتنا الطويلة جمالها يكمن في قرفصة على الرصيف؛ يشدنا الحديث فيطول لديه السرد ويحلو له نسج البطولات وبث الأحلام، و أنا بدوري على ضوء القمر أشاركه أحيانا بابتسامة خاطفة وأخرى بضحكة ساخرة ولم يخف عني لون وجهه الأصفر ورقة جسمه النحيل وشكواه الدائمة من وجع في رأسه. لذلك كانت عاطفتي وحسي له بأنه الرفيق اليتيم المحتاج إلى يد العون.
كم طال لقاؤنا على ناصية الطريق والنعاس يغالبنا وعمر يسامرنا ويقول خذ يا عادل .. جرب اشرب تذوق كأسا صغيرا ... اترعه إنه لذيذ، يروح عن النفس ويسعدها. لم أكن أصدق ما أسمعه.. غير أنني بدأت ألين ... وعاطفتي كرست مشاعرها لتتآلف مع عمر و لتشاركه ولو بشيء قليل.
لا بأس يا صديقي .. سأجرب .. فالحكم على الشيء لا يتم الا بالتجربة، و من حضر السوق باع و اشترى.
أه ... لذيذ ما تناولتُ، وألذ منه أننا معا دائما ........... لكن إلى أين ؟؟؟
كأس أخذني لعالم آخر لا أستطيع وصفه، رباه ... رباه ... مازلت في مقتبل العمر، لماذا لا أرى إلا الظلام ؟! و لا أنام إلا بين الركام، وعيناي شاخصتان تلامس الأحزان و تداعب الأوهام ... رباه هل أنا من ... ؟ أم هو ...؟ سؤال يراودني و لا أدرك الصواب.
صوت من بعيد أيقظ ضميري و نبه وجداني، إنه ... الله أكبر .... الله أكبر .. حي على الصلاة ... حي على الفلاح....
ثارت وتحركت المشاعر وتنبه الضمير وبات العقل يحكم كالأمير ... يا (عمر) كف عن السهر.... واحذر السمر... فيد الخالق أبدعت القدر.
الشيطان وسواس حتى القبر، فاجعل الصبر يزيل القهر.. وعد لرب العباد والبشر ... نقيا، صافيا، عفيفا كالبدر....... و قل: ربي سامح البشر.
جمال حسين عبيد
الأمارات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة