Translate

الثلاثاء، 16 أغسطس 2022

قصة قصيرة بعنوان أبي يصور فيلما بقلم عصام الدين محمد أحمد

 قصة قصيرة بعنوان أبي يصور فيلما

بقلم عصام الدين محمد أحمد
أبى يصور فيلماَ
أحب اللعب وصيد العصافير ،من حقل إلى حقل ،ومن شجرة إلى شجرة كالسنونو.
وفى المساء تتوعدني أمي بالضرب.
عمي بسام يخلعني من يديها، يأخذني معه لنتمشى بعيداَعن زحمة المخيم .
من درب إلى درب ،ومن ممر إلى آخر ؛نصل إلى داره .
تعطيني زوجته الحلوى .
على الحائط صورة قديمة لرجل عجوز ،تلبس رأسه غضرة وعقالاَ، قال عمي :
هذا جدك ذهب ولم يعد .
في بيتنا مثل هذه الصورة،وأبي لا يعرف قبلته،ولا يجد تفسيرا لعدم عودته.
يعقب:
غابت حجته معه.
قدمت لي زوجة عمي رغيفاَ محشواَ باللحم .
أسفل صورة الجد وعلى الأريكة نمت ،أتصدق أن النوم بعبع :
"أتعب من الجري والقفز ..
يتربص بى الذئب ..
أخاف...الحوائط تقف دون نجاتى .
الذئب يشب "
آه ..آه ..زوجة عمي تهز رأسي برفق ،ترجني ،تدفسني فى حضنها ،ترش وجهي بالمياه ،ترفع رأسي لتدلق فى جوفي بق مياه ،أردد خلفها مرحاَ:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
عمك لم يأت بعد .
أرتجف ،لا يمكننى قفل عيني ثانية ،أسأل:
أيغيب عمي دوما؟
لا تملك أجابة ولكنها تتناجى بنبرات خافتة ،لا أستبين منها حرفا .
أغفو ، أسافر فى النوم.
وفى الصباح تحايل أبي ليأخذني إلى السوق بالقدس الشرقية .
مازالت أطياف الذئب تطاردني ،وأنا الآن متعب ،أصرت زوجة عمي أن أستحم أولاَ ،مياه باردة؛ساخنة ؛فاترة ؛وجسدي هامد متكسر،لبست بنطالا نظيفاَ وقميصاَ أظن أنه جديد.
أبي يتعجلني ،السيارة توقفت أكثر من عشرة مرات ،تفتيش ،إظهار للهوية ،والرد على أسئلة غريبة مثل لماذا وكم؟
طالت الرحلة ساعة وساعة.
نزول وصعود والطريق كومة ثعابين متباينة الأطوال والإنثناءات،الجنود يزدادون ،تتوارى وجوههم خلف الأقنعة ،حركاتهم تسرع كعقرب الثواني. الجو اليوم مليء بالحذر والترقب .
زمامير وأبواق لسيارات سوداء، الجنود ينتشرون ويكثرون .
تنطلق الطلقات .
من داخل المسجد الأقصى تخرج الحشود مهللة مكبرة.
الجو يغرق فى الأدخنة ،يهاجمني الذئب ،أين أنت يا زوجة عمي ؟
لا تحملني قدماي ، لا تبصر عيناي.
أرتعد،بجوار السوق أسقط،يحملني أبي،يداه ترتعشان ،أنهبد ثانية .
الذئب يا أبي ،الذئب ، المصلون يتساقطون .
الطلقات تدوي فى السماء ،تتوعدني أمي بالضرب، الطلقات تصطدم بالسور،ضربات أمي لا توجعني ،أبي لا يعرف ماذا يفعل؟
أيتركني ويفر ؟
أيبقى جواري ؟
أيحضنني ؟
يقترب الجندي ،يغربل الرصاص السور .
الذئب يمسك بكم قميصي ، يتمزع .
يومض وجه أمي أمام ناظريّ.
فينقضّ على الكم الثاني .
ستزحف أمي على قدميها لتشدني من أنياب الذئب،تفشل في اللحاق بي، وهنت حركتها منذ فقدها ساقيها .
يتمزق الكم الثاني .
آه..آه..آآآه.بيادته الفولاذية تدق صدري .
هبر قدمي اليسرى.
الدم يتجمد ولا ينزف .
أمي تخترق المخيم ،تصيح :
خنازير...
هدومها مهلهلة ،كانت جميلة.
يشير أبي للجندي بأن يتركني.
يتفل عليه الجندي .
مازال أبى ممسكاَ بعلبة سجائر .
لماذا لا يشعل سيجارته الآن؟
الذئب يمضغ قدمي اليمنى.
تموت الصرخات فى صدري.
لا بأس فأنيابه حادة ؛ وسيفرغ مني بسرعة .
الجندي أصبح جنديين ؛ثلاثة ،أربعة ، مائة. أستنشق الرصاصات .
أبي يصور فيلماَ..
أبي يصور...... فيلم.....
يصور أبي........... يصور...... يصو.....يـ.....
تمت بحمد الله
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة