Translate

السبت، 29 أكتوبر 2022

حُلم ومخالب... للكاتب / محمد فتوح - تونس

 قصة قصيرة:

حُلم ومخالب...
تودّع بسمة الأهل...تَعد بلقاءٍ كلّما تحين فرصة...تُقلع الطائرة...شعور غريب يملأ صدرها...مزيج من رهبة وفرح...رهبة رغم اطمئنانها بعض الشيء بأنّ اللغة المشتركة ستُسهّل عليها التأقلم والاندماج سريعا...وفرح بفرصةٍ لتحقيق حلم لطالما راودها وراودته...ادّخار ما يكفي من المال لبعث مشروعها...
في جرابها شهادة كفاءة في الحلاقة من مركز التكوين المهني...مفتاح الثروة الوحيد.. الثروة التي لم تستطع تحقيقها بمسقط رأسها لقّلة فرص العمل وتفاهة الأجور المقترحة...
بضعة أعوام وتعود إلى البلد ويكون لها صالون خاص يرتاده عِلية القوم...
يستقبلها راشد بالمطار كما وعدها سي الطاهر "مدير الموارد البشرية " لشركة انتداب للعمل بالخارج...
يطوف بها شوارع المدينة على متن سيارة فارهة قبل التحوّل إلى مقرّ الإقامة...تنشرح أساريرها وتنبهر بما تراه من فخامة عمران ومظاهر ثراء... في الطريق يضع راشد كفّه الأيمن على رُكبتها وهو يشير مخاتلا من خلال النافذة إلى ما يبدو صالون حلاقة ضخما بصدد التجهيز:
- سيكون مكان عملك إن شاء الله حال الانتهاء من تجهيزه...
تزيح كفّه باستنكار دون أن تنبس بكلمة " قطع الله يدك...صالوني سيكون أكبر وأحسن... "
تتوقّف السيارة أمام عمارة شاهقة...يقودها خالد عبر المصعد إلى الطابق العاشر...
في الاستقبال سيّدة تبدو في عقدها الرابع...وجه تغطّيه المساحيق... قوام في لباس مثير ولهجة عربية لم تستطع تحديد أصلها...
- السيدة فضيلة...المشرفة على الإقامة...الآنسة بسمة...
تبتسم المرأة في وجهها:
- مرحبا بسمة...أرجو أن تجدي راحتك بيننا....البيت واسع كما ترين...تسع غرف وغرفتك تنتظرك منذ أيّام...
يتعالى إلى أذنيها همس وضحك وهي تعبر الصالون الرحب إلى غرفتها صحبة فضيلة... تنتبه إلى فتاة في لباس شفاف تخرج من إحدى الغرف... تستغرب ذلك لكنّها تكتم السؤال إلى حين...
تدفع فضيلة باب الغرفة:
- سآتيك بعصير وأتركك تستريحين قليلا من تعب السفر ثمّ نرتّب أغراضك في الدولاب وأجيب عن كلّ أسئلتك فيما يخصّ الشغل والإقامة...
تستيقظ صباحا...صداع يعصف برأسها... تستغرب عُريها...يجلب انتباهها اللّحاف... تتثبّت...تضع يدا مرتبكة أسفل البطن وتملأ الفضاء صراخا...
محمد فتوح
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة