Translate

السبت، 29 أكتوبر 2022

صوت الصمت للكاتب / طارق حنفي

 صوت الصمت

قصة قصيرة
بقلم: طارق حنفي
-----------
صوتٌ كالعواء يتسلل إلى أذنَيها المضروب عليهما منذ حين، يخالطه صوت ضعيف كالهمسِ، همسٌ كالصمت:
- هيا انهضي.
- ما زلت أصرخ عليك ولا تسمعين.
- هيا انهضي.
- تخطي الظلمة واعبري بنا إلى النور.
صوت العواء يعبر الأذن ويوقظ الوعي الغارق في غيبوبة الظلمة والجهل..
تقاوم جاثومًا يشل إرادتها قبل حركتها..
تحررت منه، وفتحت عينيها ببطء، تفتش بهما بحثًا عن مصدر الصوت، لم ترَ سوى الظلام وكيانات صغيرة تشع نورًا أصفر باهت، تعمل في همة لفك وثاق يديها وقدميها.
تنفض غبار السنين عن ثوبها البالي، تشعر بالألم ينتشر في جسدها الواهن، تحرك قدمين مثقلتين بالهموم..
قمر مُعتم يتوسط سماءً داكِنة، وصوت أنين نهر يجري دون هدي..
تحاول في صبر السير خلف الكيانات، تهتدي بنورها الباهت وسط الظلام الحالك، تذكرت شيئًا ما فقالت:
- هم شيدوا سورًا ليمنعوني من الخروج.
- سنخرجك من حيث أبطلنا عمل جزء منه، نعمل على هذا منذ فترة.
ما زالت تلهث خلفهم محاولةً اللحاق بهم..
العصافير تزقزق والدفء ينتشر، لكن أين الشمس؟!
انتابها الفزع؛ أحدهم يصيح من خلفها بصوتٍ ك*السهيف*:
- هيا أسرعوا، أدركوها قبل أن تصل إلى السور، لا تسمحوا لها بالعبور إلى النور.
والصمتُ بداخلها يتكلم بأعلى صوت:
- النور ينتظرك هناك، أسرعي.
- أسرعوا.
صرخت الكيانات الصغيرة بصوت كالعواء:
- هيا أسرعي قبل أن تلحق بنا الدببة السمان.
ظهر النور فجأة بجانب الظلمة، يفصلهما سور، وجزء منه مفتوح، دفعها الأمل لتعدو نحو الحياة..
يتبقى خطوة واحدة وتعبر إليه، شعرت بمخالب تخترق جسدها من الخلف، وتجذبها، وصوت *قهقعة* الدببة يدوي في أذنيها..
سقطت على ظهرها، نصفها في النور والآخر ما زال في الظلمة..
تمسَّكت الدببة السمان بالنصف المظلم وحاولت جرها والعودة..
نهشت مخالب -أخرى- الجزء القابع في النور، لقد ظهرت حقيقة الكيانات الصغيرة، ذئاب، ذاب تنكرها بمجرد أن خرجت إلى النور الحقيقي، وأحدهم يعوي:
- اجذبوها بكل قوتكم، يتبقى مقدار خطوة واحدة وتسقط في الحفرة التي صنعتها مخالبنا على مر السنين..
تسمع صوت ضحكات وكلمات بكل اللغات تأتي من قاعها..
ثم غابت عن الوعي مرة أخرى.
تجمد المشهد، جسدها الفاقد الوعي يرقد على شفى الحفرة، نصفه في النور تجذبه مخالب الذئاب لتقع فيها..
والنصف الآخر تجذبه مخالب الدببة نحو الظلمة..
وصوت الصمتِ يبكي بداخلها، دون دموع أو صوت.
ملاحظة
سهيف وقهقعة: كلاهما من أسماء صوت الدب.
قد تكون صورة ‏شخصين‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة