Translate

الجمعة، 17 فبراير 2023

الساعات الحاسمة ( قصة ) للكاتب المبدع / ناجح صالح - العراق

  الساعات الحاسمة 

 ( قصة )

للكاتب المبدع / ناجح صالح - العراق

كاد ينكر أن المرأة الراقدة على فراش المرض هي امرأته , أحس في تلك اللحظة برعشة شديدة تسري في بدنه .. ربما هي خوف من المجهول الذي ينتظره وينتظرها معا , ذلك أنه رأى في وجهها شحوبا أفزعه , أين هو ذلك النور الذي كان يغمره ؟ هل انطفأ البهاء والجمال في أيام معدودة ؟
ترى ماذا وراء هذا الداء الذي جاءها فجأة ؟ أيكون داءا خطيرا يودي بحياتها ؟
جلس الى جانبها يمعن النظرات اليها .. حاول أن يحدثها الا أنها كانت عاجزة عن الرد عليه كأنها كانت في اغماءة , قال له الطبيب أنه بعد كل الفحوصات لم يعرف نوع مرضها وهو أمر محير لا نجد له تفسيرا .
ازدادت مخاوفه وانطفأ الأمل من عينيه كما ينطفيء النور من المصباح .
بدأ يدرك أن امرأته في حال يرثى له وأن الساعات القادمة ستكون حاسمة بين حياة وموت , يا له من قدر يفزعه وتضيع معه كل السنوات الجميلة التي غرست سعادتها في أنحاء جسده .
أحقا تتساقط آماله كأوراق الشجر فلا يرى ثمة ضوء يعيد اليه البسمة .
أيقن أن حياته مهددة بمدى ما يطرأ من مستجدات , وأية خاطرة تلوح له ليست أكثر من كابوس يرعبه , وبدأت شجاعته تخونه وهو يستسلم لهذه المتاهة التي تلوح في الأفق .
راح من جديد يتطلع في ملامحها , ما هذا السكون الغريب على محياها ؟ أين هو تألق العينين وأين حمرة الوجنتين ؟
ها قد ذبلت الوردة الفواحة وذهب عطرها وسحرها فهل من أحد يستطيع أن ينقذه مما هو فيه ؟
ان الدنيا التي كانت تحتويه لم يعد لها أثر وأن كل ما يتحسسه ما هو الا سراب .
غادر الغرفة الراقدة فيها امرأته بأمر الطبيب فجلس في حديقة المستشفى ينتظر ما تؤول اليه الأمور , وراح يستذكر الأيام الخوالي بحسرة وألم .
ان حياته كلها مرهونة بحياتها , واليوم هو في موقف رهيب فالساعات القادمة ستحسم المسألة .
عجبا للقدر كيف يضرب ضرباته الموجعة !
ألم تكن امرأته بالأمس تقف على قدميها بثبات وقوة ؟ أين هو جمالها الآسر الذي كان يحتويه طيلة سنوات بكل تألقه وسحره ؟
لم تعد الرؤية واضحة لديه , لم تعد الأشياء هي الأشياء , كل ما يحيطه وهم كبير .
وتساءل مع نفسه بامتعاض : أي داء هذا الذي اقتحم جسد امرأته بلا استئذان ؟ أية جرثومة لعينة تريد أن تنهي حياتها ؟
أصابه دوار ثقيل وهو يجتر آلامه .. ماذا يفعل اذا فارقته امرأته فراقا أبديا ؟
الحقيقة التي لا مفر منها أن قلبه قد يتوقف حينئذ أو قد يصاب بالجنون على أقل تقدير .
طال انتظاره وبدت أمام عينيه الساعات ببطئها وثقلها كأنها سنوات.
أخيرا رأى الطبيب يقبل عليه بوجه كسير ثم ليقول له : آسف وأنا أخبرك بأن امرأتك فارقت الحياة .
ندت عنه صرخة وهو يهرول مسرعا الى غرفتها .. رأى شبح الموت يخيم على المكان وهي في رقدتها كأنها في حلم .
تسللت الدموع من عينيه وهو جالس على حافة السرير مثالا للتعاسة والقهر , لم تعد امرأته الجميلة سوى جثة هامدة . يا للهول , أين يولي وجهه ؟
أحس أن حياته انتهت وحينما أراد أن ينهض وقع مغشيا عليه فلما تفحصه الطبيب وجده قد فارق الحياة .
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة