Translate

الاثنين، 10 أبريل 2023

مجلة القصة الذهبية ص 15

 

قصة قصيرة
للكاتب التونسي  فتحي بوصيدة


في البطحاء

قصة قصيرة موجهة للأطفال

كنّا نُمَنّي أنفسنا و ندعو اللّه أن يكون "سي عبدالمجيد" في احسن حالاته دوْما ، فهو رجل تجاوز الخمسين من عمره، بدين، أسمر البشرة، ذو ملامح تنمّ عن شدّة و صلابة، لا يعجبه شيء، قلّما لاحت على وجهه ابتسامة. اللّعب في بطحاء الحي منوط بمزاجه، و حالته إن كان سعيدا مزهوًّا تَرَكَنا، و إن كان غير ذلك حَرَمنا و طَرَدَنَا...

و كأنّ اسبوعا غير كاف لينعم "سي عبدالمجيد" بالصّمت و الرّاحة، ماذا لو تنازل ليوم عطلتنا كي ننعم نحن أيضا باللّعب. فنحن ننتظر يوم عطلتنا بفارغ الصّبر لنهجر صمت أسبوع كامل بالتزاماته و واجباته المدرسيّة المرهقة...فبطحاء الحي هي المكان الوحيد الذي يمكن أن ترتفع فيه أصواتنا...

كم كانت كبيرة فرحتناعندما وصلنا خبر سفره إلى البلدة ليزور والدته، خلنا أنّ البطحاء هذا اليوم ملك لنا، و أنّ هتافنا و صراخنا لن يشدّه لجامٌ.

اجتمعنا منذ الصّباح الباكر على غير عادتنا، رسمنا خطوط التماس و كلّ الزّوايا المطلوبة بالملعب بمزيج سائل أبيض كنّا قد تدبّرناه، في الأثناء كانت حشود الأطفال تتوافدمع تقدّم الوقت. انقسمنا إلى فريقين بينما لزمت البقية أماكنها المخصّصة للجمهور...

انطلق اللّعب واشتدّ الحماس، مع كلّ ركلة صرخةٌ، و مع كلّ فرصة تصفيقٌ، و مع كلّ هدف فرحةٌ و عناقٌ. حتى جاءت الرّكلة الحاسمة، إما خسارة فريقي وانسحابه و إما تعادل و ركلات حظّ...تقدّم صديقي "هشام" فهو المختصّ في المخالفات فركلاته لا تصدّ و لا تردّ، ثبّت الكرة في مكانها، ثمّ تراجع إلى الوراء خطوات، جرى و ركل الكرة ركلة ادهشت الجميع حتّى خيّم على الملعب صمت رهيب، قَطَعَهُ صوت زجاج تهشّم... إنّه زجاج احدى نوافذ منزل " سي عبدالمجيد". لحظات فقط و خَلَتْ البطحاء من اللاّعبين و من الجمهور ،كأنّهم أشباح اختفت. كنّا نراقب من بعيد، و إذا "بسي عبدالمجيد" يظهر و الشّرر يتطاير من عينه مغمغما ساخطا و بيديه الكرة... صرخ فينا و كأنّه يعلم أننا كنّا نتابعه:" ألم أنبّهكم من قبل؟..العيب ليس فيكم بل في من ربّاكم... ! لو أنّكم راجعتم دروسكم لكان أفضل...هيا غادروا قبل أن أهشّم رأس أحدكم... ! "همسنا إلى بعضنا:

"بهذه الفعلة الشّنيعة ما نظنّ أنّ أقدامنا ستطأ البطحاء بعد اليوم".

لمّا رأيناه استدار راجعا إلى منزله، تشجّعت مجموعة منّا و عزمت على أن تذهب إليه و تطلب الصّفح، آملين أنّ ثورته قد هدأت.. ما إن سمع حثيث أقدامهم وراءه التفت إليهم و علت عبارات السبّ و الشتم تملأ فضاء السّاحة ،و إذا بالكرة نصفين حيث أقدامهم،

و دخل منزله متوعّدا "هكذا ستكون كلّ كرة تأتون بها...ان لم يكن أحدكم في المرة القادمة... !"


قصة قصيرة

للكاتب العراقي  د. نبراس سالم


قبيح

يفكك خطوط سطور الزنزانة المتوازية، أرى البطل يهرب من الكلمات، ويقفز خارج الورق، صفحة بعد صفحة، يغادر أحداث الرواية، فتبهت الحروف وتتهاوى في قعر الكتاب الكلمات ولم تستطع لحاقه والفرار معه.

... دون كل الروايات السابقة، لا أريد أن أكون جميلا، يا حبذا لو كنت قبيحا، ماذا لو خُلقتُ قبيحا؟

... ستفقد مكانتك في المجتمع، نجم أفلام يشار له بالبنان، تخسر معجبين يحومون حولك، يلتقطون صور معك كلما قابلتهم صدفة، لن تظهر صورتك على وسائل الإعلام أبدا.

... وهل كل من دخل التمثيل فلح، وهل كلهم يتصفون بالجمال؟

... ماذا لو جعلت فتاة ذات حسب وجاه تتزوجك، تعاند أهلها وتقبل بك، حتى لو كنت جاهلا وفقيرا.

... وماذا لو قاطعوها أهلها وحرموها الميراث والعز الذي هم عليه؟ ماذا سينفعني جمالي.

... سيقبلونك بوظائف كثيرة لجمال مظهرك، وستتدرج في سلم المراتب لأعلاها.

... حتى لو كنت أخرس؟

... حتى لو كنت أخرس، ابتسامتك وخصلات شعرك تكفي، فلنقل موديل رجالي للملابس!، تعرض الأزياء لدور تصاميم مشهورة.

... كلا، لا أريد أن أكون جميلا، ارسمني في روايتك قبيحا، أنا أريد ذلك، لندع قبح وجهي مقياس تعامل الناس معي.

... لن يقرئها أحد، ستبور على رفوف المكاتب، ستفشل ولن يمتدحها أي ناقد، لن ترى جوائز المسابقات بعد اليوم.

... أبدع بلغتك وتفنن بالفكرة، ولا تعتمد على المظاهر، وأجعل جمال روحي تغطي تجاعيد وجهي.

... الناس تهوى المظاهر، تحب أن تُخدع بما هو براق، لا تحب الحزن، لا تحب السواد، لا تحب قساوة التضاريس، من سيعرف رقة إحساس ونقاء روحك من أول نظرة بل حتى من عشرة نظرات.

... لماذا تأخذ انطباع أولي دون أن تتيقن أذن؟، مع ذلك، اجعلني قبيحا، وانظر ماذا سيفعل الناس تجاه ذلك.

... لن تكون نظراتهم مثل كل الروايات السابقة، سينظرون لك بعين الاشمئزاز، أو على أقل تقدير، بعين الشفقة، سينهار برجك العاجي، وتهوى إلى قعر المجتمع دون أي رحمة، لا وظيفة أو زواج ولا حتى ابتسامة من من يقابلك صدفة.

... السبب سببك لا سببهم، جعلتهم يتعودون على التزوق لا على ما هو طبيعي، تزاحم في الشارع من زرع شعر رأسه ومن صغَّر أنفه ومن حقن تجاعيد العمر في وجهه ومن سنفر مطبات المشاكل على خديه ومن... كلا لن أقبل أن أكون دمية للفرجة، ولن أخدع الناس بمظهر، سأتركك وضع أي جماد جميل بمكاني.

كان غير مقتنع بنظرتي ككاتب للأحداث، هذه المرة، حاول بين فصل وأخر، إقناعي بوجهة نظره، يدفع القلم عن السرد تارة، ويمنع الحبر من النزول تارة أخرى، لكن تعنتي بفكرتي، دفعه للهروب، تهاوت أركان الرواية بعده، وليس هناك مجال للترميم.

(من رواية من يطرق الباب ليلا ).


فنون تشكيلية

من إبداعات الموهوبة المصرية

حبيبة أيمن علي






 

 








 









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة