Translate

الاثنين، 24 يوليو 2023

العنونة الشخصية في قصة ( لقاء عابر ) للكاتبة المصرية / د . منال رضوان قراءة ورؤية أ.د مصطفى لطيف عارف ناقد وقاص عراقي

 العنونة الشخصية في قصة ( لقاء عابر ) للكاتبة المصرية / د . منال رضوان قراءة ورؤية  أ.د مصطفى لطيف عارف ناقد وقاص عراقي


 لقد تنبه كتاب القصة إلى خطورة العنوان في البناء الفني، فراحوا يتأنقون في صياغته، واختياره استجابة لوصايا نقادهم، حتى أنهم استهلكوا في صياغته، واختياره ضعف الوقت الذي استهلكوه في كتابة قصصهم، ذلك لأن عملية اختيار العنوان القصصي ليس بالعمل اليسير، تلك التي تكتشف فيها القاصة عنوانا لقصتها، لأنها في الحقيقة تكتشف عالمها القصصي، وعلى نحو عام أن العنوانات القصصية غالبا ما تلخص فكرة العمل القصصي نفسه أن العنوان القصصي يأتي أما على عبارة لغوية، أو رقما، وربما يأتيان معا، وأخيرا لابد لنا من الإشارة إلى أن كتاب القصة القصيرة يسلكون طريقين في اختيار عنوانات مجاميعهم القصصية هما: الاستعانة بعنوان إحدى القصص لجعلها العنوان الرئيس للمجموعة بأكملها، وهذه القصة أما أن تكون أحدث زمنا أو أكثر قصص المجموعة تطورا من الجانب الفني، أو أشهرها، أو أكثرها ذيوعا، أو أن عنوانها يتسم بعنصر جمالي أو دلالي يؤهله لأن يكون عنوانا للمجموعة برمتها، والطريق الثاني انصرافهم إلى عنوان آخر ينتزعونه من السياق العام للمجموعة القصصية، وهو ما فعلته القاصة (منال رضوان) عند اختيارها عنوانات لقصصها، بقي العنوان، قد يرتبط بالشخصية أو لا يرتبط تماما فهناك عنوانات بعض القصص باسم أحدى شخصياتها، وقد يكون العنوان لا يحمل اسم شخصية من شخصيات القصة، كما يبين إحجامه عن تقييد القارئ بعنوان ربما يوجه اهتمامه نحو مظهر من القصة دون آخر، إعتقادا منه أن العنوان يمثل جزءا حيويا من بنية النص إلى جانب كونه مفتاحا تأويليا، والعنوان في تركيبته التأويلية ينبئ عن علم مكتظ من العلامات، والشفرات التي تتحول إلى دوائر تدور حول بعضها مثيرا عددا غير قليل من الدلالات، والبنى الإيحائية، عنوان القصة القصيرة (لقاء عابر ) يظهر قاصرا على مفردته الأولى، وليس قاسما مشتركا لها، ووحدانية -القص- بوصفها كيانات، تحتسب لصالح- الحكاء- مع تكامل الصور لترسيمها عملا إبداعيا (إنتاج مادي,وروحي) وتطابق مجريات المتغيرات التي تحدث داخل المشاهد التصويرية سواء أكانت فاعلة أم هامشية حقيقة كانت أو مفتعلة، فنراها تقول : أذكر ليلة جلوسنا إلى طاولة نائية في ذلك النادي الشهير، كنت تود أن تتعرف إليّ أكثر من مجرد لقاءاتٍ عابرة، أو مكالماتٍ هاتفية تستغرق بضع دقائق، سألتني عن أشياء كثيرة، وأجبتك أكثر وأكثر؛ حتى بت أرتديك كثوب من العري لا يستر شيئًا من ندبات السنوات الماضية- الوعود المنسكبة على يديّ بأنها مرة أخيرة للبكاء لازلت أذكرها، كذا ابتسامتي الواهنة المنتهية.. بلا تعليق. كلماتك من قصيدة الورد والياسمين، لثمت عنقي كقرط من لآلىء تداعبها نسمات ربيع محببة باحت أخيرًا. إن النص الذي يأسر القاصة (منال رضوان )، ويدفعها لخلقه، ورميه إلى ذائقة المتلقي هو النص المتماوج على حدة اللغة، وقسوة الصورة، والإيغال في تشظيات النفس الإنسانية، هذه الركائز الثلاث هي ما يستطيع الوقوف على أثافيها ليخرج باعتقاد أن القاصة تحتفظ بخزين وفير من القدرة على السرد،

 



واقتناص الموضوع بيسر، وعرض النص بما قد لا يريح المتلقي، ويترك في نفس القارئ فسحة للابتهاج، فنراها تقول : اعتدت ابتسامة خافتة تتلعثم وسط الضجيج، لكنك سألتني أن أضحك بصوت أقوى، فصرت أضحك وأضحك؛ حتى تعرفت معك إلى صوتي للمرة الأولى!نظارتك الطبية التي ارتديتها؛ فَأُخذتُ في رجفة دوار رمادي غيبني عن واقعي، واكتفيت بلحظاتي الوامضة أنسج خلالها ملامحك التي أكاد أعرفها. خاتمك الفضي الضخم الذي انتزعته من إصبعك وتوجته إبهامي، فعلتْ ضحكاتنا أكثر وأكثر .أذكر أنه ليس بخاتم زفاف، فلم يكن لك امرأة كما أخبرتني، وربما لم تكن لك امرأة واحدة.. لست أدري، على أي حال لم أكن أريد الانشغال بغير نقراتي على الطاولة ورجع من همهمات أصابعي :(تِك تِك تِك.. تِك) حتى سألتني وأجبتك : - هذا عنوان قصتي الجديدة، طاولة. لذا فإن نص القاصة (منال رضوان ) هو نص الشفرة التي لا تترك ألما بل تصنع جرحا يحتاج القارئ لوقت غير قصير كي يشفى من صراخه أن عنوان القصة القصيرة تعطينا دلالات نقدية سيميائية تدل على مضامين القصة، فنراها تقول : نعم، طاولة تأنس إلي حديث الأصابع ويؤرقها جليد الكلمات.- كم منحتني ابتسامتك الدفء الذي جعلني أربت على طاولتي، ولا أعود ألكزها في عناد طفولي يستثير المزيد من أسئلتك. لم أنس النادل الصغير الذي لم يستسلم إلى مداعبتك حول نقاوة البن، فأتاني بقهوتك المتخمة بسكر، ووضع أمامك قهوتي المُرَّة، وكم كان ودودًا إذ أخبرنا بمؤامرته قبل أن أرتشف قهوتك؛ فأدمن حلاوتها، أو تجرع قهوتي؛ فتعودك ذكريات مذاقها..ولم نعد نملك الكثير من الوقت، كان علي أن أغادرك على وعد جديد باللقاء.غير أننا نسينا توديع الطاولة،كذلك هي، لم تعد تعبأ بنا؛ فكم خذلها الإنصات إلى حكايات العابرين. ومن خلال استنطاق قصة( لقاء عابر)نجد النص الذي تريده القاصة (منال رضوان) محمولا بالدلالات، لابد أن يأتي مستلا من تفاصيل سلوكيات اجتماعية ارتأت إحضارها من أزمنة مختلفة في العلائق، ومتفاوتة في التشابكات، فهي تستعين بالشخصية المحورية استحضارا للحكمة، وتتكئ على شخوص الحاضر معطيتن إياها دور الباحث المتفاعل الذي سيخرج بحصيلة تتكرس مدلولات تسهم في فائدة البشرية في التعامل، والحكم، إنها تمنح المتلقي أبوابا متعددة مواربة للقراءة، والتأويل اعتمادا على كون النص كرة كريستالية تبث الدلالات التي تستنهض رؤى المتلقي فتثير فيه مهمة البحث عن الشفرات, بصوته الموسيقي وأخيرا نقول يحسن النص السرد المختزل لإنتاج قصة قصيرة جدا مستلة الفحوى من نسيج الواقع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة