Translate

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

*الصخرة الباكيّة * الكاتب الجزائري : عبدالعزيز عميمر .

 





*الصخرة الباكيّة *

_تحرّكت الصخرة ولانت،تمايلت وبانت،فَجَرّها الفيضان،بكت لعزّة نفسها ،وهوانها ،مازال السيل يجرّها وهي تقاوم،وتقاوم وأحست بالوهن،تجري أصبحت ككرة صغيرة في قدم طفل،تَضرِبُّ وتُضرَبُ،بدأت تتشقّق، وتطير قطع منها،وهي تنقص شيئا فشيئا،والفيضان ومياهه لايبالي بها،بل يضحك لحالها فاتحا عينيه محدّقا بها باحتقار،هو ينتقم لسنوات ماضية،حينما كانت الصخرة شابة جميلة وقويّة ، كانت تحوّل مياهه عن مجراها وتسدّه وتخنقه ويقوم بكل الحركات ولا ينجح! كانت الصخرة
مانعا قويا على أهل القرية ،فديارهم من الطوب والقشّ ،فكانت تشفق عليهم ولا ترضى لهم الخسارة، والحزن،وهم فقراء يحتاجون للعون وردّ كيد الظالم.
كان القرويون يقيمون احتفالا في ساحة الصخرة،ويقدّمون لها الهدايا، ويزيلون الغبار عنها،ويحضّرون الأكل ويذبحون ثورا، ويوزّعون لحمه
على الجميع، كما تدقٌ الطبول،وتعزف المزامير.
هي ذكريات الصخرة ، والآن تطايرت ،وذهبت حبّاتها
في كلّ حدب وصوب،لم أكن أعرف أبدا أنّ الصخرة
تبكي !ولها نبض! ودموع! غريب! إنّه أمر غريب!
ماسميّت الصخرة بالصخرة إلاّ لصبرها وابتلاعها الشوك،وتبكي داخليا، لايراها أحد،لكن هذه المرّة أطلقت اللجام للخجل والعزّة ،وسمحت للدموع لإطفاء نارها،إنه الهوان ونكران الجميل،وعدم تطبيق: أرحموا عزيز قوم ذلّ.
الصخرة صامتة تتحمّل عبث الصبيان وتقلّب الدهر،ولم نسمعها تشكو ومع مرور الوقت ،ظنّ الجميع
أنها بلا قلب وروح تصلح فقط للمطرقة والشمس الحارقة،ما دامت بكماء،بكت هذه المرّة ليس فقط على نفسها بل على فقراء القرية،سيغمرهم الفيضان الذي منعته عشرات المرّات،والآن صبيان القرية لا شكّ أنهم جرفوا وتهدمت أكواخ الطوب،ياليتها لم تهرم ! ياليتها
قاومت أكثر،ومازالت تفكّر في أهل القريه،وإذا بالفيضان يضربها الضربة القاضية،فتنفجر، وتتجزأ قطعا قطعا،ثم تذوب وتجرّ للوادي،وهكذا تنتهي حكاية
الصخرة الصلبة التي حمت أهل القرية،لكن الشيخوخة
والقدر فعلا فعلتهما .
الكاتب الجزائري : عبدالعزيز عميمر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة