Translate

الأربعاء، 24 نوفمبر 2021

قصة قصيرة {صرخة ألم } بقلم / فوزية الكوراني /سوريا

 قصة قصيرة

{صرخة ألم }
في الصباح الباكر عم الفرح على جميع النزلاء في السجن، اليوم سيتم إخلاء سبيل العم أبو النور
بعد عشرة أعوامًا..
كان حزنهم كبيرًا لوداعه، وخاصة من كان حبسه مؤبد..
العم أبو النور كما يقولون: (تضعه على الجرح يشفى) لطيب قلبه وحسن معاملته مع الجميع..
طلبه مدير السجن لتسليم عهدته والسلام عليه، ودعه بحرارة واعطاه مبلغ من المال ليستعين عليه في أيامه الأولى، مع كرت توصية إلى أحد معارفه للعمل عنده..
بعد ثلاثة شهور وقف مدير السجن لإستقبال دفعة جديدة من السجناء جيئ بهم إلى السجن؛ كانت الطامة الكبرى عندما شاهد العم أبو النور بين السجناء الجدد!..
اقترب منه لما لما هزه بقوة؛ لماذا عدت إلى هنا ياعم؟ لم يجيب أبو النور بحرف ظل ساهمًا في الأرض وكأنه في غير عالم..
أخذ مدير السجن إضبارة السجين ( محمد غزي الشهير بأبو النور) كانت الاضبارة تقول أن السجين أبو النور قتل ثلاثة أشخاص ومنهم ابنته الوحيدة!، وهو الذي سلم نفسه للشرطة..
جلس أبو النور في زنزانته لايكلم أحدًا ولايأكل ولايشرب؛ بعد بضعة أيام ساءت حالته الصحيّه، نقلوه إلى مشفى السجن لرعايته..
عُيّن له محاميًا للدفاع عنه من قبل المحكمة، لأنه لا يوجد أحد من أهله..
في المشفى زراه المحامي وحاول أن يكلمه لكنه لم يجيب أبدًا حاول مرات عديدة وفي المرة الأخيرة استجاب له قائلًا أحكي لك قصتي بشرط ألّا تدافع عني بالمحكمة.. وافق المحامي مبدئِيّا لطلبه لعلى الله يحدث أمرًا ويستطيع إنقاذه من حبل المشنقة..
قال أبو النور سأَحكي لك قصتي منذ بداية دخولي للسجن أول مرة..
كنت أعمل حارسًا في معملًا للبلاستيك منذ أن كان عمري عشرين عامًا، كان صاحب المعمل إنسان طيب يعاملني معاملة جيدة لايشعرني بفقري يتواضع لي ويتبسط معي، و بنى لي في المعمل شقة صغيرة بدلًا الغرفة التي تكون بالعادة للحارس..
جئت بزوجتي من الريف وعشنا بسعادة وقناعة، ولما تعسر إنجاب زوجتي أخذ بنا إلى الأطباء وتكفل بكل العلاج حتى حملت زوجتي وأنجبت توأمًا بنت وولد..
الولد مات بعد ساعات من الولادة وحمدنا الله على نعمة الخلفة وأن أصبح عندنا إبنة جميلة..
كان صاحب المعمل عنده ولدين شاب وفتاة، الفتاة تزوجت وسافرت مع زوجها إلى فرنسا..
الشاب كان مدللًا مستهتر متعجرف، وكان والده يحاول معه لكى يصبح إنسانا عاقلًا، إلا أن زوجته تفسد أخلاقه بتربيتها لابنها..
أيضا كانت إنسانة قاسية متعجرفة، بلغ الشاب الثلاثين من عمره وهو على هذا الحال لم يفلح بدراسته استلم المعمل وأصبح يخرب فيه من استهتاره وطيشه، كان يأتي كل ليلة برفاقه ويلعبون القمار ويشربوا الخمر..
اشتكيت لصاحب المعمل وشرحت له؛ حاول معه وتشاجرا وطبعًا صب جام غضبه عليّ هو وأُمهِ لأنني اشتكيت للوالد وهددوني بالضرد من العمل إن اشتكيت مرة ثانية..
وأنا بدوري أشفقت على الوالد المسكين لأنه كان مريضًا بالسكر وارتفاع الضغط..
بدأت أبحث عن عمل لعلي أترك المعمل لكن غير جدوى أصبحت كبيرًا ولاأحمل أي شهادة أو صنعة..
في تلك اليلة المشؤومة؛ جاء إلى المعمل ليلًا بصحبة صديقه لكي يلعبوا القمار، وبعد قليل بدأ يعلو صوت الشجار كالعادة لكن هذه المرة رافقه صوت رصاص!!..
هرعت إلى الداخل: شاهدت صديقه ملقى على الأرض تغسله الدماء، وهو في حالة ذهول!!..
اتصلت بصاحب المعمل كان نائمًا ردت زوجته؛ قلت لها ماحدث..
بعد قليل كانت في المعمل هدأت من روع ابنها، وبدأت لهجتها القاسية التي عهدتها معي تلين، بل وبدأت تتوسل إليّ وأنامذهولًا من طلبها؛ تريدني أن أشيل القصة وهي ستأتي بمحامٍ لي ليثبت أنها مشاجرة وقتل خطأ، المهم إبنها لايدخل السجن من أجل والده المريض ممكن أن يموت أو يشلل من حزنه على ابنه، ووعدت أن تأخذ زوجتي وابنتي البالغة من العمر خمسة عشر عامًا إلى عندها في ملحق الفيلا..
وأن تراعاهم لحين خروجي من السجن!..
وبدأت تذكرني بفضل زوجها ومحاسنه معي، رق قلبي ووافقتها وزوجتي كانت تبكي ولاتريد، لكن بدوري أسكتها وذكرتها بفضل السيد عليها وهو من ساعدها لكي تصبح أمًا..
اتصلت زوجة صاحب المعمل بمحامي العائلة وقالت له أنني كنت أقوم بجولة في الداخل فوجدت رفيق ابنها يحاول سرقة الخزنة وأنه سرق المفتاح من ابنها خلسة ودخل من الباب الخلفي وأنا عندما شاهدته حاولت منعه حاول قتلي فقتلته وقد كان معي سلاح لأجل الحراسة؛ وتمت القصة كما تريد والمحامي دافع عني وأخذت حكم خمسة عشرة عاما مع دفع الديّة لأهل القتيل..
ولأنني كنت حسن السلوك في السجن بعد عشرة سنين كان إخلاء سبيلي..
قبل خروجي بعامين توفت زوجتي وبعدها توفيّ صاحب المعمل، ولم تعد إبنتي تزورني، اتصلت بالسيدة من هاتف مدير السجن فكان ردها أن إبنتي ذهبت إلى القرية عندها خالتها ولم تعد؛ أُضرمت نار الخوف في قلبي على ابنتي ولم أعد أشعر بطعم الحياة لحين خروجي..
ولما انتهت المدة، وخرجت من السجن، ذهبت إلى القرية وكلي فرحًا أنني سأعيش مع ابنتي وأعوضها عن سنين بعدي عنها..
لكن الصاعقة التي كانت تنتظرني؛ أن خالتها لم تشاهدها ولم تأتي إليها أبدًا..
عدت الفيلا وإذا بها قد بيعت بالمزاد العلني، وصاحبتها غادرت البلاد لعند ابنتها..
ذهبت إلى المعمل، أيضا قد بيع!!
بدأ مشوار البحث عن ابنتي دون جدوى، إلى أن هداني الله إلى البحث عن الخادمة التي كانت تعمل بالفيلا كانت إمرأة مقطوعة ليس لها أهل عملت في الفيلا منذ صغرها ولم تخرج منها إلى أن باعوها..
بعد تعب وعناء وجدتها تسكن على أطراف المدينة بغرفة بملحق البناء والناس تشفق عليها وتعطيها مايكفي عيشها..
لما شاهدتني بكت بحرقة، وحاولت أن لاتجيب على أسئلتي، أحسست أن وراءها أمر خطير، استحلفتها بكل معروف كان بيننا فكانت الطامة الكبرى؟ أن ابن صاحب المعمل استمر في مجونه وخسر كل شيئ بسبب القمار مات والده قهرا، ووالدته غادرت البلاد خجلًا من الناس..
هو استأجر شقة صغيرة وأصبح يديرها للقمار وضحك على إبنتي وتزوجها!...
صعقت وأحسست أن توجد قصة كبيرة أخفتها عني.. ذهبت إليهم وعندي أمل أن أخذ إبنتي واُجبره على الطلاق وخاصة أنها لم تنجب أطفالًا إلى الآن..
طرقت الباب فتحه هو؛ اندهش لرؤيتي وأصابه الذعر وكان شبه سكران دخلت أنادي على إبنتي وأبحث في الغرف جاء لسمعي ضحكتها من غرفة في آخر الممر أسرعت خطاي فتحت الباب؛ لن تستطيع أن تتخيل ما شاهدت!! وصرختي التي صدرت مني أصابت إبنتي ومن معها والقواد زوجها بذعرٍ وتسمروا مكانهم؛ يداي أصبحت أقوى من الرصاصة بدأت بإبنتي أحاول خنقها وفعلًا ثواني أجهزت عليها، وكانت مستسلمة تماما ونظراتها كإنها تقول أنت السبب!..
باغتتني ضربة على ظهري من ذاك القواد زوجها، هجمت عليه وكان كأس الخمر أمامي رشقته على عينيه وبسرعة كسرتها وغرزتها في رقبته على الوريد دقائق فارق الحياة أيضًا..
أما الثالث: قصدي الزبون فكان مذهولًا مستسلم فلم أتعذب معه فورًا هجمت عليه وهو مازال بالسرير كم ضربة ثم خنقته!!..
بعدها سترت ابنتي بالغطاء وانتباني هيستيريا من الضحك والبكاء..
خرجت من المنزل وكان حشد من الجيران أمام الباب جاؤوا على سماع الأصوات، جلست، وطلبت منهم أن يتصلوا بالشرطة..
قال أبو النور للمحامي (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ)ضَلَلت العدالة ودخلت السجن من أجل جريمة لم أفعلها وتركت القاتل حر يرتع خارج السجن فكان الجزاء من جنس العمل.. أتمنى أن تأتي لي بحكم الإعدام!!!.
فوزية الكوراني /سوريا
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏جلوس‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة