Translate

الخميس، 15 ديسمبر 2022

هبة ريح بقلم الكاتبة المبدعة / سمية جمعة - سورية



 هبة ريح

على نحو ما كان ثمة إحساس أنّ هناك جريمة غير معلنة، إذ كيف لآخر أن يهتبل حاجتنا إلى مستتب تلوذ به الروح، حين تلّص منا اللب والمشاعر؟
ترى هل تنجح الأوردة في تحالفها مع القلب والوتين، في فض الاشتباك، وفي تفكيك التماهي بالآخر،ليعود للنبض انتظامه و للشرايين هسيس الدماء، وللقلب أمارات السيادة على الجسد المستلب؟!
ها هي العينان تجوسان المكان في وله، فيما يعلو همسٌ مبهم، ويخفت متساوقًا مع ارتفاع الصدر المحتدم، وانخفاضه، أغنية مشبوبة تصدح لتعود بالمخيلة ثانية إلى حضن الزمن الجميل، عبر الجدران كان صداها يتردد، يغطي على وجيب القلب، فيما كانت أصابعها الدقيقة تمزق آخر ورقة في دفتر الأمس، و أصفر شاحب يغمرها بشروده الأعجف، بينما تتوشح النهايات بأحمر قان، فقط إذ ذاك أخذت حروفٌ تترى أمام عينيها، حروف كادت من فرط صغرها أن تمحى!
الموعد يدنو حثيثا إذن،وها هي ارتعاشة النبض ولازمة التردد تتابع، وخاتمة فصول الدهشة..إنها على موعد مع الحياة.
الكون بامتداده الشاسع منهمك في تفاصيل تلك الشرارة، ثم إن السماء ذاتها، السماء الكلية القدرة وصانعة أقدار البشر قد تعلن تمردها وتمطر!
ولكن كيف أذهلها الزمن عن نفسها؟ و أسلمها لسطوة التخمين، فأمست كل لحظة لحساب الموعد مجازفة، وكل خطوة باتجاهه فخّا، وسجنتها الأسئلة في قفص الحيرة غب أن تقهقرت سحب الحب، فراحت تقدم قدمًا و تؤخر أخرى، لوهلة نأى خوفها أو أشهر إخفاقه على رؤوس الأشهاد، حتى أنها اختلست إليه أكثر من نظرة، بيد أن الزمن في سياقه المنكسر ظلّ محتكما للتشقق!
ظلّت الأحاسيس والأفكار المحتدمة في تناقضها تتداخل.
كانت ذاكرة الأمس تنزف ارتطامها، تناور،وترجئ، ليتسطر السؤال- من ثم - جليا:
ترى هل يحق لها أن توثق هذه اللحظة المسكونة بعمق اللهفة و تضارب الآراء حول مصداقيتها؟!
وما بين إقدام و إحجام تسارعت خطواتها للوصول، لكنها سرعان ما تسمرّت في مكانها، يعتسفها شد وجذب، ومن الخلف كان ثمة حبل سري يشدها إليه، ليمنعها من الوصول إلا إنها وصلت، فابتدرها بالكلام:
تأخرت عن زمنك بزمن، أنا أحصي حقبًا انتظرتك فيها، لقد ضيّعت الكثير من الكلمات التي كنت قد رتبتها في حمّى انتطارك!
تجاهلت يده الممدودة، للمصافحة لا تدري أم للعناق، كل شيء كان قابلًا للتأويل، للاستعارة، او للمجاز!
إلا عينيه اللتين كانتا شديدتي الوضوح في تعبيراتهما.. هرعت إلى سجف اللغة لتغيثها، لكن الأخيرة تكشفّت عن عجز مريب، لا مظلة تقيها ذلك الغبار المتساقط من عينيه، ويحكم قبضته عليها!
سمية جمعة - سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة