Translate

الخميس، 15 ديسمبر 2022

الإناء المثقوب بقلم الكاتب المبدع / محمد خير الله - مصر


 الإناء المثقوب
قصة قصيرة

يجلس مسندا ظهره على سريره الموروث من جده صاحب السمو والأراضي الممتدة في بلدتهم المسماة بلقب عائلته، ناظراً إلى عقارب الساعة التي طالما لسعتهُ فقتلته مراتٍ عديدة، يخالجه شعور الحزن، أنفاسه تتلاحق في صورة زفرات تشق سكون الليل المطبق أجفانه على ذلك المشهد الذي لايبارح وجدانه، عندما عُقِدَ قِرانهُ على تلك الفتاة الريفية ذات الجسم البضِ والتي وافقت بالإرتباط به مقابل حِفْنة من مالٍ دسها في جلباب أبيهاالمهلهل المزارع الفقير أبٌ لدى الكثير من الفتيات حتى صارت زوجته إلاَّ أنَّ فارقَ السنِ كان مزمارَ العُرسِ الذي جلبَّ ثعابينَ الجحورِ من مضاجعها السحيقة وجلبها إلى غرفة نومه حيثُ فشلت غُرةُ شعره الأبيض المتدلية في اِشباع شبق عروسه، ينتظرُ طويلاً ، يترقَّبُ هلالاً تلو الآخر؛ فيخيبُ أملهُ؛ عندما يرى
اِنسلاخ جدار بطانة الرحم محدثاً قطرات دم تخالطها دموعه الآخذة في البحث حثيثا عن وريثهِ المُنتظر
ثمَّ يَذهبُ بعيداً حيث مقبرة عائلته
ليروي نبتة الصبّار المعمرة ويقصُ مآل حاله إلى تلك الروح الساكنة بين هذه الصخور الصلبة
يرمقهُ حارس المقبرة، يقترب منه، وبفراستهِ المعهودة ينصحهُ أن يقدم النذور لصاحب المقام، هذا الشيخ الذي يهيم في فضاءات الليل ويعود مع قدوم الفجر محملاً بالنسائم والتبريكات لراغبي الذكور والبنات، قائلاً أنَّ له أجرٌ مع قدوم البُشرى، يبتسمُ الزوجُ العجوزُ سليلُ العائلةالبهوية، الأماني تلوحُ له في عينيه كعناقيد الياسمين، مسرعاً أحضر الكبش الأملح وذبحهُ تحت تلك القبة الخضراء غامسا يديه بدمه، ثم ركض إلى حسنائه ليصبغَ خديها بالحمرة، لكنّه لم يجدها، سآل عنها هؤلاء الفتيات اللواتي يلعبنَّ بالقرب من البيت، فأشارت إحداهن إلى الطريق الطويل الموصل إلى خارج القرية، قائلة أنها رأتها برفقة الشاب الذي طالما كان يداعبُ لها خصلاتِ شعرها في صباها، لاحقهما سريعاً في الطريق ذي الأشجار العالية وغيرالمُعبَّد، لكن الركض خلفهما أنهكه، فتهالك على الأرض بيدين جفتا من آثار دم المذبوح
تلفَّتَ بحسرة، لم يجد إلاَّ ماتبقى من زمنٍ قليلٍ وساقين منخورتي العظم يَتْكئُ عليهما، واِتجه إلى ذلك القبو الكائن بجوار المقام المُهدَّم؛ ليدفنَّ كل آماله المُنقضية هناك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة