Translate

الجمعة، 3 مارس 2023

قراءة تأويلية بقلم الأستاذ الناقد البارع / زين المعبدي، لنص القاص/ محمد ابو الفضل سحبان - المغرب

 قراءة تأويلية بقلم الأستاذ الناقد البارع زين المعبدي لنص القاص/ محمد ابو الفضل سحبان

المغرب
مشروع حيوان
كمموا فمه، صفدوا يديه، رجليه، غطوه بإزار أبيض.!
استبشر خيرا وقد ظن أنهم أخيرا سيدفنونه؛ أخبروه في قاعة الفحص أن عمره ما يزال طويلا، وأن التحاليل طلعت كلها ايجابية : انفلونزا الخنازير ،جنون البقر، جدري القرود ..!
إبتسم قائلا : كل هذا بسبب هذه البالوعة اللعينة مشيرا إلى بطنه .. ألا يوجد لديكم تطعيم ضد داء فقدان القناعة.؟!
محمد أبو الفضل سحبان / المغرب
**مشروع حيوان**
إنطلاقة العنوان كإنطلاقة مدفعية طائشة من جندي نام أثناء وقوفه على المدفعية التي كان يحمى بها وطنه ونفسه فأصابت أعز ما يملك (إن لم تكن قد أصابته هو)
وكيف يقوم الحيوان بمشروع؟
سؤال المتلقي،وهو في متعة وإشتياق
وتنكير المفردتين للعنوان يوحي بالشمول
لنأتي بالتصوير الذى صور فيه المتكلم الإنسان المُكرم من ربه يهان من بني جنسه.
وفي مراوغة من سبحان ينقلنا من مشهد إلى مشهد آخرمثير
حيث يقول
كمموه
سؤالي:
من هو المكمم ؟
لك ما شئت من التأويلات أيها المتلقي قل: مواطن وطن أمة فكرة قلم....الخ
فقد أخرسوا لسانه وضيقوا أنفاسه حبسوا الهواء لكي يتنفس الكمية التي يسمحون له بها.. .
ثمة فاصلة تنقلنا إلى مشهد آخر وهو أنهم قيدوا يديه لكي لا تلوح حتى إلى ربها،
ولكي لا تدافع عن نفسها ثم تأتي فاصلة للإجاز (بحذف حرف العطف وذلك لمنع حدة الصوت والتكرار الممل وهذه مهارة كاتب)
وكإقتصاد في الحروف للإيجاز وكذلك خرق للغة ولكن على أصولها لإيصال المعنى.
من الفم إلى/ اليدين إلى/ الرجلين/ بطريقة تنازلية بديعة موحية بمدى الإضمحلال الذي تعانيه بعض البلدان من تعليم/ وصحة/ وفقرثقافة وغيرها..
جملة/ غطوه بإزار /كفيلة أن تنقل المتلقي من العنوان المنفتح المحير إلى ما هو أعمق /مشروع حيوان /التكميم/ والتصفيد/ والتقييد/ إلى جو الموت وتقوسه وما يؤكد على ذلك اللون الأبيض الذي يحيلنا لإكتمال الصورة بلون (الكفن ) هو في حد ذاته إسقاط جميل على الظروف السيئة
كل ما سبق من مشاهد عبارة عن حدث مسرحي في لقطات أو مشاهد متتالية وامضة تسيِّر قضايا مختلفة تختلف حسب الذائقة لدى كل متلقي.
ولكن بصورة مؤثرة وموجزة ومكثفة وعلى الرغم من كل هذا العذاب إستبشر خيراً مفارقة فجة فكيف بعد الموت إستبشار ؟
والمثير هو إستعجاله على الدفن وهذا يحيلنا إلى أن الموت لديه أفضل من الحياة.
(منتهى الألم).
والغريب أنه ظل حيا يسمعهم وهم يبلغونه من معمل التحاليل أن نتائجه كانت كلها إيجابيه
( إنتقل بنا الكاتب لمشفى)
وما أدراك من قاعة الفحص التي مر بها ذلك المسكين!
والتي تدخلت في كل شئ حتى في علم الخالق وتحديد أعمار البشر وإن لم يكن تحديداً دقيقاً .
فتبشره بطول العمر وعدد من الأمراض فيضحك ذلك المكمم، المصفد، المقيد،
يضحك بكل سخرية على حاله وعلى إستغبائِه جاعلاً النص برمته مفارقة فجة فما بين الضحك والألم والحزن مشوار معاكس وكأنه يسخر من نفسه ومن مدى جهله ومن مدى إستجهاله وصدمنا حين قال البالوعة اللعينه مشيراً إلى بطنهِ وكأن الكاتب كان معي أول أمس وأنا أنوه في منشور لتلك الجزئية الأخيرة وهو همنا ملأ البطون ولا يعنينا فراغ العقول!.
فقد طلب بغباء من خصمه أن يعطيه التطعيم
وهذا تنويه للجهل
وحتى وإن كان المتكلم يقولها بسخرية.
نص مكثف بحرفية عالية
مع تحفظي بجملت ( طلعت كلها)
زانه أنه درامي مسرحي يكاد يكون مكتمل الأركان
يثير قضايا أوطان وأمم صنعت لنفسها طاغية يكتم أنفاسها ليتحدث بإسمها ويأكل لحومها إن جاع.
كما أن صوت الراوي ظل متماسكاً كشخص مشارك على خشبة المسرح فهو الراوي العليم،الذي أنطق المحتضر المشرف على الموت وهو البطل وجعله شخصية أساسية خرساء همست في منتصف النص ونطقت في آخره حين علمت أنها في الضياع لأنها محاطة بالأمراض المذكورة.
كما أن السرد لم يخل من الوصف والحركة والزمن القصير
وكذلك الصدمات التى تدغدغ فكر المتلقي فيعيد القراءة ليستجمع المشاهد بشكل منطقي من تأويله.
بورك المداد.
زين المعبدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة