إستعاد ذاكرته ُ بعد عناء ٍ طويل في ربط الواقع بمخيلته المنهكة والمسنودة لجدار ٍ قديم منحوت عليه عبارة بلغة غريبة فحواها ..
" إنتبه الحياة خطيرة ، كن ْ أخطر منها "
هذا ما اخبره به السمسار الذي باعه المنزل ، وظل يفكر فيما اراده ُ صاحب العبارة بلا جدوى ، إذ لم تزل حياته على رتابتها ، كلل ٌ بلا ثمن ، وواجبات ٌ ولا معطيات ، تقاليد ٌ بلا جذور ... الخ .
اليوم .. تغير كل شيء ، واصبح الخطر يدق عليه الابواب والنوافذ ، وأردته ُ صريع الجدران ، لان بائع ُ الخضراوات يهدد زوجته بالديون التي عليها ، جارته ُ المحبوبة ، تحولت الى غولة تهدد ابنائه بالضرب او البقاء بالمنزل وعدم مغادرته الا للضرورة القصوى ، أما هو .. يبدو مذهولاً للتغيير الحاصل في حياته بين ليلة وضحاها .
نظر الى يديه الناعمتين والمعتادتين على إرتياد القلم والورق ، وهذا الهدوء المعافى في عينيه وسلوكه هو بقايا اخلاقيات متادولة بينه وبين الاخرين .. ماذا حدث ! وأثار عالمه الصغير الذي شب وشاب عليه ؟
.. القدر ؟ .. حسنا ً ، لماذا تغير حليفه ومُذ سنوات !
ماسبب تغير ُ المتحالفين معه ُ ضده ُ ؟
وما هو التصرف الاخلاقي المطلوب للرد ؟
.. لايوجد تصرف أخلاقي لما حدث ، فكيف تنطوي حالته ُ بتصرف أخلاقي ؟
هاجت إنفعالاته بالاسئلة المنطقية لواقع غير منطقي ، كيف يجرؤ هذا البائع الجاهل على طلب مقابل غير اخلاقي من زوجته والتي اخبرتهُ به بدورها ، وتلك الرعناء الغبية المزروعة امام باب الدار ، تهدد ُ ابنائه !
تحول المنزل الى بؤرة خوف ٍ صامت ، الزوجة شبح ٌ يقوم بواجباته المنزلية دون كلمة ٍ تشوه واقعها أكثر ، الابناء تحولوا عن الضجيج والعراك وصخب القهقهات الى هدوء ٍ مرعب يعبر عن خوفهم واعتراضهم على دور الاب الصامت عما يحدث .. غدى المنزل المتفجر بالحياة والحيوية الى بيت الارواح والاشباح ، أما هو .. ذاك المتربص للأتي من القدر واللحظة التي خانه ُ فيها ب .. الصبر ..
حتى دق ناقوس ثورته ، ثار َ كثور هائج من صوت البائع ، سَل َ سكينا ً من درج المطبخ ، مهرولا ً للشارع وينهال على البائع بالطعنات فيرديه ِ قتيلا ً ، مع اصوات الصخب في الشارع ، خرجت الجارة اللدودة وبيدها عامود ممسحة البلاط ، لينقض عليها كالمجنون ضربا ً مبرحا ً حتى أغمى عليها .
قي هذه الاثناء ، كانت زوجته ُ والابناء ينظرون إليه بذهول كما بقية اهل الحي ، وقد ارتسمت إبتسامة ً على وجهه لم تعرف طريقها اليه ولاهله منذ شهور .. واقفاً أمام العبارة المنحوتة على جدار منزله
( إنتبه الحياة خطيرة ، كن أخطر منها )
بعد التحقيق بالقضية وتناول الاسباب والمعطيات ، تم الافراج عنه وشمله ب مكرمة وقانون ( الدفاع عن النفس والشرف ) ..
( الناس دول )
تمت بعون الله
لقاء شهاب زنكنة
٢٠٢٥/٦/١٦

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق