في يوم من ايام ربيع 1960 وكنا في مدرسة منشاة بخاتي الابتدائية ببخاتي وكانت تسمي المدرسة الصغيرة وكنا ندرس فيها الي الصف الرابع الابتدائي ثم ننتقل الي المدرسة الكبيرة المجاورة لها لنكمل الي الصف السادس . وكانت مكونة من اربع فصول وحجرة الناظر ودورة مياه ولعمري مارأيتها مفتوحة في يوم من الايام ولك ان تتخيل ؟
في هذا اليوم سمعنا ضجيج وحركة غير عادية عند مدخل المدرسة وكنا في الصف الثاني الابتدائي وكان باب الفصل ملاصق لبوابة المدرسة فأردنا أن نستكشف الأمر بمجرد خروج رءوسنا من باب الفصل لأنه كان ممنوع علينا الخروج فوجدنا عربة حنطور ينزل منها رجل قصير القامة يلبس كاسكتة علي رأسه كالخواجة ولفيف من الناس يساعده في حمل صندوق أسود ذو أرجل ثلاث مكسو بكسوة سوداء وله عين نحاسية فأخذ كل منا يخمن ما هذا الجسم الفضائي الغريب منا من قال دي الكعبة ياولاد وهذا العين هوا مكان الحجر الاسود ورد الآخر ياعم اسكت دا كسوة الكعبة مزخرفة بآيات القرآن وملهاش رجلين . المهم وبصفتنا كنا نملك موقع جغرافي متميز وملاصق لبوابة المدرسة وأمام غرفة الناظر كان لنا السبق الصحفي في مشاهدة الحدث عن قرب . وبدء الرجل في نصب آلته الغريبة ذات الثلاث أرجل ويقول بصوت جهوري إنت جاهز ياشيخ محمد وبدأ المدرسين في الإصتفاف بجانب الشيخ محمد يعقوب ناظر المدرسة والرجل واضع يده في مؤخرة الصندوق وبدأ ينمنم بكلمات غير مفهومة فقال أحد الزملاء الراجل بيولد الصندوق ورد عليه آخر ياعم هوا الصندوق بيولد وبعدين الراجل دا مش عمك السباعي وكان رحمة الله عليه المسئول البيطري في القرية في هذه الحقبة..عمك السباعي طويل والراجل دا صغنن . المهم اخرج الرجل يده من مؤخرة الصندوق ونحن في شوق لنري المولود الصغير وذهب الرجل لمقدمة الصندوق وكالحاوي وبكل رفق أخرج ورقة وأمسكها بين أنامله بكل رفق . فقال زميلنا الاول مش قولتلكم الصندوق طرح ومطلعش حامل . وفي النهاية علمنا أن هذا اليوم هو يوم بلوغ سن المعاش لناظر المدرسة الشيخ محمد يعقوب وهذا الصندوق هو آلة التصوير وبعد خمس سنوات عندما ذهبنا الي شبين للتصوير لشهادة الابتدائية عرفنا ان هذا الرجل القصير هو المصور العالمي الحاج محمد المنوفي المصور الوحيد في شبين في ذاك الوقت . وهذه واحدة من الذكريات التي لاأنساها .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق