Translate

الثلاثاء، 10 مايو 2022

اللقاء ناهد الاسطة المملكة العربية السعودي


 اللقاء

على الأرصفة الحجرية وبين عتبات الحي القديم ، برك ماء تتناثر هنا وهناك تلثمها قطرات المطر ، فترتسم على سطحها دوائرًا يتراقص على أطرافها انعكاس قناديل الإضاءة في هذه الليلة الباردة .
من خلف الزجاج وقفت أراقب آهات الغيم رعدًا تعزفه سمفونية شتائية ،ويشارك البرق في الاحتفالية فتتزين بأنواره السماء ، بينما تردد الجبال بخشوع صدى أصوات الشتاء ...
كان المقهى المستكين على ضفاف البحيرة هادئًا ،إلا من بعض الرواد على تلك الطاولة البعيدة ، وكنت قد اضطررت للتوقف فيه ريثما تهدأ ضراوة العاصفة ، فإذا بضراوة الذكرى كانت أصعب و أشد من العاصفة...
اجتاحتني مشاعر مختلطة ، فعلى هذه المقاعد الوثيرة جلست الذكريات حروف وكلمات تتدثر بحنيني وأشواقي ...
لم أدخل تلك المقهى منذ آخر مرة جمعنا قدح شاي منكه بالقرفة ، وحديث حماسي مطول عن قرار سفر مفاجئ من قبلك !! ...
أذكر كيف انحبست الكلمات على ضفاف شفاهي ، وغرقت وجنتاي بدموع لم أستطع السيطرة عليها ، كان لي رجاء أن يكون ذلك الموقف حلم وينتهي ، لكن صوتك كان حقيقة ...
معرض مهم في بلد أجنبي تلقيت منه دعوة للمشاركة
إنها فرصة العمر للوصول للعالمية وإثبات الذات ..
كان عقلي مؤيدًا لطرحك ، فقد كنت أؤمن إن بصمات عملك سيكون لها يومًا شأنًا كبيرًا ، فأنت مميز بكل ما فيك ، عال الإحساس مجتهد و تتمتع بروح التجديد ..
نعم ، لا أنكر أنها فرصة لا ترد ،لكن قلبي اعتصرته يد القلق بقوة !!..
لا أعلم ... ذاك الشعور لطالما راودني منذ الصغر قبل أن أفقد شيئًا أو أحدًا ما ، كان هناك ذاك الاحساس المؤلم إن أمرًا سيئًا سيحدث !!...
تعطلت حروفي وتلعثمت كلماتي ،لم أعرف كيف أوصل لك ذلك الاحساس وهل ستقتنع ؟...
كان الأمر سيبدو وكأني طفلة متعلقة بثوبك تمنعك من الحركة ، أو في أحسن الحالات إنني انسانة أنانية لا أبحث إلا على مصلحتي إن منعتك من السفر ... بل كان سيكون هناك
لا منطقية في تفكيري أساسًا ، لو طرحت عليك تلك الفكرة ...
ابتلعت كلماتي ورسمت ابتسامة على ملامحي ، وادعيت أن تلك الدموع التي غزت وجنتاي كانت دموع الفرح ، لكن قلبي كان يصغر أكثر وأكثر .. تحت ضغط ذاك الشعور المقلق..
وكان لك ما أردت السفر للاستعداد والترتيب لذلك المعرض حدث كبير يجب الاهتمام بأصغر تفاصيله ..
لكن جائحة كرونا كانت أسرع اجتاحت العالم كله والبلد المستضيفة لذلك المعرض، توقفت ساعة الزمن و الابداع وعم القلق ...
اجراءات مؤقتة .. اجراءات احترازية تأجل المعرض بل تأجلت الحياة غزا المرض أرجاء الدنيا ...
وأُقفلت المطارات ومنع السفر ..
تساقط المرضى بسرعة هنا و هناك بالآلاف انتشر الحزن والذعر ... وتسأل الناس ماذا بعد ؟ ....
كنا نتكلم على عجالة يوميًا :
- اطمئني سنتجاوز هذه المحنة ، ستُعَاود الحياة نشاطها
سأعود قريبًا .. لك حبي ...
كنت أفرح بكلماتك القليلة ، وتفاؤلك ... لكن قبضة القلق لم تكن تفارقني ...
حُبست الناس في منازلها ، تبادلوا البسمات عبر الشرفات ، ارتفع صوت أغانيهم صلواتهم والرجاء ...
ومازال ذالك الفايروس ينخر في حياة البشرية ، بكل شراسة والناس تتساقط كأوراق خريفية في قبضة الموت ..
لادواء.. ولا أحد بمعزل عن الاصابة إلا من رحم رب العباد ..
انقطعت اتصالاتك يومان .. ثلاثة... وتوقف دوران الكرة الأرضية في احساسي ، تلبسني الوجد والخوف معًا هل سيَصْدْق احساسي المقلق ؟ ..
تضرعت لرب السماء بأن يكون معكَ .. وأن يمنحني الأمل لكي أتجاوز هذه الأيام المقلقة ..
في اليوم السادس جاءني صوتك ضعيفًا متعبًا:
- لقد عدتُ من بين براثن الموت ... دفء حبكِ هو من كان معيني في ضعفي ... أنت أغلى كنوزي ...
غمرتني الفرحة والحزن ، الفخر واشتد القلق ... مشاعر متضاربة تلفني ، لكني كنت ممتنة لله إنك على قيد الحياة ....
وبدأت براعم الأمل تتفتح في قلبي..
أيام عشرين مضت كل يوم بتقدم بسيط نحو الشفاء ، وآمال كبيرة بقرب اللقاء ..
مرت الأيام ساعتها بطيئة ..وتوالت الأخبار .. رفع الحظر هنا ..نرجع بحذر هناك ... وسباق في عالم الأدوية لإيجاد مصل يوقف توغل هذا الفايروس ، في شريان حياة الناس ..
-أخبرتني فرحًا : لقد تقرر إجراء المعرض أخيرًا ... ستثمر جهودنا وصبرنا زهور ليلك وتعريشة ياسمين ، سأعود قريبًا ،لنحتفل بعرسنا ،واجتماع شملنا يا أجمل أزهاري ...
اليوم وعلى نفس تلك المقاعد الوثيرة ، ودخان قدح الشاي المنكهة بالقرفة يتراقص أمامي ، و عيناي تفيضان دمعًا لم أستطيع السيطرة عليها .. مازلت أنتظرك ...وقلبي تعتصره قبضة القلق ... بعد اجتياح المتحور من الفايروس مدينتكم وأُقفلت حدود البلاد ، و طبق قانون الحظر في جميع الأرجاء ...
وسؤال لسان حالي هل هناك من لقاء ......
ناهد الاسطة
المملكة العربية السعودية
قد تكون صورة ‏‏شخصين‏ و‏حجاب‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة