الحلم الأخير
إدريس الزياتي
المغرب
جلسا مساء على الشاطىئ َوقد داهمتها الأفكار والهواجس ، ينظر إلى هدوء البحر َفي لونه اللازوردي الأخاذ، موجات فضية رقيقة في أبهى حللها تراود حبيبات الرمل الممددة على حوافه ، كم هي مغرية ، في تبرج و سفور تراوح المكان غدوة وروحة.
خاطبها وهو يمسك بيدها نجوى سيأتي اليوم الذي أعبر فيه هذا البحر إلى الضفة الأخرى حيث الأماني تصبح حقيقة والأحلام تتحقق ، لم أعد قادرا على تحمل كل هذا الهو ان الذي أجتر مرارته كل يوم، كانت وردة تتفتح في حديقة العمر قد وضعت قدميها على الطريق تتحسسه وتخطو خطواتها الأولى ، دق قلبها بقوة ألحان وأنغام تتلاعب بها نسائم البحر تطرزها تصبغها بلونه الساحر، َهو يلقي على مسامعها تلك الكلمات التي تطير بها بعيدا، مقطع صغير من. أغنية كان يبمثابة السحر يخرج من فيه ليتسلق جدران قلبها فيلجه عنوة.
ترى الدنيا بعيون غير التي يراها هو، يتسرب العشق بدون استإذان إلى قلبيهما كأنه يسوقهَما إلى حتف جميل ينهي تلك المرارة التي غمرت حياته والخيبات التي لا زمته في عز شبابه ، أينما ولى وجهه أوصدت الأبواب دونه ، ليحولها إلى عسل مصفى ، وأيام تنضح بالسعادة والحبور.
قبض جمال على حلمه ضمه إلى صدره بقوة كمن بودع عزيزا يعتقد أن لا يراه ثانية أمسكه بقوة بكلتا يديه كمن يمسك جمرة حارقة ، تحمل كل الألم والعذاب، صارت الجمرة رمادا جعله في كفه اليسرى ، تحسسه ، نظر إليها للمرة الأخيرة بعدما حافظ على ذكراها سنين عددا ه ثم تابعها بعينيه الساهمتين وهي تحلق بعيدا في الأفق كان الليل قد أرخى سدوله و اصطبغت الدنيا بلون السواد ظلمات بعضها فوق بعض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق