عصف حنين
في خضم غرقه بالتأمل مع سفر افكاره عبر الزمن ..
بلا ادراك احس بشيء ينتشي في روحه...
رعشة باغتته... دخلت جسده دون استئذان .
فجأة
رن الهاتف ..قالت الو ..
هو يعرف تلك النغمه . حفظها غيبا . كفيروز .
عم المكان سكون اللهفة يكاد ينطلق عبر السماعه . دائما كان يسافر عبر ذاك السلك الاسود .
اغرورقت عيناه مازال الحنين ينبش في رحم الماضي . بين الفرح والألم . بين قلبه وعقله .
وبدأت تنهار فرائضه تباعا .
. كان الليل يعلن عن ثورة حقيقية و حرب باردة بين قلبه و عقله،موعد انتظره آلاف السنين،انتظره في يقظته و في حلمه،و في كافة الآعياد،انتظره حتى مع زوجته...يا لقسوة الحياة في ضبط الوقت،
كم كانت لديه رغبة جامحة بفتح صندوق أحلامه، أن يقول لها: أشياء قد خبآها في ذاكرة منسية ،كم من الصرخات استوطنت روحه و هو على حافة الإنهيار،صوتها كسر حاجز صمته و فجرّ شرايين رغبته،اقتحم أسوار حصنه المنيع و ها هو أمام حقيقة سافرة بأنها هي،ذاك الحلم المعلّق على آعتاب عمر يشتهي الرجوع.في كل محاولة يائسة لتبرئة نفسه من سجن سكنه،تراه متشبثّا أكثر ،و في حالة نشوى مع ذكرياته أشعل سيجارة و بات يمتطي سحب الدخان في حسرة الهذيان.
اللقاء بعد سنين . كفنجان قهوة ترك على الطاوله لفترة طويلا حين نشربه لن نشعر بلذته البارده.
خالطه شعور ممزوج بالخوف و اللهفة،و تساءل بينه و بين نفسه،لماذا عادت؟
و ارتجفت يده و راحت نبضات القلب تتسارع،يا الله ما الذي يحدث؟
كان صوت طفلته يعلو على ضجيج أفكاره و يأخذه في دوامة الصمت،
ألو...
قالت: لا شيء أحببت أن أطمئن عليك بعد القصف،كل الأسئلة تسابقت في عقله،كان يريد أن يعرف كل ما حصل لها.
و في حالة نشوى مع ذكرياته،كانت الصور تتراقص أمام ناظريه،صورة أول لقاء على مدرج الجامعة،و صورة أول حديث بينهما،تلك الخجولة التي احتلت المكان الأكثر اتساعا في القلب.هنا استيقظت المشاعر الراكدة في بحيرة أفكاره،و راح القلب يستجمع قواه كي يعيش تلك اللحظات بكل تفاصيلها،و عاد حصانه الأسطوري الأبيض إلى غرفته ،إلى كينونته الدفينة و استطرد بالحديث ،كيف حالك الآن ،كان يقولها و كأنه يريد احتواء تلك اللحظات المسروقة من زمن كان يشتهيه فبقي على ذمة انتظاره.اعتصر قلبه هي ليست بخير ،كان كحصوة رميت في بحر أحزانه،فتش عن نفسه فوجدها قابعة في عمق روحها.
هي ليست بخير
رددها و كأنه يستيقظ من حلم طويل،هل يقول لها أنه أصبح كاتبا،و هي من كانت ملهمته؟ و سراج دربه حين يمتطي صهوة القلم،أيصارحها بما قد دفن لها من كنوز فرعونية ؟ أيحادثها و يفرغ بما في صندوقه من جواهر؟ صمت قليلا و أردف لها
أصبحت كاتبا قصصيا و راحت الكلمات تهوي في يمّ حبها،تنقله الأفكار متعثرة في طريقها،يستعجل الوقت كي يبقى معها،و سرعان ما تنقطع تغطية المكان
ألو
تاق لبداية جديدة ،مر الوقت متثاقلا و بكلمة واحدة انفضّ اشتباك قلبه،و بكلمات موجعة كان قلبه يرددها ليتنا نستطيع أن نخبئ لحظاتنا الجميلة فنجففها كالورد و نحتفظ بها للأبد، سأكتب عن حزن تملكنّي في غيابك فنقطة الحبر متصلة بالأفكار و بصرخة مدوية لم يدر بأنه عاد للواقع إلا بدخول زوجته.
بقلم / سمية جمعة - سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق