Translate

السبت، 16 يوليو 2022

تصحيح مسار بقلم / صابر المعارج العراق


 تصحيح مسار

بقلم / صابر المعارج 

 العراق

ننوء تحت كومة قمامة، منغمسين في بركة عفن، أقبل صبي نحيل،قدماه حافيتين، يحمل كيسا وسخا على ظهره وبيده عصا صغيرة، انقض عليها وشرع من فوره ينبش فيها.
اقتربت منا طرف عصاه، تهللنا وانفرجت أساريرنا، أخيرا سنتحرر من قبضة العفن، من يدري لعل أقدارنا تقذفنا في قبضة أقل قسوة وأهون اختناقا...
بنشوة المنتصر تلقفنا الصبي قطعة قطعة! بعناية أودعنا كيسه…
على وقع خطاه أمضينا الطريق كله نهدهد ظهره.
جذلانا سكبنا الصبي على كف ميزان الصبي.
وبينما هو يستعجل الوزان، أمعنا النظر مليا في وجهه المتعب ووددنا أن لا نودعه!
قفل قبضته على دنانيره المعدودات وانطلق مبتهجا...
حملنا الوزان متأففا، ارتعدت فرائصنا أدركنا ان لا مفر، وأن مزيدا من العذابات في انتظارنا!
قذفنا في حوض تدور فيه شفرات وسكاكين، قُطعت أوصالنا إربا إربا، نعى بعضنا بعضا، أيقنا أن ساعة رحيلنا أزفت، وربما استحال البقاء واللقاء!
سلطت علينا نيران حاميات،ذابت واختلطت أشلاؤنا، أضحينا صلصالا...
رويدا رويدا، هدأت العاصفة.
رفعت عنا العذابات لفحتنا ريح باردة، اشرأبت أعناقنا، تطلعنا إلى أنفسنا اتسعت حدقات عيوننا، ملأتنا الدهشة!
فبينما كنا ثلاث أوان بلاستك محطمات وإبريق مثقوب؛ أمسينا زوج أحذية ملونة!
في اليوم التالي عُلقنا على واجهة متجر صغير.
صبي يحمل كيسا وعصا يقفل قبضته على دنانير معدوات تسمر قبالتنا، بدا حائرا مترددا، لعله لايملك ثمننا...
تقدم منا صاحب المتجر ورفعنا، دفعنا نحو قدمي الصبي.
ابتهجنا وضممناهما في أحضاننا برفق ودفئ.
وقبل ان ينطلق الصبي بنا صوب كومة القمامة، حاولنا تصحيح مساره صوب المدرسة.
صابر المعارج / العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة