Translate

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

زلزلة للكاتب المبدع د/ نبراس سالم

 

زلزلة
د. نبراس سالم.
قصة قصيرة.
ما أغربها من عادة، هز الأقدام عندها بصورة منتظمة ومستمرة، يميناً ويساراً بترتيب مستفز، في صحوها وحتى في المنام، تعودتُ عليها، ليس بعد عقدين من زواجنا، بل في الليلة الأولى لشهر العسل، حيث أيقظتني حركاتها، فزعاً، لأبحث تحتَ البطانية، عن الفأر الذي دخل بيننا، اِلْعَنْ الفنادق ومن يتزوج.
استيقظتْ على وقع خربشات يديَّ لقدميها، فرحة تظنه، محاولة لشيء ٱخر.
- هناك شيء يتحرك، لا أعلم قد يكون حيوانٌ صغير.
ضحكتْ ساعتها كثيراً، واعتذرتْ.
•••
كفى، ما بالكِ اليوم، ما أصابكِ أهي نوبة صرع أم ماذا؟
اِنْهَضِْ ماذا دهاكِ، يا الله، ليست البطانية فقط، بل السرير كله يهتز، ومروحة السقف تتراقص هي الأخرى!. حتى لوحات الحائط بدأت الأخرى تتساقط، سبحان الله.
أصوات عالية في الخارج، تَكسّرُ زجاج وسقوط حاجات، وصراخ في الشارع، أصوات عالية أسمعها تتبادل الأدوار مع أنين وآهات.
- أنه زلزال، يا الله ، زلزال.
أستفيقوا، يا امرأة، أيقظي الأطفال، ولنهرب بأنفسنا، لننزل السلالم، احذري استخدام المصاعد.
يا له من صمت رهيب، رقاد أهل الكهف، أسمع كل ما يجري خارج الشقة، ولا أسمعكم، ما بالهم، أين زوجتي وأطفالي؟، مكانهم فارغ؟، ليسوا هنا؟!، نزلوا خارج البناية؟! أتركوني في الشقة نائم وحدي؟!، أُصارع الموت!، سبحان الله، كلٌّ يقول يا روحي.
لكنني أعذرهم، فالحياة عزيزة، والموت مخيف.

•••
ما ذلك الذي رَقَد أمام الباب؟ الضباب كثيف، أثر تساقط السقوف الثانوية، تتهاوى الواحدة تلو الاخرى، وتراب السنين تطاير من جحوره، الغرفة مُدلّهمةَ، الأنوار منطفئة، يبدو أن التيار الكهربائي قد أنقطع.
•••
ضخمة، ما أكُبر رأسها، وما أطوله من ذنب، أحلم هو؟، نعم حلم، وسأفيق، آخ، صفعة وقرصة أشعر بٱلمهن، بل ما أراه حقيقة.
قد تكون قد بلعتْ زوجتي وأبنائي، كلا كلا، يا لسخافة تفكيري، هي أصغر من أصغر أبنائي، ما العمل؟
أفعى أم ماذا؟، في الشقة؟، من أين أتت؟، ولماذا لا تتحرك، متسّمرة في الباب.
الدنيا ما تزال تهتز، جدران البناية يتشقق، سأموت حتماً، إما لتساقط حيطان الغرفة عليّ، أو أنياب من في الباب ستفتك بي، قد تكون غير مميتة، كلا، أرى السم يتقاطر من أنيابها بوضوح، سأرمي البطانية هذه، وأضرب أي مكان تبدر منه حركة.
- لن ينفعك هذا.
- أعوذ الله، من هذا، من المتكلم؟
- لا تبحث، انظر أمامك. هل انتَ مستعد للزلزال؟.
- كيف علمتَ ما نويته في قلبي؟ أستعد؟ نعم لقد تهيّأت لمصائب الدنيا، سكنتُ في أغلى العمارات، الحراسة مدار الساعة، كاميرات المراقبة على إتصال مباشر بدوائر الأمن كافة، اساس العمارة مبني لمقاومة الزلازل، كل الخدمات متوفرة، دفعتُ كل ما أملك، بدلاً لهكذا مسكن.
ويحي أتكلم مع من؟، الزلزال قد جنني رسمياً.
- لا تستغرب، إنْ سمعت صوتي، وفقهت كلامي، لا تعتقد بإنه مس من الجنون، كل من حولك تركك، ولم يبق معك غيري، كان جلّ اهتمامك الدنيا، وهي الأن تهتز، تتنصل منك، تَبعدُ عنها، من كان يتعلق بها، تبتلع الجميع بداخلها.
- لم أشعر بحركتك، ولم أسمع لكِ صوت، فأعذريني. ارجوكِ دعيني أعبرك لأخرج، أفتح باب الشقة وأهرب، الوقت يداهمني، شقوق الجدار تزداد، والنار شّبتْ في الشقة، ستكون أخر مرة، لن أهملك بعدها، سأطعمك، سأعطيك كل اموالي وما أملك.
- وهل لمثلي تعطى النقود، اموالك وكل ما تملك ستصبح بحوزتي، لا تستعجل، وانا زاهد عنها، ولا تهمني.
وأن تركتك أين ستفر، وممن تفر؟
- سأكون خادما لك، أعطني فرصة، أمنحنى فرصة أخرى.
- خادمٌ مرةً اخرى؟، كل الوقت كان بحوزتك تركتك تفعل ما تشاء، واليوم أنت بحوزتي، سترى ما فعلته وما نسيته، ما كنت تعتقدُ بأمتلاكه، قد باعك، تركك وحدك، معي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة