خُرافة جدّي
شُرْم بُرُم و قرقباش *
للكاتب المبدع / خضر إمواس
فلسطين
إفتتح جدّي روايته بقوله : كانت للحيوانات - يا بني - فيما مضى ، ألقاب تُلصق فيها حسب ألوانها و مهامها ومكانتها ، فهذا التيس الأصبح وهذه الدجاجة الرقّادة وهذا القط دلّول ، و قصتنا اليوم عن الكلاب و الجراء ، فهذا الكلب سمّور وذاك الحامي وآخر عزّوز ، و بطل حكايتنا كلب اسمه نبّاح . هذه الفصيلة النادرة من الكلاب تخص شيخ المشايخ شرم برم وهو ( الحفيد المئة لأسرة الجبابرة ) ويمتلكها كذلك أحباؤه !! ويثير هذا الجنس من الكلاب العجب العجاب ، هيأتها وقوامها هيّاب وصوتها جلجال ، في حين أنها عاجزة عن حماية نفسها !! تجدها تتلصلص بين خيام عائلات فرعه و فرعه و فرعه و ... و بعض بطون عشيرة فرعونه .
تعيش هذه القبائل في قرقباش ممتد في فلاة مترامية الأطراف ... و هذا النوع من الكلاب يمثل الحكمة القائلة : " أسمع جعجةً ولا أرى طحناً "، وعند مضارب الحي يعكس القول الشعبي" العيار اللّي ما بصيب بِدوّش -- يصم الآذان -- ". جمّ العشيرة محروم وممنوع عليها إقتنائها ؟ وقد يستنبحها الشيخ للإعتداء والإستيلاء على حرمات و ممتلكات القوم الأقل حولاً !! مصادر أرزاقها ومالكيها متوافرة ، فمحلّة قرقباش محاطة بواحات تمدّها بالماء والتمر و العلف .
وكلاب الشيخ وشلّته * تصيت و تضوج إن رأت ظلاً ، خيالاً أو فزّاعة ، و تعوي و تبول على أعقابها إن عدا على الحي ضاريّاً ...وكنت فيما أذكر ، أقطع على جدّي الخَرِف إسترساله فأقول : " أووف و لكن" ... وكان جدي ينتفض بحزم ويكمل : اسمع يا ولد بدون - و لكن - لن أدلّك على زمان و مكان هذه المخلوقات !! ثم ...ثم أستسلم و أنصرف من جلسة جدّي الحكيم بحكمةٍ مجزوءةٍ ، و أحادث نفسي : ما هذا الفيلسوف الغامض المحيّر ، أتراه كان يُسليني ، يُلهيني أم يعبث فيّ ؟!
---------------------------------------
* قرقباش : كلمة عامية( لهجة فلسطينية ) تعني أرض لا هي خصبة و لا جدباء و أميل إلى البيئة الصحراوية .
* شلة : جماعة .
* خضر إمواس / فلسطين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق