Translate

‏إظهار الرسائل ذات التسميات مسابقة القصة القصيرة دورة فبراير 2023 م. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مسابقة القصة القصيرة دورة فبراير 2023 م. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

أمي مذنبة للكاتب المبدع / عمار عباس العراق

 أمي مذنبة

 للكاتب المبدع /  عمار عباس 

 العراق

عندما نقوم بزيارةٍ الى بيت جدنا كنا نلعب مع ابناء عمومتي كثيرا وفي كل مرة تأتي امي لتنهاني عن اللعب بقولها تعال سيأذونك تعال واجلس بقربي وهذا انما يدل على اني لم العب في شارعٍ قط
كنت اتالم في داخلي ويأخذني التفكير هل لأني ضعيف !؟ هل غيري افضل مني كل الاطفال تستطيع ان تهتم بأموره اله انا
وفي يوم ما قررت ان اعصي اوامر امي واخرج لألعب في الشارع وفي ذاك اليوم لعبت كثيرا واذا بي قد اغمي عليَّ فنقلوني حينها الى المستشفى وهناك علمت بوجود فتحة في قلبي
وكانت امي تعلم لهذا كانت تخاف عليّ من المجهود الزائد عندها علمت اني انا المذنب عندما ظننت امي المذنبة
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏‏لحية‏، و‏جلوس‏‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

بطانة المدير للكاتب المبدع / طلعت مصطفى العواد دمياط - مصر

 بطانة المدير

للكاتب المبدع / طلعت مصطفى العواد

دمياط - مصر

وقف المدير فاردا قامته . فى وسط الطابور الصباحى . التقط مايك الميكرفون . وكعادته ظل يخطب بكلمات رنانة عن الامانة والخلق القويم وعدم الكذب . لما لا . فالكلام صنعته يزينه كما يزين شعرات رأسه بالكريم . ويهتم ببدلته الزاهية ذات رباط العنق الوردى. ومنظر التلاميذ يزيد الموقف جلالا فهم واقفون فى انتباه تام فى مربع ناقص ضلع . والمعلمون على رأس كل صف . والمدير مسترسل فى حديثه والكل منتبه فجأة أطلق من فيه كلمات كالرصاص صوب وتجاه الاستاذ / طه . واصفا إياه بعدم الأمانة وأنه لا يصلح أن يكون معلما . كل ذلك على مرأى ومسمع مايزيد عن مائة معلم والف تلميذ. صعق المعلم من كلامه . ولم يعرف السبب لكل ذلك . عمله يؤديه على أكمل وجه. بالإضافة أن تلاميذ فصله ممتازين . كما أنه أعلى مؤهلا ومستوى ثقافى . كلام المدير الشديد ألجم فم الأستاذ على الرد . ظل يفكر الاستاذ طه ما سبب ذلك الهجوم . أخيرا تذكر أنه الوحيد الذى لم يدخل دكان المدير . المدير يملك محلا كبيرا الأقمشة والملابس . ويشترى منه .
هنا أدرك المعلم السبب. فى صباح اليوم التالى كتب الاستاذ طه مذكرة إلى مدير الإدارة يريد إنصافه وأخذ حقه و رد اعتباره أمام تلاميذه . على الفور أتى أكثر من محقق . لأن الإهانة كانت أمام مائة معلم وتلاميذ المدرسة . المحققون يطلبون المعلمون واحدا تلو الأخر . وقبل أن يدخل المعلم تراه يمر على غرفة المدير . ثم بعد ذلك يصرح له بالدخول . مايزيد على مائة ورقة تم كتابتها . والآن جاء دور الاستاذ طه فى التحقيق . دخل وكله ثقة أن زملاءه سيؤيدون صدق كلامه لأن الاهانة كانت أمام الجميع فى طابور الصباح . وفى منتصف الاستجواب كانت المفاجأة . المائة معلم كلهم أنكروا الإهانة وقالوا لم نسمع الإهانة . بل مدحوا فى خلق المدير خطيب المنابر ذو لحية طويلة . كلامهم كان صدمة كبيرة . كيف يحدث ذلك . كل الزملاء كذبوا من أجل إرضاء المدير . إذا أطلب شهادة العمال فهم الأمل الوحيد . بعد خيبة أملى فى رفقائى وجلسائى. ومن أقض كل الوقت معهم . إذا من فضلك أيها المحقق استجوب العمال . وبالفعل كان واحدا منهم ذو ضمير فتحى . هنا ارتاح صدر المعلم طه . وردت له ثقته بنفسه . لكن ماذا تفعل شهادة واحد . أمام مائة شهادة ضدها . قلب المعلم يمتلىء غيظا . كيف لمن يدعى الفضيلة ويدعوا إليها يكون إماما الكذب .
أفكارا متضاربة كثيرة تراود عقل الاستاذ . لكن فى النهاية أنه أقر أمرا سيكون مفاجأة للجميع وفى طابور الصباح وأمام الجميع .
كان الاستاذ طه ذو لحية أيضا يتمسك بالخلق والامانة. لكنه قال سأخالف المدير .بعد إنتظم طابور الصباح وحضر المعلمون جميعهم . دخل الاستاذ طه الطابور والكل ينظر إليه . لقد تغير شكله وأزاح لحيته . وعندما رأه المدير إندهش لم يستطع أن ينظر فى عين الاستاذ طه ونظر إلى أسفل إلى الأرض.
طلعت مصطفى العواد

شُرْم بُرُم و قرقباش * للكاتب المبدع / خضر إمواس فلسطين

 خُرافة جدّي

قصّ عليّ جدّي حكايةً في صغري وهي
شُرْم بُرُم و قرقباش *
للكاتب المبدع / خضر إمواس
 فلسطين 
إفتتح جدّي روايته بقوله : كانت للحيوانات - يا بني - فيما مضى ، ألقاب تُلصق فيها حسب ألوانها و مهامها ومكانتها ، فهذا التيس الأصبح وهذه الدجاجة الرقّادة وهذا القط دلّول ، و قصتنا اليوم عن الكلاب و الجراء ، فهذا الكلب سمّور وذاك الحامي وآخر عزّوز ، و بطل حكايتنا كلب اسمه نبّاح . هذه الفصيلة النادرة من الكلاب تخص شيخ المشايخ شرم برم وهو ( الحفيد المئة لأسرة الجبابرة ) ويمتلكها كذلك أحباؤه !! ويثير هذا الجنس من الكلاب العجب العجاب ، هيأتها وقوامها هيّاب وصوتها جلجال ، في حين أنها عاجزة عن حماية نفسها !! تجدها تتلصلص بين خيام عائلات فرعه و فرعه و فرعه و ... و بعض بطون عشيرة فرعونه .
تعيش هذه القبائل في قرقباش ممتد في فلاة مترامية الأطراف ... و هذا النوع من الكلاب يمثل الحكمة القائلة : " أسمع جعجةً ولا أرى طحناً "، وعند مضارب الحي يعكس القول الشعبي" العيار اللّي ما بصيب بِدوّش -- يصم الآذان -- ". جمّ العشيرة محروم وممنوع عليها إقتنائها ؟ وقد يستنبحها الشيخ للإعتداء والإستيلاء على حرمات و ممتلكات القوم الأقل حولاً !! مصادر أرزاقها ومالكيها متوافرة ، فمحلّة قرقباش محاطة بواحات تمدّها بالماء والتمر و العلف .
وكلاب الشيخ وشلّته * تصيت و تضوج إن رأت ظلاً ، خيالاً أو فزّاعة ، و تعوي و تبول على أعقابها إن عدا على الحي ضاريّاً ...وكنت فيما أذكر ، أقطع على جدّي الخَرِف إسترساله فأقول : " أووف و لكن" ... وكان جدي ينتفض بحزم ويكمل : اسمع يا ولد بدون - و لكن - لن أدلّك على زمان و مكان هذه المخلوقات !! ثم ...ثم أستسلم و أنصرف من جلسة جدّي الحكيم بحكمةٍ مجزوءةٍ ، و أحادث نفسي : ما هذا الفيلسوف الغامض المحيّر ، أتراه كان يُسليني ، يُلهيني أم يعبث فيّ ؟!
---------------------------------------
* قرقباش : كلمة عامية( لهجة فلسطينية ) تعني أرض لا هي خصبة و لا جدباء و أميل إلى البيئة الصحراوية .
* شلة : جماعة .
* خضر إمواس / فلسطين .
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏لحية‏‏

الدرويش وأهل القرية للكاتب المبدع / عبد العزيز عميمر الجزائر

 الدرويش وأهل القرية

للكاتب المبدع / عبد العزيز عميمر

 الجزائر

يسير بسرعة،وينظر للأفق البعيد،طويل القامة، لباسه تعلقت به الأوساخ،أمّا شعره فطويل،يتدلّى على كتفيه،خصلة تلو الأخرى،شبيهة بالضفائر، ضفائر لفّها الدهر،وزادتها الأتربة التصاقا،شعره لم يعرف الماء منذ مدّة، أما المشط فيخاف على اسنانه،لذا لم يزره، ، يبدو شعر كعش اللقلق الذي يفضّل الأعمدة الطويلة ليعشش، ويرعى صغاره.
من حين لآخر يتطوّع واحد من أهل القرية فيأخذ الدرويش لمصبّ ماء شبيه بالشلاّل،موجود في منحدر الوادي،لكنّه صعب المسالك ،لا تجد أين تضع قدميك لكثرة الحجارة والأشواك والتوائه وكأنه ممر ثعبان حفره أثناء زحفه ، يغتسل الدرويش ويتبرد،فيتحوّل إلى صفّ الآدميين، ويتلاشى خوف الأطفال، وتطفو شجاعتهم على صفحة الطمأنينة.
السّكان لا يعرفون الكثير عن الدرويش،نهضوا ذات صباح وفتحوا أعينهم فكان أمامهم ،هو لطيف ومهادن لا يؤذي الناس،لا يتكلم إلا نادرا،حتى ظنّ الكثير أنه أبكم، وإذا تكلّم يرمي مفردات وجملا بالمعاني ،تحتاج للشرح والتفسير،كما يقول أهل القرية، لذلك يحسنون إليه، فيطعمونه .
أثر الدرويش في بعضهم بتنبؤاته لأنها تصدق أحيانا،ويمدهم بقوة العزيمة والطاقة الإيجابية،صار طالعهم ومبشرهم بالخير، : هذا العام ،هو عام الخير ،عام القمح مع الشعير،وعام الخرفان والحليب ،وإذا رأى امرأة حاملا : يعيش ويأتي ومعه رزقه، وبيده مفتاح .
الفقر لم يترك لهم شيئا ، لذلك فكلام الدرويش مسحة حنان، وبريق نجدة، فتمتدّ أعينهم وينزع عنها الحجاب ، ويدخلون ( مغارة علي بابا) فيغنمون على عجل مالذّ وطاب، ويمتطون أحصنة بيضاء مجنّحة،يطوفون بها في البراري ويرون مدفونهم يخرج من اللاشعور خلسة عن الأنا المراقب، فيحسون بأنه يتحقق فيعيشون لحظات سعادة وحبور مسروقة من الزمن، ويغرسون شجرة امتدادهم في التقدير الذاتي.
فتحت قلوب أهل القرية للدرويش،فإذا غاب سألوا عنه،لا يرغبون في غياب فألهم وطالعهم،لقد أنبأهم ذات مرة بمجيئ عواصف رعدية وسيول،ومادامت لغته بالمعاني لم يفهمه إلا القليل،في تلك الليلة اكفهرت السماء واسودت وانفجرت الرعود بقوة القنابل فارتجفت واقتلعت قلوب أهل القرية ، هولا وفزعا، وحملت الفيضانات ما حملت ! وهدمت بعض البيوت ،وأخذت فلسهم المدخر،كان قبلها الدرويش قد أشار وهو يصيح : أهربوا! أهربوا! جاءت كرة مكوّمة سوداء،تأخذ الشجر والحجر ! أهربوا!. الفوق،الفوق،غطوا رؤوسكم ،يارحيم غطينا بجناحك.
مدة من الزمن وخيط المودة قائما بين الدرويش وأهل القرية،إلا أن جاء ذلك اليوم حينما أمسك بعض الشباب الدرويش وكتّفوا يديه، بغية محاكمته،لكفره وادعائه معرفة الغيب،وميل الناس إليه دونهم،وهبّ القرويون لساحة الزيتونة،كبيرهم وصغيرهم،وقد اختمر غضبهم ،واقترب انفجار بركانهم ، وحان تفقيس بيضهم، إنه بيض الديناصور،عازمين على نصرة حلمهم خوفا من سقوطه، لأن ذلك يدمي قلوبهم ،ويذهب ببريق أملهم ،هي فرصة لنصرة حلمهم ،وسحق خوفهم ، وحماية درويشهم ،إن تعرّض لأذى من قبل هذه المجموعة التي يسميها أهل القرية بالفرقة الضالة التي فهمت الدين بالمقلوب، وأعطت ظهرها للحب وخاصمته ،وقذفت التسامح،وتصالحت مع ( دراكيلا ).
قرئت لائحة الإدانة والتهم ضد الدرويش والكلّ ساخص بأعين مسمّرة ،وتوقفت عقارب الزمن عن الدوران ،وساد هدوء رهيب حذر،حتى الأنفاس انقطعت، قلوب مرتعدة ،وممغنطة بوجه الدرويش وهو صامت،حتى الأطفال صاروا ينادونه: عمي الدرويش! بعدما كانوا يخافونه ويهربون،كلام الأطفال كان حقنة تمرّد لأهل القرية دفعت الحناجرللصياح: اطلقوه حالا،فهو مظلوم! واعطيت الكلمة للدرويش ليدافع عن نفسه،وبعد صمت وإلحاح من السكان الذين دفعوه دفعا ليتكلم قال :
أحبكم كلكم بطباعم كما أنتم،وأغطيكم ببرنسي،لم ارتكب ذنبا سوى أنني ساعدتكم على سقي بذرة الخير،وإخراج أحلامكم من الدهاليز لترى النور،اشتقتم للبسمة فأهديتها لكم وتعطشتم لحياة أفضل،فمنيتكم،فشعرتم بدفء الحياة، وبنمو غرسكم،ولم يتمم الدرويش حديثه حتى قفز فرد من الفرقة،وبيده خنجر ! يلوح به مرددا : سأريك يا مجنون! يا مهبول ! ياكافر ! ويعلو الصياح، وتعمّ الفوضى،وفي هذا الوقت بالضبط تهتزّ الأرض ويخرج دخان كثيف ،وزوبعة تراب ،دوامة حجبت الرؤية! واقفلت العيون بستار رموشها،لكن الدرويش ،يحجب عن الأنظار،يختفي ،وكأن الأرض ابتلعته،لا أثر له،ربّما رفع، يندهش ويتعجب أهل القرية! فاتحين أفواههم ،وعيونهم جاحظة لهول المعجزة الخارقة! أمّا أفراد الفرقة فيهرولون، ويغادرون القرية ، دون رجعة،خوفا من أهلها،ومن انتقامهم .
وتمضي مدّة على هذه الحادثة، ويقول الكثيرون بأنهم رأوا الدرويش في الليل متكئا على جذع الزيتونة ، ووجهه جميل مضيئ وهو يبتسم ،وبيده مصباح صغير بألوان مختلفة.
ومن يومها صارت ساحة الزيتونة رمزا ومعلما للاجتماع وفكّ الخلاف وإصلاح ذات البين،والغريب أن المظلوم والمطارد صار يلجأ للزيتونة ليستجير بها، فلا يجرؤ أحد على الا قتراب منه.
وازدانت القرية بسوار أخضر من شجيرات الزيتون فكانت حزاما يحرس القرية وأهلها .
عبد العزيز عميمر من الجزائر.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏

أوراق منسية للكاتبة المبدعة / سمية جمعة سورية

 أوراق منسية

للكاتبة المبدعة / سمية جمعة 

سورية

تكاثف الليل بنثاره الأسود فوق فراشي طاويا الغياب ، فلملمت متناثر أوراقي المرتمية هنا وهناك ، واستعدت تهيؤات ورؤى راحت تراودني كل حين ، كانت غير ذكرى تلح على مخيلتي حادة ضاغطة وملحة ، فأدرت وجهي إلى الجانب الآخر ، حتى أفر من ضراعة الخذلان ، ورحت أتلو المعوذات والسور القصار ، إلى أن وصلت إلى والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ! فتنزلت من المقلتين دمعة عزيزة
، ثم إن نوما متقطعا استأثر بجسدي واللب ، تناهبه صوت أمي وهي تنادي! يا الله .. ألم تر إلى المطر الغزير يغرق الحوش بالبلل ؟!! ماذا لو انزلقت قدمها وانداحت على الأرضية المغسولة بماء المطر ؟! هكذا راح الصوت يعود تارة ويختفي ، وبسرعة نزلت عن السرير لأطمئن عليها !
لا تخافي .. تعالي ننظف البيت ، ! يا الله .. إنها أمي .. حضورها في ذاكرتي ما زال يربك في النبض ، ويبقيني قيد حيرة !
أأنا واهمة ، أم أن الشوق يعيدها إلى دارة الحضور كلما تأجج ؟! وتظل أمي مواسم فرح وسط سخط المراكب وتهاويلها .. أو انبثاق شمس في عتمة الأيام ! غير أن غفوة قصيرة لصتني ثانية من ذاتي .. لتربت يد على كتفي ، كانت الطبيعة قد افصحت عن وجهها المربد ، وعلى الأرض انداح ثلج متدثر ببياضه الناصع ، عملت أمي على جمعنا مرة أخرى ، فيما راحت عيناها تقصان علينا مرثية انحباس المطر ، فرحين بها عكست وجوهنا بشرا لا حدود له ، وتشبثت يدها الطاعنة في السن بيدي ، لكن لسانها لم يسعفها بما تود أن تسر به إلينا ، كانت عيناها معلقة بسقف الغرفة ، كمن تحصي برهات حضورها ، وسارعنا إلى لملمة شعثنا والاشياء ، لقد استعادت ذاكرتها لمرة أخرى ، بيد أني على غفلة نسيت أن أوثق آخر رفة عين لها !
سمية جمعة سورية
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏حجاب‏‏

ذكرى تحترق للكاتبة المبدعة / أميرة صارم سوريا

 ذكرى تحترق

للكاتبة المبدعة / أميرة صارم

 سوريا

أوراقي مبعثرة هنا وهناك، أكتب بعض الكلمات وأمحوها إذا لم تعجبني. أوه! الله! ماذا يحدث؟ تعبت يدي. لم أجد صياغة القصة. أحدهم يناديني. شتت أفكاري. أرسم عصفورا. لكني لا أجيد الرسم. ربما أحب الغناء أكثر. صوتي جميل بعض الشيء.
عدت إلى قلمي أكتب عن نفسي. لكني لم أدون سوى بضع كلمات. أثنان وخمسون عاما. ماذا أكتب عنها؟ كيف أرتب الجمل؟ هل من السهل أن أدون عذابات تلك السنوات بأسطر.
كان صوت البائع المتجول في الحي يعلو فوق فكري. أحيانا أحبر الكلمات التي ينادي بها وأنسى ما أريد أن أكتب. دأبت على المسابرة. رغم كل الأصوات
في الطابق العلوي أيضا. أولاد الجيران دائمو الحركة والصراخ.
حافظت على سباتي. قررت أن أكتب شيئا عن تمردي على معلمي في المرحلة الابتدائية بصمت. كيف يكون التمرد صمتا ألا تحني رأسك. كان مستفزا غريب الأطوار يعاقبي دون سبب لا أحمل عنه ذكرى جميلة ابدا. كانت عصاه غليظة. كم مرة طلب مني أن أرفع يدي وأقف على رجل واحدة ووجهي إلى الحائط طوال الحصة. مع هذا كنت الأذكى بين أقراني. لكني فقدت الثقة بنفسي، أصبح الخوف كظلي أتلعثم،رسمت الكلمات تلك على الورقة.
كانت دموع الذكرى تسبق اليراع. خاطبت ظلي القديم:" كيف تمضي الحياة كأنها علامات استفهام وتعجب.
أميرة صارم سوريا
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏

صراع في المهجر للكاتب المبدع / عبد المجيد بنداش المغرب

 صراع في المهجر

للكاتب المبدع / عبد المجيد بنداش

المغرب

التقت ليلى برجل فرنسي في سن مبكرة ، عندما كانت في الثامنة عشر من عمرها ، وقعت في قصة حب تشبه قصة روميو وجولييت.
كانت عائلتها من الريف المغربي ،
محافظة على القيم العائلية وتتميز بالتواضع والحشمة ، كان احترام الوالدين أمرا مقدسا ، حيث يقدس الرهبان لكونه يوزع صكوك الغفران. أما دور المرأة فكان يقتصر على شؤون البيت من الأكل والشرب وخدمة الزوج ، فكلمة الرجل هي العليا، كلامه وحسب اعتقاده حقيقة مطلقة، يصعب إقناعه عندما يركن في زاوية العناد، يعتبر نفسه من العارفين على الرغم من أنه لم تطأ قدماه أبواب المدرسة.
هاجرت الأسرة إلى فرنسا بحثا عن لقمة العيش والهروب من الفقر المدقع الذي حل بالقرية بسبب سنوات الجفاف المتتالية. هاجر معظم السكان إلى المدن الكبرى من البلاد ، يعمل بعضهم في الحقول الزراعية تحت وطأة استغلال البرجوازية التي تقاسمت الكعكة مباشرة بعد الاستقلال، وبدون أدنى حقوق اجتماعية. أصبح معظمهم من الباعة الجائلين في الأزقة ، يدفعون عرباتهم بشقة الأنفس ، وأحيانا يهربون من تهديد قوات الأمن في أثناء حملات تطهير الطرق من الازدحام ، ويهتفون بصوت عالٍ بنوع وسعر بضائعهم.
منذ أن اكتشف والدها المأساة التي أصابته كالصاعقة ، مأساة خطوبة ابنته بالفرنسي، انفجر مثل البركان بسبب شدة الصدمة فكيف تتزوج المسلمة مع نصراني؟
كان يكرر صباح مساء ، شبه مجنون ،
- \ "ما يا رومي أذ يرشل زيلي؟ \".
إن شدة الكارثة التي حلت به أشعلت في داخله مشاعر الانتقام ، بدأ يتساءل كيف يتخلص من وصمة العار التي كانت ليلى من ورائها، ليلى من سلالته ودمه.
أما الأم فاطمة فتعاني في صمت رهيب، كانت امرأة عاجزة عن التعبير عن رأيها ، خاضعة تركع لعرش زوجها، علاقة تقترب من العبودية ، اتخذت موقفاً غامضا، خائفة من تعسف زوجها وتمرده ، فلا مجال للحوار معه.
\ "معزة ولو طارت\"
أقسم أن يطرد ليلى من المنزل ولو كلفه ذلك السجن والقيل والقال.
منذ الصيف الماضي ، كانت الأم تتوقع أن تتزوج ابنتها ليلى من ابن أخيها سعيد ، الحاصل على شهادة جامعية في إحدى الجامعات التي تنتج العاطلين عن العمل ، عسى أن تنقذه من براثن البطالة ، أو الهجرة غير الشرعية عبر قوارب الموت، أو الانتظار في محطة تنقله إلى صحراء قاحلة يسميها البعض الموت البطيء.
في غضون أيام قليلة ، تدخلت مساعدة اجتماعية لإنقاذ ليلى من تهديد والدها بالقتل حيث رفعت هذه الأخيرة دعوى قضائية ضد الأب بموافقة ليلى، غرابة الأمر، فتاة تعرض أباها إلى القضاء،
قررت المحكمة الفرنسية بمنع الأب من التواصل مع ابنته ، وإلا وضع في السجن ، مما جعله يتراجع عن قراره بالانتقام وإجبارها الدخول إلى المغرب مع زوجته فاطمة ، ثم تمزيق أوراق إقامتها حتى لا تطأ قدمها فرنسا مجددا.
كان ارتباط ليلى برجل غير مسلم إهانة وضربة قاتلة في معركة الحفاظ على سمعة وشرف الأب ، ولا سيما أمام أنظار الجيران.
منذ تلك اللحظة، انتشرت الفضيحة كالنار في الهشيم في المسجد الذي كان الأب يؤدي فيه الصلوات الخمس ، أصيب بالاكتئاب الحاد ، فأصبح مدمنا على تناول الأدوية،
أما بعض الجيران من أصل فرنسي ذوي الميول العنصري ، نشروا شائعات زادت الطين بلة ، كانوا يرددون في حانات النبيذ أن والد ليلى إرهابي وسلفي يريد فرض الحجاب على ابنته،
حاول الوالد منعها من الزواج لكن دون جدوى.
تمكنت ليلى من تحقيق حلمها رغم أنف واستنكار والدها. احتفلت بزواجها حسب الطقوس المسيحية وحدها بين أهل زوجها، ليلى كانت عنيدة كأنها ورثت هذا الجين من أبيها، لا تتراجع إلى الوراء، ولو أدى بها الأمر إلى الخسارة.
قضت السنوات الأولى تحت سقف الحب مع الأمير الساحر، تذوقت طعم الحرية التي كانت تؤمن به ، تلك الحرية المزيفة ، تعلمت التدخين ، شربت الخمر مع زوجها ميشيل ، أمضت الليالي في الرقص وتتناول المخدرات والكحول من الويسكي إلى البيرة في النوادي الليلية في عطلة نهاية الأسبوع، أجبرته على تغيير اسمه ميشيل بعيسى كي تتظاهر أمام أنظار الناس بأنها متزوجة من رجل فرنسي اعتنق الإسلام.
سافرت رفقته إلى تركيا ، وإسبانيا ، ومراكش ، والشواطئ الرملية الذهبية بالمغرب ، تزدحم بدورها بالمهاجرين المغاربة أصحاب السيارات الفاخرة واللباس لأكبر العلامات التجارية ، بحثا عن سمرة طبيعية تتباهى بها أمام رفيقاتها في العمل، مرتدية ثوبًا خيطيا شفافا ، على عكس والدها الذي كان يزور قريته وعائلته سنويا ويقدم الهدايا للفقراء ويحتفل بوعده الولي الصالح المدفون في قمة الجبل ، لم تطأ يوما قدمه الشاطئ قط ، على الرغم من أنه يبعد مسكنه ببضعة كيلومترات قلائل عن البحر.
مرت الأيام ، كبرت ليلى ، ودخلت عامها الثلاثين ، لم تعد تلك المراهقة التي تقبل كل ما هب ودب من تصرفات وجنون زوجها. بدأت العلاقة الزوجية تأخذ منعطفًا ، إذ لم تكن قادرة على الاندماج مع هذا العالم الجديد ، العالم الذي يغري الكثير من الشباب. يشبه تلك المرأة التي تبدو أنيقة وجميلة وراء الماكياج، لكن تتغير ملامحها في الصباح كوردة ذبلت،
تكتشف ليلى يوما بعد يوم الاختلاف في الثقافات والتقاليد ، تعيش مع زوج مدمن على الكحول ، وأكثر من ذلك ، يكبرها سنا بعشرين عاما ،
انتهت سنوات الرومانسية
والحب الأعمى ، حان وقت السنوات العجاف ، بدأ الزوجان يعيشان في صراعات لا تنتهي ، فتعارضت و تطاحنت ثقافة الزوجين ، يحاول كل منهما فرض قيمه على الآخر ، خاصة في تربية الأبناء ، كان الزوج يحتفل بالأعياد المسيحية ، والجدة تذهب كل أحد إلى الكنيسة رفقة الطفلتين، لكن ليلى ، رغم أنها لا تطبق الشريعة الإسلامية ، فهي لا تتحمل استحواذ وسيطرة الأب على البنات.
تحول انجذاب وغرام ليلى المراهقة لميشيل(عيسى) إلى عداء وكراهية. بدأت ليلى تشعر بالندم على المغامرة التي قادتها إلى طريق مسدود، قطعت الحبل وصلة الرحم مع والدها ووالدتها منذ ما يقرب من عشر سنوات منذ تدخل المحكمة ، الأمر الذي عزز وعبد طريقها الغرامي مع الفرنسي.
بعد صراع طويل ، انتهت مغامرة ليلى بالطلاق ، فوجدت نفسها وحيدة في غياب أهلها وأصدقائها المسلمين الذين كانوا يخشون زيارتها بسبب سمعتها القبيحة.
في أحد الأيام ، قررت ليلى زيارة والدها ، كانت تتوقع منه العتاب، أرادت أن تطلب منه السماح وتخبره بأنها مطلقة وتريد التوبة والعودة إلى المنزل.
عند وصولها ، وجدته جالسا على كرسي بالقرب من العمارة الذي كان يعيش فيه في حي مكتظ بالمهاجرين من مدينة باريس، هذا الحي معروف بالانحراف إنه حي بارباس ، وأطفالا صغارا يدورون حوله ويسخرون من أقواله، بدا متعبا على وجهه ، وابيض شعره ، وكثير من تجاعيد الوجه من ثقل العار وفقدان ابنته في المهجر، اقتربت منه بخطى ثقيلة ومترددة ، قبلته على رأسه ، ابتسم والدها وعانقها بحرارة ، تفاجئت لردة فعله غمرتها الفرحة،
أسرعت إلى المنزل نحو صالة الضيوف ثم باتجاه المطبخ، فجأة ، قفزت والدتها دون أن تدرك عندما رأتها امتزجت الدموع بالفرحة في آن واحد، بدأت في تقبيلها عشرات المرات. ثم طلبت منها الجلوس في صالة الضيوف مع بناتها لتحضير الشاي.
قبل أن تتوجه ليلى إلى صالة الضيافة ، سألت أمها مندهشة:
- هل سامحني والدي لقد قبلني بحرارة عندما استقبلني؟
فأجابت الأم بحزن:
- ابنتي والدك يعاني من مرض ألزهايمر، فقد ذاكرته ولا يتذكر عن ما يدور حوله، سقطت ليلى وأغمي عنها عند سماع الخبر،
أخرجت الأم بسرعة الضوء علبة من عطر الورد ومفتاح كبير، عطرت ابنتها في حضور الفتاتين اللتين كانتا ترتجفان من قسوة المشهد ثم وضعت المفتاح في يدها اليمنى، بعد نصف ساعة من الانتظار والدعاء ، استيقظت لكن وجهها ظهرت عليه أعراض جلطة ، حيث تجد صعوبة في النطق وتحريك يدها وساقها اليسرى،
في غضون دقائق قليلة، وصلت سيارة الإسعاف وخدمات الطوارئ ، ثم نقلتها مروحية إلى أقرب مستشفى لتلقي العناية المركزة.
وتبين من خلال الفحوصات الطبية الأولية أنها تعاني من الضغط الدموي وتوتر عصبي، كما عثر الأطباء بعد تفتيش ملفها الصحي أنها قامت بمحاولة انتحار منذ ما يقرب من سنة،
في حين بقي الأب على حاله جالسا على جانب الرصيف فوق الكرسي الحديدي ، تحت مراقبة الأطفال الذي يمزحون معه،
لم ينتبه لصرع ليلى، ومازال يبتسم ويبتسم كعادته كطفل صغير منذ أن أصيب بمرض ألزهايمر اللعين،
لن يستعيد ذاكرته، ولن يتذكر ليلى وزواجها ...

فتاة الغموض بقلم الكاتب المبدع / الحسن سنداني المملكة المغربية

 فتاة الغموض

بقلم الكاتب المبدع /  الحسن سنداني
المملكة المغربية
أظنني جننت، جمال هذه الفتاة أوقعني وأكيد سأعاني.
كانت معتادة القدوم إلى المقهى كل مساء، تنزوي في ركن بعيد عن ضجيج العامة، تضع أمامها كومة كتب، تحتسي قهوتها بنشوة ،فتحسبها تقبل كل قطرة منها،كأنها تمارس طقس خلوة بين الذات ووحي العقل، عجيبة تلك الفتاة !تبدو من عالم آخر، شاردة دوما، صامتة ونظراتها تنم عن حزن دفين.
رغم قصرها، تمتلك جل مقومات الجمال، شعر سبسب حريري، عينان كبيرتان ينبعث منهما شعاع الإغراء ، جذابة تسر الناظرين، قوية متحصنة يصعب اختراقها من المتربصين، تقطر أنوثة يحرسها عنفوان الكاريزميين،وأظنها لا تميل إلى منطق القلب و تحكّم منطق العقل، فلا تبدو عليها صفات المحبين المغرمين ،الحب و الغرام يولدان دفق أحاسيس ترسم معالمَ على الوجوه و تفضحها حركات.
بعد تردد طويل ،اقتربت منها في رهبة خوفا من ردة فعلها.
أقرأتها السلام، ردته علي باقتضاب ،نظرت إلي ،فغرقت في لجة عينيها..
أردت أن أقول لها كم هي جميلة لكني نطقت:
- آنستي هل ترغبين في كوب قهوة ثانً؟
بخجل و سرعة شكرتني على لطفي.
وساد الصمت بيننا، حولت نظراتها إلى دفاترها المبسوطة أمامها، التقطت قلما
وبدأت تكتب شيئا.
تماديت في جرأتي ولم أستسلم، سألتها عن اسمها.
أجابت وهي مطرقة:
- هدى.
- إسم رائع آنستي الجميلة!
أصابها إطرائي بارتباك، احمر وجهها خجلا واحتدت نظراتها.
انتهى الكلام بينا بابتسامة مكسورة و نظرة مبثورة و تمتمات متقطعة و تحية وداع ، عدت إلى مكاني، أستعيد الشريط القصير الذي دار بيننا ،وأنصبت نفسي بطله ،تذكرت اسمها وغموضها، تزاحمت اللقطات مع الكلمات في مخيلتي ، استيقظ الشاعر التاوي بين ضلوعي ، فهمست شفتاي :
قالت اسمها هدى و سكتت يا ما أحلى لحظة بهدى أشرقت!
نهضت لتنصرف فتبعتها، وددت فقط أن أتنفس بعض الهواء الذي يحيط بها ويحمل لي أريج عطرها..
توقفت فجأة فتوقفْت، خفق قلبي وظننتها استشعرت وقع خطواتي.. أخرجت من حقيبتها ثوبا أسودَ وأسدلته على الجينز والتي شيرت، وعلى رأسها وضعت طرحة..وعند ناصية أول شارع كانت هناك سيارة اجرة صغيرة ينتظرها !
بقلم الحسن سنداني
المملكة المغربية
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏كتاب‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة