Translate

الثلاثاء، 14 فبراير 2023

أوراق منسية للكاتبة المبدعة / سمية جمعة سورية

 أوراق منسية

للكاتبة المبدعة / سمية جمعة 

سورية

تكاثف الليل بنثاره الأسود فوق فراشي طاويا الغياب ، فلملمت متناثر أوراقي المرتمية هنا وهناك ، واستعدت تهيؤات ورؤى راحت تراودني كل حين ، كانت غير ذكرى تلح على مخيلتي حادة ضاغطة وملحة ، فأدرت وجهي إلى الجانب الآخر ، حتى أفر من ضراعة الخذلان ، ورحت أتلو المعوذات والسور القصار ، إلى أن وصلت إلى والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ! فتنزلت من المقلتين دمعة عزيزة
، ثم إن نوما متقطعا استأثر بجسدي واللب ، تناهبه صوت أمي وهي تنادي! يا الله .. ألم تر إلى المطر الغزير يغرق الحوش بالبلل ؟!! ماذا لو انزلقت قدمها وانداحت على الأرضية المغسولة بماء المطر ؟! هكذا راح الصوت يعود تارة ويختفي ، وبسرعة نزلت عن السرير لأطمئن عليها !
لا تخافي .. تعالي ننظف البيت ، ! يا الله .. إنها أمي .. حضورها في ذاكرتي ما زال يربك في النبض ، ويبقيني قيد حيرة !
أأنا واهمة ، أم أن الشوق يعيدها إلى دارة الحضور كلما تأجج ؟! وتظل أمي مواسم فرح وسط سخط المراكب وتهاويلها .. أو انبثاق شمس في عتمة الأيام ! غير أن غفوة قصيرة لصتني ثانية من ذاتي .. لتربت يد على كتفي ، كانت الطبيعة قد افصحت عن وجهها المربد ، وعلى الأرض انداح ثلج متدثر ببياضه الناصع ، عملت أمي على جمعنا مرة أخرى ، فيما راحت عيناها تقصان علينا مرثية انحباس المطر ، فرحين بها عكست وجوهنا بشرا لا حدود له ، وتشبثت يدها الطاعنة في السن بيدي ، لكن لسانها لم يسعفها بما تود أن تسر به إلينا ، كانت عيناها معلقة بسقف الغرفة ، كمن تحصي برهات حضورها ، وسارعنا إلى لملمة شعثنا والاشياء ، لقد استعادت ذاكرتها لمرة أخرى ، بيد أني على غفلة نسيت أن أوثق آخر رفة عين لها !
سمية جمعة سورية
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏حجاب‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة