Translate

الأحد، 8 مايو 2022

"نزيف قلب" فدوى الحريزي / تونس




 "نزيف قلب"

تعرفت عليه في ريعان أنوثتها وقمة توهج سحرها الأخاذ. كان لا يشبه أناقة ولا شأن من تقدموا لخطبتها إذ لم يكن على قدر كبير من الوسامة ولا حتى الإثارة.
بشرة سمراء داكنة... شعر كسواد الليل تتموج فيه بعض خصلات الشيب... عينان سوداوان تتراءى منهما نظرات انكسار وشفقة على نفسه أمام جبروت رقتها... موظف بالبريد بأجر زهيد لا يمكنه من سد حاجياته إلى جانب مصاريف أمه المريضة.
لماذا عشقته حد النخاع؟... لا تعرف... ربما لأن البقية تقدموا لها مفتونين بجمالها... تدفعهم غريزة الامتلاك لجسد مفعم بالخيرات... تحفة سيزينون بها منازلهم ويتباهون بها.
أما هو... فقد عشق روحها... فهامت هي وجدا في كله.
ومارست السعادة بين أحضانه... وتعرت من كل قيودها وجمحت بكل ثقة على ساعديه وتركته ينهل من شهدها حد التماهي.
كانا على تنافر شكليهما مثل نغمتي الموت والحياة... هي ببياضها الناصع المشرب بحمرة... وهو بقتامة لونه... كلحظتي شروق الشمس وغروبها... متفارقتان... متلاصقتان... متباعدتان زمنيا... وطيدتان وجدانيا.
وظل حبهما سرا في سراديب صدريهما... لا يعلمه غير جدران بيت جده المهجور الذي كان يلتقيان فيه آخر الحي... وظلت تنتظر حتى يتمكن من جمع المال ليتزوجا.
انقضى النهار... وتراجع المساء زاحفا... منهكا... بعد أن لملمت الشمس آخر عقود لها... وتركت ساحة الوغى لمردة الليل... تنشر الظلام مرفوقا بسكينة مقدسة.
رن جرس الهاتف مدغدغا ذلك الهدوء الرهيب... إنها صديقتها ليلي:
-مرحبا... كيف حالك
-بخير... أردت الاطمئنان عليك... تركتك بعد آخر زيارة شاحبة الوجه... هل راجعت الطبيب؟
-لا... لا داعي... قليل من الإرهاق فقط... ماهذا الضجيج حولك...انا بالكاد اسمعك؟
-آه.... الليلة عرس جارنا علي
فتحت فاها.... تلبد ذهنها... ربما لم تسمع جيدا
-علي........... من علي؟
-علي...موظف البريد في حينا... أمه على فراش الموت... وقد أصرت على تزويجه بابنة خالته قبل موتها لذلك أقام عرسا بسيطا نظرا لاستعجال أمه ولقلة ذات اليد.
سقطت السماعة من يدها... كم تمنت لو تتوقف كل حواسها... كم تمنت لو يتعطل ذهنها فيستعصي عليه فهم ما يجري.... ولكن... بركان من العذاب بدأ يثور في داخلها... في هيجان كبير... من أخمص قدميها... إلى أعلى رأسها.
يتزوج.... كيف يتزوج... منذ سويعات فقط كانت برفقته... عاشت معه الشبق... ولحظات العشق المجنونة... أحست رجفته... ظنتها رجفة الوله المحترق... ولم يدر بخلدها أنه كان يحتضر على راحة صدرها... وأن تلك الرجفة... لم تكن إلا سكرة الموت... في غياهب الشغف المشجون.
دخلت غرفتها ثم ولجت المطبخ... وغادرته مسرعة
-رحاب... إلى أين؟ الوقت متأخر....
لم تجب أمها...ركضت كالمجنونة... الطريق مظلم... الصمت يخيم على عتمة دربها... تحاول فتح عينيها لتتضح لها الرؤية.. فتتوهج أمامها فوانيس العرس... تغمض عينيها.. تواصل الركض... أصوات الطبول تقرع أذنيها وسط ذلك الصمت..... مازالت تركض.... تلهث... الدماء تتقاطر على الأرض...الطريق يلف بها ويدور كدوامة مجنونة.
توقفت...تاهت... ضاقت عليها الأرض بما رحبت... ظلت كل الأشياء تدور من حولها كإعصار مدمر... تراءى لها علي وسط تلك الفوضى...ببدلة العرس... التي اشترتها معه ذات مرة من العاصمة... وربطة العنق الحمراء التي اصرت عليها رغم أنه كان يحبذ اللون الأزرق... والحذاء والجوارب اللذان كانا هدية منها في آخر عيد ميلاد له.
احست بالغثيان... عادت إلى الركض.... وظلت الدماء تتقاطر... أنفاسها بدأت تتقطع... ونبضها يتباطىء شيئا فشيئا.
فتحت عينيها ببطىء... بياض ناصع يلف المكان....حتى لباسها أبيض... ترى... هل هو البرزخ؟ عالم مابعد الموت... العالم الذي تمحي فيه احباطات الدنيا وانكساراتها. ولكن الألم يعتصر قلبها... حتى في العالم الآخر لازالت تتألم! ؟؟؟؟
قطع أفكارها أصوات خارج الغرفة
-دكتور... كيف حالها الآن؟
-لقد ضمدنا معصميها.. الحمد لله لم تقطع كل شرايينها... توقف النزيف... ولكننا اضطررنا إلى إجهاض الجنين.
-جنين..... أي جنين؟
-ابنتك كانت حاملا سيدتي.
توقف جفنها عن الحركة... دارت برأسها في أركان الغرفة رفعت يديها بوهن شديد ووضعتها على بطنها.
جنين..... أي أنها كانت تحمل قطعة منه في جرابها... اشتد بها الوجع إلى درجة أنه فقدت معه كل الأحاسيس. حاولت أن تخفي نفسها براحة يديها... ولكن راحة يديها لم تسع كلها.
فقدت علي... وقتلت ابنه.... أي حرقة هذه... وأي صبر يستطيع أطفاءها.... أخذت تئن.... ألم داخلها طغى على جروح ما تحت الضمادات.
سمعت خطى الطبيب تبتعد رويدا... حاولت التكلم... منعها الألم... نادت بصوت متحشرج كأنه يخرج من أعماق بئر عميقة:
-تعالوا.... ضمدتم جراح الجسد... ونسيتم جراح قلبي.... قلبي ينزف حد الموت... تعالوا... أوقفوا نزيف قلبي....
ضاع صوتها المتقطع وسط صخب المستشفى. أغمضت عينيها في محاولة يائسة للهروب من ذلك الكابوس... فتناهى إلى سمعها صوت رضيع... يهز صدى بكائه أرجاء الغرفة.
فدوى الحريزي تونس
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نظارة‏‏

هرطقة حُلم الكاتبة سحر حسب الله العراق/بغداد

 



هرطقة حُلم

طفلة صغيرة والفراشات تتقافز حول اكوانها الخاصة ومحاورها.
طفلة حالمة تتميز بمناخها المنفرد ،
وفي مساءً ما كبرت فجأة وبلا مقدمات ،بلا تفكير،بلا تردد ،بِلا بكل ما تحمله تلك الكلمة من ابتلاء!!
كبرت فجأة فوجدت نفسها بثوب الزفاف الابيض،أمام القسم لتأدية مراسيم الزفاف!
ويقف امامها رجل صخم، مفتول العضلات، تقاسيم وجهه مخيفة!
وكُلما يقترب منها خطوة ،كلما لسعتها أنفاسه الموبوءة كهواء الثكنات المزدحمة بالسجناء فتتراجع خطوتين !!
لا تستطيع الصمود اكثر اصبح داخلها كبركانٍ سُدت فوهتهُ ،فأغمضت عيناها والتفتت للوراء حيث تقف والدتها وصرخت قائلة:
-لا أريد الزواج يا أمي ،أريد ان اكمل دراستي، قالت باكية وبأسىٍ ،
-اصمتِ ابن عمكِ أفضل من غيره شاب متعلم ،وسيم، ذو نفوذ،
-لكني لا أحبه يا أمي؟
-لا تتفوهي بمثل هذا الكلام لأن أبيكِ سيقتلكِ إذ سمع هرائكِ يـــــا دارين ،
جرت لاهثةً يتملكها العبوس والحزن بفستانها ذات الاكمام الطويلة،
تركت الحفل في منتصفه وواصلت الركض الى غرفتها ، وقفت وحيدةً وكلهم ذهبوا، بقت عالقة كانها تدور في ذاتها كقلادة علقت في مرآة سيارة،
في مكان يبعثُ للغثيان ، كانت العتمة تحتقر الظل، طبقية قاتمة ،وعلى ضوء شمعة شحمية قصصت شعرها الطويل ذات الخصل السميكة،
ثُم اتجهت إلى سريرها جلست واضعة رأسها بين كفيها تفكر كيف تنام وتصحوا بلا هذا الهراء!!
تبرعم الحزن داخلها كثيراً،
بعد وقت قصير تلمست ناصيتها حرارتها مرتفعة ،صدرها يعلو ويهبط ، ثم وضعت يدها على جعبة الالمونيوم وتناولت قبضة حبوب مهدئة !
ولم تستطيع ابتلاعها ولكن رشفة ماء ساعدتها على ابتلاعها بالكامل ، بعد لحظات شعرت بصفعة مدوية التصقت على وجهها مما جعلتها تتكوم على سريرها من جديد،
وفي الصباح الباكر فززت على اصوات غريبة، بريقٍ جاف وفمٍ محقن ، على أصوت المنبهِ واصوت نقرات المطر وهي تــــــــتــــــــرك ندوباً على الزجاج !!
رفعت رأسها وإذ هيَ تغفوا في الصالة ،ورأسها ممدد على الطاولة ،كانت مجهدة جدًا ،ثم قالت وهي تضحك ضحكة هيستريا : أنه وقت الدوام،
الحمدلله أنه حُلم مزعج ظننته حقيقة…
قد تكون صورة ‏‏شخص أو أكثر‏ و‏نص‏‏

انْتِصارٌ لحسن ملواني ـ قاص مغربي


 انْتِصارٌ

بقلم : لحسن ملواني
في قلبه تتواجه المتناقضات ،ألوان تريك المقاساة ، وأخرى تريك النعومة بأزهى وجوهها أو ترسم الشحوب بكل تقاسيمه...
سيخرج إليهم هذه المرة... قال ذلك وهي تشك في عزمه أدار وجهه في كل الجهات أمَرَّ كفيه على صدره ،صعد إلى السطح ،حدق في السماء دقائق ،عاد إليها ، ودعها وانسحب من عالمها منذ ذلك اليوم.
كانت تتذكره وهي تغسل ملابسها وملابس ابنتها وابنته الصغيرة...تتذكره وهي تهوي على فراشها متعبة ...كان يقول لها لن أفارقك إلى الأبد ،وإن كان لابد من الفراق ، ففي قلبي مسكنك الحديدي الذي لن يهدم أبدا..
اتهموه بالتجسس وهو البريء الطاهر الذي يتقي كل ما يخرم المروءة..قالوا عنه جبان ، وهو الذي خلص شبانا ورجالا ونساء من ظلم متمردين..للأسف تم ذلك بعيدا عن أنظار هؤلاء الأغبياء الجناء بحق..
أحمد حميد الصفات ، صافي القلب ،سيعود أخيرا ..كانت امرأته في ذلك اليوم تستبشر خيرا حين تراءى لها في الحلم مكللا بتاج النصر..
ماذا فعلت يا أحمد ؟
قال والفرح مشرق على وجهه :دخلت مدرسة صناعة المناعة ، فكما للماء سدود تمنع انتشارها لتضعف وقد تفرقت في الأرجاء فللنفوس سدود وأبواب تمنع التفاهة كي تنفذ إليها ..يطمئن صاحبها ، يصير صخرة لا تزعزعها لا الرياح ولا الأمواج..أبشري يا فاطمة لقد عدت عالما معلما... لن نقنط أبدا.
لحسن ملواني ـ قاص مغربي

وصية ولاء جاسم جميل / العراق


 وصية

أعياء برد بسيط،أدى به لتهويل الأمر ليسأل زوجته هل ستتزوجين بعدي؟بغضب شديد أجابته مستحيل ياعزيزي،سابقى على ذكراك أبد الدهر.
فقال لها:لاياعزيزتي تزوجي انتِ مازلتِ شابه،لاتفني حياتك بعدي،كررت أصرارها وأنها لن تتقبل وجود شخص أخر في حياتها غيره.أصر الأخر وقال انا اوصيكي بأن تتزوجي بعد وفاتي هذه وصية ويجب أن تنفذ،قالت:حسنًا سوف أنفذ وصيتك لا تقلق،فسألها هل سيسكن في منزلي؟ اجابته طبعا فهو منزلي،وهل سيأكل من أكلي؟بالتأكيد ياحبيبي،وهل سيلبس ملابسي؟اجابته لا،مستحيل!!!قال لها:ولما!!هو سيستحوذ على كل شيء ملكي ماالمانع في سلب ملابسي أيضًا!؟؟
أجابته لأنه أسمن منك بكثير.
ولاء جاسم جميل/العراق

ألف ليلى في زاوية أسامة الحواتمة / الأردن


 ألف ليلى في زاوية

بل لا وجود لألف إلا بليلى واحدة في تلك الزاوية ولا حتى ذلك العاشق إلا نادل طقوس عشقية، يبدو كنازع الأرواح من وسائد أسِرَّة قلبين، لكن رداء وجهه مألوف لدم الطين. لا، لا.. هو القائم والواعد والنابه. بل ويَخاله العاشقُ نديما بين عينيهما في لوحة رسمتها أبخرة متصاعدة من فنجاني قهوة يتحدثان بسرمدية ذاتية لا انقطاع لها.. ثم ويكأنه يصرخ لولا نادل الأرواح ذاك الذي يتلصص ريبة في الصدر.. في لحظة أصبح يشك حتى بقداسة المكان أَن لا وجود لأحد فيه إلا من عينين متقابلتين كل بزاوية تتكلمان بمناجاة المستحيل، صوت لغتيهما لا يرتفع عن صوت اصطدام الرمش بالرمش، ولا عن صوت خافقيهما.. تماما كأنهما عينان بشفتين دون لسان بل بأهداب تعيا الألسن بمثل حديثهما.. أ هما مجرد فنجانين يتبادلان خواطر العرافين وحكايا الأنفس المنزوعة من أصفاد عقلها؟ حقا هي لغة فنجانين، على وجه كل منهما، عينان نضاختان.. ثم على حين غِرَّة، يَسوَدُّ الطقس، يمطر الرصاص وتفترقان.. حلقت عينها غيمة بيضاء في السماء تنتظره؛ ويستفيق العاشق بيد أبيه يركضان إلى عراء رصيف ويحتضنان، وهي لا تزال في السماء يبصرها وتبصره.. فجأة يميط النادل الكوفية عن وجهه الملعون ويشير ويؤكد ثم يستتر خلف الميركافا.. لينزل القناص وبسبابته المعقوفة يضغط وبحنق.. وهي من فوق تمد لهما من أهدابها جناحين ويعرجان.. وله تغمز هناك خلف البرزخ... وعينه الأخرى تبصرُ بوضوح آلاف النوادل يفترشون طين الأرض.
أسامة الحواتمة/الأردن
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

لعب على المكشوف هيام جابر. سوريا


 لعب على المكشوف

كالملدوعة بأفعى، تركتني واقفة أمام باب منزلها مع ابنتيها الشابتين الصغيرتين.
اتجهتٓ مسرعة عبر خربة خلف بيتها، وسط ذهولي.. من تصرفها الغريب.
سرعان ما عادت كشهب النار، تعدو. يلحق بها زوجها.
ذهلتُ مما يجري.
يا إلهي ما هذا؟
ما الذي يجري؟
اختفت عن عيني زوجها.. الذي لم يرها و هي تدخل البيت.
سألنا مبتلعا ريقه، مهزوزا : أين هي؟
صمتنا. لم نخبره أنها دخلت البيت.. فقد أشارت لنا بإصبعها الا نخبره.. بينما تصعد الدرج لطابق يعلو بيتها.
توقع أنها ذهبت للشارع الرئيس المفضي لمنزل أهله، لتشي به.
غاب قليلا. ثم رجع من حيث أتى.
أثناء مطاردته لزوجته علمت من كبرى بناته التي كانت تقف معي.. انه كان عند جارتهم الأرملة سعاد.
كان رجلا نحيلا.. تجاوز الأربعين باعوام قليلة.. لكنه كان يبدو أكبر من ذلك بسبب عمله الشاق.. و لكثرة ذريته. فقد أنجب العديد من الصبيان و البنات في سنوات قليلة بعد زواجه من رحاب.
لم تكن رحاب بالإمراة الجميلة ، خاصة بعد ولادات متكررة، ذاقت أمراضا خلالها عديدة. كل ما كان يميزها سعيها الدائم ونشاطها لتأمين قوت أولادها جنبا إلى جنب مع زوجها. كما أن عينيها الصغيرتين سرعان ما تنبأن عن امرأة تملك من الذكاء قدر لا يستهان به.
بعد أن شاهدت زوجها من حيث تقف في الأعلى يعود إلى عشيفته، نزلت إلينا.
تأملتُها كثيرا و بإستغراب. سألتها ما جدوى ما قمت به؟
ضحكت كثيرا. لكنه ضحك يسيل الما.
ثم أجابت..
اريد ان يعرف أنني اعرف انه يخونني. و أنني لست بمغفلة.
لم اقتنع.. لكني اعتدت عدم مناقشة أمور شاىكة.. لا علاقة لي بها.
أدخلتني بيتها و كانت لا نية لي بذلك.. فقد مررت بها لأسداء صدقة.. كما يفعل كثيرون.
قدمتَ القهوة و كان شيئا لم يحدث. و بدأت تقص علي قصتها.
قالت :
استقبلتها مشفقة عليها.. فقد أتت حينا.. امرأة مقطوعة من شجرة.. لا زوج و لا ولد.. أرادت أن تأنس بنا كجيران . إلا أنها راودت زوجي عن نفسها. و أصبح يخترع الأسباب للذهاب خفية إليها.
تابعت...
لم أكن بغفلة عما يدور حولي.. خاصة بعد تغير طرا على زوجي..
منعتها من زيارتنا...
لكن لا جدوى..
أصبح زوجي يترك عمله و بيته ليختلي بها..
حاولت أن اصدقه أنه لا علاقة له بها.. إلا أني لم أعد احتمل ظنه أنني لا أدري.
و سكتت.
قلت :
و الآن قد علم، ماذا تظنين انه فاعل؟
أجابت..
أصبح اللعب الآن على المكشوف.. غدا سأذهب إلى رئيس عمله لأبلغه أن زوجي يهرب الآثار و يتاجر بالممنوعات.
هيام جابر. سوريا
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏جلوس‏‏

عيون الشقاء بقلم / أوسان العامري/ اليمن

 عيون الشقاء

لمحت وجهي في المرآة لم أعرفني
غزى الشيب شعر رأسي ولحيتي
لا أظن أنني كبرت
قبل أسبوع أطفأت شمعتي الخامسة والثلاثين
لكن للشيب طقوسه الخاصة
وأنا أتأمل ملامح وجهي التي أجزم أنها ليست لي
تذكرت تعويذات أمي كنت لاأغادر المنزل إلا وقد حصنتي
حكت لي لأكثر من مرة وأنا أستمع لها بشغف أنني في صغري أصبت بالعين كادت أن تقتلني منذ ذلك اليوم الذي شاركت في مسابقة هي الأولى من نوعها ومثلت فيها مدرستي وحصدت المركز الأول
بعدها لازمني صداع حاد لزمت فيها فراشي لأيام
لم تجد المسكنات نفعا ..أشارت عليهاجارتنا أن تذهب بي لشيخ يرقي من العين يقصده الكثير من الناس
تماثلت يومها للشفاء لكن ذلك الصداع يزورني بين فترة وفترة
قال الشيخ أن العين التي أصابتني قوية
زاد قلق أمي فقد فقدت اثنين من أخوتي بمرض الصرع الذي كان بدايته صداع
كانت تجزم أن سببها العين فكلاهما كانا يتميز بذكاء يشد الانتباه من حوله
لم اتذكر تلك الحادثة إلا أن أمي مازالت حريصة على مسح رأسي بزيت الزيتون وتقرأ علي المعوذات وأدعيتها التي تهمهم بها
مما جعلني معرض للسخرية بين أخواتي
فيهمزن ويلمزن:
أماه وحيدك هذا ليس لها جمال يوسف حتى تخافين عليها
فكن يغضبنها فتخلع نعلها وترميهن بواحدة تلو الأخرى
فاسمع ضحكاتهن من خلف الباب
أحمد هل تستترك هذه المرآة لصاحب المنزل
هاه،لا سنزلها حالا
ـ يعز علي مغادرة هذا المنزل فقد ولد فيها محمد وسارة
تبا للجشع
ـ لا عليكِ ياعزيزتي سنقطن منزل آخر ربما أوسع منه
ـ ستصبح المدرسة بعيدة أكثر عن الأولاد
ـ سأدبر الأمر
تلك الحقيبة أحملها بحذر
ماذا بداخلها
أشياؤك
شهائدك وأوسمتك
حرصت أن تكون لها حقيبة خاصة
اغتصبت ابتسامة باهتة وبلعت عبرتي
سيكون لك شأن يا أحمد لقد تخرج على يدي من هذه الجامعة الكثير من الطلاب لكني لم أصادف أحد بمثل نباهتك وذكائك
لست أنا من يمدحك الجميع يتحدث عنك
أثق أنك ستصبح مهندس يشار إليه بالبنان
أحمد!
أين شردت؟
هاتفك يرن بين يديك
فتحت الخط:
ـ المهندس أحمد
ـ نعم، معك
هل وجدت عملا ؟
للأسف لا مازلت عاطلا
لقد وجدت لك عملا
حقا!
تعال غدا
- هل أصطحب مؤهلاتي الجامعية؟
لا داعي لذلك
العمل الذي لدي لا يحتاج كل هذا
خذ هذه القفازات تحمي يديك من الاسمنت
وهذا الطوب يجب حمله إلى الدور الثاني
كلما كان العدد أكثر كان أجرتك أكبر ..
اعتدت على العمل رغم مشقّته
أول يوما من مزاولتي للعمل ناداني المشرف بالمهندس
رد أحد العمال
كلنا هنا عمال بناء من هذا المهندس الذي بينا
ثم أردف باستهزاء:وأنا كذلك دكتور
ضحك الجميع
في اليوم الثاني ربطت شهادتي في عنقي
وبدأت أسلم عليهم واحدا تلو الأخر
حتى وصلت إلى ذلك العامل
همست له :انظر خريج كلية الهندسة أنظمة حاسوب
ثم هززت كتفه وأردفت:وزيدك من الشعر بيت الأول على دفعتي وهذه شهادة بين عدة شهائد في حوزتي
طأطأ رأسه لم ينبت ببنس شفة
لم يصدق العمال مارأوا
بحلقت عيونهم وشدهوا
وضعتها في جواري وأكلمت عملي
في تلك الحظة داهمني الصداع فجأة
أخر مرة زرت فيها الطبيب قال أني أحتاج عناية خاصة وقد يتسبب ذلك الصداع في مضاعفات خطيرة منعني من التعرض للشمس والضوضاء
نصحني عن الابتعاد عن التوتر والضغط النفسي
أخذت دواء ثم تركته لكنني اليوم بحاجة لأمي لتمسح على رأسي بيديها المرتعشتان وتنفث دعواتها التي تشعرني بالأمان
عند عودتي ذهبت لزيارتها دعوت لها كثير
وبللت قبرها بدموعي
خاطبتها:كنت دائما تحصنيني من عيون البشر فلم تصبني بعد تلك العين عين
ونسيتي ياأماه أن للشقاء عيون.
أوسان العامري/اليمن

إيثار صلاح نبيل. مصر



مقابل دراهم معدودة باع صديقه، وشى على موقعه، اقتاده جنود العدو في الزمان والمكان المحددين بدقة، يصاحبهم الرعب من قيوده وسلاسله وحرارة جسده وعنفوان بطولته، كانوا يتجنبون النظر لعينية المتداريتين خلف تلك الغمامة السوداء خشية إصابتهم بشرارة حامية من بريق عينيه، مكث في السجن سنوات طوال فقد معها الأمل في الحريه، لازمه مصحفه ويقينه وحنين للأهل والولد، لم يندم لحظة على ماقدمه لوطنه ومقدساته وإن كان مصيره الحرمان من الحرية، أطفاله وحضن زوجته الثكلى.
ستة عشر عامًا قضاها وحيدًا لايرى شمسًا ولاقمرًا فقد أذل العدو وطالما يتمَ أبناء جنوده ومعاونيهم، لاحقته دعوات أمهات محتلات ثكلى أقمن بوطن لاحق لهن فيه، رفضوا قتله ردًا لجرائمه، قرروا إركاعه لغطرستهم وبذائتهم، رفض بشدة، عاقبوه بنقل إحدى كليتيه لأحدى أمهات ضحاياه - على حد زعمهم-، هاجت منظمات حقوق الإنسان في وطن يعطي للحيوان حقوقًا أكثر من بني الإنسان، رفضوا استئنافهم، حددوا موعدًا للعملية، انتزعوا كليته الصحيحة كما ينتزع المسمار من القدم العارية، أو كما ينتزع السم من جلد من لدغ بسم الثعبان وحاولوا إنقاذه قبل أن يفكروا نتيجة فعلتهم، تألم كثيرًا بكى، أصابت كليته الأخرى العلة وساءت حالته، طالبوا أسرته بمتبرع لكلية لسجينهم، كثر ولوجه للغيبوبة، زادت سموم جسده، كاد دمه أن يتلوث، لم تتوافق فصيلته مع أفراد عائلته، منهم من اعتذر بالمرض، الإرهاق والتعب، حاولت زوجته مرارًا التقدم لفداء حبيبها ولكن لم تتوافق التحاليل الخاصة، فما كان من "إيثار" إلا التقدم بخطوات ثابته للمهمة كأنها متجهة لمعركة حربية، كانت جينات البطولة مختلطة بدماءها، تلك الفتاة التي تم حبس والدها وهي لم تتجاوز عدة أشهر، الآن نضجت وبلغت ريعان الشباب، توافقت فصيلتها وتحاليلها مع والدها ووقع الاختيار عليها.
صلاح نبيل. مصر.
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏وقوف‏‏

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة