مقابل دراهم معدودة باع صديقه، وشى على موقعه، اقتاده جنود العدو في الزمان والمكان المحددين بدقة، يصاحبهم الرعب من قيوده وسلاسله وحرارة جسده وعنفوان بطولته، كانوا يتجنبون النظر لعينية المتداريتين خلف تلك الغمامة السوداء خشية إصابتهم بشرارة حامية من بريق عينيه، مكث في السجن سنوات طوال فقد معها الأمل في الحريه، لازمه مصحفه ويقينه وحنين للأهل والولد، لم يندم لحظة على ماقدمه لوطنه ومقدساته وإن كان مصيره الحرمان من الحرية، أطفاله وحضن زوجته الثكلى.
ستة عشر عامًا قضاها وحيدًا لايرى شمسًا ولاقمرًا فقد أذل العدو وطالما يتمَ أبناء جنوده ومعاونيهم، لاحقته دعوات أمهات محتلات ثكلى أقمن بوطن لاحق لهن فيه، رفضوا قتله ردًا لجرائمه، قرروا إركاعه لغطرستهم وبذائتهم، رفض بشدة، عاقبوه بنقل إحدى كليتيه لأحدى أمهات ضحاياه - على حد زعمهم-، هاجت منظمات حقوق الإنسان في وطن يعطي للحيوان حقوقًا أكثر من بني الإنسان، رفضوا استئنافهم، حددوا موعدًا للعملية، انتزعوا كليته الصحيحة كما ينتزع المسمار من القدم العارية، أو كما ينتزع السم من جلد من لدغ بسم الثعبان وحاولوا إنقاذه قبل أن يفكروا نتيجة فعلتهم، تألم كثيرًا بكى، أصابت كليته الأخرى العلة وساءت حالته، طالبوا أسرته بمتبرع لكلية لسجينهم، كثر ولوجه للغيبوبة، زادت سموم جسده، كاد دمه أن يتلوث، لم تتوافق فصيلته مع أفراد عائلته، منهم من اعتذر بالمرض، الإرهاق والتعب، حاولت زوجته مرارًا التقدم لفداء حبيبها ولكن لم تتوافق التحاليل الخاصة، فما كان من "إيثار" إلا التقدم بخطوات ثابته للمهمة كأنها متجهة لمعركة حربية، كانت جينات البطولة مختلطة بدماءها، تلك الفتاة التي تم حبس والدها وهي لم تتجاوز عدة أشهر، الآن نضجت وبلغت ريعان الشباب، توافقت فصيلتها وتحاليلها مع والدها ووقع الاختيار عليها.
صلاح نبيل. مصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق