ميلاد
اعتاد الحاج علي تمضية المساء بمقهى على ناصية الشارع المحاذي للحي السكني، يجتر مع ثلة من المتقاعدين ذكريات أيام زمان، لا يفكر ولا يهتم لأي شيء معاصر.
قطع كلامه رنين هاتفه الجوال، كان صوت أحد أحفاده يذكره بأن اليوم عيد ميلاده السبعين عاما، ابتسم وتمتم بعبارة: لعب عيال.
ونظر بمن حوله وقد نسي حديثه وأكمل معلقا على المكالمة العاجلة : الليلة؛ أولادي وأحفادي، يحتفلون بعيد ميلادي السبعين ،(وجيب ليل واخذ صور وعلى حس الطبل خفًن يرجليه)،
فجأة قرر الحاج أن يعود للبيت لمنع الأحتفال بالمناسبة، وقال : كبرنا على هاي السوالف.
زجر ونهر من جلسائه، أمسك أحدهم بذراعه : أجلس حجي ،بعد وقت ،عيالك يحبونك ويريدون أن يحتفلوا، اتركهم يمرحون.
مضت ساعتين، ولكن القلق ممسك بخناقه من فكره الحفل وأجواء الهرج مرج . واستعجلهم الذهاب، نهضوا جميعا ،توجهوا الى بيوتهم الغافية وسط الظلام المشروخ بنور مصابيح كابية متفرقة .
تعلم الحاج علي العد التنازلي للعشرة من راس الزقاق لعتبة الدار. كان الصمت مطبقا على المكان حتى الظلام لزج كرطوبة (الشرجي) ،اعتقد الحاج أن الكهرباء معطلة كالمعتاد ،مد يده لزر الكهرباء خلف درفة الباب، أنار فسحة المدخل واصابه الذهول من حالة الهدوء والسكون المخيم بظلاله على البيت، لا أثر للفرح ولا العيد، وفوجئ بالجميع نيام ،يغطون في نوم عميق . وهز يده ثم ردد مع نفسه ساخرا : خربانه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق