قبل الوداع
جلس وحيدا في الشرفة الغربية، عتمة الليل ابتلعته، تحسس ذقنه الخشنة، حدثته نفسه عن معاناته مع مشيتة العرجاء وقلبه المنهك، تذكر عصبيته وحماسه وصوته الرنان، وأيام القهوة والسهر والجدال مع الأصدقاء، ذرف الدمع عندما اشتاقت روحه لولده الوحيد الراقد تحت التراب، الكل تركه وذهب.
نادته زوجته من خلف النافذة المشروخة.
- لقد غشاك الظلام والمصباح فوق رأسك منكسر، ادخل قبل أن تتجمد من البارد القارس
طلب منها بطانية،التف بها وأشعل شمعة بجواره، أضاءت الفراغ الشاسع الذي يخنقه بقسوة.
نادته زوجته مرة ثانية
- البرق ينذر بما هو قادم، لن تتحمل، ادخل يرحمك الله
أشار لها أن تقترب، أدار الشمعة نحو وجهها رأى به عوالم لم يراها من قبل، ابتسم ابتسامة طفل في شوق لنهد أمه، أخذته في صدرها، في صمت
- لقد تأخرت سنينا
انطفأت الشمعة، انتحبت، لم يسمع الشارع الطويل صراخها.
بقلم / محمد عبد الهادي - مصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق