Translate

الاثنين، 13 يونيو 2022

الواحدة ليلا .....(وليد مليجي .. مصر)....


 الواحدة ليلا 

.....(وليد مليجي .. مصر)....

عُرِف الرجلُ بدقتِه الشديدةِ و ذاكرتِه القويةِ . يتذكرُ عن كلِ شيءٍ أدقَ تفاصيلِه .. يساعدُه في ذلك قلمُه و مذكرتُه التي يدوِّن فيها أحداثا يراها هامة أو ما قد يشعرُ أنه قد يحتاجُ إليها يوما ما . يجلسُ في شرفةِ بيتِه في ساعةٍ متأخرةٍ من الليلِ يقلِّبُ في مذكراتِه و يتذكرُ على إثرِ كلِ ملحوظةٍ دونَّها أحداثا ارتبطت بها . تستوقفه ملحوظةٌ كتبها تمامَ الواحدة ليلا منذ خمسةِ أيامٍ ..( مرَّ العاطلُ بشكلِه المريبِ فأنرت الطريقَ ) . يشردُ قليلا محدثا نفسَه . كنتُ محقا عندما رأيتُه يسيرُ وراءَ تلك الأرملةِ الكادحةِ فأنرتُ المصباحَ ليكشفَ معالمَ المنطقةِ المظلمةِ المهجورةِ بعد بيتي . يتذكرُ أنه كتبَ ملاحظات تالية بنفس المضمون فيقلب سريعا متجاوزا عدةَ ملاحظاتٍ حتى يصلَ إلى ( مرَّ العاطلُ متتبعا خُطَى المرأة فأنرتُ الطريقَ و رفعتُ صوتَ الموسيقى ) . يقلب سريعا ليصلَ إلى ملاحظةٍ مشابهةٍ كتبها في اليوم الثالثِ في نفس توقيتِ الملاحظتين السابقتين . (مر العاطل فأنرت الطريق بمصباحين يكشفان تفاصيل أكثرَ و مساحةً أبعد ) يسائل نفسه : ماذا يريدُ من هذه المرأةِ البائسة التي تعملُ ليلَ نهارَ كي تغطيَ مصاريفَ أبنائِها ؟ يقلُّبُ سريعا باحثا عن مذكرةِ الأمسِ فيجد (مر العاطل و المسكينة أمامه تسرع في خطاها و هو دؤوب في ملاحقتها لكني كشفتُ الطريقَ بالمصابيحِ و أزعجته بصوتِ الموسيقى الصاخبة) .. ماذا يجري ؟؟ هل ثَمةَ خطرٍ على أمنِ و شرفِ تلك المسكينة ؟؟ الساعةُ تفصلها دقائقٌ عن الواحدةِ .. موعد مرورِه اليومي ..

هل أنتظرُ ؟؟ أم أذهبُ للنوم ؟؟ و ماذا لو نمت و هجمَ عليها هذا الذئبُ في الظلام ؟؟ القريةُ نائمةٌ ولا صوتَ في هذا الجو الشتوي إلا للريحِ و حفيفِ الأشجار ؟؟ فمن ينقذها من بين يديِه لو حدثَ ما أخشاه ؟؟ و هل بالفعل يتربص بها أم أنها توقعات خاطئة ؟؟ اقتربت الساعةُ من الواحدةِ أكثر .. هَمَّ بتشغيلِ الأنوارِ فلم تعملْ .. ينظر إلى المصابيح ليفاجا بأنها َمهشمة جميعها .. يشعر بانقباضة، يُلقِي بالمذكرةِ على المكتب .. يتجهُ نحوَ المخزنِ . يمسكُ بعصا غليظةٍ و يتجه سريعا إلى ما بعدَ بيتِه و يختبئُ في المكانِ المظلمِ المهجور . يدقُّ قلبُه سريعا . و سرعانَ ما يراها بصعوبةٍ قادمةً يتبعها العاطلُ و ما هي إلا ثوان حتى انقضَ عليها العاطلُ كاتما أنفاسها شاهرا المطواة في وجهِها ساحبا إياها إلى المكانِ الأكثرِ حلكةً قائلا : لو صوتك طلع و الله لادبحك . يطرحها أرضا . كاتما صوتها بيده محاولا تعريتها باليد الأخري .. صراع ما بين الهجوم و الدفاع تتخلله صرخات مكتومة لم يدرك العاطل بعدها شيئا بعدما انهالتْ على رأسِه عصا غليظة استجمعَ صاحبُها كل قواه فيها . قامت السيدة سريعا و أطلقت ساقيها للريح .. يستجمعُ الرجلُ قواه و يهوي بعصاه مرة أخرى على رأسِ العاطلِ .
يعود سريعا لبيته . يعيدُ العصا لمكانها .. يسترخي على سريرِه تماما . يمدُّ يدَه نحوَ مذكرته . يمسكُ بالقلمِ و يكتبُ . (لن يمرَ العاطلُ من هنا مرةً أخرى في الواحدةِ ليلا )..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة