Translate

الثلاثاء، 7 يونيو 2022

بين شروق وغروب إدريس الزياتي - المغرب


 بين شروق وغروب

كانت الشمس تلوح للعشاق ذلك اليوم على غير عادتها ، شيئ ما وقر في قلبه، عندما انسكبت على البحر بلونها الحقيقي الأبيض عارية ،كأن الأزرق والنيلي والبنفسجي قد خذلوها هذه المرة ، استعارت من البحر بعض رونق لتستكمل رحلتها المعتادة ، جلس سعيد _الذي لا يحمل من الإسم غير رسمه _ القرفصاء على تلك التلة البعيدة يراقب التفاصيل الدقيقة بين السماء الزرقاء والبحر بلونه اللازوردي ،يخط بعود صغير أمنياته على الأرض بجوار قدميه ، أحلامه التي ترافق الشمس ذهابا وإيابا علها تسقط في يده يوما ما ، لا حيلة له إلا الصبر والإنتظار.
المساءات الهادئة المتفلتة من صخب الحياة هي الوحيدة شغفه وراحته بعد كد ، لا يسعفه الليل ولا النهار لمراوغة واقعه، بعد هجرتها لا ستكمال الدراسة بالخارج ، يرمي ببصره إلى الجهات الأربع ، لا يفوت الفرصة إذا ما سمع صوتها المبحوح، كلما اقتربت من مرفئها، تلكم السفينة التي قد تحمل له الأمل، يقوم الحلم مترنحا في قلبه ، ينعره ، يستفزه برمية بصر سريعة لعل وعسى ، كلما هم بالذهاب، تذكر قدره، وتلكأت قدميه عن المسير ليغرق في التفكير لفترة.
يتنفس بين الغياب والإياب، بين الألم و الأمل أريج الحنين، الذي طالما ملأ صدره ، بنسائم العشق المضمخة بجنى مرحلة البوح الحقيقي في سنواته الجامعية الأولى ، ذاك الهبوب الذي لا ينطفئ، يراهن على بزوغه من الغرب، لكن الشرق ير هقه بأحماله التي لا ترحم، لا يراوح مكانه، لكن الأفكار تسبقه إلى حيث قلبه الذي حزم أمتعة عمره وأخذ حقائبه إلى المجهول.
المساء هو الرهان الوحيد لديه، كلما همت الشمس بالغروب انتفض قلبه كالذبيح، كأن الأمل معها يغرب، تتناوب في مهجته مشاعر القرب والبعد الحب والصد، تسيل دموعه على خده جارفة محرقة تكون له السلوى والفسحة. لا وجهة له غير السماء ولا عين تطرف خارج زرقة الماء.
كانت شروق تمسح الميناء ببصرها علها ترى فجأة ما افتقده طيله سنوات أربع من الشوق تعالج ندوبها بالصبر والجلد والكد المتواصل تسابق الزمن مفعمة بالأمل، تروي عطش السنين بريقها ، منتصرة على نفسها التي طالما راودتها لتنسي عشقها الأول ، بكل صروف الإغراء وألوان المتاع، أخذت من شموخ الجبال التي عانقتها صغيرة علوها وثباتها في آن ،مشتاقة للماء الزلال النابع من صخور عشقها الصلبة التي تمتح من جغرافيا الإباء والشممَ و كيمياء العزة والصدق.
استدار ت الشمس على هيئتها من جديد فكا ن لشروقها في الغد طعما آخر. كزهرة زادت نضارة مع ندى الصباح عندما رمقها وقد تفتحت وهي تسافر بعينيها إليه من تلكم النافذة التي فتحت في قلبه قبل عينيه، أشرقت معها السعادة في قلبه ليعزف سعيد عن مشاهدة الغروب و وتشرق شمس قلبه من جديد.
إدريس الزياتي
المغرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة