ما زال صغيرا
محمد سليمان سلامة الخوالدة
الأردن
مابك يا (رفيف) فيما تفكر، لم تكمل كتابةالمقال،أتعبت يدك مجددًا؟ أعدت مجددًا إلى الماضي، هون عليك ياصديقي
طرق رفيف قليلا نعم لقد عدت إلى سن الطفولة مجددًا ياصديقي انه هاجس لايتركني، أني أحس به في كل لحظة تمر في حياتي، تذكرت نفسي وانا ابن العاشرة وكلمات أمي تدوي في أذني إلى اليوم مازال صغيرا.
وصوتها المخنوق بحنان الأم المكسورة ومرارة الفقر، أطرق رفيف قليلا كنت في بداية سن العاشرة وكنت ألهو بدمية خشبية صنعها لي والدي في بيتنا القديم، أني لاحس ببرودة جدرانه في عظامي ورائحة الفقر تفوح منه وكأنها اليوم .
أبي عامل في إحدى المصانع يعمل ليل نهار وبكل جد وكنا خمسة أخوة ووالدتي رحمها الله كانت أيضا تعمل في تنظيف المنازل ، وكنا في فصل الشتاء وكان من أصعب الفصول التي مرت علينا لبرودته الشديدة ،وكان من الصعب الحصول على أبسط المقومات الحياتية لتراكم الديون والايجار علينا ومرض أختي الصغيرة وحاجتها إلى الدواء المستمر، وفي أحدى الليالي سمعت أبي يقول لأمي انها فرصة أن يعمل رفيف في جر العربة في المصنع مكان أحد العمال لقد غادر وسياخذ مكانه، عندها قالت أمي بتوسل والمدرسة؟ قال أبي يتركها فلا حاجة له بها، كررت امي الإجابة مازال صغير على ذلك ، مازال صغيرا ،إلا أن أبي كان حازما في قرارة،سيجر العربة قبل أن يأتوا بعامل أخر، عندها رميت الدمية من يدي ، وتشوشت الأفكار في ذهني أترك المدرسة وأذهب للعمل مع والدي من طلوع الفجر، هل أصبحت كبيرا لهذا الحد وأنا لاأعرف ياألهي
لم أستطع النوم في تلك الليلة
في اليوم التالي أخذني أبي معه للعمل في المصنع وقال لي: من اليوم انت العامل رفيف ولست ذلك الصبي الذي يحمل الدمية ويذهب للمدرسة ،أنت العامل رفيف.
لاأعرف ماذا أقول ودخلنا المصنع وبدأت بجر العربة الممتلئة بالحمولة، إنها ثقيلة جدا وكنت ألاحظ أبي ينظر ألي من بعيد في كل فترة كأنه يشجعني على هذا العمل الشاق ، وبقيت أجر تلك العربة طوال اليوم وكنت أجد صعوبة بالغة في جرها، وأخير انه وقت الغروب وأنتهى هذا اليوم.
لم أتناول عشائي ذهبت في نوم عميق،أتذكر أمي وهي عند رأسي تداعب خصلات شعري وتبكي.
إنه اليوم الثاني ذهبت مع أبي في الصباح الباكر عند الساعة السادسة تتثاقل خطاي كلما اقتربت مسافة ٢ كم ، كان عملي هو جر عربة مليئة بمواد مصنعة من الحديد، اخذت أجر العربة من مكان إلى اخر وفي كل مره أجر بها أشعر بغصة بشعور الهروب من هذا المصنع الكريه
لكن الى أين.
وبعد شهر كان أبي فرحا بحصولي على أول مرتب لي كان فرحا جدًا وكنت أنا وأمي نتبادل نظرات الحزن، كان أبي يمسك يدي عندنا يجدني أتألم من أثار جر العربة ويقول ودع يدا الطفولة وتصبح لك يدا رجل.
وجاء يوم غريب كنت وقتها أجر العربة في أحد الممرات المرتفعة وكانت الحمولة ثقيلة هذه المره ،وعند منتصف الطريق لم أستطع تحمل دفعها فرجعت إلى الوراء وسقطت وسقطت تلك العربة اللعينة علي وتألمت من يدي اليمنى وحصل مالم يكن في الحسبان ،تقطعت أوتار يدي هكذا قال الطبيب
ولم استطع من ذلك اليوم تحريك يدي، لقد شل عضو من جسدي مبكرا، فقدت الاحساس بيدي .
يالها من حادثة لازمتني طوال حياتي ، اوه انه الفقر الذي يدفع بنا دائما إلى الهاوية.
أتذكر كيف شعرت أول مره عندما خرجت من المشفى وأنا لا استطيع تحريك يدي ،وكيف أني كنت ألهو واستخدم يد واحده كم كان ومازال شعورا متعبا للغاية، كلما كتبت على هذه الآلة تذكرت تلك المأساه، تذكرت كم في العالم اليوم من يقومون بعمالة الأطفال، وكم يوجد ضحايا في العالم وجلهم من الأطفال ، إلى متى ستستمر هذه المأساة.
محمد سليمان سلامة الخوالدة
بلعما / المفرق
تلفون ٠٧٧٩٨٦٨٦٨٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق