الحذاء
بقلم الكاتب / سعيد زود
لقد كان السعيد يعود من عمله البسيط و رغم تعبه يتوقف أمام الواجحة الأمامية الشفافة لمحل بيع الأحذية، ربما طالت اللحظة على مزاجه اليومي و عينه على ذالك الحذاء الأسود في ذالك الركن و هو يمني النفس على أنه حتما سوف يشتريه رغم غلاء من خلال اليافطة فوقه و لكنه في المتناول بعد اقتصاد ثمنه. فكان مرات يتيه بخياله واقف يتمعن فيه و الأضواء الكاشفة مسلطة على هذا الحذاء الفريد من نوعه و المتفرد حتى أثار انتباهه صاحب المحل و خصوصا و هو بنفس الملابس و الصندالة المهترءة. و لكنه كلما اقترب من جمع ثمن شراءه إلا وكان هناك طارئ ما يمنعه من تحقيق هذه الأمنية. فتمضي الأيام و يبقى الأمل و الرغبة في شراءه، وكلما أخذه الحنين يقوم بزيارته ثم تنفرج أساريره عندما يراه في مكانه و حال الحذاء يقول ألم تتم بعد ثمني لقد طال انتظاري ها هنا كل الأحذية ما تلبث يوم أو يومين او أسبوع حتى تخرج من هنا الحياة و الحركة فماذا تنتظر يا هذا؟ . فيجيبه من دواخله غدا موعدنا و ان يكون ما يكون فهذا وعد مني، فاستفاق من غفوته عندما لاحظ صاحب المحل متجه نحوه فانصرف مسرعا خوفا من سؤال متطفل. و في طريق عودته اخذ يغني ( أغدا ألقاك... أغدا ألقاك... أغدا ألقااااااك). و في الغد كان الميعاد وقوف أمام الواجحة الزجاجية و حديث خفي مع الحذاء ثم دخول المحل أمام دهشة صاحب المحل و إذا بحال الحذاء يقول و أخيرا إفراج. فليس هناك مساومة الثمن محدد. فقال له أريد شراء ذالك الحذاء. فرد عليه مرحبا سيدي. فجلس على كرسي من أجل قياسه فكانت المفاجأة أن قياسه زائد رقم. فرد عليه صاحب المحل ممكن أن تختار حذاء آخر. فرد عليه لا أريد هذا بالذات َو الصفات و هو لا يعلم العلاقة التي نسجت بينه و هذا الحذاء. ثم بادره صاحب المحل مع الجوارب سوف يكون القياس مظبوط. فرد عليه و بكم الجوارب فكان ثمنهم ليس في متناوله و كل ما في جيبه الثمن المكتوب على اليافطة و بعض الدراهم. فرد: لا عليك لذي جوارب حال ما أعود سوف البسهم. فلبس الحذاء زائد رقم و هو ينظر إلى مرآت المحل ثم ينظر إليه من جميع الجهات و هو يقول بدون جوارب احسن ثم خرج بعدما وضع الصندالة في العلبة ثم انطلق و هو مزهو بنفسه و بعد أمتار من المشي أصبح الحذاء يتملص من رجله كلما أسرع الخطوات و خصوصا عندما أراد أن يقلد لقطة من فيلم و هو يقفز في الهواء ثم التصفيق براحتي الحذاء تعبيرا على فرحته و كلما أراد فعل هذه الحركة البهلوانية إلا و طارت فردة في الهواء و هو حتما عندما أعود و ألبس الجوارب سوف تكون المحاولة ناجحة. فتابع المسير و لكن كلما أسرع الخطى و إلا و تملصت فردة ما لبث أن عاد و لبسها بدون فتح الخيوط فأخذت رجلاه تمور يمينا و شمالا. فعلا فهو حذاء ثقيل الوزن و قوي مثل ما يلبسه مغامرو الجبال. فأخذ يمشي ببطء و هو شارد الذهن أمام هذه الوضعية الغير المنتظرة و إذا بكرة طائشة وقفت تحت رجليه آتية من الجهة الأخرى للشارع لأطفال يلعبون مقابلة و هم يرجونه أن يرجع لهم الكرة بكل ما أوتي من قوة برجله و ليس بيده لأن الشارع تمر منه السيارات و باليد ربما لن تصل لهم و تدوسها سيارة.،فما كان عليه سوى تلبيت طلبهم. فقدف الكرة بقوة زائدة فالكورة ذهبت في اتجاه وسط الشارع فداستها سيارة و قد أحدث دوي مثل الانفجار ثم الحذاء خرج من تلقاء نفسه في اتجاه الزجاجة الأمامية لسيارة مارة و كأنه صاروخ و قد هشمت فما كان على إلا الرملة القوية مما تسبب في استظام السيارة التي خلفه و الأطفال أمام هذا الوضع الكارتي كل واحد و أين صد فأصبح في ذهول من أمره ماذا يقع؟ هل هو حلم ام كابوس و هو ينظر إلى فردة الحذاء الباقي و لسوء حضه ها هي سيارة الشرطة آتية من الاتجاه المعاكس. فأخذ يقول ما هذا الحظ العاثر. فأخذ الناس يتجمهرون و هناك رجال الشرطة متجهين نحوه فما كان عليه سوى الفرار بعد أن انملصت من رجله الفردة الأخرى من تلقاء نفسها أيضا، فأخذ يجري و الكل يجري وراءه بين الأزقة و الدروب بعدما انظموا إلى رجال الشرطةو هو حافي القدمين و هناك من يعترض سبيله و لكنه يراوغهم و الكل يصيح شدو الشفار و آخرون يقولون انه إرهابي نظرا للحيته، فكانت سقطته الاخيرة بعدما خارت قواه البدنية فلم يرحمه و هو يستعطفهم فهذا يضرب من جهة و الآخر من جهة أخرى فاختلط الدم بالعرق الذي ملأ جسده و ملابسه و قد أصبح ممدود على ظهره و هو ينظر إلى الوجوه و كأنها حيوانات مفترسة و الأصوات تختلط على مسامعه فلم يعود له نفس من أجل شرح ما وقع فاغمد عيناه و أخذ يقول الحذاء! الحذاء! الحذاء و لم يعود هناك إلا صدى الأصوات الذي بدأ يندثر شيئا فشيئا فلم تعود هناك فيه حركة و لا صوت فقط جثة هامدة. فكان الاتصال بسيارة الإسعاف من طرف الشرطة و لكن قلبه حبس عن الخفقان و قد اغمد عينيه إلى الأبد. فهناك من متحصر و لكن أغلبهم تمنوا له هذا المصير الغير المنتظر و هم غافلون ( لقد كان اسمه السعيد و مات من البؤس)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق