Translate

الاثنين، 25 يوليو 2022

صرصور قصة قصيرة بقلم الكاتب / عصام الدين محمد أحمد


 صرصور

بقلم الكاتب / عصام الدين محمد أحمد

الجو حار، مشبع بالرطوبة.
الكل نيام؛وكالعادة أنفرد بنفسي.
أتأمل الفراغ،أستعذب التوهان،تحيط بي كراسات وأجندات ودوريات وقلم وأوراق فارغة.
لم يبق لجسدي سوى هذا الحيز الضئيل الذي تجدني فيه.
على الحائط المواجه صرصور يتأرجح.
أقلّب الأوراق،أستحضر الذكريات،تأبى الذكريات المثول فالتعويذة غير ناجعة.
كهف الذكريات مازال مغلقا.
اللعبة لا تستهويني كثيرا،ولكنني ألتزم بطقوسها.
تبدل الجدار مرتعا للصراصير.
أرنو إليها،أدنو منها،ظلالي المهولة تكسو البقعة المحصورة بين حافة المكتب اليمنى ونتوء الحائط.
أرسم باللون الأحمر خطين متوازيين على الجدار.
تمرق الصراصير فارة من همس احتكاك الفرشاة بالحائط.
أعود إلى ورشة الورق،أستقطع الحروف،أصور السديم.
تعاود الصراصير التبختر.
قصصت في الأوراق:
"غررت بالصغير ليرافقني،نركب سيارة نصف نقل،حيرة ودموع متحجرة:
هل سيأتي المحامي في ميعاده؟
الزحام على كوبري أمبابة يسلحف كل المركبات،السائق يجابه الحديد والنفوس؛ناقلات،كارو،تاكسيات،دراجات،ميكروباصات،ناس،وناس،وناس.
أتخيل المشهد في مخيلتي المنفجرة:
تزنق زوجتي على السلم،تصفعها مرة ومرة.
تستغيث.
ما من مجيب!
تخطف منها الطفل،تلقيه في يد ابنتها.
تركلها.
تتوعدها بالمزيد أن لم تترك الشقة.
يصرخ السائق في قائد السيارة التي تزاحمه المرور:
افتراء."
يرفل طابور الصراصير.
أطفئ النور،أومض شمعة صغيرة،أكتم أنفاسي.
أترقب قرون الاستشعار الصائلة في شتى الاتجاهات.
زوغان وزغللة وعدة للأوراق:
"زوجتي سقيمة،هزيلة.
بيدها صغيرها.
تتجلد،تطاردها الكدمات،تنهمر الدموع.
في ذهنها شبح الفارس،سيثأر حتما.
تزيق السيارة،يتقذف السائق للأمام والخلف،زئيره يرجني."
انتحرت الشمعة.
ألتف طابور الصراصير دائرا حول ورقتي.
أنفخ،أرتل حروف الغضب.
ينشطون.
أمسكت الصراصير القلم،تشيد بالوعة.
فاحت الروائح العطنة.
أتأفف بصوت منطو.
أهتدي إلى حيلة؛أجلب مئات الأوراق،أكوم التلال منها.
الصراصير لا تلتفت إلى صنيعي.
أضئ النور،أقرأ بقايا الأوراق:
أهدئ من روع السائق،استغرقتنا ساعة لعبور الكوبري.
انحرفنا من شارع لحارة،دلفنا زقاقا ضيقا.
ارتكنت السيارة أسفل الشقة،قفز الصغير فوق صندوقها.
أناوله الأثاث من النافذة.
أضناني التعب والأرهاق والتحميل.
يفرغ المحامي من التفاوض.
يفسخ عقد الايجار،ويتنازل عن مبلغ التأمين."
أصطفت الصراصير مكونة أشكالا هندسية.
يبنون من أوراقي جسرا.
ينزلقون داخل فمي،يدوسون البلعوم،ينتشرون في أرجاء الحوف.
يتراشقون بالأطعمة،دبيب الحركة يزعجني.
امتشقت النبال.
انسالت المقذوفات تلاحق الفلول الشارة.
دقات الساعة تعلن السادسة.
أغسل وجهي،تتذمر زوجتي من رقادي وكوابيسي.
أستحلب بقايا فنجان الشاي.
تمت بحمد الله
عصام الدين محمد أحمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة