Translate

الجمعة، 22 يوليو 2022

مقايضة البائع عبد الرسول جواد - العراق


 مقايضة البائع

عبد الرسول جواد 
العراق

صوت بائع الحلوى الذي يتراكضون على انغامه الاطفال؛ كان كثيرا ما يزعجني, صاحب المثلجات بالذات عندما كان يمر أيام الصيف وينادي على بضاعته كنت اتمنى ان ابلّ شفاهي من هذه المثلجات. وعندما أقول لأمي : يقولون أنها باردة وطعمها لذيذ يا أمي ! كانت ترد بابتسامة مرطوبة برذاذ الدموع : ليست أبرد من كوزنا يا حبيبي !!
صاح صاحب المثلجات فتسللتُ إليه وسألته: بماذا تبيع لمن ليس لديه نقود يا عم ؟
أجابني بإستغراب مزجه ببسمة أشعرتني بأمل ؛ بالأواني القديمة أيها الصغير !!
اللحيظات التي عدتُ فيها لأمي جردتُ في مخيلتي كل أواني المطبخ علّني أجد فيهن ما يسد رغبتي. كان الأمل يحدوني أن أجد بعضهن مما لا نحتاجه ... خطواتي المتسارعة أجدها أبطأ من السلحفاة , كل ما يواجهني من حاجز اقفزها بخفة مذهلة يرفعني عنها الأمل ويضعني خلفها الخيال , كل التصورات دمجتها كفلمٍ وثائقي حول مقتنياتنا من الأواني .
عندما وصلت أمي وهي بفناء الدار تعد العجينة لخبز المساء سألتها وأنا لاهث تصحب كلماتي فرحة كالمنتصر : أماه ...أماه هذا البائع لا يريد نقوداً!
ـ فأجابتني هازئة: أذن يوزع مجاناً!
ـ لا يا أمي بل بمقابل الأواني الفائضة عن الحاجة !
ــ جيد يا ولدي فلدينا هذا القدر الفخاري ـ وإن كنت احتاجه أحياناً ـ لكن خذه.
عدت للبائع ورجلاي لا يحملانني إذن سأشتري المثلجات . لكن عندما وجده فخاري رماه من يدي فأنكسر وهو يضحك قائلاً: هذا طين! أريد فافوناً او نحاسياً.
سألت ُ مكسور الخاطر : أيّ شيء غير هذا تبيعني به؟
ممكن أن ابيعك المثلجات مقابل نعليك يا صغير. وإن كانتا صغيرتين ؛قالها وهو يضحك.
عندها انزلتُ رأسي وأسدلتُ دمعتين معاتباً القدر : ماذا لو كان أبي هنا! هل سيدعني بلا مثلجات ؟ أو على الأقل ما لا يلحظه البائع ؛ أن أمشي بلا نعلين...
رجعت للبيت بعد أن جففت دموعي وأسكنت لوعتي وحاولت أن اصطنع بسمة على شفاهي .
سألتني أمي : هل المثلجات لذيذة ؟
وأنا ألمح البسمة الخفيفة البادية على وجهها أجبتها ضاحكاً وأنا أقفز وأهرول حتى تظن اني صادق معها : ماء كوزنا ابرد يا أمي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة