بطانة المدير
بقلم / طلعت العواد . مصر دمياط
وقف المدير فاردا قامته . فى وسط الطابور الصباحى . التقط مايك الميكرفون . وكعادته ظل يخطب بكلمات رنانة عن الامانة والخلق القويم وعدم الكذب . لما لا . فالكلام صنعته يزينه كما يزين شعرات رأسه بالكريم . ويهتم ببدلته الزاهية ذات رباط العنق الوردى. ومنظر التلاميذ يزيد الموقف جلالا فهم واقفون فى انتباه تام فى مربع ناقص ضلع . والمعلمون على رأس كل صف . والمدير مسترسل فى حديثه والكل منتبه فجأة أطلق من فيه كلمات كالرصاص صوب وتجاه الاستاذ / طه . واصفا إياه بعدم الأمانة وأنه لا يصلح أن يكون معلما . كل ذلك على مرأى ومسمع مايزيد عن مائة معلم والف تلميذ. صعق المعلم من كلامه . ولم يعرف السبب لكل ذلك . عمله يؤديه على أكمل وجه. بالإضافة أن تلاميذ فصله ممتازين . كما أنه أعلى مؤهلا ومستوى ثقافى . كلام المدير الشديد ألجم فم الأستاذ على الرد . ظل يفكر الاستاذ طه ما سبب ذلك الهجوم . أخيرا تذكر أنه الوحيد الذى لم يدخل دكان المدير . المدير يملك محلا كبيرا الأقمشة والملابس . ويشترى منه .
هنا أدرك المعلم السبب. فى صباح اليوم التالى كتب الاستاذ طه مذكرة إلى مدير الإدارة يريد إنصافه وأخذ حقه و رد اعتباره أمام تلاميذه . على الفور أتى أكثر من محقق . لأن الإهانة كانت أمام مائة معلم وتلاميذ المدرسة . المحققون يطلبون المعلمون واحدا تلو الأخر . وقبل أن يدخل المعلم تراه يمر على غرفة المدير . ثم بعد ذلك يصرح له بالدخول . مايزيد على مائة ورقة تم كتابتها . والآن جاء دور الاستاذ طه فى التحقيق . دخل وكله ثقة أن زملاءه سيؤيدون صدق كلامه لأن الاهانة كانت أمام الجميع فى طابور الصباح . وفى منتصف الاستجواب كانت المفاجأة . المائة معلم كلهم أنكروا الإهانة وقالوا لم نسمع الإهانة . بل مدحوا فى خلق المدير خطيب المنابر ذو لحية طويلة . كلامهم كان صدمة كبيرة . كيف يحدث ذلك . كل الزملاء كذبوا من أجل إرضاء المدير . إذا أطلب شهادة العمال فهم الأمل الوحيد . بعد خيبة أملى فى رفقائى وجلسائى. ومن أقض كل الوقت معهم . إذا من فضلك أيها المحقق استجوب العمال . وبالفعل كان واحدا منهم ذو ضمير فتحى . هنا ارتاح صدر المعلم طه . وردت له ثقته بنفسه . لكن ماذا تفعل شهادة واحد . أمام مائة شهادة ضدها . قلب المعلم يمتلىء غيظا . كيف لمن يدعى الفضيلة ويدعوا إليها يكون إماما الكذب .
أفكارا متضاربة كثيرة تراود عقل الاستاذ . لكن فى النهاية أنه أقر أمرا سيكون مفاجأة للجميع وفى طابور الصباح وأمام الجميع .
كان الاستاذ طه ذو لحية أيضا يتمسك بالخلق والامانة. لكنه قال سأخالف المدير .بعد إنتظم طابور الصباح وحضر المعلمون جميعهم . دخل الاستاذ طه الطابور والكل ينظر إليه . لقد تغير شكله وأزاح لحيته . وعندما رأه المدير إندهش لم يستطع أن ينظر فى عين الاستاذ طه ونظر أسفل إلى الأرض.
طلعت مصطفى العواد
مصر دمياط
بوركت جهودكم دمتم رعاة الابداع والفكر المتدفق وفقكم الله ورفع قدركم إلى أعلى الدرجات
ردحذف