Translate

الأحد، 17 يوليو 2022

وما دخل العمر؟ م.فتوح - تونس


 

 وما دخل العمر؟

م.فتوح
تونس
وقف أمام المرآة يحلق ذقنه...سألته تجاعيد وجهه عمّ بقي له من العمر ...فاجأه السؤال...لم يفكّر قطُّ في الأمر من قبلُ فقد خلا ذهنه من مثل هذه الأسئلة ولعلّه نسي تماما أو تناسى أنّه كلّما ازدادت تجاعيده عمقا وانتشارا سارع نحو الموت وإن تباطأ خطوه وثقلت حركته.... كيف له أن يعرف ما تبقّى من عمره؟...ربّما يوم...يومان...شهر... سنة أو سنتان...أو لعلّه يَسقط اللحظة أو بعد حين.... من يدري؟...لو كان الأمر بيده لكتب لنفسه مزيدا من العمر علّ لقاءات الجارة فاطمة تروي ظمأه لحضنها وإن كان الحب ظمأ أبديّا لا يعرف ارتواء...
هو لا يطمح للكثير فقد علّمه جسده في سنّه المتقدّمة هذه أن يكون قنوعا...يكفيه أن يستعذب محادثتها ويمتلئ بنبرة صوتها وموسيقى ضحكتها....تجاهل ذات لقاء حواجز الأعراف والتقاليد...تجاهل أنّه متزوّج وأنّها إمرأة محصنة...تجرّأ وألقى في أذنيها في غفلة من الحاضرين: أحبّك يا امرأة
لم تقل شيئا لكنّ ابتسامتها الخجولة باحت بأحلام عذبة وأمنيات جميلة....
نادته زوجته مفيدة إلى فطور الصباح جلس قبالتها وفي رأسه صوت أمّ كلثوم يصدح بأغنية "مدام تحب بتنكر ليه ".
ظلّت مفيدة صامتة على غير عادتها. فجأة ألقت ما بصدرها دفعة واحدة:
- يجب أن نطلّق...لم أعد أستطيع العيش معك...
عقدت الدهشة لسانه...
- في حياتي رجل
قال ضاحكا كأنّما يريد إخفاء ذهوله:
- أنت حتما تمزحين...رجل في مثل هذا العمر...؟ أنت...
قاطعته بثبات:
- وما دخل العمر وما بقي منه؟ في حياتي رجل
- وكلام النّاس؟
- للنّاس كلامهم وليَ حياتي...
- ومن هذا الذي أخذ عقلك؟
هل أعرفه؟
صمتت لوهلة ثمّ ألقت قنبلتها:
- الصادق زوج جارتنا... جارتنا فاطمة....
م.فتوح
تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة